حرب الأسلحة البيولوجية بالطيور المرقمة
مستشارة قانونية كويتية
د. تهاني العبيدلي الشمري
تداولت وسائل التواصل الاجتماعي, مقطع فيديو لطيور مرقمة ومزودة بشرائح, وكثير من الأشخاص العاديين رأوها بالصدفة في البر و اصطادها , منهم من نفقدها وأطلقها لعنان السماء الذي أتت منه, ومنهم من قتلها, وعلق من علق بشبهات امنية وآخرون استهزأوا من موضوع المؤامرة وانها طيور لأهداف بيئية, وأبحاث علمية متخصصة في دراسة دورات هجرات الطيور وسير عملها, لكل شخص قناعاته بحسب مكونات فكره الثقافية والعلمي.
.ما يتضح لنا, ان تلك الطيور هي ضمن أسلحة الدمار الشامل الجديدة, طوعت بطريقة حديثة غير تقليدية بزرع شرائح بكبسولات بها فيروسات وجراثيم لأمراض فتاكة وترتبط تلك الشرائح المرقمة بالكمبيوتر الذي يتحكم بما تحمله تلك الطيور من الاستخدام وتفعيله لشن حرب على دول مستهدفة هنا وهناك, و دون استخدام طلقة واحده, مما يعد اختراقا صارخا للقانون الدولي, ونقضا للاتفاقيات الدولية باختراق حدود الدول عبر السلاح البيولوجي ( الطيور المحملة بالفيروسات والجراثيم الفتاكة), وذلك بالتحكم بها وبمسارها وتفجيرها عن بعد حسب موقع الدولة المستهدفة.
انها بلا شك جريمة ارهابية دولية, وفقا للقانون الدولي, تستلزم أدلة واثباتات لإدانة تلك الدول التي تستخدم هذا السلاح الكيميائي البيولوجي الإشعاعي بطريقة خبيثة غادرة, وارغامها في المثول أمام المحكمة الجنائية الدولية.
هذه الدول, تشن حروبا دون تدخل عسكري مباشر, وبغير تكلفة مادية او خسائر في الارواح والاسلحة والآليات التي تحوزها يقابلها قتل بشر وتدمير للدول المغار عليها.
والجدير بالذكر, أن وزارة الدفاع الروسية, قد اتهمت الولايات المتحدة الأمريكية بأنها تشرف مباشرة على تلك الأبحاث وعلى العلماء الأوكرانيين في مختبرات أوكرانية, وأن البنتاغون هو من يتحمل نفقات تلك البحوث وأجور العلماء الأوكرانيين نظرا للتدني المهني للمختصين الأوكرانيين وذلك وفقا للمعايير الأمريكية , وأن أمريكا تعتزم توسيع برنامجها البيولوجي العسكري على الأراضي الأوكرانية, وذلك وفقا للوثائق الفائقة سرية والتي تم تسريبها واطلعت عليها بريطانيا ونقلتها لروسيا.
وقد تضمنت تلك الوثائق معلومات هامة فيما يخص بعض الحشرات التي اهتمت بها أمريكا والمحقونة بالفيروسات والجراثيم والناقلة للأمراض المعدية والخطيرة والفتاكة.
ويؤكد تحليل المواد الموجودة حاليا بمختبرات أوكرانيا, أن أكثر من 145 حاوية تحتوي على طفيليات خارجية للبراغيث والقراد و الخفافيش التي تعد ناقلات إيجابية يعتمد عليها.
وفي خضم تلك التسريبات الخطيرة لأسلحة بيولوجية ملوثة بأيدي الأمريكان, أشارت الوثائق الى المشاريع التي تتبناها الولايات المتحدة الأمريكية فيما يخص هذا الشأن ومنها مشروع :
- R-781
- UP-4
- UP-8
لدراسة فيروس حمى القرم- الكونغو النزفية اضاقة الى فيروسات هانتا.
وتعد تلك الأبحاث عالية الخطورة من حيث آثارها المسببة.
فبناء على تلك الوثائق المسربة, أن أمريكا استغلت المعامل والمختبرات الأوكرانية في منطقتي إيفانوفو و فورونيج لتباشر بحوثها المعملية الخطيرة, ومنها تلغيم الطيور الأمريكية بفيروسات وجراثيم معدية فتاكة وترقيمها واطلاقها والتحكم بها وكل ذلك بعيدا عن الأراضي الأمريكية.
فيما دحضت الولايات الأمريكية المزاعم الروسية الباطلة في هذا الشأن وبالمثل حكومة أوكرانيا والتي أشارت أن لديها مختبرات شرعية وعلماء يعملون بغطاء قانوني شرعي وأنها تستخدم بهدف حماية السكان من الأمراض المعدية والخطيرة مثل كوفيد وأنه يتم تنفيذ قواعد التشغيل الآمن بمفاعلي تشيرنوبل و زابوروجيا, وبما أن أوكرانيا في حالة حرب فقد طلبت منها الصحة العالمية تدمير أي عواقب مسببة لأمراض خطيرة في مختبراتها, وأن الذرائع الروسية هي لتمنح روسيا نفسها الحق بغزو أوكرانيا عسكريا وتدميرها باستخدام سلاح كيميائي.
لاشك, ان تلك الطيور المسالمة الضحية تم استغلالها وتجنيدها قسرا , لتنفيذ اعمال ارهابية دولية عابرة للحدود. ونحن امام عدة جرائم مصنفة, وتم تكييفها في القانون الدولي الذي له اليد الطولى على القانون الوطني في جرائم الحرب الدولية وباتفاق الدول ضمن معاهدات ومواثيق واتفاقيات وحتى من الغير الدول الموقعة أو المتحفظة فأنه لا يمنع مجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية من اتخاذ الإجراءات ضد الدول التي تستخدم تلك الأسلحة الكيمائية بطريقة غير قانونية وغير مشروعة.
بداية من الضروري أن نعي مسألة عدم الخلط بين جرائم الحرب وجرائم الإبادة وجرائم ضد الإنسانية, وسنأتي على ذكر الفروقات بينهم بمقال لاحق .
ووفقا للاتفاقيات والمعاهدات الأسلحة البيولوجية فيما بين الدول وغيرها من بروتوكولات الحرب ومنها, بروتوكول جنيف بشأن الغازات حول” عدم البدء بالاستخدام” وغيرها من لوائح ونظم عسكرية وتشريعات ووعيها التام بخطورة الأسلحة البيولوجية وتطويرها, فان الدول على يقين بأنه يجب وقف كافة البحوث بشأنها وعدم استخدامها في أي طرف بما في ذلك النزاعات المسلحة وان لم تكن الدولة ضمن المعاهدات أو الاتفاقيات فهو ضمن التزام أخلاقي إنساني ومن المبادئ العامة الأساسية للإنسانية.
ووفقا للقاعدة 73 في قواعد القانون الدولي الانساني العرفي, أنه يحظر استخدام الأسلحة البيولوجية.
وأما اتفاقية عام 1972 والمتعلقة بحظر استخدام وإنتاج وتخزين الأسلحة الجرثومية(البيولوجية) والسموم وتدميرها مثال جازم بنبذ الدول لاستخدام مثل تلك الأسلحة ويعد بروتوكول جنيف لعام 1925 صك سابق على الاتفاقية فيما يتعلق بحظر استخدام الأسلحة الجرثومية والكيميائية.
وفي تأكيد على المبدأ الأساسي للقانون المتعلق بسير العمليات العدائية الذي ينص على أن حق الأطراف في النزاع باختيار أساليب ووسائل الحرب ليس حقا مطلقا, ومنها استخدام الأسلحة الكيميائية في قذائف المدفعية والقنابل والصواريخ, ويعد ملزما منذ دخل حيز التنفيذ في عام 1975 لغالبية الدول التي وقعت عليه, واتفاقية الأسلحة الكيميائية لعام 1997 التي وقعتها معظم الدول ومنها روسيا.
و ” منظمة حظر الأسلحة الكيميائية” هي هيئة عالمية للرقابة ومقرها لاهاي بهولندا مهمتها الرقابة على الاستخدام الغير القانوني للأسلحة الكيميائية ومنع انتشارها.
وبالرغم من ذلك فقد تم خرق تلك الالتزامات القانونية وتم انتهاك القانون والأعراف الإنسانية, حينما استخدمتها الدول في حروبها ( الحرب العالمية استخدام قنبلة ذرية على هوريشيما- استخدام عامل برتقالي في حرب فيتنام – الحرب العراقية الإيرانية-استخدام ذخائر اليورانيوم في حرب العراق -الحكومة السورية ضد المتمردين- روسيا في هجومين كيميائيان 2017 و2018).
وهناك عدة تساؤلات تطرح نفسها.
هل يمكن إثبات كافة الاتهامات المزعومة؟
ومدى قوة تلك الأدلة في الاثبات؟
وهل يمكن بالفعل محاكمة الدول العظمى في حال تورطها؟
ويسبق كل تلك الأسئلة, هل يمكن فتح تحقيق جدي ومحايد بشأن تلك الجرائم والفضائح التي ستطول رؤساء دول وقيادات؟
إقرأ اهم الاخبار والقرارات الاقتصادية في نشرة لوجيستك نيوز