آخر الاخبارأسواق

شبح الركود التضخمي يطارد اقتصاد المملكة المتحدة

بوابة الاقتصاد

ازدادت مخاطر حدوث فترة طويلة من الركود التضخمي في المملكة المتحدة، بعد أن ارتفعت الأسعار الاستهلاكية أكثر من المتوقع، بينما تباطأ النمو الاقتصادي كثيرا.
كانت البيانات الاقتصادية الرسمية وغير الرسمية الأخيرة أقل من توقعات المحللين، ما دفع كثيرين إلى التحذير من ركود تضخمي وانكماش اقتصادي حتى في الربع الثاني من هذا العام.
يأتي ذلك في الوقت الذي يقول فيه بعض الخبراء إن الحكومة لم تفعل ما يكفي لمساعدة الأسر في أزمة تكلفة المعيشة الناتجة عن ارتفاع تضخم الأسعار الاستهلاكية. كما اتهمت أحزاب المعارضة في البرلمان ريشي سوناك وزير المالية بعدم تقديم دعم كاف للبريطانيين الذين يعانون ارتفاع فواتير الطاقة والغذاء.
يعد الركود التضخمي، الذي يشير إلى النمو البطيء في الناتج المحلي الإجمالي إلى جانب التضخم المرتفع، حالة اقتصادية نادرة نسبيا تفرض أعباء كبيرة على المستهلكين والشركات.
أظهرت بيانات رسمية الأسبوع الماضي، أن الأسعار الاستهلاكية ارتفعت بمعدل سنوي قدره 7 في المائة في آذار (مارس)، وهي أسرع وتيرة منذ 1992. على النقيض من ذلك، تباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 0.1 في المائة فقط في شباط (فبراير)، وانكمشت الأجور الحقيقية، معدلة على أساس التضخم، 1 في المائة.
قال بول هولينجزوورث، اقتصادي في شركة بي إن بي باريباس ماركتس 360 الاستشارية، إن الأرقام “تؤكد خطر حدوث نوبة شبيهة بالركود التضخمي للاقتصاد البريطاني”.
من جانبه، قال إد مونك، مدير مساعد في شركة فايديليتي إنترناشونال لإدارة الاستثمارات، “إن شبح الركود التضخمي يطارد اقتصاد المملكة المتحدة”.
في الشهر الماضي، توقع مكتب مسؤولية الميزانية، وهو الجهة الرقابية المالية في المملكة المتحدة، أن يمثل هذا العام أكبر ضغط على الدخل الحقيقي للأسر منذ أن بدأت السجلات في خمسينيات القرن الماضي.
توضح البيانات غير الرسمية في الوقت شبه الفعلي كيف يشد المستهلكون أحزمتهم وسط أزمة تكلفة المعيشة.
الزيارات إلى أماكن البيع بالتجزئة والترفيه في المملكة المتحدة، التي تتبعها “جوجل موبيليتي داتا”، بقيت كما هي منذ منتصف شباط (فبراير). وفي منتصف نيسان (أبريل)، تراجعت ثقة المستهلكين مقارنة بالشهر الماضي، وفقا للأرقام اليومية الصادرة عن شركة مورنينج كونسلت.
أظهرت بيانات بنك إنجلترا أنه في الأسبوع الأول من نيسان (أبريل)، كان الإنفاق على بطاقات الائتمان والصراف الآلي لما يسمى السلع القابلة للتأخير، كالملابس والمفروشات، لا يزال أقل بأكثر من 10 في المائة من المستويات المسجلة قبل جائحة فيروس كورونا. هذا على الرغم من عدم تعديله على أساس التضخم.
يتوقع معظم الاقتصاديين أن يرتفع التضخم إلى أعلى من 8 في المائة في الربع الثاني، بعد زيادة نيسان (أبريل) في سقف أسعار الطاقة للأسر التي حددتها الجهة التنظيمية لهذه الصناعة، وربما يرتفع أكثر عند تعديل السقف مرة أخرى في تشرين الأول (أكتوبر).
يرجح جيمس سميث، اقتصادي في مجموعة آي إن جي، أن ينكمش الاقتصاد 0.2 في المائة إلى 0.3 في المائة في الربع الثاني بسبب الضغط على دخل الأسر وانخفاض الناتج في قطاع الصحة بسبب تقلص تطعيمات كوفيد – 19.
من جهته، يتوقع صامويل تومبس، خبير اقتصادي في شركة بانثيون ماكرو إيكونوميكس، انكماشا أكبر هامشيا ويتوقع أن يكون الاقتصاد في نهاية العام أكبر 0.5 في المائة فقط مما كان عليه في شباط (فبراير).
قالت روث جريجوري، خبيرة اقتصادية في شركة كابيتال إيكونوميكس، “مع اقتراب الاقتصاد بالفعل من الجمود، لن يستغرق الأمر كثيرا لإنتاج شهر أو شهرين من انخفاض الناتج مع اشتداد الضغط على الدخل الحقيقي للأسر”.
