شهادة الـ 18 في المئة تقتنص 14.6 مليار دولار من مدخرات المصريين
بوابة الاقتصاد
تم طرحها بعد قرارات استثنائية تتعلق برفع أسعار الفائدة وخفض قيمة الجنيه مقابل الدولار
فيما تشهد فروع البنك الأهلي المصري وبنك مصر، زحاماً مستمراً، فقد ارتفعت حصيلة بيع الشهادة ذات العائد 18 في المئة سنوياً إلى نحو 276 مليار جنيه (14.63 مليار دولار) خلال 8 أيام عمل من تاريخ الإعلان عن طرحها. وبسبب هذه الشهادة، فقد شهدت فروع بنوك الأهلي المصري، وبنك مصر، التي تصدر هذه الشهادات، زحاماً شديداً حتى اليوم الثلاثاء، على الرغم من طرحها يوم الاثنين الماضي. وجاء طرح هذه الشهادة بعد اجتماع استثنائي للبنك المركزي المصري مساء الأحد من الأسبوع الماضي، ليعلن عن قرارات مهمة تتعلق بالسياسة النقدية وسوق الصرف.
حيث قرر البنك المركزي المصري، رفع أسعار الفائدة بواقع 100 نقطة أساس بما يعادل زيادة بنسبة 1 في المئة. وقررت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي المصـري، رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى 9.2 في المئة، و10.25 في المئة، و9.75 في المئة، على الترتيب. كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى 9.75 في المئة. وسيعمل قرار تحريك أسعار الفائدة إلى امتصاص السيولة الضخمة الموجودة بالسوق المحلية والتي تعد أحد الأسباب المباشرة في الموجات المتسارعة لزيادات أسعار جميع أنواع السلع.
وبالموازاة مع تحريك أسعار الفائدة، قررت البنوك خفض قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار، وهو ما سيعمل على امتصاص جزء كبير من صدمة الطلب العنيفة على العملة الصعبة، حيث من المتوقع أن تشهد تحويلات المصريين العاملين في الخارج زيادة كبيرة بعد أن سجلت أعلى مستوى لها على الإطلاق خلال العام الماضي عندما بلغت نحو 31.5 مليار دولار، وفق البيانات الرسمية الصادرة عن البنك المركزي المصري.
14.63 مليار دولار حصيلة بيع شهادة الـ 18 في المئة
وبالتوازي مع هذه القرارات، أعلنت البنوك المملوكة الدولة ممثلة في البنك الأهلي المصري، وبنك مصر، عن طرح شهادة استثمار بعائد سنوي يبلغ 18 في المئة. وتبلغ مدة الشهادة سنة ويصرف العائد شهرياً، ويتم احتساب المدة اعتباراً من يوم العمل التالي للشراء، وتبدأ فئات الشهادة من 1000 جنيه (54.8 دولار) ومضاعفاتها وتصدر للأفراد الطبيعيين أو القصر، كما يمكن الاقتراض بضمان الشهادة بالإضافة إلى إمكانية إصدار بطاقات ائتمانية بضمانها، ويمكن استرداد الشهادة بعد مضى 6 شهور اعتباراً من يوم العمل التالي لتاريخ الشراء (تاريخ الإصدار).
ووفق بيان، قال يحيي أبو الفتوح، نائب رئيس البنك الأهلي المصري، إن حصيلة مصرفه من بيع الشهادات 18 في المئة حتى نهاية أمس الاثنين، بلغت 180 مليار جنيه (9.86 مليار دولار) خلال 8 أيام من طرحها من جديد. وأوضح أن مصرفه طرح شهادة تحت مسمي الشهادة البلاتينية السنوية ذات العائد الشهري والبالغ 18 في المئة سنوياً بداية من 1000 جنيه (54.8 دولار) ومضاعفاتها.
