التضخم فى الاقتصادات الغنية يقفز لمستويات تاريخية ويزيد الضغوط على البنوك المركزية
بوابة الاقتصاد
ذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية أن معدلات التضخم في الاقتصادات الغنية حول العالم يقفز لمستويات تاريخية، مما يثير مخاوف بشأن استمرار ارتفاع تكاليف المعيشة للأسر وزيادة الضغط على البنوك المركزية لرفع أسعار الفائدة.
وكشفت الصحيفة في تقرير لها أن الوتيرة السنوية لنمو أسعار المستهلكين في مجموعة الدول المتقدمة التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بلغت ما نسبته 5.8% في نوفمبر الماضي، ارتفاعا من 1.2% فقط في الشهر نفسه من العام السابق لتصل إلى أعلى معدل لها منذ مايو 1996.
وكانت الزيادة في الوتيرة السنوية لنمو أسعار المستهلكين، مدفوعة بأسعار الطاقة، التي ارتفعت بنسبة 28% بزيادة أكثر من 3% عن الشهر السابق لتسجل أعلى معدل منذ يونيو 1980، كما ارتفع التضخم في أسعار المواد الغذائية بقوة ليسجل ما نسبته 5.5%، من 4.6% في الشهر السابق.
وتأتي هذه البيانات في الوقت الذي حذر فيه يواكيم ناجل، محافظ البنك المركزي الألماني (البوندسبانك)، من أن التضخم قد يظل مرتفعا لفترة أطول مما يتوقعه الاقتصاديون؛ حيث قال “المواطنون لديهم أموال أقل بكثير في محافظهم، وكثير من الناس قلقون بشأن فقدان القوة الشرائية”.
وأضاف ناجل أن هذه التطورات أثارت عدة أسئلة، حول مدى مناسبة السياسة النقدية المتساهلة للغاية للأوضع الحالية، وإلى متى ستستمر تلك السياسات، بعد أن وصلت معدلات التضخم في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو والمملكة المتحدة، إلى أكثر من ضعف المستوى المستهدف الذي حددته بنوكها المركزية والبالغ 2%.
وقفز التضخم في منطقة اليورو إلى نحو 5.1% في يناير الماضي، فيما قال مكتب الإحصاء الفرنسي أن التضخم في البلاد تسارع ليسجل أعلى مستوى له منذ 2008، عندما بلغ 2.9% في يناير الماضي، لكن الوضع أكثر سواء في سادس أكبر اقتصاد في العالم وهي بريطانيا التي سجل التضخم فيها أعلى مستوى له في 30 عاماً ليبلغ 5.5%، وفي أكبر الاقتصادت الأوروبية فالوضع ليس أفضل حالا حيث بلغ التضخم في ألمانيا أعلى مستوى له في 28 عاما مقتربا من 5%.
وفي الولايات المتحدة الأمريكية أكبر اقتصاد في العالم، فقد سجل معدل التضخم فيها أعلى مستوى له في 40 عاما عند 7.5% على أساس سنوي، وسط توقعات بأن يستمر الارتفاع على مدار الشهور الستة المقبلة وفقًا لتوقعات الاقتصاديين.
ورفع بنك إنجلترا سعر الفائدة في سياسته للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات في ديسمبر الماضي، كما أعلن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي صراحة نيته زيادة أسعار الفائدة بنحو 4 مرات على الأقل خلال هذا العام قد تبدأ في مارس المقبل، كما أعلن البنك المركزي الأوروبي أنه سيوقف مشترياته في برنامج شراء السندات في الحقبة الوبائية في مارس.
وأشارت الصحيفة إلى أن العديد من الحكومات الأوروبية تدخلت للتخفيف من تأثير الارتفاع الحاد في تكاليف الطاقة؛ حيث تعهدت كلٍ من فرنسا وإسبانيا وإيطاليا بتقديم مساعدات لتخفيف الضغوط على الأسر الفقيرة.
وتعهد كريستيان ليندنر، وزير المالية الألماني الجديد، باتخاذ نفس الخطوة أيضا، حيث قال: “كثير من الناس ينظرون بقلق إلى الاتجاهات التضخمية”، مضيفًا “الحكومة الألمانية تراقب ذلك النقاش عن كثب”.
ورجحت الصحيفة أن تبدأ البنوك المركزية الرائدة في العالم في تشديد السياسة النقدية خلال الأشهر المقبلة بعد أن وصلت معدلات التضخم في العديد من دول العالم إلى أعلى مستوياتها في سنوات عديدة، مما أدى إلى زيادة تكلفة معيشة الأسر.
يأتي ذلك فيما أكد محافظ بنك إنجلترا “أندرو بيلي” أنه يشعر بالأسف بسبب ارتفاع التضخم، منوهًا بأنه لا أحد يرغب في رؤية ما يحدث، فقد أصبح من الواضح جليًا أن التضخم أمر يؤثر سلبًا على دخل الأسرة، وأنا متأكد من أنهم يشعرون بذلك بالفعل فيما يتعلق بالأسعار التي ترتفع.
لكنه أضاف ساخرًا أن زيادة معدل الفائدة في الوقت الراهن لن تؤدي إلى تعزيز إمدادات الغاز أو رفع إنتاج الرقائق، ولكنها في المقابل قد تؤدي إلى إبطاء الاقتصاد وزيادة معدل البطالة.
أ ش أ