آخر الاخبارسياسة

68 دولة في مصيدة الديون الصينية في 2022

بوابة الاقتصاد

14 مليار دولار من قيمة التكاليف تحصلها بكين من المقترضين الأكثر فقراً خلال العام الحالي

ستدفع أفقر دول العالم للصين ومقرضيها ما يقرب من 14 مليار دولار أميركي هذا العام كتكاليف لخدمة الديون، وفقاً لبحث جديد حث بكين على بذل المزيد من الجهد لدعم إعادة هيكلة الديون الأفريقية لأولئك الذين يحتاجون إليها، وفي المجموع، ستدفع 68 دولة 52.8 مليار دولار أميركي هذا العام كتكاليف ديون، وفقاً لتقرير صادر عن مركز التمويل والتنمية الأخضر في جامعة فودان في شنغهاي أوردته صحيفة “ساوث تشاينا مورننغ بوست”، ويقدر التقرير أن أكثر من ربع هذا المبلغ سيذهب إلى الصين، حيث تعد بكين واحدة من أكبر المقرضين للدول النامية.

وفي نهاية عام 2020، كانت الدول الـ68 مجتمعة تدين بنحو 110 مليارات دولار أميركي للعديد من المقرضين الصينيين في الديون الثنائية الرسمية، وفقاً لتقديرات التقرير، ارتفاعاً من 105 مليارات دولار أميركي في عام 2019. وكانت الصين أكبر دائن منفرد بعد جمعية التنمية الدولية التابعة للبنك الدولي، كما يقول التقرير.

الصين وتعليق الديون

وستتجاوز تكاليف السداد للدائنين الصينيين الرسميين اثنين في المئة من الدخل القومي الإجمالي في ثماني دول في عام 2022. وتعد أنغولا الأسوأ على لائحة الدول التي وقعت في شرك الديون الصينية، وتدين بما يقرب من خمسة في المئة من دخلها القومي للصين لدفع الفوائد وسداد أصل القروض السابقة، ونظراً لأن الصين هي الدائن الرئيس للدول المؤهلة للإعفاء من الديون، فقد كتب يوي مينجدي وكريستوف نيدوبيل وانج في التقرير الذي صدر، أخيراً، إن “لديها المزيد من المسؤولية والفرص لتقديم دعم ثنائي ومتعدد الأطراف لإعادة هيكلة الديون، مقارنة بالدول الأخرى”.

وعلى الرغم من أن الصين شاركت في تخفيف الديون، فإن المقرضين الدوليين الآخرين بحاجة إلى مزيد من الشفافية والوضوح بشأن الحجم الإجمالي للإقراض الصيني، على حد قولهم.

وفي أواخر عام 2020، قالت الحكومة الصينية، إنها علقت متطلبات خدمة الديون على أكثر من ملياري دولار من الديون في إطار جهد دولي لمساعدة الدول الفقيرة خلال الوباء، لكن تلك المبادرة انتهت في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وفي المجموع، علق المقرضون الصينيون مدفوعات بقيمة 5.7 مليار دولار أميركي، وفقاً لتقرير في أواخر عام 2021 أعدته حملة “جوبولي ديبت”.

وتشهد أفريقيا تباطؤاً في النمو الاقتصادي، وقد أدى انتشار “كوفيد-19” إلى تفاقم تدفق الأموال اللازمة لمشاريع تطوير البنية التحتية الجارية. وخوفاً من التخلف عن السداد، يقوم عدد من الدول الأفريقية بإعادة التفاوض بشأن شروط القرض مع الكيانات الصينية، بما في ذلك تأجيل مدفوعات الفائدة وتعليق المشاريع غير القابلة للاستمرار.

ووفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي، ستكون هناك حاجة إلى تمويل إضافي يصل إلى 285 مليار دولار خلال 2021-25 من قبل الدول الأفريقية لتكثيف استجابة إنفاقها لوباء كورونا، وبحسب تقرير لـ”إيكونوميك تايمز”، في 2021، بلغ إجمالي قروض الصين لأفريقيا خلال الفترة من 2000 إلى 2018 ما قيمته 148 مليار دولار، معظمها في مشاريع البنية التحتية واسعة النطاق. وخلال السنوات الخمس الماضية، تم تقديم حوالى 66 في المئة من مبلغ القرض لقطاعي النقل والطاقة، في وقت مولت المؤسسات المالية الصينية ما معدله 70 مشروعاً كل عام في أفريقيا بمتوسط قيمة 180 مليون دولار، ومن بينها، ركز تمويل البنية التحتية لضمان الموارد على الدول الأفريقية الغنية بالمعادن والهيدروكربونات بما في ذلك زامبيا (النحاس)، وكينيا ونيجيريا وغانا وأنغولا والجزائر وموزمبيق ومصر والسودان (النفط والغاز)، وجنوب أفريقيا وتنزانيا (الذهب)، وفقاً لمصادر مطلعة بحسب الصحيفة.

وتعد الصين حالياً مقرضاً ثنائياً في 32 دولة أفريقية، وأكبر مقرض للقارة ككل، وتشمل القائمة أنغولا (21.5 مليار دولار في 2017)، وإثيوبيا (13.7 مليار دولار)، وكينيا (9.8 مليار دولار)، وجمهورية الكونغو (7.42 مليار دولار)، وزامبيا (6.38 مليار دولار)، والكاميرون (5.57 مليار دولار).

أفخاخ الديون

وأدت الديون إلى أزمة سداد، مع امتلاك الصين حوالى 72 في المئة من ديون كينيا الخارجية التي تبلغ 50 مليار دولار. وعلى مدى السنوات القليلة المقبلة، من المتوقع أن تدفع كينيا 60 مليار دولار لبنك الصين، “إكسيم” وحده، بحسب مصادر مطلعة، ويمكن أن يُفقد ميناء مومباسا، إذا تخلفت كينيا عن سداد القرض، وفقاً لمراجع الحسابات العام في كينيا.

وكان 28 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، يوماً سيئاً لوزير المالية الأوغندي ماتيا كاسايجا الذي نُقل إلى البرلمان واستجوابه بشأن شروط قرض صيني بقيمة 200 مليون دولار لتوسيع مطار عنتيبي الذي يخدم العاصمة كمبالا، واعتذر للمشرعين المجتمعين قائلاً، “ما كان يجب أن نقبل بعض البنود”، “لكنهم قالوا لك، إما أن تأخذه أو تتركه”.

وكان موضوع الخلاف في أوغندا مرتبطاً بعقد تم توقيعه قبل ذلك بست سنوات مع “تشاينا إكسيم بنك”، وهو عقد يقول بعض المشرعين والمسؤولين والمحامين الأوغنديين، إنه يقوض السيادة الوطنية، حتى أن تقريراً لصحيفة “ديلي مونيتور” الأوغندية، أشار إلى أن بكين قد تستولي على مطار عنتيبي، البوابة الدولية الرئيسة للبلاد، وهو ادعاء ردد الاتهامات الصينية بـ”أفخاخ الديون”، ونفى بقوة من قبل الحكومتين، ويسلط الجدل الضوء على التحديات التي تواجهها الحكومات الأفريقية والبنوك الصينية في أعقاب موجة الإقراض التي استمرت 20 عاماً والتي جعلت من بكين أكبر مصدر لتمويل التنمية في القارة.

البنوك الصينية تمثل خمس الإقراض لأفريقيا

وبحسب “فايننشال تايمز”، تشكل البنوك الصينية الآن حوالى خمس إجمالي الإقراض لأفريقيا، ويتركز في عدد قليل من البلدان الاستراتيجية أو الغنية بالموارد بما في ذلك أنغولا وجيبوتي وإثيوبيا وكينيا وزامبيا، وبلغ الإقراض السنوي ذروته عند 29.5 مليار دولار في عام 2016، وفقاً لأرقام مبادرة الأبحاث الصينية الأفريقية في جامعة جونز هوبكنز، وعلى الرغم من تراجعه في عام 2019 إلى 7.6 مليار دولار، فإن الأرقام لا تزال كبيرة.

