د. محمد سيد يكتب: هل سيتم رفع سعر الفائدة بعد تراجع التضخم؟
تعقد لجنة السياسة النقدية الاجتماع الثالث لعام 2024، يوم الخميس المقبل الموافق 23 مايو الجاري و يتوقع أن تتجه قرارات البنك المركزي نحو تثبيت سعر الفائدة عند مستوياتها الأخيرة، لاسيما بعد تراجع معدلات التضخم خلال الشهر الماضي.
تقترب لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، برئاسة حسن عبد الله، من اتخاذ قراراها بشأن سعر الفائدة على عمليات الإيداع والإقراض خلال الفترة المقبلة، بعد أن شهدت أسعار الفائدة صعودًا قياسيًا خلال العام الجاري، حيث ارتفعت بواقع 800 نقطة أساس أي 8% منذ بداية العام الجاري
حيث قرر البنك المركزى المصرى في 1/فبراير/2024رفع سعرى عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بنسبة 2% أى 200 نقطة أساس ليصل إلى 21.25%، 22.25% و21.75%، على الترتيب.وقرر البنك المركزى المصرى رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 21.75%.
الهدف الرئيسي لدى البنوك المركزية هو “استقرار الأسعار”، وحتى تحقق هذا الهدف وتكبح جماح التضخم أو تواجه الركود تقوم باستخدام أدوات مختلفة لديها، وعلى رأسها “سعر الفائدة”.
في حين قررت لجنة السياسة النقدية في اجتماعها الاستثنائي يوم 6 مارس2024 ، رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 600 نقطة أساس ليصل إلى 27.25%، 28.25% و27.75%، على الترتيب، كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 600 نقطة أساس ليصل إلى 27.75%.
واتوقع أن يتجه البنك المركزي المصري نحو تثبيت أسعار الفائدة الحالية خلال اجتماعه المرتقب يوم الخميس المقبل.بالرغم من تراجع معدلات التضخم الحالية واستقرار سعر الصرف (مع تراجعات طفيفة للدولار)، إلا أن المؤشرات كافة تؤكد ضرورة الإبقاء على معدلات الفائدة الحالية وعدم الاتجاه إلى خفضها الآن.
أحد الأسباب وراء ترجيح توقعات الإبقاء على معدلات الفائدة الحالية يتمثل اتجاه المركزي لرفع الفائدة (بـ 6 بالمئة في الاجتماع الأخير دفعة واحدة)، الأمر الذي يتطلب فترة لاختبار السوق ومعدلات التضخم عبر التثبيت وعدم التعجل بالخفض.
ويتوقع أن يشهد العام الجاري في اجتماعات مقبلة الاتجاه نحو خفض الفائدة بمعدل قد يصل إلى 4 بالمئة على مدار الاجتماعات التالية لاجتماع الخميس، لاسيما مع تراجع معدلات التضخم والتي يتحكم فيها سعر الدولار ومع تراجع الأسعار.
و فيما يخص معدلاات التضخم
فقد تراجعت معدلات التضخم خلال الفترة الماضية طبقا لاحصائيات البنك المركزى و الجهاز المركزي للتعبئة العامة و الاحصاء على النحو التالي :-
سجل المعدل السنوي للتضخم العام الذي أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في 9 مايو 2024، 33.3% في مارس 2024 مقابل 35.7% في فبراير 2024. كما سجل المعدل السنوي للتضخم العام 32.5% في أبريل 2024 مقابل 33.3% في مارس 2024.
كما سجل المعدل السنوي للتضخم الأساسي المعد من قبل البنك المركزي 33.7% في مارس 2024 مقابل 35.1% في فبراير 2024. كما سجل المعدل السنوي للتضخم الأساسي 31.8% في أبريل 2024 مقابل 33.7% في مارس 2024.
يؤكد البنك المركزي استمراره نحو تحقيق أهدافه بشأن تراجع التضخم، على الرغم من تسبب قرار رفع الفائدة في تباطؤ معدلات النمو ، إلا أنه يعد قرارا طبيعيا اتخذته جميع البنوك المركزية بسبب الأزمة المستمرة، بهدف تقليل الضغوط التضخمية قدر المستطاع.
تثبيت المعدلات الحالية يأتي في ضوء مستهدفات البنك المركزي؛ للسيطرة على معدلات التضخم، والتي مازالت لم تصل إلى مستوياتها الطبيعية حتى الآن على الرغم من التراجعات الأخيرة في المعدلات واستمرار تراجعها المتوقع خلال شهري ابريل و مايو فإن التوجهات الحالية تهدف إلى السيطرة على معدلات التضخم مع دعم مزايا مصر التنافسية على الصعيد الاستثماري، وهو ما سينعكس على كافة قرارات المؤسسات لتحقيق ذلك.
ويعتقد بأن الاجتماعات التالية لاجتماع الخميس قد تشهد إعادة النظر في معدلات الفائدة في حال تحسن الأوضاع، لاسيما على صعيد مسار التضخم الهبوطي، خاصة وأن القطاع المصرفي المصري يمتلك سيولة عالية حالياً بسبب التدفقات الدولارية من صفقة رأس الحكمة وغيرها، علاوة على التدفقات الاستثمارات من الأجانب في أدوات الدين الحكومية.
من المتعارف عليه أن رفع سعر الفائدة يكون له تأثير سلبي على مناخ الاستثمار.. ولكن في الحقيقة في ظل الظروف الحالية وفي ظل أننا نتوقع تحركات أسعار صرف مرنة وتخفيضا لقيمة العملة المحلية أمام الدولار، في حالة ارتفاع الفائدة، فإن ذلك يؤدي إلى ارتفاع تكلفة الاقتراض على مستوى الأفراد والشركات، وخفض الإنفاق والطلب على السلع بشكل عام، وهو ما يعني انخفاض أرباح الشركات وتأجيل خطط توسعتها وتطويرها بسبب ارتفاع تكلفة الاقتراض الأمر الذي يؤدي إلى الركود.
فقد يكون قرار رفع أسعار الفائدة قد يكون سلبياً على المقترضين والباحثين عن تمويل لمشروعاتهم، أو إيجابيا من ناحية أخرى بالنسبة للمودعين.
فإن أصحاب الودائع في البنوك يستفيدون من رفع أسعار الفائدة التي ترتفع أسعارها على الودائع، ما يزيد مكاسب العملاء ، حيث أن الفائدة الخاصة بالبنوك سواء كانت تتعلق بالودائع أو الشهادات الاستثمارية تسمى “العائد الخالي من مخاطر الاستثمار”، وهي أقل عائد يتم الحصول عليه، ويكون خالياً تماماً من المخاطر. كما لفت إلى أنه مهم سواء للمودعين أو المدخرين أو المقترضين.