أثار توماس بوج، اقتصادي في شركة آر إس إم يو كيه الاستشارية، احتمال وقوع الاقتصاد في ركود – ما يعرف بأنه ربعان متتاليان من الانكماش.
قال “مع توقع النمو إلى متوسط 0.1 في المائة فقط في كل من الأرباع الثلاثة المتبقية من هذا العام، لن يتطلب الأمر كثيرا من الارتفاع في أسعار النفط أو تعطيل سلاسل التوريد لدفع المملكة المتحدة إلى الركود”.
هذا قد يعني كثيرا من الألم للمستهلكين. قالت جوانا إلسون، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة موني أدفايس ترست الخيرية، إن واحدا من كل ثمانية أشخاص بالغين في المملكة المتحدة أفاد بأنه كان بالفعل دون تدفئة أو ماء أو كهرباء في الأشهر الثلاثة الماضية.
في نهاية آذار (مارس)، قال نحو تسعة من كل عشرة بالغين إن تكاليف معيشتهم قد ارتفعت، وفقا لما أظهرته بيانات استقصائية من مكتب الإحصاء الوطني، مع خفض نصفهم تقريبا من الإنفاق على الأشياء غير الأساسية أو خفض استخدام الطاقة في المنزل.
قد يتسبب الانخفاض في الأجور الحقيقية في تراجع متوسط الأسرة البريطانية نحو 900 جنيه استرليني هذا العام، وفقا لحسابات جيك فيني، الاقتصادي في شركة بي دبليو سي الاستشارية. يمكن لذوي الأجور الأكثر انخفاضا أن يشهدوا هبوطا في دخولهم بما يصل إلى 1300 جنيه استرليني.
من المفترض أن تساعد المدخرات التي تراكمت خلال الجائحة على الحد من الضربة، لكن هذه المدخرات تتركز بين الأسر الأكثر ثراء، “وكان التدخل الحكومي لدعم الأسر، التي لديها مدخرات قليلة أو ليس لديها مدخرات، محدودا نسبيا حتى الآن”، حسبما تقول ساندرا هورسفيلد، خبيرة اقتصادية في شركة إنفستك.
قالت سيلفيا دال أنجيلو، خبيرة اقتصادية في شركة إدارة الاستثمارات فيديريتيد هيرمز، إن سوق العمل “القوية حاليا” يمكن أن تساعد على التخفيف من التباطؤ الاقتصادي.
مع ذلك، أضافت أن نمو التوظيف يتباطأ بالفعل وعلى الرغم من إعلان سوناك عن بعض التيسير المالي المتواضع في الأشهر الأخيرة، فإن “الموقف المالي لهذا العام مقيد عموما”.
تكافح كثير من الشركات أيضا مع ارتفاع التكاليف وتراجع الطلب على سلعها وخدماتها. أظهرت بيانات مكتب الإحصاء الوطني أن أسعار مدخلات الشركات ارتفعت بمعدل سنوي قدره 19 في المائة في آذار (مارس)، في أعلى زيادة شهرية منذ أن بدأت السجلات قبل 20 عاما.
قال مارتن ماك تاج، الرئيس الوطني لاتحاد الشركات الصغيرة، مجموعة ضغط، إن الوتيرة الأعلى لنمو أسعار المدخلات مقارنة بتضخم الأسعار الاستهلاكية تظهر “كيف يتلقى أصحاب الأعمال الصغيرة الضربة مباشرة – في كثير من الحالات، ما يقلل من أجورهم الصافية أو تقليص الاستثمار والتوسع بدلا من تحميل العملاء تكاليف أعلى”.
أكثر من أربعة من كل خمسة مديرين لا يعتقدون أن الحكومة قد بذلت ما يكفي لمساعدة الشركات في المملكة المتحدة ذات التكاليف المرتفعة، وفقا لبحث أجراه معهد تشارترد للإدارة، هيئة مهنية.
قال أنتوني بينتر، مدير السياسات والشؤون الخارجية في معهد تشارترد للإدارة، إن الشركات تتعرض لضغوط “لأنها تواجه انخفاضا محتملا في ثقة المستهلك الأوسع نطاقا، وارتفاع أسعار المواد، وقضايا سلاسل التوريد، وارتفاع تكاليف الإنتاج”.
قالت سارة سيمور، مالكة شركة لوف أبسولوت سكن كير لمستحضرات التجميل في لندن، إن مبيعاتها تضررت من الأشخاص الذين يملكون “أموالا أقل في جيوبهم”.
أضافت، “في بعض الأحيان لم تدخل أي أموال على الإطلاق. معركة البقاء بالنسبة للشركات الصغيرة جدا مثل شركتي هي معركة حقيقية”.

زر الذهاب إلى الأعلى