الزراعة التعاقدية.. طوق النجاة لتسويق منتجات المزارعين وتحقيق الأمن الغذائى
بوابة الاقتصاد
هدى رجب: نستهدف صغار المزارعين.. وتحديد 6 آلاف جنيه سعر ضمان للذرة الصفراء والشراء بالأسعار العالمية
مزارعون: الأسعار التى تحددها «الزراعة» كسعر ضمان أقل من سعر التكلفة.. وتطبيق شرط جزائى بالعقد ليس عدلا
مستشار وزير الزراعة: كثرة الوسطاء تؤدى إلى كثرة الهوامش التسويقية وهذه فائدة الزراعات التعاقدية
جذبت الأزمة العالمية جراء الحرب الروسية الأوكرانية، أنظار الحكومة إلى أهمية التعاقد على المحاصيل الاستراتيجية والسلع الأساسية، خاصة محصول الذرة الصفراء، ما جعل وزارة الزراعة تسارع لتطبيق الزراعة التعاقدية على المحصول، محددة 6 آلاف جنيه سعر ضمان، بخلاف تحديد أسعار شراء المحاصيل طبقا لأسعار الأسواق العالمية.
من جانبها، أكدت رئيس الإدارة المركزية للزراعات التعاقدية، هدى رجب، أن الزراعة التعاقدية هى نمط يتم تداوله فى كثير من دول العالم لصالح المزارع والمستهلك، وتتم عملية البيع والشراء بينهم مباشرة دون وسطاء لتجنب ارتفاع الأسعار، لافتا إلى أن الزراعة التعاقدية معنية بالدرجة الأولى بالمزارع الذى يمتلك مساحة أقل من فدان، بجانب تطبيقها على المحاصيل الاستراتيجية.
وأضافت رجب، أن المشكلة التى تواجه المزارع المصرى هى التسويق، حيث إن التحرر الاقتصادى أتاح فرصة للمزارع أن يقوم بزراعة أى محصول يحقق له ربحا، ودور الإدارة توفير تاجر لشراء المحصول منه، وفى حالة عدم وجود تاجر يطمئن الفلاح أنه سيشترى المحصول؛ لن يقوم بزراعة أى شىء مكلف ماديا، وبالتالى لن نسطيع تحقيق الاكتفاء الآمن من المحاصيل وخاصة الاستراتيجية.
وأشارت إلى أن هناك محاصيل اسراتيجية هامة بدأت فى الاندثار منها الذرة وفول الصويا وعباد الشمس، ولكن خلال الفترة الماضية بدأت استراتيجية الدولة تتوجه نحو إحياء تلك الزراعات مرة أخرى من خلال عدة طرق أهمها الزراعات التعاقدية، لافتا إلى أن مصر تستورد 98% من استهلاكنا للزيوت.
وأوضحت، أن أكبر دولة تقوم بزراعة محصول عباد الشمس هى أوكرانيا حيث تزرع نحو 30% من الإنتاج العالمى لعباد الشمس، فضلا عن أن الدول المتميزة فى زراعة محصول الفول الصويا هى روسيا وأوكرانيا، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار الزيوت عالميا جراء الحرب بينهما، مؤكدة استمرار ارتفاع الأسعار مرة أخرى إن لم تنته الحرب الروسية الأوكرانية.
ونوهت بأن محصول الذرة أيضا ارتفع بشكل ملحوظ بسبب استخدام بعض الدول لحبوب الذرة لإنتاج الطاقة نتيجة لارتفاع أسعار البترول عالميا، كما أن ارتفاع أسعار الذرة التى تستخدم كعلف أدى أيضا لارتفاع أسعار اللحوم.
وأكدت رجب، أن العام الماضى رئيس الوزراء مصطفى مدبولى حدد سعر فول الصويا بـ8 آلاف وعباد الشمس بـ8 آلاف و500 جنيه، فى الوقت نفسه كان التجار يشترون المحصول بـ4 آلاف جنيه وهو ما شجّع المزارعين على زراعة المحصول، مردفة: «عندما علم التجار بفرق السعر بدأوا يعرضون على الفلاحين شراء المحصول بـ13 ألف للطن».
وذكرت أن وزارة الزراعة قامت العام الجارى، باتخاذ احتياطاتها حتى لا يرفع التجار الاسعار بشكل مبالغ من خلال تحديد ما يعرف بـ«سعر الضمان»؛ وهو سعر قابل للزيادة إن زادت الأسعار عالميا وغير قابل للنقص إن انخفضت الأسعار، لضمان حق الفلاح، لافتا إلى أنه فى حالة ارتفاع الأسعار سيتم شراء المحصول بأعلى سعر متواجد بالسوق العالمية، وهو ما حدث مع محصول الذرة الصفراء الذى تم تحديد سعره بـ6 آلاف جنيه، وتم تحديد سعر ضمان لمحصول السمسم 25 ألف جنيه.
وأكدت أنه ضمن شروط العقد تطبيق شرط جزائى على أحد الأطرف التى تخل بشروط العقد، قائلة: «الفلاح اللى مش هيلتزم بالعقد وهيروح للتجار اللى هيرفع علينا السعر هيطبق عليه الشرط الجزائى المقرر بالعقد»، لافتة إلى أنه فى حالة فساد المحصول لأى سبب من الأسباب الوارد حدوثها سيكون هناك لجنة لمعاينة السبب؛ ويسقط عنه الشرط الجزائى.
الأسعار التى تحددها وزارة الزراعة كسعر ضمان للفلاحين أقل من سعر تكلفة الزراعة، هكذا وصف جعفر فايق؛ مزارع بمحافظة المنيا، يمتلك 11 فدانا، الآلية الجديدة التى وضعتها الوزارة لشراء محصول الذرة الموسم الجارى، مضيفا: «أسعار جميع المستلزمات الأساسية للزراعة ترتفع بشكل كبير من وقت لآخر ومنها الأسمدة الزراعية ومن قبلها ارتفاع أسعار التقاوى فى الجمعيات الزراعية، فضلا عن ارتفاع أسعار المبيدات وتضاعف أسعارهم فى السوق السوداء، تريد وزارة الزراعة التعاقد على المحصول بسعر 6 آلاف جنيه فقط».
وأضاف فايق أن معوقات الزراعة لم تقتصر على ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج، ولكن أيضا ارتفاع تكاليف الأيدى العاملة وإيجار الأرض الزراعية والمصاريف الشخصية للمزارع، مشيرا إلى أن سعر الضمان بالنسبة للذرة الصفراء لابد أن يصل لـ9 آلاف جنيه وليس 6 آلاف كما حددت وزارة الزراعة.
وأشار إلى أنه ليس من العدل تطبيق شرط جزائى على الفلاح فهو له جميع الحقوق أن يبيع المحصول لأعلى سعر يعرض عليه، قائلا: «لو الفلاح هيبيع المحصول بـ100 جنيه أزيد من سعر الوزارة فهو أولى بيها.. أنا بزرع محاصيل أمن القومى للبلد ولابد من دعم الفلاح فى زراعته»، مضيفا: «الفلاح ينزف ومبقاش قادر يكمل زراعه».
واتفق معه فى الرأى، أبو زيد خليفة؛ مزارع بالشرقية، قائلا إن «محصول الذرة فى ارتفاع كل يوم ولا يوجد أى منطق يجعل الفلاح يبيع المحصول بـ6 آلاف جنيه؛ فى الوقت الذى وصل فيه سعر الطن لـ12 ألف جنيه»، لافتا إلى أن أسعار الزيت تواصل فى الارتفاع، وأنه لابد من تحديد سعر ضمان للفول الصويا 17 ألف جنيه للضمان، حيث إن سعر الضمان يجب أن لا يقل عن سعر السوق بنحو 1000 جنيه تحت الزيادة والعجز لكن ليس بفرق يصل لـ4 آلاف جنيه.
وأضاف خليفة لـ«الشروق»، أن من المحاصيل التى من الضرورى تدخل ضمن الزراعات التعاقدية بشكل واضح هى القطن، لأن الحكومة حددت العام الماضى سعر القطن ليصل لـ6 آلاف و500 جنيه وهو ما جعل عددا كبيرا من المزارعين يقومون بزراعة أراضيهم بمحصول القطن وأخشى أن كثرة المساحة المنزرعة تسبب انخفاضا فى أسعار أمتار القطن هذا العام.
وأوضح أنه ليس من العدل تطبيق شرط جزائى على الفلاح فى ظل الظروف الاقتصادية التى نمر بها، فالفلاح هو أحق بأى فرق فى السعر حيث إن الظروف الحالية للزراعة صعبة ولابد من مراعاة الفلاح، مشيرا إلى أن السبب فى ارتفاع أى سلعة أو محصول فى مصر يرجع لجشع التجار مما يجعلهم يتسببون فى أزمات حتى لو بسيطة.
من جانبه، قال مستشار وزير الزراعة محمد فهيم، إن كثرة الوسطاء تؤدى إلى كثرة الهوامش التسويقية لذلك تم تطبيق الزراعات التعاقدية من خلال إقامة عقد بين كلا الطرفين ما قبل الزراعة، وهناك شروط ملزمة للطرفين بين المزارع والتجار، أهمها تحديد سعر ملزم للطرفين.
وأوضح فهيم أن شروط العقد تتضمن أيضا تحديد توقيت ومواصفات معينة لاستلام المحصول، قائلا: «ميجيش الفلاح يلاقى السعر عالى يقول لا أنا هبيعه بره أو أن السعر يقل فالتاجر يقول لا أنا هشترى من مزارعين بأسعار أقل»، لافتا إلى أنه فى حالة عدم الالتزام بالعقد سيتم تطبيق بنود الشرط الجزائى على الطرف المخل بالعقد.
وأشار إلى أن الزراعات التعاقدية شبه مطبقة على القمح ومطبق تماما على البنجر وقصب السكر وعلى بعض محاصيل الخضر منها الفراولة، معتبرا أن تجربة الزراعات التعاقدية العام الماضى أثبتت نجاحها فى بعض المحاصيل الزيتية منها عباد الشمس وفول الصويا.
وأكد فهيم، أن الذرة الصفراء لأول مرة ستكون ضمن الزراعات التعاقية وستأخذ حيزا كبيرا من الاهتمام من خلال القائمين بمركز الزراعات التعاقدية، لافتا إلى أن مصر لديها مساحة منزرعة كبيرة من الذرة الصفراء، والمزارع لديه الحرية الكاملة فى اختيار الطريقة التى يسوق بها المحصول سواء كانت زراعات تعاقدية أو أى نمط آخر دون إجبار من الدولة على شكل محدد من التسويق باستثناء القمح لأنه محصول قومى واستراتيجى.