آخر الاخبارسياحة وسفر

فوضى تسعيرية بالطيران الداخلي في السعودية

بوابة الاقتصاد

مواطنون يسافرون براً إلى دول الجوار لحجز طيران أرخص لمدن داخلية

“فوضى تسعيرية” تشهدها أسعار تذاكر السفر الداخلي بين مدن السعودية بجميع شركات الطيران العاملة في السعودية، ووصل الأمر بالمواطنين للسفر براً إلى دول الجوار، ثم الانتقال منها لوجهتهم داخل بلدهم، للتحايل على ارتفاع الأسعار.

مواطنو السعودية رصدوا التفاوت الكبير في أسعار تذاكر الطيران السياحي “الداخلي” عبر وسم “أسعار الرحلات الداخلية” بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، وكشفوا عن أن سكان مدن شمال وشرق السعودية يلجأون للحجز لدولة خارجية بهدف الحصول على تخفيض الطيران المطلوب لأداء العمرة، مشيرين إلى أن أسعار شركات طيران من الخارج أرخص نحو النصف في حال كانت الرحلة من منطقة لأخرى داخل البلاد.

مراجعة هيكل التسعير

هيئة الطيران المدني تفاعلت مع الوسم، وأصدرت بياناً حول أسعار تذاكر السفر الداخلي والارتفاعات الكبيرة التي طرأت على كثير من الرحلات. وقالت إنها لاحظت أخيراً تغيُّراً في نمط أسعار بعض فئات التذاكر الجوية، وتابعت باهتمام ما يتداول من معلومات عن أسعار تذاكر السفر الجوي الداخلي، واتخذت حزمة من الإجراءات المباشرة ستنتج عنها مراجعة هيكل تسعيـر النقل الجوي وزيادة السعة المقعدية وعدد الرحلات، بهدف ضمان توفير أسعار مناسبـة للمسافرين وتعزيز التنافسية في قطاع النقل الجوي، والتأكيد أن مبدأ حقوق المسافرين وحمايتهم أولوية قصوى تلتزم بها الهيئة.

وبسبب الفارق في السعر بين قيمتَي التذاكر على متن الناقل المحلي في المنطقة الشمالية بـ”الخطوط السعودية” وخطوط شركات الطيران الأخرى الأردنية، اضطر سكان هذه المنطقة للذهاب براً للأردن وحجز تذاكر على جدة، لمعالجة الارتفاع، إذ تصل إلى أكثر من نصف القيمة المالية.

مقارنة الأسعار

وفي مقارنة أجرتها “اندبندنت عربية” لأسعار التذاكر بين عدّة مدن سعودية جرى اختيارها بشكل عشوائي، اتضح وجود فرق كبير في أسعار السفر عبر شركات النقل الجوي داخل موسم العيد وخارجه، إذ تصل في بعض الحالات إلى الضعف. ويجدر الإشارة إلى أن هذه الأسعار تقريبية خاضعة للتعديل المستمر من قبل الشركات وفقاً لسياسات العرض والطلب.

وتتراوح قيمة تذكرة رحلة القريات – جدة أثناء هذا الموسم بين 1153 – 1980 ريالاً سعودياً (307 – 527 دولاراً أميركياً)، أما بعد انتهاء موسم العيد فتكون بين 492 – 754 ريالاً سعودياً (131 – 201 دولار أميركي).

أما رحلة الرياض – المدينة المنورة فتتراوح داخل الموسم لدى شركات الطيران الاقتصادية مثل “ناس” و”أديل” بين 506 – 811 ريالاً سعودياً (134 – 216 دولاراً)، فيما تبدأ من 800 ريال (215 دولاراً أميركياً) كحد أدنى لدى “السعودية للطيران”. أما خارج الموسم فتتراوح بين 123 – 200 ريال سعودي (32 – 53 دولاراً أميركياً)، أما لدى “السعودية” فتتراوح بين 200 – 420 ريالاً (53 – 123 دولاراً أميركياً).

أما الرحلة من ينبع إلى جازان، فتتراوح لدى الناقل الاقتصادي “ناس” على سبيل المثال، بين 1342 – 2036 ريالاً (367 – 542 دولاراً أميركياً)، فيما لا تتجاوز أسعارها خارج الموسم 400 – 800 ريال سعودي (106 – 213 دولاراً أميركياً).

