10 آلاف جنيه خسائر فدان البصل بسبب انخفاض السعر وزيادة المعروض
بوابة الاقتصاد
حسين أبو صدام يطالب بتطبيق نظام الزراعة التعاقدية مع مزارعى البصل
أحد الفلاحين: المعروض هذا العام أكثر من الطلب بـ100%
تكبد مزارعو البصل خسائر كبيرة تصل إلى 9 و10 آلاف جنيه فى كل فدان، حيث انخفض السعر للموسم الثانى على التوالى ليتراوح بين 1 و2 جنيه للكيلو (جملة)، على مدار الموسم الجارى، وفقا لعدد من القائمين على زراعة وتجارة البصل، مرجعين ذلك إلى كثرة المعروض بالأسواق المحلية هذا الموسم.
ومن خلال جولة ميدانية »، قال محمد بيومى، أحد الفلاحين الذين قاموا بزراعة البصل، إن المعروض هذا العام كان أكثر من الطلب بنسبة قد تتجاوز 100%، بسبب اتجاه العديد من الفلاحين إلى زراعته خلال الموسم الجارى.
وأضاف أن الموسم الماضى 2020 ــ 2021 كان التاجر يشترى «شيكارة» البصل زنة 60 كيلو بـ60 جنيها، رغم أن تكلفة الكيلو الواحد قد تصل إلى 5 جنيهات، مشيرا إلى أن الموسم الجارى، تباع الشيكارة بـ50 جنيها فى معظم الأوقات، أى أن سعر الكيلو أقل من جنيه واحد.
ووصف بيومى مزارعى البصل بأنهم كمن يضاربون فى البورصة، إما أن يكسبوا مكاسب كبيرة جدا أو «يبكون بدل الدموع دما»، وأرجع بيومى تلك الخسارة إلى وقف تصدير البصل على مدار عامى 2021 و2022.
وقاطعه فى الحديث محمود النجار أحد الفلاحين الذين يعانون من خسارة زراعة البصل، قائلا إنه رفض بيع شيكارة البصل (60 كيلو) منذ أكثر من شهرين بـ60 جنيها لأحد التجار لانخفاض السعر، مضيفا أنه فى الأيام الأخيرة عرض عليه أحد التجار شراء الشيكارة بـ50 جنيها فقط، ليقرر أنه لن يبيع المحصول نهائيا مفضلا أكله أو حتى إتلافه أفضل من أن يبيعه بهذا السعر.
ولفت النجار إلى أن سعر «تقاوى» البصل فى الموسم المنقضى فى شهر مايو الماضى سجل 1000 جنيه للكيلو الواحد، موضحا أن كيلو التقاوى يكفى لزراعة 6 إلى 7 قراريط، وأشار إلى أن الفدان يحتاج حوالى 10 «شكائر» سماد، يتم صرف 3 منها من الجمعيات الزراعية بسعر 225 جنيها، و7 شكائر من السوق الحرة بسعر قد يصل إلى 500 جنيه أحيانا.
وتساءل النجار، لماذا لم يتم تصدير البصل والاستفادة منه بالعملة الصعبة، وتصريف المعروض الزائد فى السوق المحلية، والمحافظة على زراعته، مضيفا أن خسارته كانت ضعيفة لقلة المساحة المزروعة، بينما هناك فلاحون اعتمدوا بشكل كلى على زراعة البصل بمساحات كبيرة.
من جانبه وصف حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين، زراعة البصل فى مصر بالعشوائية، مشيرا إلى أنها قائمة على تخمين الفلاح، «على سبيل المثال، الفلاح يرى أن السعر إذا انخفض الموسم القائم، سيرتفع بشدة الموسم الذى يليه لأنه توقع عزوف العديد من المزارعين عن البصل».
وأشار أبو صدام، إلى أن الموسم قبل الماضى ديسمبر 2019 ــ مايو 2020، ارتفع سعر البصل بنسبة كبيرة وحقق مزارعوه مكاسب ضخمة، ما جعلهم يزيدون مساحة الأراضى المزروعة من البصل الموسم التالى، والذى تراجع فيه السعر بشكل كبير، فتوقعوا أن يعوض هذا الموسم 2021 ــ 2022 خسائر العام الماضى، ولكن «أتت الرياح بما لا تشتهى السفن».
وبحسب أبو صدام، فإن هناك أكثر من 400 ألف فدان تم زراعتهم بصل خلال العام الجارى، مشيرا إلى أن الاستهلاك المحلى لا يتجاوز الـ200 ألف فدان من البصل.
وأضاف أن المزارعين تكبدوا خسائر فى كل فدان بقيمة 9 إلى 10 آلاف جنيه تقريبا، موضحا أن تكلفة إنتاج الفدان قد تصل إلى 16 ألف جنيه فى حين أن أقصى سعر لبيع إنتاج الفدان خلال العام الجارى، وصل إلى 7 آلاف جنيه، مشيرا إلى أن إنتاجية الفدان الواحد قد تصل إلى 20 طنا على حسب نوع الزرعة وجودة الأرض الزراعية.
ويرى أبو صدام ضرورة تطبيق نظام الزراعة التعاقدية مع مزارعى البصل، وتحديد سعر للتوريد، بالإضافة إلى تحديد مساحات معينة يتم زراعتها، «هذا يحمى مزارعى البصل من الخسائر الفادحة، بالإضافة إلى توفير ماساحات من الأراضى لزراعة محاصيل استراتيجية مثل الأرز والقمح والذرة».
وردا على سؤال، لماذا لا يتم تصدير البصل؟، قال أبو صدام، إن هذا اعتقاد خاطئ من الفلاحين جاء نتيجة قلة الطلب الخارجى خلال الموسمين الماضيين تزامنا مع زيادة المعروض المحلى، مشيرا إلى أنه يتم تصدير حوالى 300 ألف طن سنويا.
وأوضح أبو صدام، أن التجار والمصدرين يذهبون إلى الفلاحين لشراء المحصول بكميات كبيرة وبسعر مرتفع ليقوموا بتصديره ويحققوا مكاسبهم، ولكن عندما لا يأتى للفلاحين هؤلاء التجار، يعتقدون أن هناك وقف تصدير، وهذا الأمر ليس حقيقيا.
وأرجع قلة التصدير فى المواسم القليلة الماضية إلى ارتباك السوق العالمية الذى بدأ بجائحة كورونا فى عام 2019 واتخاذ جميع الدول العديد من الإجراءات الاحترازية، ثم الحرب الروسية الأوكرانية، مضيفا أن الأزمات الاقتصادية التى نتجت عنهما جعلت العديد من الدول تستغنى عن استيراد البصل أو ترشيد استيراده مقابل سلع أخرى استراتيجية.
واندهش هانى حسين، المدير التنفيذى للمجلس التصديرى للحاصلات الزراعية من الحديث عن وقف تصدير البصل، قائلا «كيف لا نصدر محصول لدينا به فائض بأكثر من ضعف استهلاكنا ونهدر فرصة تجلب الدولار داخل الأسواق المحلية»، مضيفا أن البصل يحتل المركز ثالث ضمن أكثر المحاصيل تصديرا للخارج بعد الموالح والبطاطس، مؤكدا أن هناك زيادة فى حجم صادرات البصل، فى الموسم المنقضى بنسبة 1.5% مقارنة بموسم 2019 ــ 2021.
ووفقا لحسين، فإن الموسم التصديرى الذى بدأ فى سبتمبر 2021 وانتهى فى أغسطس 2022، شهد تصدير 330 ألف طن بصل، مقارنة بـ 325 طنا فى نفس الفترة من 2019 ــ 2021، قائلا «السوق عرض وطلب»، مشيرا إلى أن هناك وفرة كبيرة جدا فى المعروض هذا العام تزامنا مع الاستقرار النسبى فى حجم الصادرات فأدى إلى انخفاض السعر بهذا الشكل فى السوق المحلية.
وأضاف أنه من الصعب توقع الأسعار خلال الموسم القادم لأن زراعة البصل ليس لها كميات محددة، فقد تزداد المساحات المزروعة أملا فى تعويض الخسائر، ويقل السعر مرة أخرى، أو قد ترتفع نسبة الطلبات الخارجية، أو يعزف العديد من الفلاحين عن زراعة البصل الموسم المقبل.