آخر الاخبارسياسة

واشنطن تضيق الخناق على سداد روسيا ديونها وتوقف أحدث مدفوعات سيادية

بوابة الاقتصاد

منعت الولايات المتحدة روسيا أمس من تسديد دينها بدولارات مودعة في مصارف أمريكية، ما يزيد الضغوط على موسكو ويزيد احتمال أن تتخلف عن دفع الديون المستحقة.
وذكر مصدر مطلع ومتحدثة باسم وزارة الخزانة الأمريكية، أنه تم إيقاف أحدث مدفوعات كوبون على السندات السيادية الروسية.
وبحسب المصدر، فإن أحدث مدفوعات كوبون على السندات السيادية لم تحصل على إذن من وزارة الخزانة الأمريكية كي يتعامل معها جي.بي مورجان، بنك المراسلة.
والمدفوعات هي لسندات مستحقة في 2022 و2042. ويتولى بنك المراسلة معالجة مدفوعات الكوبون من روسيا، وإرسالها إلى وكيل الدفع لتوزيعها على حاملي السندات في الخارج.
وقالت مصادر لـ “رويترز”: إنه سبق أن عولجت مدفوعات كوبون على السندات السيادية الروسية.
كما أكدت متحدثة باسم وزارة الخزانة الأمريكية أن بعض المدفوعات لم يعد مسموحا بها.
فيما قال ناطق باسم الخزانة الأمريكية: “انتهى الموعد النهائي لروسيا لتسديد ديون أخرى .. اعتبارا من (اليوم)، لن تسمح وزارة الخزانة الأمريكية بسداد أي مدفوعات للديون بالدولار من حسابات الحكومة الروسية في المؤسسات المالية الأمريكية. يجب على روسيا الاختيار بين استنزاف احتياطيات الدولار القيمة المتبقية أو وصول عائدات جديدة، أو التخلف عن السداد”.
وقال المصدر: إن روسيا لديها فترة سماح 30 يوما لتسديد المبلغ.
وتمكنت روسيا، التي لديها إجمالا 15 سندا دوليا مستحقا تبلغ قيمتها الاسمية نحو 40 مليار دولار، من تجنب التخلف عن سداد ديونها الدولية حتى الآن رغم العقوبات الغربية غير المسبوقة. لكن المهمة تزداد صعوبة.
وإذا فشلت روسيا في سداد أي من مدفوعات سنداتها التالية خلال آجال استحقاقها، أو دفعت بالروبل بدلا من الدولار أو اليورو أو عملة أخرى محددة، فسيشكل ذلك تخلفا عن السداد.
وفي حين أن روسيا غير قادرة على الوصول إلى أسواق الاقتراض الدولية بسبب عقوبات الغرب، فإن التخلف عن السداد سيمنعها من الوصول إلى تلك الأسواق لحين سداد أموال الدائنين بالكامل وتسوية أي قضايا قانونية ناجمة عن التخلف عن السداد.
إلى ذلك، عانى القطاع الخاص في روسيا تراجعا كبيرا في نشاطه خلال الشهر الماضي، حيث أدت العقوبات التي تم فرضها بسبب تدخلها العسكري في أوكرانيا وانخفاض قيمة الروبل، إلى حدوث أكبر تراجع في ظروف التشغيل منذ فترات فرض الإغلاق المرتبط بمكافحة انتشار مرض كوفيد – 19 عام 2020، بحسب ما ذكرته مؤسسة “ستاندرد آند بورز” العالمية.
وأفادت وكالة “بلومبيرج” للأنباء بانخفاض مؤشر مديري المشتريات الروسي المركب إلى 37.7 نقطة في آذار (مارس)، مقابل 50.8 نقطة في الشهر السابق، بحسب نتائج مسح أجرته مؤسسة “ستاندرد آند بورز” ونشر أمس، حيث أعلن كل من شركات الخدمات والتصنيع تسجيل انخفاض حاد.
وانخفض مؤشر نشاط قطاع الخدمات في روسيا إلى 38.1 نقطة مقابل 50.8 نقطة في شباط (فبراير)، حيث انخفض إلى أقل من مستوى 50 الذي يفصل بين الانكماش والنمو.
من جهة أخرى، يتحول المزارعون الروس إلى الموردين المحليين من أجل الحصول على البذور والمبيدات الحشرية لزرع محاصيلهم الخاصة بفصل الربيع، حيث أدى التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا إلى تداعيات نتج عنها تحديات في الاستيراد، بحسب ما ذكرته وكالة “بلومبيرج” للأنباء أمس.
وقال ديمتري ريلكو، مدير عام “معهد دراسات السوق الزراعية” الذي يتخذ من موسكو مقرا له في مقابلة أجريت معه، إن العقوبات والمسائل اللوجستية المتعلقة بالحرب، أدت إلى حدوث مشكلات في الاستيراد تتعلق بنحو 10 في المائة من أنواع البذور.
وأضاف أنه قد تم في الوقت الحالي تلبية أغلب الطلبات على البذور، “بطريقة أو بأخرى”، وأن الزراعة تسير بسلاسة.
إلى ذلك، جرى احتجاز أو مصادرة أكثر من 12 يختا فاخرا في موانئ أوروبية خلال الأسابيع الخمسة الماضية، في إطار العقوبات الشاملة المفروضة على الأثرياء الروس.
ومن هامبورج في شمال ألمانيا إلى مايوركا قبالة السواحل الإسبانية، تم احتجاز ما لا يقل عن 13 يختا أو ما يسمى بالقصور العائمة، مع مجرد أطقم هيكلية للحفاظ على حالتها جاهزة للإبحار.
ويستهدف مسؤولون أمريكيون وبريطانيون ومن الاتحاد الأوروبي القوارب اللافتة للنظر في إطار جهودهم لتجميد الأصول الخاصة بالمواطنين الروس الأكثر ثراء الذين لديهم صلات بالكرملين والرئيس فلاديمير بوتين.
كان اليخت الأكبر والأغلى الذي تم احتجازه هو “ديلبار” ويبلغ طوله 156 مترا (512 قدما) ويمتلكه أليشير أوسمانوف، الذي فرضت عليه عقوبات الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي. وقالت شركة “لورسن” المصنعة لليخت: إنه “واحد من أكثر اليخوت تعقيدا وتحديا على الإطلاق” وتراوح قيمته بين 587 و625 مليون دولار. وقد ظل عالقا في هامبورج لنحو شهر.
وكان أحدث اليخوت التي تم احتجازها هو يخت فاخر يمتلكه رجل الأعمال الروسي فيكتور فيكسلبيرج في مايوركا، بعد عملية مشتركة للشرطة الأمريكية والإسبانية.
ويعد فيكسلبيرج أحد أكبر الأثرياء الروس وتعرض لعقوبات فرضتها الولايات المتحدة عام 2018، بتهم التهرب الضريبي وغسل الأموال وتزوير وثائق، ويرجع ذلك جزئيا إلى محاولاته المزعومة للتحايل على العقوبات من خلال إخفاء شرائه للقارب. ومع ذلك، لم يفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات عليه.
وتمت مصادرة ملفات وجهاز كمبيوتر خلال عملية تفتيش اليخت الذي تبلغ قيمته 95 مليون دولار. وتم نشر صور تظهر الشرطة الإسبانية وهي تحمل بنادق هجومية وتقف على رصيف الميناء أمام اليخت الذي يبلغ طوله 78 مترا يحمل اسم “تانجو”. كما أظهرت صور أخرى مسؤولين أمريكيين وهم يصعدون إلى اليخت.
يشار إلى أن البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية توقع أن تسدد الحرب الروسية – الأوكرانية ضربة إلى اقتصاد الدولتين خلال العام الجاري، مع تأثيرات سلبية في الاقتصادات العالمية.
وأكد أن الاقتصاد الروسي يواجه انكماشا بنسبة 10 في المائة في 2022، بينما يتراجع إجمالي الناتج الداخلي الأوكراني 20 في المائة، في ظل أكبر صدمة في الإمدادات منذ 50 عاما تتسبب فيها الحرب.
وقبل الأزمة في 24 شباط (فبراير)، توقع المصرف، الذي يتخذ من لندن مقرا، أن ينمو إجمالي الناتج الداخلي الأوكراني 3.5 في المائة هذا العام، وأن يحقق الاقتصاد الروسي تحسنا 3 في المائة.
وذكر المصرف، الذي أصدر توقعات طارئة أخيرا، أنه أول مؤسسة مالية دولية تحدث توقعات النمو منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا الشهر الماضي.
وأفاد بأن التوقعات الأخيرة قائمة على فرضية “أن يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غضون بضعة أشهر، ليعقبه بعد وقت قصير انطلاق جهود كبيرة لإعادة الإعمار في أوكرانيا”.
وفي ظل سيناريو كهذا، يفترض أن ينتعش إجمالي الناتج الداخلي الأوكراني 23 في المائة العام المقبل، بينما يتوقع ألا تحقق روسيا الخاضعة لعقوبات اقتصادية غربية شديدة أي نمو.
وقال المصرف: “يتوقع أن تبقى العقوبات المفروضة على روسيا في المستقبل المنظور، لتؤدي إلى ركود الاقتصاد الروسي في 2023، مع تداعيات سلبية بالنسبة إلى عدد من الدول المجاورة في شرق أوروبا والقوقاز وآسيا الوسطى”.
وتابع “بوجود هذا الكم الكبير من الضبابية، ينوي المصرف إصدار توقعات إضافية في الأشهر المقبلة، آخذا في الحسبان أي تطورات جديدة”.

زر الذهاب إلى الأعلى