الحرب تضاعف حجم الصفقات الفاشلة لتداول سندات دين الشركات
بوابة الاقتصاد
البنوك الأميركية تتحسب لمدى ونطاق العقوبات على روسيا فتتوقف عن تسوية العمليات خشية تعرضها لغرامات
كشفت أحدث الأرقام من بنك الاحتياطي الفيدرالي لنيويورك عن تضاعف عدد الصفقات الفاشلة لتداول سندات دين الشركات خلال الأسابيع الأخيرة، وتحديداً منذ بداية الحرب الروسية في أوكرانيا وما تبعها من عقوبات فرضت على موسكو. ونتيجة اتساع نطاق العقوبات بشكل مستمر منذ بداية الحرب في 24 فبراير (شباط) الماضي، وتعقد ما تستلزمه من قيود لا تتمكن بنوك الاستثمار الأميركية مثل “جيه بي مورغان تشيس” و”غولدمان ساكس” وغيرهما من تسوية تداولات المتعاملين في تلك السندات ما يؤخر الصفقات أو يلغيها تماماً، لتعد صفقات تداول فاشلة.
وفي الأسبوع الأول من الشهر الحالي، أبريل (نيسان)، بلغ حجم صفقات التداول الفاشلة من هذا النوع 70 مليار دولار. وعلى مدى الأسابيع الستة الماضية بلغ المتوسط الأسبوعي لحجم الصفقات الفاشلة 86 مليار دولار، حسب بيانات البنك. يذكر أن المتوسط الأسبوعي لصفقات تداول سندات دين الشركات التي تفشل البنوك في تسويتها لا يتجاوز 40 مليار دولار.
وبلغ حجم فشل صفقات تداول سندات دين الشركات ذروته في الأسبوع قبل الأخير من مارس (آذار) الماضي، حين وصل إلى 150 مليار دولار، في أعلى مستوى له منذ عام 2007. ويعد فشل صفقات تداول سندات الشركات جانباً واحداً فقط من المشكلات التي تواجهها البنوك الكبرى، ليس في أميركا فقط بل حول العالم، بسبب العقوبات الأميركية والغربية المفروضة على روسيا.
عملية معقدة
تمر عملية تداول سندات دين الشركات بخطوات عدة، إذا توقفت إحداها فشلت الصفقة في السوق التي تشهد يومياً في المتوسط تداول ما قيمته 30 مليار دولار من السندات. تبدأ العملة بشراء المستثمر للورقة المالية (سند الدين)، ثم يحول ما اشتراه إلى البنك الذي يعد الوسيط (السمسار) الرئيس له ليقوم ذلك البنك بتسوية صفقة الشراء، ببساطة نقل ملكية سند الدين من البائع إلى المشتري (عميل البنك).
ومنذ بدأ فرض العقوبات على روسيا نهاية الشهر قبل الماضي، أخذت تلك العملية في التعقد، ما يؤدي إلى فشل صفقات التداول. والسبب هو صعوبة التوافق بين البنوك التي تعمل كوسيط رئيس ومنصات التداول للسندات في المؤسسات المالية المختلفة، وغيرها من القنوات الوسيطة في صفقة التداول، حول تفسير كل حزمة من العقوبات على روسيا.
إذ تحاول البنوك والشركات المالية تقليل مدى انكشافها على أي سندات دين لها علاقة بروسيا من قريب أو بعيد. ونتيجة عدم الوضوح حتى الآن بشأن تفاصيل تلك العقوبات وما يمكن أن يترتب على تجاوزها بدرجة أو بأخرى، تسعى البنوك إلى “إيثار السلامة” مع ما يكلفها ذلك من عائد مربح من وراء عمليات التداول تلك بمئات مليارات الدولارات.
ويزيد من تعقيد عملية تداول سندات دين الشركات أن عدداً من الصناديق الرئيسة التي تتعامل في هذه السوق تحاول الاستفادة من هبوط أسعار السندات الروسية. ومن بين تلك الصناديق ما هو متخصص في شراء “الديون الرديئة” مثل صندوق “أوريليوس” و”غولدن تري” و”سيلفر بوينت”، حسب ما ذكرت صحيفة “فايننشال تايمز”.
يقول المحامي في شركة “سيدلي أوستن” أندرو شوير، “الأرقام والبيانات تؤكد ما نسمعه، فهناك مشترون انتهازيون جداً ينظرون إلى هذا الوضع بنهم شديد ويحاولون القيام بصفقات تداول، لكنهم يعانون الإحباط من قبل الوسطاء والمؤسسات المالية”.
عدوى في السوق
ويشكو المستثمرون في سوق سندات الشركات من أن صفقات التداول على دين شركات لا تطالها العقوبات وتواجه أيضاً المصير نفسه من التعقيدات والفشل. ويبدو أن ذلك يعود إلى خشية البنوك من انكشاف تلك الشركات على السوق الروسية، ما يعني إمكانية أن تتضرر أيضاً من العقوبات بشكل غير مباشر، كما يقول مدير محفظة استثمارية في واحد من صناديق التحوط الكبيرة في الولايات المتحدة يحاول تداول سندات شركات أوروبية. يضيف، “الجميع يركزون أنظارهم على الشركات التي طالتها العقوبات، لكن الوضع أكبر من ذلك الآن. إنه اضطراب شديد للسوق يتجاوز مسألة العقوبات”.
ويقول المتعاملون في سوق سندات الشركات، إن بنك “جيه بي مورغان تشيس” أبلغ عملاءه أن عليهم أن يكونوا مستعدين لاحتمال تسوية صفقاتهم في ما بعد. أما بنك “غولدمان ساكس” فحذر عملاءه من أنه إذا لم تتم تسوية صفقة التداول خلال يوم واحد فإن سمسار التداول سيلغيها.
وحتى الصفقات التي تتم تسويتها تأخذ وقتاً أطول بكثير من المعتاد. إذ تقوم الإدارات القانونية وغيرها من إدارة التدقيق والرقابة بفحص الصفقة أكثر من مرة للتأكد من بعدها تماماً عن أي احتمال ممكن لأن تكون ضمن نطاق أي عقوبات معلنة حتى الآن. وهذا ما جعل بعض المستثمرين في صناديق تعمل في مجال “توريق” سندات دين الشركات يتوقفون تماماً عن تداول سندات معينة.