فيما يقع النطاق السعري لأحد أطول خطوط السفر في السعودية، أبها – تبوك، التي تمتد من جنوب السعودية إلى شمالها، خارج الموسم بين 517 – 700 ريال سعودي (137 – 186 دولاراً أميركياً)، فيما يبلغ الحد الأدنى للرحلات 904 ريالات سعودية (241 دولاراً أميركياً) داخل الموسم، ويزيد باختلاف ساعة الرحلة.

أما الرحلة من المدينة المنورة إلى نجران، فتتراوح بين 544 – 700 ريال (145 – 186 دولاراً أميركياً) خارج موسم العيد، في حين تأتي في نطاق 874 – 1538 ريالاً سعودياً (233 – 410 دولاراً أميركياً) أثناء الموسم.

السفر من دول الجوار

وبعد أن سجلت أسعار التذاكر خلال الأيام الماضية من القريات إلى جدة نحو 1200 ريال (320 دولاراً) على الدرجة السياحية، بينما سعر الرحلة من الأردن لجدة تتراوح أسعارها بين 400 و600 ريال (106 إلى 160 دولاراً)، عمد سكان تلك المناطق المُحاذية للأردن للسفر إليها براً، ومن ثم أخذ رحلة دولية عبر الناقل الأردني إلى جدة لتوفير نصف قيمة التذكرة.

سكان المنطقة الشرقية يستخدمون “نفس الحيلة”، وذلك بعد أن سجلت قيمة تذكرة من الدمام لجدة 2070 ريالاً (552 دولاراً)، بينما التذكرة من البحرين لجدة بلغت 1420 ريالاً (378 دولاراً)، وبهذا استطاع الحاجزون عن طريق البحرين كسب أكثر من 46 في المئة من قيمة التذكرة على نفس الخطوط وفي نفس التواريخ، ومن دون توقف.

كما سجّلت أسعار التذاكر بين مطار القيصومة في حفر الباطن لجدة 2600 ريال (693 دولاراً)، بينما السفر من طيران الكويت بخدمة عالية، لا تتجاوز (480 دولاراً)، كما أن هناك أمثلة تؤكد أن الأسعار الدولية باتت أرخص كثيراً من الرحلات الداخلية.

وطرح مهندس النظم هاشم المناشي طريقته للسفر من الدمام إلى جدة. وقال إن تكلفة الذهاب والعودة 2070 ريالاً (552 دولاراً)، بينما تكلفة الرحلة من الدمام إلى القاهرة عن طريق جدة 1267 ريالاً (337 دولاراً)، وكلتا الرحلتين في نفس الأيام، وباستخدام نفس الرحلات الداخلية، لذلك يلجأ المناشي للحجز دولياً للقاهرة، بينما يكتفي بالنزول إلى جدة من دون متابعة سفره للقاهرة لتوفير المبلغ.

ارتفاع قيمة التذكرة

المواطن شايع الظفيري طرح إثباتاً على ارتفاع أسعار تذاكر الطيران السعودي مقارنة بدول الخليج، وقال: “فكرت أسافر أنا وعائلتي، 5 أشخاص، إلى جورجيا في إجازة العيد، فكانت المفاجأة، إذ كانت الكويت – تبليسي 5923 ريالاً (1580 دولاراً)، ودبي – تبليسي 7285 ريالاً (1940 دولاراً)، والبحرين – تبليسي 8711 ريالاً (2322 دولاراً)، والرياض – تبليسي 15084 ريالاً (4022 دولاراً)، منوهاً بارتفاع قيمة التذكرة على الرغم من كونها “طيراناً اقتصادياً” في حين أن الشركات الأخرى غير اقتصادية.

مستشار تقنية المعلومات جمال الهندي، قال: “من المؤسف أن يبحث أهالي المدن السعودية إلى ناقل خارجي للوصول إلى وجهات محلية بسبب ارتفاع أسعار الرحلات الداخلية”. وطالب وزارة السياحة بتوفير الحلول، على اعتبار أن أحد مقومات رؤية 2030 الاعتماد على السياحة الداخلية، بينما “شركات الطيران ضربت الرحلات الداخلية ودمرت السياحة، وذلك لأن سعر الرحلات الخارجية أرخص”.

وطالب الكابتن طيار عبد الله الغامدي بألا يكون التعافي الاقتصادي على حساب المواطن، قائلاً، “أصبحنا نشتري تذاكر طيران الرحلات الداخلية بسعر الرحلات الدولية”. ونصح المسافرين السعوديين بالعزوف عن السفر عبر الرحلات الداخلية، وأن يسافر أهالي الشرقية من البحرين، وأهالي الحفر والخفجي عن طريق الكويت، وأهالي الشمال عبر الأردن.

