أزمة في سوق العملات المشفرة بالهند بسبب فرض ضريبة 1% على القطاع
بوابة الاقتصاد
عندما كشفت حكومة الهند عن خطة لفرض ضرائب على الأصول المشفرة في فبراير، بمعدل 30% على الدخل من استثمارات الأصول الرقمية، حظيت باهتمام المتابعين. لكن تلك الضريبة كانت مختلفة، إذ جعلت صناعة العملات المشفرة تحذر من احتمال حدوث أزمة سيولة تزعزع الاستقرار.
إلى جانب ضريبة الأرباح الرأسمالية، أعلنت وزارة المالية عن ضريبة مستقطعة من المنبع بنسبة 1%، على جميع عمليات تحويل الأصول الرقمية التي تزيد عن حجم معين، اعتباراً من مطلع يوليو.
لا توجد دولة أخرى تفرض مثل هذه الضريبة على العملات المشفرة، وفقاً لأنوش باسين، مؤسس شركة استشارات ضرائب الأصول المشفرة “كواغماير كونسلتنغ” ( Quagmire Consulting).
يقول المسؤولون التنفيذيون في بورصة العملات المشفرة والمحامون ومحللو الضرائب، إن الضريبة المستقطعة من المنبع سوف تمتص السيولة من السوق عن طريق إجبار المتعاملين بكثافة على تقليص تداولهم بشكل كبير.
إلى جانب قرار الحكومة بعدم السماح بتعويض الخسائر الناجمة عن التداول في الأصول الرقمية، فإنه يهدد بتسريع خروج شركات التشفير، والعاملين فيها بشكل جماعي من الهند، كما يقولون
وصف نيسشال شيتي، الرئيس التنفيذي لـ “وازيراكس” ( WazirX)، أكبر بورصة تشفير في الهند، الضريبة المستقطعة من المنبع، بأنها “أسوأ سيناريو بالنسبة للصناعة”.
قال مانهار جارجرات، المدير التنفيذي لرسم السياسات في بورصة العملات المشفرة ” كوين دي سي إكس” (CoinDCX):”لن تتبقى سيولة في الأسواق.. لن يتم تنفيذ الصفقات التي يقوم بها المشترون بكفاءة كما هو الحال اليوم، وسيؤدي عدم الكفاءة هذا في النهاية إلى تضاؤل النظام بأكمله”.
نزيف المواهب
تمثل الحزمة الضريبية والحظر المفروض على تعويض الخسائر – والذي ينطبق فقط على العملات المشفرة – أحدث محاولة من جانب حكومة لم تذكر بعد بوضوح أنها ستسمح بتداول العملات المشفرة.
ولدى الهند نحو 15 مليون مستخدم نشط للعملات المشفرة، التي تواجه عقبات تنظيمية، منذ أن ألغت المحكمة العليا في عام 2020 توجيهاً أصدره البنك المركزي، يحظر الكيانات الخاضعة للتنظيم، من العمل مع شركات الأصول الرقمية.
وفقاً لسانديب نيلوال، المؤسس المشارك لشركة “بوليجون” (Polygon) الهندية الناشئة في مجال “بلوكتشين”، فإن الآلاف من المطورين والمستثمرين ورجال الأعمال يتجهون خلال أبريل نحو وجهات مشجعة أكثر للعملات المشفرة، نتيجة لعدم اليقين.
عندما كشفت الحكومة لأول مرة عن فرض ضرائب على العملات المشفرة، قوبل الإعلان بالارتياح لأنه تم تفسيره على أنه إشارة إلى أنه لن يكون هناك حظر تام على تداول العملات المشفرة، لكن الوضع تغير بعد استيعاب صناعة العملات المشفرة تفاصيل الضريبة المستقطعة من المنبع.
بموجب النظام الجديد، يجب على مشتري الأصول المشفرة خصم 1% قيمة الضريبة المستقطعة من المنبع، نيابة عن البائع إذا تجاوزت قيمة المعاملة 10 آلاف روبية (حوالي 132 دولاراً). وفقا لـ”باسين”، سيتم أيضاً فرض ضرائب على التداولات الصغيرة إذا تجاوزت 50 ألف روبية تراكمية في سنة مالية.
يحق للمستثمرين استرداد الأموال إذا كان المبلغ الإجمالي المخصص للضريبة المستقطعة من المنبع، خلال سنة مالية يتجاوز التزاماتهم الضريبية الإجمالية لهذه الفترة.
خنق رأس المال
أوضح “باسين”، أنه عند إجراء التعاملات في بورصة مركزية، فإن من مسؤولية البورصة خصم الضريبة المستقطعة من المنبع، على التداول.
وأثناء إجراء التعاملات على منصة تداول لامركزية، حيث يتفاعل البائع والمشتري دون وسيط، يتداول الناس عادة دون الكشف عن هويتهم، ما يجعل جمع الضريبة المستقطعة من المنبع أمراً معقداً.
في حين أن ضريبة الأرباح الرأسمالية تقلل من جاذبية العملات المشفرة للمستثمرين، فإن الضريبة المستقطعة من المنبع تشكل تهديداً لأسس السوق ذاتها، كما يقول المنتقدون. ولا تفرض الهند الضريبة المستقطعة من المنبع على تداول الأسهم.
يمكن للمتعامل كثيف التداول أن يرى 60% من رأس ماله محجوزاً لمدفوعات الضريبة المستقطعة من المنبع بعد 100 صفقة فقط، وفقاً لتقديرات “جارجرات”، الذي يشغل أيضاً عضوية مجلس بلوكتشين والأصول المشفرة في الهند.
بحسب دينيش كانابار، الرئيس التنفيذي لشركة ” دروفا أدفايزرز” (Dhruva Advisors)، وهي شركة تقدم استشارات في مجال الضرائب واللوائح التنظيمية فإن: “الطريقة التي تم بها تحديد الضريبة ستؤدي إلى تخارج المتعاملين من البلاد”.
تحدثت وزيرة المالية الهندية نيرمالا سيثارامان أمام مجلس النواب بالبرلمان في 25 مارس الماضي، وقالت إن الضريبة المستقطعة من المنبع ستسمح للحكومة بتتبع المعاملات ولا تمثل ضريبة إضافية، لكن التنفيذيين والخبراء يرفضون الأمر، ويرون أنه من الممكن تحقيق الهدف ذاته عبر فرض ضريبة بمعدل أقل بكثير، دون إرباك التداول.
كما هو الحال مع البورصات اللامركزية، فإن تطبيق نظام الضريبة المستقطعة من المنبع سيكون شبه مستحيل عندما يتعلق الأمر بمنصات التداول الخارجية، على حد قول “جارجرات”، الذي أضاف أن الضريبة ستعمل بشكل أساسي على دفع التداول خارج البورصات المحلية التي تتابعها الحكومة الهندية بأكبر قدر من الوضوح.
يصبح النظام أكثر صعوبة بالنسبة للمتداولين في أزواج العملات المشفرة، مثل بتكوين/ إيثريوم، وفقاً لـ”باسين”، مؤسس شركة استشارات ضرائب الأصول المشفرة. وتتضمن كل صفقة معاملتين منفصلتين، بحيث يتم، على سبيل المثال، شراء بتكوين من الطرف المقابل، ثم البيع. وأضاف: “في مرحلة ما، ستكون عرضة لخسارة 1% لأنك تبيع بتكوين وفي الخطوة التالية ستكون معرضاً لخصم 1% قيمة الضريبة المستقطعة من المنبع، لأنك تشتري إيثريوم من بائع آخر.. عملية المحاسبة ستكون جنونية في تلك الحالة”.