الهند تتوقع زيادة الهجمات على السفن في البحر الأحمر
العمليات المستمرة لتأمين تجارتها البحرية تؤدي كذلك إلى إرهاق القوات الهندية
توقع عدد من كبار المسؤولين في الهند استمرار الهجمات على السفن التجارية في بحر العرب والبحر الأحمر من قبل القراصنة والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.
تؤدي هذه الهجمات إلى استنزاف قدرات القوات البحرية الهندية بينما تتزايد وتيرتها وانتشارها بصورة أكبر في المنطقة. وخلال الأسبوع الماضي، سارعت مقاتلة بحرية هندية لمساعدة السفينة التجارية “آيلاندر” (Islander) في خليج عدن بعدما ضربتها طائرة بدون طيار، مما أدى إلى إصابة أحد أفراد طاقمها. وقال متحدث باسم البحرية الهندية إن فريق التخلص من المتفجرات صعد على متن السفينة قبل أن يُسمح لها بالعبور.
احتلت قضية الهجمات في بحر العرب والبحر الأحمر بؤرة تركيز المناقشات بين وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، ونظيره الهندي سوبرامانيام جيشانكار، في مؤتمر ميونيخ الأمني الأخير. ووصف بلينكن نهج الهند والولايات المتحدة في التصدي للأزمات البحرية بأنه “يعزز الموقف المشترك للبلدين”، وفق بيان.
جهود حربية لتأمين السفن
نشرت الهند عشرات السفن الحربية إلى جانب طائرات مراقبة بحرية ومسيرات بعيدة المدى، وتعد هذه أكبر بعثة عسكرية لها في وقت السلم منذ 7 عقود، وتهدف إلى مراقبة نحو 4 ملايين كيلومتر مربع (1.5 مليون ميل مربع) من بحر العرب، بهدف التصدي لمحاولات القرصنة المتزايدة في المنطقة، بينما تتزايد هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر.
وكان هناك 8 محاولات اختطاف لسفن -إحداها نجحت في هدفها- منذ نوفمبر الماضي، وفقاً للمسؤولين الذين رفضوا الكشف عن هوياتهم لأنهم يشاركون مباشرة في العمليات.
ورغم تراجع هجمات القرصنة منذ أن بدأت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في قصف أهداف الحوثيين في اليمن -حيث ضربت واشنطن 230 هدفاً في اليمن حتى الآن- ستحتاج البحرية الهندية إلى مواصلة عملياتها المعززة، وفقاً للمسؤولين، لأن مكافحة القرصنة تحتاج إلى وقت وموارد ضخمة وصبر.
على سبيل المثال، في إحدى العمليات تعقبت مقاتلة بحرية هندية سفينة صيد مختطفة ترفع العلم الإيراني لأكثر من يوم قبل أن يستسلم القراصنة في نهاية المطاف. وقال المسؤولون إن القراصنة أطلقوا سراح أفراد الطاقم المكون من 11 فرداً بعدما اتضح لهم أنهم لن يتمكنوا من اختطاف السفينة والمطالبة بفدية.
إرهاق موارد القوات البحرية
لكن مع ذلك، ووفقاً للمسؤولين والمحللين، فإن العمليات المستمرة تؤدي كذلك إلى إرهاق البحرية الهندية. واضطرت قوات البلاد إلى نقل السفن من خليج البنغال إلى بحر العرب لتمشيط المنطقة، رغم أن بحر البنغال يعد منطقة محورية للعمليات العسكرية نظراً لتزايد عدد السفن الصينية المتمركزة هناك.
قال أنيت موخرجي، وهو محاضر أول في قضايا أمن جنوب آسيا في “كينغز كولدج” بلندن: “أدت البحرية الهندية دوراً مثيراً للإعجاب بشدة في الحفاظ على وتيرة عالية للعمليات بالمنطقة، ولاحظ المجتمع الدولي هذا الدور ورحب به بشكل عام”. وتساءل موخرجي عن مدى قدرة القوات البحرية الهندية على مواصلة نشر القوات بنفس وتيرة العمليات في ظل محدودية مواردها. ورفضت البحرية الهندية ووزارة الدفاع التعليق.
مكافحة قرصنة السفن
تحاول البحرية الهندية تعزيز قدراتها لمكافحة عمليات القرصنة. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أسقطت قوات كوماندوز بحرية مزودة بمحركات بالمظلات في بحر العرب من طائرة نقل أميركية الصنع طراز “سي – 130” (C-130). وقال أشخاص مطلعون على الأمر إن قوات الكوماندوز يمكنها المساهمة بدور إضافي في مكافحة عمليات القرصنة إذا كانت أقرب مقاتلة بحرية على مسافة كبيرة من السفينة المختطفة.
كما أن أغلب عمليات القرصنة تسعى لاستغلال الفرصة السانحة حالياً، إذ يحاول القراصنة الصوماليون الاستفادة من الاضطرابات في المنطقة. وقال موخرجي: “من المؤكد أن أزمة الشرق الأوسط جنباً إلى جنب مع الحرب في غزة وهجمات الحوثيين شجعت القراصنة المتمركزين في الصومال (على زيادة نشاطهم)”.
عمليات القرصنة من قبل صوماليين في القرن الأفريقي وبحر العرب بلغت ذروتها بين عامي 2010 و2013. وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن مدفوعات الفدية بلغت نحو 413 مليون دولار في السنوات السبع الممتدة حتى 2012. وخسر الاقتصاد العالمي 18 مليار دولار سنوياً جراء هذه الهجمات، وفقاً للأمم المتحدة.
جدير بالذكر أن الهند تتلقى 88% من وارداتها النفطية عبر البحر، ما يجعلها عرضة للتهديد بشدة من أي اضطرابات في الممرات البحرية، وفقاً لشركة “وود ماكنزي” (Wood Mackenzie) الاستشارية.