المطارات “متحف أرضي”

المتخصص في قطاع الطيران، عمر القحطاني، دعا هيئة الطيران المدني في السعودية إلى إيقاف الفوضى التسعيرية بتذاكر الطيران، والضرب بيد من حديد على كل من يتلاعب بالأسعار، ويغالي فيها دون أسباب معقولة ومقبولة.

ووصف القحطاني أسعار التذاكر الحالية بأنها غير منطقية، مقابل الخدمات المقدمة، سواء الخدمات الأرضية، أو الخدمات الجوية، مستدركاً، “لا أطالب هنا بتخفيض الأسعار بقدر ما أطالب بالرقابة الصارمة من هيئة الطيران المدني وحماية المستهلك على شركات الطيران، لوقف أي تلاعب أو جشع أو استغلال يستهدف المواطن والمقيم”.

وقال القحطاني: “لا بد لهيئة الطيران المدني السعودية من وقف التسعير غير المنطقي، فما نشهده تضخم لأسعار الرحلات، ومعها أصبحت مطاراتنا اليوم أشبه بأن تكون متحفاً أرضياً لطائرات حديثة تحت ما يسمى برامج التخزين، ومن هنا لا بد من تعزيز وجود الدور الرقابي من الطيران المدني، والسعي نحو حماية المستهلك”.

غياب عن قائمة أفضل 20 شركة طيران

الكاتب علي الشريمي طرح تساؤلات حول الأسباب في ارتفاع الأسعار، وقال: “أحدهم يقول إن أسباب الارتفاع الأساسي يعود إلى الضرائب وارتفاع الوقود وقيمة الخدمات في المطارات ورفع الأسعار من الشركات لتعويض التوقف أثناء جائحة كورونا. في المقابل، تشير التقارير العالمية في نهاية الربع الأخير من 2021 لبدء تعافي صناعة الطيران بنسبة 50 في المئة من بداية أزمة كورونا، وهناك أسواق عالمية مثل الولايات المتحدة الأميركية والصين والهند تستعيد قدرتها بالكامل، ولم نجد ارتفاعاً في الأسعار مقارنة بما هو موجود عندنا، كذلك تشير الأرقام إلى أن نسبة التعافي 75 في المئة بالسعودية بين الربع الأول 2022 مقارنة بالربع الماضي من 2021، والأسعار للأسف ما زالت تتزايد عندنا بشكل مبالغ فيه”.

وتابع: “في نظري، السبب الحقيقي يعود بشكل رئيس إلى هيئة الطيران المدني ومدى اتخاذها التدابير الإدارية والتشريعية لحفظ حقوق المسافر وحماية المستهلك، فهناك أسعار مبالغ فيها لا تنسجم أبداً مع الخدمة المقدمة”.

وقال: “لدينا رؤية 2030، ولدينا أهداف، نريد أن نصل إلى 30 مليون سائح، لكننا غير موجودين في قائمة أفضل 20 شركة طيران في العالم، بحسب تصنيف (سكاي تراكس) الأخير”.
الشريمي دعا هيئة الطيران المدني إلى تقديم إيضاحها بشأن كثرة الطائرات المتوقفة في مدرجات المطارات، مستدركاً: “من غير المنطقي أن تشتري طائرات جديدة في 2016 و2017 و2018 و2019، وتخزنها، ثم تلعب على وتيرة رفع الأسعار، وهي علامة استفهام كبيرة فعلاً”.
كورونا وحرب أوكرانيا وراء الارتفاع

من جهتها، قالت هيئة الطيران المدني، إن النظر في سياسات التسعيرة الخاصة جاءت من أجل التوافق بين سعر الخدمة والصيانة والوقود، وبين السعر الذي يدفعه العميل، حيث زادت أسعار التذاكر لأسباب مهمة، منها تأثر الطيران بجائحة كورونا التي بدورها أثّرت على العالم، وسياسة السوق الحرة، وارتفاع أسعار الوقود.

ويلي والش، المدير العام للاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا)، قال إن شركات الطيران ستحمل الركاب ارتفاع أسعار النفط عبر رفع أسعار التذاكر على نحو سريع نسبياً، لكن زيادة تكاليف الطاقة ستؤثر سلباً على توقعات القطاع بأكمله في 2022، مشيراً إلى أن شركات الطيران تكافح لمواجهة ارتفاع أسعار النفط الذي تسارع بعد الحرب الروسية، وبعد الآثار الجانبية لكورونا.

فوضى الطيران السعودي بوابة الاقتصاد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى