آخر الاخباراستثماراقرأ لهؤلاء

حلول مبتكرة لتعزيز الموارد العامة «4»

بوابة الاقتصاد

أناليزا بالا / آدم بيسودي / نيكولاس أوين

أجرت منظمة الشاهد العالمية وهي منظمة غير هادفة للربح، تحليلا مفصلا لبيانات ما يزيد على أربعة ملايين شركة بالتزامن مع نشر الحكومة البريطانية لسجل الملاك المستفيدين، وكشفت عن ثغرات محتملة وبوادر ارتكاب مجموعة من عمليات غسل الأموال والجرائم المالية.
ومنظمة الشاهد العالمي غير الهادفة للربح ليست الوحيدة من نوعها التي تستخدم البيانات الكبيرة. فقد حصلت منظمة Directorio Legislativo ومبادرة الشفافية في مجال الصناعات الاستخراجية على تمويل أول من فعالية تحدي مكافحة الفساد التي أطلقها صندوق النقد الدولي بغرض تصميم أداة “الكشف عن الحقائق” Joining the Dots التي تم إطلاقها أخيرا للكشف والنشر عن تضاربات المصالح المحتملة غير المعلنة بين مسؤولي القطاع العام والحكومة. وباستخدام التكنولوجيات مفتوحة المصدر، تجمع هذه الأداة الإقرارات المالية للمسؤولين الحكوميين وبيانات الملاك المستفيدين وتصدر مؤشرات تحذيرية للدلالة على تضاربات المصالح أو أعمال الفساد المحتملة.
وتم تنفيذ المشروع على أساس تجريبي في كولومبيا عقب إقرار قانون في كانون الأول (ديسمبر) 2019 يلزم بنشر إقرارات الذمة المالية للمسؤولين الحكوميين، ويقول نویل آلونزو مورای، المدير التنفيذي لمنظمة Directorio Legislativo “أردنا اختبار القانون، وكنا أول من اطلع على تلك المعلومات”، كذلك تعد كولومبيا البلد الوحيد على مستوى أمريكا اللاتينية الذي التزم بجميع متطلبات معيار مبادرة الشفافية في مجال الصناعات الاستخراجية من خلال إتاحة بيانات الشركات العاملة في هذا المجال على نطاق واسع، بما في ذلك تراخيص تلك الشركات والعقود المبرمة معها، وهي أيضا من ضمن عشر دول على مستوى المنطقة تلزم بالإقرار عن الملاك المستفيدين بموجب القانون.
وتم تعديل القانون أخيرا لإنشاء سجل للملاك المستفيدين، مع السماح للهيئات الحكومية فقط بالاطلاع عليه. ويقول ألونزو مورای إنها “خطوة للأمام، لكنها تفتقر إلى الحسم اللازم. فمكافحة الفساد تقتضي إتاحة هذا السجل للجميع”.
ويتفق نوبل معه. ويضيف قائلا “أنشأ عشر دول على الأقل في أمريكا اللاتينية سجلات للملاك المستفيدين أكثر تطورا مقارنة بأغلب المناطق الأخرى، لكن إكوادور هي البلد الوحيد الذي يسمح باطلاع الجمهور على هذه السجلات. وهنا تكمن المشكلة الأساسية، أي الافتقار إلى الشفافية الذي يؤثر في إمكانية التحقق من دقة هذه السجلات”.
وفي ظل عدم إمكانية الاطلاع على بيانات الملاك المستفيدين، استخدمت مبادرة الشفافية في مجال الصناعات الاستخراجية ومنظمة Directorio Legislativo مصادر بديلة: نظام compra efficiente في كولومبيا، وهي عبارة عن قاعدة بيانات مفتوحة لعمليات الشراء والبوابة الإلكترونية لمبادرة الشفافية في مجال الصناعات الاستخراجية التي تنشر بيانات قطاع الصناعات الاستخراجية مثل مدفوعات الشركات وتراخيصها.
وبتحليل هذه البيانات کشف الفريق عن 20969 مؤشر اشتباه تتضمن 19814 شخصا من ذوي المناصب السياسية، ويشغل ما يزيد على 20 في المائة منهم مناصب عليا ومتوسطة، ما يعني أن اثنين من كل عشرة سياسيين بارزين في كولومبيا تتضمن إقراراتهم بيانات متضاربة. ويضيف ألونزو مورای قائلا “إن مؤشرات الاشتباه لا تثبت جميعها وجود تضارب في المصالح أو تربح من المناصب، لكنها قد تصدق في بعض الأحيان. وتتيح هذه البيانات مجالا ملموسا يمكن الاعتماد عليه كنقطة بداية، ولا سيما بالنسبة للوكالات التي لا تتوافر لها الموارد الكافية”.
وفي كولومبيا، يعد مكتب المراقب العام، وهو جهاز الرقابة المالية الوطني، المستفيد الأول على الأرجح من هذه البيانات التي أصبحت متاحة للجمهور في الوقت الحالي، لكن الحكومات لا تستخدم هذا النوع من البيانات عادة إلا عند إجراء التحقيقات. ويقول نوبل “تكمن القيمة الحقيقية لهذه البيانات في إمكانية إجراء هذه المراجعات بصورة مسبقة كإجراء وقائي بالدرجة الأولى”. وعادة ما يضطلع الصحافيون والمنظمات المعنية بالشفافية بهذا الدور، لكن هذا الأمر يصب في مصلحة الشركات أيضا. ويقول نوبل “يرغب المستثمرون والشركات في التعرف على هوية الأشخاص الذين يعملون معهم كما ترغب البنوك في التعرف على هوية عملائها. ويساعد ذلك بالفعل على نجاح مختلف الأنشطة، وأقصد هنا الأنشطة التي تتوافر بها معايير السلامة”.
ويسعى الفريق في الوقت الحالي إلى تنفيذ مشروع مماثل في نيجيريا، وإن كان سيتعين تعديل الأداة التي تتمتع بالمرونة لحسن الحظ، ويمكن أن ينجح الفريق في مهمته في حال السماح بنشر إقرارات الذمة المالية وتوافر مجموعة بيانات واحدة على الأقل عن عمليات الشراء أو الملاك المستفيدين لمطابقة الإقرارات بها للتأكد من صحتها. وفي حال محدودية المعلومات المتاحة في بعض الدول يمكن استخدام مصادر بديلة على غرار ما حدث في كولومبيا، وإن كان يوجد تفاوت في جودة البيانات. ويشير ألونزو موراي إلى أن “تنقية البيانات تتطلب جهدا كبيرا”.
ففرز مجموعة ضخمة من البيانات غير المنظمة يحتاج إلى كثير من الوقت، لكنه أمر ممكن رغم صعوبته. ويقول ألونزو موراي “إن التحدي الحقيقي يكمن في إقناع الحكومات بالمشاركة في هذه الجهود من خلال إتاحة سجلاتها”… يتبع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى