آخر الاخبارأسواق

ارتفاع اسعار الادوية .. من يحرك سوق الدواء في مصر؟

بوابة الاقتصاد

قفزة “غير رسمية” تتخطى 60 في المئة وصيادلة: الشركات تساومنا

تعيش سوق الدواء في مصر حالة من الضبابية والعشوائية في ظل ارتفاع الأسعار بشكل غير معلن، نتيجة موجات التضخم، التي ضربت القاهرة، كأحد التداعيات السلبية التي خلفها الصراع الروسي– الغربي على الأراضي الأوكرانية بعد مرور شهرين من بداية النزاع نهاية فبراير (شباط) الماضي. وعلى الرغم من نفي الجهات الرسمية تحريك الأسعار، يؤكد المتخصصون في الصناعة ارتفاع عدد غير قليل من الأصناف الدوائية الحيوية.

أزمة أسعار الدواء وصلت مجلس النواب المصري، حيث استدعت اللجنة المسؤولة عن الشؤون الصحية، الأسبوع الماضي، مسؤولي هيئة الدواء المصرية لمناقشتهم في طلبات إحاطة حول تحريك أكثر من 1200 صنف دوائي حيوي منذ اندلاع الحرب الروسية- الأوكرانية.

بوابة الاقتصاد
ارتفاع اسعار الادوية بوابة الاقتصاد

ورفضت الهيئة، وهي لجنة تتبع مجلس الوزراء المصري مباشرة، وتم تأسيسها في عام 2019 لتتولى التسعير والرقابة والبحوث الدوائية على المستحضرات والمستلزمات الطبية، كل الاتهامات التي وجهت إليها من أعضاء البرلمان بتحريك أسعار الأدوية الحيوية.

معلومات غير دقيقة

وأكد الممثل القانوني لهيئة الدواء المصرية، محمد الدمرداش، عدم دقة المعلومات والأرقام التي استشهدت بها لجنة الصحة بالنواب، موضحاً أن الهيئة حركت عدداً قليلاً من الأصناف وفقاً للتسعيرة المحددة من قبل الهيئة لتضرر بعض الشركات من الخسائر نتيجة ارتفاع أسعار المستحضرات الطبية ومستلزمات الإنتاج.

وعقب رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب، أشرف حاتم، خلال الجلسة، بأن هناك بعض الأصناف الدوائية التي تحركت أسعارها بالفعل. مشيراً إلى أن هذا أمر طبيعي في ظل تراجع قيمة الجنيه مقابل الدولار خلال الفترة الأخيرة، خصوصاً أن أغلب المستحضرات والمستلزمات الطبية يتم استيرادها من خارج البلاد، وفقاً لبيانات صحافية.

في المقابل استنكر المتخصصون في صناعة وتجارة الدواء تصريحات مسؤولي هيئة الدواء، مؤكدين في حديثهم إلى “اندبندنت عربية” ارتفاع عدد كبير من الأصناف بداية من مطلع العام الحالي، ثم انضمت لها قائمة كبيرة من الأصناف عقب الحرب في أوكرانيا وارتفاع أسعار الدولار الأميركي مقابل الجنيه المصري.

فوضى تسعير الأدوية

الرئيس السابق لشعبة الصيادلة بالاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، عادل عبد المقصود، قال إن الزيادة في الأسعار “تجري بشكل يومي تقريباً”. لافتاً إلى أن هناك عدداً كبيراً من الأصناف، خصوصاً التي تستخدم في علاج الأمراض المزمنة، مثل أدوية علاج الضغط والسكر والقلب، “ارتفعت بنسب تتفاوت بين 20 و60 في المئة على أقل تقدير عقب اندلاع النزاع بين موسكو وكييف”.

وأرجع عبد المقصود ارتفاع الأسعار إلى “ارتفاع المواد الخام ومستلزمات الإنتاج والمستحضرات الطبية على المستوى العالمي، علاوة على ارتفاع قيمة الدولار الأميركي مقابل الجنيه المصري، إضافة إلى ارتفاع تكاليف الشحن عالمياً”.

وفي يناير (كانون الثاني) عام 2017، حرّكت الحكومة المصرية أسعار أكثر من 3 آلاف صنف دواء، بعد أقل من 60 يوماً من قرار تحرير سعر صرف الجنيه مقابل الدولار (التعويم) في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016 بنحو 50 في المئة للأصناف التي تقل أسعارها عن 50 جنيهاً (نحو 2.7 دولار أميركي)، و40 في المئة بالنسبة للأصناف التي يزيد سعرها على 50 جنيهاً، و30 في المئة على الأصناف التي تزيد أسعارها على 100 جنيه (5.4 دولار).

الحقيقة الغائبة

حول الحقيقة الغائبة بين تأكيد البعض ارتفاع أسعار عدد كبير من أصناف الأدوية ونفي هيئة الدواء، كشف عبد المقصود أن السوق المحلية “تشهد منذ نحو عامين فوضى وعشوائية في تسعير المنتجات الدوائية”. موضحاً أن وزارة الصحة صرحت منذ فترة عبر الهيئة القومية لسلامة الغذاء بتسجيل بعض الأصناف الدوائية، التي تتضمن بعض المواد الخام المستخلصة من النباتات والأعشاب الطبيعة في أقل من 3 أشهر من دون تسعير الصنف الدوائي و”تترك التسعير لشركات الإنتاج، بينما الأصناف التي يتم تصنيعها من مواد كيماوية يتم تسجيلها وتسعيرها في هيئة الدواء المصرية في مدة لا تقل عن 6 أشهر”.

