من نصر أكتوبر إلى معارك أوكرانيا.. أسرار سلاح النفط في الحروب الكبرى
بوابة الاقتصاد
رغم المحاولات المستميتة من قبل الدول المتقدمة للبحث عن وسائل متجددة لتوليد الطاقة، إلا أن النفط ما زال المصدر الأساسي للطاقة في العالم.
فوفقا لأحدث الأرقام فإن النفط ما زال يشكل أهم مصدر للطاقة في العالم ويوفر أكثر من ثلث احتياجات العالم من الطاقة.
ومنذ بداية نشوب حرب روسيا ضد أوكرانيا في 24 فبراير/شباط لمح الغرب مرارا لإمكانية استخدام مقاطعة النفط الروسي كسلاح استراتيجي ضمن سلسلة أوسع من العقوبات الاقتصادية التي فرضتها من أجل ردع الدب الروسي عن مواصلة حربه ضد أوكرانيا.
وفيما يسود الآن سوق النفط حالة من الترقب بشأن أسعار البرميل واتجاها فإن دول الاتحاد الأوروبي متوقع أن تعلن قرارا قريبا بحظر استيراد النفط الروسي كسلاح إضافي بجانب العقوبات من أجل الضغط على روسيا لوقف حربها ضد أوكرانيا.
تأتي روسيا في المرتبة الثانية في إنتاج النفط الخام في العالم، أي بنسبة 14% من إجمالي إنتاج النفط في العالم خلال العام الماضي، حسبما ذكر معهد أكسفورد لدراسات الطاقة.
أضاف المعهد في تقرير صدر في مارس/ آذار أن حوالي 60% من صادرات روسيا من النفط الخام تذهب إلى القارة الأوروبية فيما تحصل آسيا على حصة تبلغ 35 % منه.
وبهذه النسبة التي تقترب من الـ60%، تزود روسيا القارة الأوروبية بنحو ثلث احتياجاتها من النفط فيما يقدر الخبراء أنه وفقا لأسعار الطاقة الحالية فإن أوروبا تدفع لروسيا حوالي 350 مليون يورو (382 مليون دولار) يوميا مقابل الصادرات النفطية.
ويقول مركز البحوث للطاقة والهواء النظيف، وهو مركز غير ربحي أُسس في هلسنكي عام 2019، إن روسيا باعت ما تعادل قيمته 66 مليار دولار من الوقود الأحفوري (نفط، غاز، فحم حجري) منذ بدئها الحرب في أوكرانيا في الرابع والعشرين من شباط/فبراير.
تاريخ حظر النفط
استخدام النفط كسلاح في الحروب لم يكن للمرة الأولى ولكن الهدف كان هذه المرة هو الغرب.
وفي عام 1967 بدأ عدد من الدول العربية حظر النفطي يوم 6 يونيو، أي بعد يوم واحد من بداية حرب الأيام الستة والتي شنتها إسرائيل ضد عدة دول عربية، وذلك بقرار عربي مشترك لردع كل البلدان الداعمة لإسرائيل عسكريا.
وقامت دول الشرق الأوسط المصدرة للنفط بحظر وتحديد شحنات النفط الصادرة منها، حيث شمل حظر البعض فقط الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، في حين فرض آخرون حظرا شاملا على صادرات النفط.
ولكن الحظر النفطي لم يسبب انخفاضا كبيرا في كمية النفط المتاحة في الولايات المتحدة أو أي من البلدان الأوروبية التي شملها الحظر، ويرجع ذلك أساسا إلى عدم وجود تضامن وتوحيد في البلدان المشاركة في الحظر، وانتهى الحظر فعليا في 1 سبتمبر مع صدور ما يعرف بقرار الخرطوم.
حرب أكتوبر الأكثر شهرة في التاريخ
ولعل المرة الأكثر شهرة في التاريخ حينما استخدم كان في عام 1973 حينما أصدرت منظمة الدول العربية المصدرة للبترول “أوابك” قرارا في أكتوبر/تشرين الأول 1973 بحظر تصدير النفط إلى الولايات المتحدة والبلدان الأخرى التي تؤيد إسرائيل في حربها ضد مصر والعرب.
وقد تسبب الحظر في ارتفاع أسعار البنزين وإلحاق الضرر بالاقتصاد الأمريكي.
غزو العراق للكويت
العالم أيضا استخدم سلاح النفط ضد العراق حينما اتخذ مجلس الأمن، في شهر أغسطس 1990، القرار الرقم 661، الذي فُرضت بموجبه جزاءات شاملة على العراق، عقب اجتياحه قصير الأمد للكويت وشملت تلك الجزاءات تصدير النفط العراقي.
وطوال عام 1991، وبسبب القلق المتزايد إزاء الحالة الإنسانية في العراق، اقترحت الأمم المتحدة، وجهات أخرى، تدابير، تمكّنه من بيع كميات محدودة من نفطه؛ وذلك من أجل تلبية احتياجات شعبه، إلا أن حكومته رفضت هذه العروض، ثم وافقت عليه وبدأ ما يعرف برنامج النفط مقابل الغذاء في عام 1996.
الحرب الروسية
وفي 8 مارس الماضي أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن حظرا على واردات النفط الروسية في تشديد جديد للعقوبات المفروضة على موسكو على خلفية عمليتها العسكرية في أوكرانيا.
وقال بايدن حينها إن بلاده نسقت قرار حظر الواردات النفطية مع عدد من الشركاء.
كما قررت بريطانيا في نفس اليوم، وقف استيراد النفط الخام والمنتجات البترولية الروسية بحلول نهاية العام 2022.
وأعلن وزير الأعمال والطاقة البريطاني، كواسي كارتنغ، حينها أن المملكة المتحدة ستوقف واردات النفط الخام والمنتجات البترولية الروسية بحلول نهاية العام 2022 ردا على “الحرب الروسية في أوكرانيا”.