آخر الاخباراستثمار

شبح الركود الاقتصادي يخيم على الأسواق العالمية

بوابة الاقتصاد

معدلات التضخم في أوروبا ترتفع إلى أعلى مستوى في 40 عاماً وسوق السندات الأميركية مضطربة

سادت الأسواق العالمية حال من الاضطراب بنهاية الأسبوع، الجمعة، وسط زيادة المخاوف من احتمالات دخول الاقتصاد العالمي في ركود جديد هذا العام، حيث أنهت الأسواق الآسيوية الرئيسة تعاملات الأسبوع بمؤشرات متباينة، وإن كان نطاق الأداء ضيقاً، أما الأسواق الأوروبية فلم تشهد تغييراً كبيراً في مؤشراتها بانتظار رد فعل السلطات النقدية والمالية على أرقام التضخم في دول منطقة اليورو. وهبط مؤشر “أم أس سي آي” العالمي للأسهم بشكل طفيف (بنسبة 0.17 في المئة) الجمعة.

مكتب الإحصاء الأوروبي “يوروستات” أصدر الأرقام الأولية لمعدل التضخم لشهر مارس (آذار) صباح الجمعة، وكشفت ارتفاع الأسعار في دول منطقة اليورو بنسبة 7.5 في المئة بمعدل سنوي، وهو أعلى معدل للتضخم في أوروبا منذ 40 عاماً. وكانت أرقام التضخم في الشهر السابق، فبراير (شباط) عند 5.9 في المئة بمعدل سنوي.

وبدأت تظهر مؤشرات في الاقتصادات الرئيسة في الأسواق الأوروبية، على احتمال حدوث ركود بسبب الحرب في أوكرانيا والعقوبات التي فرضت وتفرض على روسيا. وزادت المخاوف من استمرار معدلات التضخم في الارتفاع، بخاصة في أوروبا التي تواجه أزمة طاقة مع نهاية المهلة الروسية لدفع مقابل الغاز الطبيعي بالروبل. وتستورد أوروبا نحو 40 في المئة من احتياجاتها من الغاز من روسيا، وتعهدت بتقليل اعتمادها على واردات الطاقة الروسية في الفترة المقبلة.

لكن التوقعات تشير إلى استمرار ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء عالمياً، ما يعني استمرار الضغوط التضخمية واحتمالات أن تؤدي قرارات البنوك المركزية بمواجهتها عن طريق رفع سعر الفائدة إلى تباطؤ شديد في النمو الاقتصادي إلى حد النمو السلبي (الركود).

في مقابلة مع وكالة “رويترز”، يقول سيباستيان غالي، من شركة “نوردا أسيت مانجمنت”، “لا يمكن أبداً تجاهل مخاطر الركود في اقتصاد بعض الدول مثل ألمانيا في حال توقفت واردات الغاز الروسية”. بينما توقع المحللون الاستراتيجيون في “بنك أوف أميركا” زيادة كبيرة في مخاطر الركود في الأشهر المقبلة مع “سياسات البنوك المركزية وارتفاع معدلات التضخم”.

سوق السندات

ومما عزز من احتمالات الركود في أكبر اقتصاد في العالم في الولايات المتحدة ما شهدته أسواق السندات هذا الأسبوع من ارتفاع في مؤشر العائد لسندات الخزانة قصيرة الأجل بأكثر من معدل العائد على السندات متوسطة الأجل. وينظر لهذا الانقلاب في مؤشر العائد على أنه من أهم دلالات الركود المتوقع في الاقتصاد. فعلى مدى نصف قرن، كلما انقلب المؤشر بهذا الشكل يحدث ركود في الاقتصاد – أي نمو سلبي للناتج المحلي الإجمالي لربعين متتاليين.

ويوم الأربعاء، ارتفع العائد على سندات الخزانة الأميركية لمدة عامين إلى نسبة 2.45 في المئة مقابل نسبة عائد على سندات الخزانة الأميركية لمدة 10 سنوات، الذي كان عند 2.38 في المئة. وتلك هي المرة الأولى لهذا الانقلاب في مؤشر العائد منذ عام 2019. وتعد السندات لمدة عامين أكثر حساسية لسياسات الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي الذي بدأ في رفع سعر الفائدة للمرة الأولى منذ 2018، ويتوقع أن يستمر في رفعها أكثر من مرة هذا العام.

وفي ظل تأثير الحرب في أوكرانيا على الاقتصاد، الذي لم يظهر كاملاً بعد، يخشى أن يؤدي تشديد السياسة النقدية برفع الفائدة لمواجهة معدلات التضخم التي ترتفع بوتيرة غير مسبوقة منذ 40 عاماً إلى وقف النمو الاقتصادي.

مؤشرات مختلفة

تواجه دول منطقة اليورو وبريطانيا احتمالات استمرار زيادة أسعار الطاقة والغذاء بما يجعل معدلات التضخم في ارتفاع مستمر. وإذا تصرف البنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا (المركزي البريطاني) بشكل أكثر حسماً في تشديد السياسة النقدية (رفع سعر الفائدة) لكبح جماح التضخم، فإن ذلك قد يقضي تماماً على فرص النمو الاقتصادي. ويتوقع بعض المتشائمين أن يشهد الاقتصاد البريطاني نمواً سلبياً ربما من الربع الثاني هذا العام، الذي بدأ بالفعل هذا الأسبوع.

وفي كلمة لها في قبرص، يوم الأربعاء، قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، الذي يضع السياسة النقدية لدول منطقة اليورو، كريستين لاغارد، إنه “من المتوقع استمرار ارتفاع أسعار الطاقة لمدة أطول، كما أن الضغط على التضخم في أسعار الغذاء سيزيد، وستستمر اختناقات التصنيع العالمية في بعض القطاعات لفترة أطول”. وأضافت لاغارد أن “الأسر أصبحت أكثر تشاؤماً ويمكن أن تقلل من إنفاقها”.

ولأن الإنفاق الاستهلاكي يشكل النسبة الأكبر من نمو الناتج المحلي الإجمالي في الاقتصاد بأوروبا وبريطانيا والولايات المتحدة وكل الدول المتقدمة، فإن تراجع ثقة المستهلكين وتراجع الإنفاق يمكن أن يقود النمو الاقتصادي نحو الصفر أو النمو السلبي.

وعلى الرغم من أن معدلات الادخار في اقتصاد الدول الغربية لا تزال قوية، بما يوفر سعة إنفاق إضافية للحفاظ على النمو، إلا أن استمرار ارتفاع الأسعار يمكن أن يجعل الأسر تحجم عن الإنفاق خوفاً من المستقبل. كما أن ارتفاع سعر الفائدة سيرفع كلفة الائتمان، بالتالي تراجع الاقتراض للإنفاق.

المصدر: اندبندنت

زر الذهاب إلى الأعلى