وأكد أن هيئة الدواء “تُسّعر الأصناف وفق معادلة تعتمد على التكلفة الفعلية من دون أن تترك للشركات التسعير بنفسها، وهو ما تسبب في فوضى وعشوائية وظهور منتجات وأصناف دوائية كثيفة”.

زيادات تتخطى 60 في المئة

زين عبد الرحمن، صاحب إحدى الصيدليات في محافظة القاهرة، قال إن هناك بعض الأصناف الدوائية “زادت منذ يناير وحتى نهاية فبراير الماضي بنسبة لا تزيد على 10 في المئة”. مضيفاً منذ منتصف مارس (آذار) الماضي “ارتفع عدد كبير من الأصناف بشكل أسبوعي، وبنسبة تتخطى 60 في المئة، خصوصاً الأدوية المستوردة بشكل كامل من الشركات الأجنبية”.

وحول أبرز الزيادات في الأسعار، أضاف أن أدوية علاج الضغط ارتفعت ما بين 10 و15 جنيهاً (0.80 دولار) بنسبة 50 في المئة، إضافة إلى دواء لعلاج القلب ارتفع من 45 جنيهاً (2.4 دولار) إلى نحو 72 جنيهاً (3.8 دولار) بنسبة 60 في المئة، كما ارتفع صنف دواء لعلاج القولون من 6 جنيهات (0.32 دولار) إلى 9 جنيهات (0.48 دولار) بنسبة 50 في المئة.

وأوضح عبد الرحمن، “نتفاجأ في الوقت الحالي بارتفاع الأسعار عند استلام فواتير الشراء، وهذا عكس ما كان يحدث في السابق، حيث كانت الشركات تبلغنا بارتفاع الأسعار قبلها بشهر على أقل تقدير، وحالياً الشركات تُساومنا إما بتوفير الأدوية أو زيادة السعر ونضطر للشراء حتى لا يحدث نقص”.

حملات رقابية

وفي المقابل، شنت هيئة الدواء المصرية، بالتنسيق مع الجهات الرقابية والأمنية المختلفة، حملات تفتيشية على المؤسسات الصيدلية، خلال مارس الماضي، لمتابعة ضبط سوق الدواء، وإحكام الرقابة على تداول الأدوية، وصلاحية استخدام المستحضرات، ورصد مختلف المواقع الإلكترونية والتطبيقات ومواقع التواصل الاجتماعي التي تعرض وتبيع المستحضرات الصيدلية، وفقاً لبيان صحافي أصدرته الهيئة في 10 أبريل الماضي.

وأكدت الهيئة، أن حملاتها أسفرت عن ضبط أدوية مهربة ومغشوشة وغير مسجلة، وأخرى مدرجة بجداول المخدرات، تتجاوز قيمتها المالية 24 مليون جنيه (1.29 مليون دولار)، كما تمكنت من ضبط كمية من الأدوية المهربة والمقلدة وغير المسجلة بالهيئة، وأخرى مدرجة بجداول المخدرات، وأدوية مؤثرة على الحالة النفسية بفواتير مجهولة البيانات، بعدد من الصيدليات ومخازن الأدوية، بلغت ما يقرب من 25500 عبوة، حيث بلغت قيمة المضبوطات نحو 21 مليون جنيه (1.1 مليون دولار). ويصل عدد الأصناف الدوائية في مصر نحو 17 ألف عقار، وفق بيانات لهيئة الدواء المصرية.

المصنعون يطالبون بتحريك الأسعار

من جانبه، قال رئيس لجنة الصيدليات بنقابة العامة للصيادلة، ثروت حجاج، إن زيادة الأسعار تتوالى منذ اندلاع الحرب في أوروبا، مضيفاً أن هناك زيادة في عدد كبير من الأصناف، وأشار إلى أن بعض الشركات قللّت من ضخ منتجاتها في الأسواق والصيدليات تحسباً لزيادات جديدة في الأسعار تصدرها هيئة الدواء المصرية على غرار الزيادات الكبيرة التي تمت في عام 2017.

وقال رئيس لجنة الصحة باتحاد المستثمرين المصريين، محيي الدين حافظ، إن مصنعي الأدوية “لا يمكنهم تحريك أسعار الأصناف من دون موافقة هيئة الدواء”. مؤكداً “أننا كمصنعين نقاسي الأمرين بعد ارتفاع أسعار المواد الخام وتكاليف الشحن عالمياً وارتفاع قيمة الدولار أمام الجنيه”.

وأوضح حافظ، “مصانع الأدوية في مصر تستورد نحو 99 في المئة من المستلزمات الطبية والمواد الخام من الخارج، وعلى الحكومة التدخل لإعادة تسعير بعض المنتجات في ظل الارتفاع غير المسبوق بأسعار المواد الخام والشحن وارتفاع تكاليف الإنتاج الأخرى من أجور ومرتبات وضرائب”، لافتاً إلى أن “تحريك الأسعار أصبح ضرورة لضمان توفير الأدوية الحيوية بالأسواق المحلية”.

زر الذهاب إلى الأعلى