وأشار إلى أن الشهادة تصدر للأفراد الطبيعيين أو القصر، كما يمكن الاقتراض بضمان الشهادة، إضافة إلى إمكانية إصدار بطاقات ائتمانية بضمانها، ويمكن استرداد الشهادة بعد مضى 6 أشهر اعتباراً من يوم العمل التالي لتاريخ الشراء (تاريخ الإصدار).
فيما كشف محمد الأتربي رئيس مجلس إدارة بنك مصر، أن حصيلة مصرفه من بيع الشهادات ذات العائد 18 في المئة بلغت حتى نهاية عمل يوم الاثنين، نحو 87 مليار جنيه (4.76 مليار دولار) خلال 8 أيام من طرحها من جديد. وأشار إلى أن مصرفه أعاد إصدار الوعاء الادخاري الجديد شهادة “طلعت حرب” وهي شهادة ادخار تتمتع بمعدل عائد ثابت طوال مدة الاحتفاظ بالشهادة وتبلغ نسبة العائد للشهادة السنوية 18 في المئة.
خطوة في اتجاه ترويض التضخم المرتفع
وبخلاف ما يستهدفه البنك المركزي المصري من طرح هذه الشهادة في ما يتعلق بخفض معدل التضخم بعدما تسببت في امتصاص جزء كبير من السيولة المتاحة في السوق المحلية والتي كانت أحد أهم عوامل ارتفاع التضخم، فإنها تعمل في الوقت نفسه على توفير عائد جيد للأسر المصرية لمواجهة الموجات المتزايدة من ارتفاعات الأسعار.
لكن قرارات البنك المركزي المصري الأخيرة، ربطها عدد كبير من المحللين، بعودة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي حول برنامج جديد، حيث أعلنت الحكومة المصرية أنها طلبت دعم صندوق النقد لتخفيف تأثيرات الحرب في أوكرانيا في الاقتصاد المصري. وأمس، أعلن الصندوق ومجلس الوزراء المصري، أنها يجريان محادثات بشأن برنامج جديد، على الرغم من أن طبيعة المساعدة التي يعتزم الصندوق تقديمها لم تتضح بعد.
ووفق بيان للحكومة، قال المتحدث باسم مجلس الوزراء، نادر سعد إن مصر تتفاوض بشأن “برنامج للدعم والمشورة الفنية” وقد “يشمل تمويلاً إضافياً”. ومن جانبه، لم يقدم صندوق النقد سوى تفاصيل قليلة. حيث أعلن أنه “يعمل عن كثب مع السلطات المصرية للتحضير لمناقشات البرنامج”، مضيفاً أن من شأن “مجموعة من تدابير الاقتصاد الكلي والسياسات الهيكلية” أن “تخفف من تأثير الصدمة الاقتصادية الناجمة عن الصراع”.
وسبق أن نفذت مصر برنامجين مع صندوق النقد الدولي بعد قيام البنك المركزي المصري بتعويم الجنيه مقابل الدولار وتحرير سوق الصرف في بداية نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، كما تدخلت الحكومة لتعيد هيكلة ملف الدعم، وهو ما أطلق عليه برنامج الإصلاح الاقتصادي الأول.
وكان العديد من المحللين يتوقعون عودة مصر إلى صندوق النقد الدولي، بما في ذلك محللين من “جي بي مورغان”، و “غولدمان ساكس”، و “موديز”، و “كابيتال إيكونوميكس”، والذين طرحوا احتمالية وجود برنامج مع صندوق النقد، بعد أن سمح البنك المركزي للجنيه بالانخفاض أمام الدولار بنسبة 16 في المئة ورفع أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس، وأيضاً بعد أن كشفت الحكومة عن حزمة تحفيز مالي. لكن ليس من الواضح حتى الآن، ما إذا كانت هذه شروط مسبقة للحصول على دعم من الصندوق، أو تحركات سياسة نقدية ناضجة من المتوقع أن تجعل المحادثات أكثر سلاسة.