وبعد الغوص في أفقر قارات العالم، أصبح المقرضون الصينيون أكثر حذراً إذ وصلت بعض الدول إلى الحد الأقصى لقدرتها على الاقتراض واحتمال التخلف عن السداد يلوح في الأفق. ويسرد صندوق النقد الدولي أكثر من 20 دولة أفريقية على أنها تواجه ضائقة ديون أو معرضة لخطر كبير، ورداً على ذلك، تبنى المقرضون، بما في ذلك “تشاينا إكسيم بنك” و”بنك التنمية الصيني”، وهما بنكان سياسيان رئيسان في البلاد، شروط إقراض متشددة بشكل متزايد. وقد بدأت تلك الظروف، التي يختلف بعضها اختلافاً ملحوظاً عن الدائنين الرسميين الآخرين، في الاختبار، إذ تفرض المصاعب الاقتصادية المرتبطة بالوباء عبئاً على البلدان الأفريقية المثقلة بالديون.

وأكد الرئيس الصيني شي جينبينغ هذا الحذر في خطاب فيديو أمام منتدى التعاون الصيني- الأفريقي الذي يعقد كل ثلاث سنوات في السنغال في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021. وقال الرئيس الصيني، إنه على مدى السنوات الثلاث المقبلة، ستخفض الدولة المبلغ الرئيس من الأموال التي تزودها بأفريقيا بمقدار في المركز الثالث إلى 40 مليار دولار، كما أشار ضمنياً، أعاد توجيه الإقراض بعيداً عن البنية التحتية الكبيرة نحو التركيز الجديد على الشركات الصغيرة والمتوسطة، والمشاريع الخضراء وتدفقات الاستثمار الخاص.

وقال تحليل حمل عنوان، “إقراض الصين لأفريقيا”، أعده “تشاتام هاوس”، وهو مركز فكر بريطاني، إن “الصين تبتعد عن هذا النموذج الكبير الحجم وعالي المخاطر في التمويل إلى نموذج يتم فيه إبرام الصفقات وفقاً لمزاياها الخاصة، على نطاق أصغر وأكثر قابلية للإدارة من ذي قبل”.

ويقول تشيدي أودينكالو من كلية “فليتشر” للقانون والدبلوماسية بجامعة تافتس، إن “حجم الائتمان الذي تنغمس عليه بعض [الحكومات الأفريقية] يجعلها تعتمد على ما يتجاوز أي فكرة معقولة عن السيادة”، معرباً عن مخاوف مشتركة بشأن الحجم الهائل للإقراض الصيني والمقايضة الضمنية، ويضيف، “لا يمكنك إلقاء اللوم على الصين في سعيها لتأمين السداد من الأنظمة الفاسدة التي تعتقد أن المال يمكن أن يكون مجانياً”، وتابع، “الأفارقة يهربون من الشروط الغربية، والآن هم محصورون اليوم في جدار التمويل الصيني”.

أنغولا ليست وحدها التي وقعت في شرك الديون الصينية، فبين عامي 2010 و2015، نمت ديون نيجيريا للصين بنسبة 136 في المئة من 1.4 مليار دولار إلى 3.3 مليار دولار، واضطرت البلاد إلى إنفاق 195 مليون دولار في عام 2020 لسداد ديون للصين.

وفي جيبوتي، قدمت الصين ما يقرب من 1.4 مليار دولار من الأموال، وهو ما يمثل 75 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وفقاً للتقارير، كما أعادت 18 دولة أفريقية على الأقل التفاوض بشأن ديونها بينما تجري 12 دولة أخرى محادثات مع الصين لتقييد قروض بنحو 28 مليار دولار.

في نيجيريا الفيدرالية، طالب نواب البرلمان على المستوى الفيدرالي في نيجيريا بإجراء تحقيق في ممارسات الإقراض في البلاد ومراجعة “بند الضمان السيادي” في اتفاقيات القروض مع الصين، ويتعين على نيجيريا سداد 400 مليون دولار مقابل قرض قدمته الصين لـ”المشروع النيجيري الوطني للبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات- المرحلة الثانية”، كما اضطرت الحكومة الأوغندية إلى تأجيل بناء “كمبالا- عنتيبي”، وأثار مشروع “إكسبرس واي” بعد المعارضة السياسية مخاوف بشأن تزايد فخ الديون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى