هل بدأ الإعداد لحصار الصين مثل روسيا؟
بوابة الاقتصاد
اجتماعات أميركية – بريطانية بحثت التعامل مع بكين وملاك يبحثون حماية أصولهم في الخارج
تكثف الولايات المتحدة التشاور مع حلفائها الأوروبيين بشأن إجراءات محتملة تجاه الصين، مثلما حدث مع روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا. وبدأ الأميركيون، منذ الشهر الماضي، التنسيق المكثف مع أستراليا واليابان لمواجهة ما تراه واشنطن احتمال التدخل العسكري الصيني في تايوان، وتعتبر الصين تايوان جزءاً منها، ويثير الدعم العسكري الأميركي والغربي لتايبيه انزعاج بكين باستمرار، وزادت أميركا من التنسيق مع حلفائها مع ما تراه “دعماً” صينياً لروسيا في حربها في أوكرانيا، على الرغم من تكرار بكين أنها لا تقدم دعماً لروسيا وإن كانت لا تتخذ مواقف متشددة من موسكو كما تريد واشنطن وحلفاؤها الغربيون.
وخلال اجتماعات استراتيجية “الهند والمحيط الهادئ” بين الولايات المتحدة وبريطانيا في شهر مارس (آذار) الماضي، عقد اجتماع خاص بين منسق شؤون الهند والمحيط الهادئ في البيت الأبيض كيرت كامبل ومسؤولة ملف الصين في مجلس الأمن القومي الأميركي لورا رووزنبرغر ونظيريهما البريطانيين، بحسب ما ذكرت “فايننشال تايمز” التي نقلت عن ثلاثة مسؤولين قولهم إن الاجتماعات الخاصة على مدى يومين ركزت على تعاون الحلفاء الأوروبيين في حال تصرف أميركا تجاه ما تراه من زيادة النشاط العدائي الصيني تجاه تايوان.
أضاف المسؤولون أن المباحثات لم تتطرق إلى تهديد عاجل لكنها غطت تعاون بريطانيا، مثل ما اتفقت عليه أميركا مع أستراليا واليابان، لاستكمال خطط التحرك الأميركي بالتعاون مع الحلفاء في آسيا وأوروبا، وكان الأدميرال جون أكيلينو، قائد العمليات الأميركية في الهند والمحيط الهادئ، زار أستراليا، الشهر الماضي، في ظل زيادة طلعات الطائرات الحربية الصينية قرب تايوان، ونقلت عنه “فايننشال تايمز” وقتها قوله إن الحرب في أوكرانيا أظهرت أهمية التحالف تجاه الصين وما تمثله من خطر على تايوان.
استعدادات وتحالفات
يُعدّ الاجتماع الخاص بين المسؤولين الأميركيين والبريطانيين بشأن الصين، الشهر الماضي، “الأعلى مستوى” من نوعه و”الأكثر أهمية”، بحسب تعبير مسؤول بريطاني، بشأن الاستراتيجية الغربية تجاه تايوان. وبدأت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تمدّ بعض حلفائها بالمعلومات الاستخبارية حول تايوان، التي كانت في السابق مصنفة “سرية ليست لاطّلاع الأجانب”.
يذكر أن هذا ما فعلته الولايات المتحدة بشأن أوكرانيا، وأسهم برأي كثيرين من المحللين في عرقلة التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، فقد بدأت واشنطن بنشر معلومات استخبارية سرية حول أوكرانيا حتى من قبل الحرب، وهي تقارير سخر منها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقتها بقوله متهكماً، “ليبلغونا متى سنبدأ العملية العسكرية!”.
ويرى المسؤولون الأميركيون أن “ضمان السلامة والأمن في مضيق تايوان أولوية قصوى”، وذكر مسؤول تايواني أن حكومته على علم بالترتيبات والجهود الأميركية لحشد مزيد من الحلفاء في التخطيط بشأن تايوان، وأضاف، “إنهم يقومون بذلك مع اليابان وأستراليا، والآن يفعلون ذلك مع بريطانيا”.
