ماذا يعني تخلف روسيا عن سداد ديونها الخارجية؟
بوابة الاقتصاد
موسكو حاولت الدفع بالروبل لسندات كانت مستحقة في 4 أبريل وتهدد باللجوء إلى القضاء
فيما أعلنت وكالة التصنيف الائتماني “ستاندرد آند بورز” أن روسيا تخلفت عن سداد ديونها الخارجية لأنها عرضت على حاملي السندات مدفوعات بالروبل وليس بالدولار، أعلن وزير المالية الروسي أنتون سيلوانوف أن بلاده ستطلق إجراءات قانونية إذا أعلن الغرب تخلفها عن سداد ديونها، بعد وضع روسيا في حال تقصير “انتقائي” نهاية الأسبوع.
وأشارت الوكالة إلى أن روسيا حاولت الدفع بالروبل مقابل سندات مقومة بالدولار استحقت في 4 أبريل (نيسان) الحالي. وأوضحت أن هذا يرقى إلى حد “التخلف عن السداد الانتقائي” لأنه من غير المرجح أن يتمكن المستثمرون من تحويل الروبل إلى “دولارات معادلة للمبالغ المستحقة في الأصل”. ووفقاً للوكالة فإن إعلان التخلف عن السداد الانتقائي يحدث عندما يتخلف الكيان عن التزام معين وليس دينه بالكامل.
ولدى موسكو فترة سماح مدتها 30 يوماً اعتباراً من 4 أبريل لسداد مدفوعات رأس المال والفوائد، لكن وكالة “ستاندرد آند بورز”، قالت إنها لا تتوقع أنها ستحولها إلى دولارات نظراً للعقوبات الغربية التي تقوض “استعدادها وقدراتها الفنية للالتزام بالشروط والأحكام”.
كيف علق الكرملين؟
في الوقت نفسه فإن التخلف عن السداد الكامل في العملة الأجنبية سيكون الأول لروسيا منذ أكثر من قرن، عندما تنكر الزعيم البلشفي فلاديمير لينين عن السندات التي أصدرتها الحكومة القيصرية.
ولا يمكن لروسيا الوصول إلى ما يقرب من 315 مليار دولار من احتياطاتها من العملات الأجنبية نتيجة للعقوبات الغربية المفروضة بعد حربها في أوكرانيا. وحتى الأسبوع الماضي سمحت الولايات المتحدة لروسيا باستخدام بعض أصولها المجمدة لسداد مستثمرين معينين بالدولار، لكن وزارة الخزانة الأميركية منعت البلاد منذ ذلك الحين من الوصول إلى احتياطاتها في البنوك الأميركية، كجزء من جهودها لتكثيف الضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتقليص صندوق حربه.
وفي مذكرة بحثية حديثة قدر بنك “جي بي مورغان” أن روسيا كان لديها حوالى 40 مليار دولار من الديون بالعملات الأجنبية في نهاية العام الماضي، مع ما يقرب من نصف ذلك من قبل المستثمرين الأجانب.
في المقابل، قال وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف لصحيفة “إزفستيا”، الموالية للكرملين، “سوف نلجأ إلى الدعاوى القضائية لأننا اتخذنا كل الإجراءات الضرورية حتى يتلقى المستثمرون مدفوعاتهم”. وأضاف، “سنعرض إثباتاً للمحكمة على مدفوعاتنا لتأكيد جهودنا للدفع بالروبل، تماماً كما فعلنا بالعملة الأجنبية. لن تكون عملية بسيطة”. لكنه لم يذكر من تخطط روسيا لمقاضاته.
وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن أي تخلف عن السداد سيكون “مصطنعاً” لأن روسيا لديها الدولارات التي ستدفعها ولا يمكنها الوصول إليها. وأضاف، “لا توجد أسباب لتخلف حقيقي عن السداد ولا حتى قريبة”.
وبذلت روسيا جهوداً كبيرة لدعم الروبل الذي انخفض بنسبة 40 في المئة في الأيام التي أعقبت الحرب من طريق رفع أسعار الفائدة إلى 20 في المئة، وإجبار المصدرين على مقايضة معظم العملات من عائداتهم من العملات الأجنبية بالروبل.
وفيما لا يزال هذا الإجراء سارياً لكن البنك المركزي قرر تخفيف بعض القيود الأخرى، فقد أعلنت الحكومة الروسية الأسبوع الماضي أنها ستقوم بخفض أسعار الفائدة إلى 17 في المئة. وتم تداول الروبل عند 79 مقابل الدولار الأميركي في تعاملات يوم الإثنين وفقاً لبيانات “رفينيتيف”، وهذا أضعف بحوالى 5 في المئة مما كان عليه يوم السبت.
وأعلن وزير المالية الروسي أنتون سيلوانوف أن بلاده ستطلق إجراءات قانونية إذا أعلن الغرب تخلفه عن سداد ديونها بعد وضع روسيا في حال تقصير “انتقائي” نهاية الأسبوع.
وسددت روسيا الأسبوع الماضي ديونها الأجنبية المسجلة بالدولار بعملتها المحلية الروبل بعدما عجزت عن تسديد الدفعات بالعملة الأجنبية بسبب العقوبات المفروضة جراء حرب أوكرانيا. وقال سيلوانوف في مقابلة مع صحيفة “إزفستيا”، “سنذهب إلى القضاء لأننا اتخذنا جميع الإجراءات اللازمة لضمان تلقي المستثمرين مدفوعاتهم”. وأضاف، “سنقدم للمحكمة فواتيرنا التي تؤكد جهودنا للدفع بالعملة الأجنبية والروبل” من دون أن يحدد الهيئة القانونية التي ستلجأ إليها موسكو.
وفيما ذكرت وكالة “ستاندرد آند بورز” أن روسيا دخلت في “تعثر انتقائي”، لكن ومع ذلك لم يؤثر هذا التصنيف إلا على مدفوعات موسكو بالعملات الأجنبية، بينما ظل تصنيف مدفوعات الروبل من دون تغيير.
وقال سيلوانوف،”حاولت روسيا بحسن نية أن تسدد للدائنين الخارجيين من طريق تحويل المبالغ المطابقة بالعملة الأجنبية لسداد ديوننا، ومع ذلك فإن السياسة المتعمدة للدول الغربية هي التسبب بشكل مصطنع في التخلف عن السداد بكل الوسائل الممكنة”. وأضاف، “في حال شن حرب اقتصادية ومالية على بلدنا فنحن مضطرون للرد ولكن مع الوفاء بالتزاماتنا”.
وتجنبت روسيا لأسابيع عدة خطر التخلف عن السداد مع سماح وزارة الخزانة الأميركية باستخدام العملات الأجنبية التي تحتفظ بها موسكو في الخارج لتسوية الديون الخارجية، ومع ذلك منعت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي روسيا من سداد مدفوعات الديون باستخدام الأموال التي تحتفظ بها البنوك الأميركية. وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي، أفادت وزارة المالية الروسية بأنها اضطرت إلى سداد نحو 650 مليون دولار لأصحاب الديون الأجنبية بالروبل مع حلول موعد استحقاقها في 4 أبريل الحالي.