وكانت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس قالت هذا الأسبوع إن على حلف شمال الأطلسي (الناتو) أن يلعب دوراً في آسيا، وأضافت، “علينا أن نواجه التهديدات في منطقة الهند والمحيط الهادئ بشكل استباقي، وأن نعمل مع حلفاء مثل اليابان وأستراليا لحماية كل المحيط الهادئ، وعلينا أن نضمن أن دولاً ديمقراطية مثل تايوان يمكنها حماية نفسها”.
احتياطات صينية
ومع زيادة التخطيط والاستعدادات الأميركية والغربية، وعلى خلفية الحرب في أوكرانيا وما صاحبها من عقوبات وحصار اقتصادي على روسيا، بدأت الصين تتحسب للإجراءات التي يمكن أن تُتّخذ ضدها وسبل مواجهتها وتقليل أضرارها. وفي 22 أبريل (نيسان) عقد مسؤولون من وزارة المالية والبنك المركزي وسلطات تنظيم الاقتصاد والأعمال اجتماعاً مع مسؤولي البنوك الصينية والبنوك الأجنبية العاملة في الصين، ركّز على سبل حماية الأصول الصينية في الخارج في حال تعرّض بكين لعقوبات كتلك التي يفرضها الغرب على روسيا الآن، ويخشى المسؤولون الصينيون من فرض عقوبات أميركية وغربية على بكين في حال حدوث أي أزمة.
وعلى الرغم من أن حكومة الرئيس الصيني شي جينبينغ لم تتبع الخط الأميركي والغربي في مقاطعة روسيا وحصارها بسبب حرب أوكرانيا، إلا أن البنوك والشركات المحلية تتردد في أي معاملات يمكن أن تعرّضها لعقوبات أميركية.
وبدأ الاجتماع بملاحظات من مسؤول كبير في وزارة المالية أشار إلى أن الحكومة الصينية بدأت تتحسب بعدما قامت الحكومة الأميركية وحلفاؤها بتجميد أصول البنك المركزي الروسي بالدولار في الخارج، ولدى الصين ما يزيد على 3.2 تريليون دولار من الاحتياطات الأجنبية.
وتخشى بكين من أن تجمّد واشنطن وحلفاؤها أصولها بالدولار الأميركي، فعلى سبيل المثال، تملك الصين ما قيمته 1.5 تريليون دولار من سندات الخزانة الأميركية، هذا إضافة إلى عدد من الأصول عالية القيمة في الولايات المتحدة، منها على سبيل المثال فندق “والدورف أستوريا” في نيويورك الذي تملكه مجموعة “داجيا” للتأمين المملوكة للحكومة الصينية.
وطلب المسؤولون الحكوميون في الاجتماع من ممثلي البنوك عرض الخيارات المتاحة للحفاظ على الأصول الصينية في الخارج، واقترح البعض أن يقوم البنك المركزي الصيني بإلزام كل المصدرين الصينيين تحويل كل عائداتهم بالعملات الأجنبية إلى اليوان الصيني بما يزيد من الاحتياطات الدولارية لدى الحكومة الصينية، ويسمح القانون حالياً للمصدرين بالاحتفاظ بنسبة من عائداتهم بالعملات الأجنبية لاستخدامها في تعاملاتهم المستقبلية.
واقترح آخرون أن يتم تخفيض السقف المسموح للمواطنين بشرائه من الدولارات سنوياً، سواء للسفر إلى الخارج للسياحة أو غيرها، ويسمح القانون حالياً بحدّ أعلى بقيمة 50 ألف دولار للمواطن الصيني سنوياً. وحين سأل أحد المسؤولين ممثلي البنوك إذا كان بإمكانهم تنويع أصولهم نحو الين واليورو أكثر من الدولار، كانت الإجابة أن ذلك لا يبدو حلاً عملياً. ويرى بعض المصرفيين أن احتمال فرض الولايات المتحدة عقوبات خانقة وحصاراً اقتصادياً ومالياً على الصين، مثلما فعلت مع روسيا، قد لا يكون ممكناً، فالاقتصاد الصيني هو ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وحجم تعاملاته مع الاقتصاد العالمي هائل جداً، وقد يكون تجميد أصول الصين وحظرها من نظام “سويفت” وغير ذلك بمثابة “تدمير متبادل مثل استخدام السلاح النووي”، على حد تعبير أندرو كليير، مدير شركة “أورينت كابيتال ريسيرش” للأبحاث في هونغ كونغ.