آخر الاخباراقرأ لهؤلاء

خالد المنشاوي يكتب: روسيا تخوض الحرب الاقتصادية بـ 6 أسلحة… من سينتصر؟

بوابة الاقتصاد

كشف تقرير حديث، أنه على الرغم من العقوبات القاسية التي فرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية على روسيا، لكن موسكو تمتلك 6 خيارات لتجاوز العقوبات التي توصف بأنها “الأقسى” في تاريخ العقوبات الغربية. وعلى الرغم من اعتراف الكرملين بشدة تأثر الاقتصاد الروسي بالعقوبات، لكن هناك خيارات عدة ربما تلجأ إليها روسيا خلال الحرب الاقتصادية المفتوحة مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية، أهمها تسديد الديون بالروبل الروسي. حيث أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوماً بقرار وجه فيه الحكومة بتأكيد أحقية الشركات الروسية مديونياتها لجهات مالية غربية بتسديد مستحقاتها المالية بالعملة المحلية، وليس بالدولار الأميركي. ويلاحظ أن الروبل قد انخفضت قيمته بحوالى 50 في المئة هذا العام، جراء العقوبات، وهو ما يعني أن الدول والشركات الغربية سوف تتضرر من جراء انخفاض قيمة الروبل أكثر بسبب العقوبات. كما أن هذا الإجراء من شأنه أن يقلل من السحب من احتياطيات روسيا من العملات الأجنبية.

أما الإجراء الثاني فيتمثل في قيام موسكو بوضع قائمة بالدول غير الصديقة، وبالفعل أقر الكرملين قائمة من الدول التي اتخذت إجراءات “غير ودية” ضد المواطنين الروس، ومن المتوقع أن تشهد تلك الدول عقوبات اقتصادية واسعة النطاق متدرجة، وفقاً للخطوات التي اتخذتها كل دولة ضد موسكو، في خطوة تصعيدية روسية. وعلى الرغم من عدم إعلان روسيا بعد قائمة تفصيلية بهذه العقوبات، فإنه من الملحوظ أن هذه الخطوة تأتي لردع الدول غير الغربية عن التجاوب مع العقوبات الأميركية.

الالتفاف على حظر نظام “سويفت”

في ما يتعلق بمواجهة الحظر في نظام “سويفت” المالي، فلدى موسكو طرق عدة للالتفاف على الهيمنة المالية الأميركية، حيث قامت روسيا على مدار السنوات بتطوير الروبل الرقمي، وقد تلجأ الشركات لتمرير عملياتها المالية من خلال تقنيات الـ “بلوك تشين”، نظراً لصعوبة تحديد تلك العمليات لوجودها خارج نطاق النظام المصرفي الرسمي العالمي، وخارج سيطرة الدول الغربية. وبالفعل، سجلت التحركات الروسية في الـ “بلوك تشين” زيادة قدرها 3 مرات، منذ بداية فبراير (شباط) هذا العام. وقد يساعد إطلاق الصين عملتها الرقمية على الحفاظ على الاحتياطي النقدي الأجنبي الروسي واستخدامها في تعاملاتها مع الصين.

في ما يتعلق بالصادرات، أصدرت روسيا قرارات بتقييد تصدير السلع الزراعية والمواد الأولية، مثل القمح للدول التي تمنع رسو السفن الروسية في موانئها، حيث تسهم روسيا بنصيب كبير جداً من تجارة المواد الغذائية والحبوب التي تشكل حجر زاوية سلة غذاء العالم، خصوصاً الدول الأفقر، بالتالي قد تستخدم روسيا هذا السلاح، كما أن الصراع المسلح الجاري في أوكرانيا، قد يفاقم من ارتفاع أسعار تلك السلع، بخاصة أن الأخيرة تعد منتجاً محورياً لعديد من السلع الزراعية الرئيسة، مع وجود مخاوف من عجزها عن تصديرها.

كما تصدر روسيا نسبة كبيرة من واردات الدول الأوروبية من مواد أولية ومعادن نادرة مهمة، ومنها النحاس والبلاديوم والألمنيوم وغيرها، وقد تتضرر الصناعات الأوروبية، خصوصاً التكنولوجية، إذا قررت الحكومة الروسية منع تصدير تلك المواد الخام حتى نهاية 2022، بهدف الرد على الدول “غير الصديقة” لروسيا الاتحادية.

رفع أسعار الغاز والطاقة

ويعد ارتفاع أسعار النفط والغاز أحد الخيارات التي تمتلكها روسيا في حربها الاقتصادية، حيث تعتمد دول منطقة اليورو على روسيا في الحصول على 30 إلى 40 في المئة من وارداتها من الغاز الطبيعي، وحوالى 25 في المئة من احتياجاتها من النفط، ولذلك توجد توقعات بحدوث معدلات تضخم قد تصل إلى 4 في المئة بنهاية مارس (آذار) الحالي نتيجة ارتفاع أسعار النفط والغاز. كما توجد توقعات في حالة استمرار الحرب، بانكماش الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو بين 0.3 إلى 1.5 في المئة، بخاصة مع ارتفاع التضخم إلى 5.8 في المئة خلال شهر فبراير (شباط) الماضي، وقد يزداد تدهور هذه المؤشرات الاقتصادية مع استمرار الحرب.

كما يعد وقف التعاون الفضائي مع أوروبا أحد خيارات موسكو، فقد اتجهت روسيا خلال تلك الأزمة إلى استخدام تفوقها الفضائي وزيادة أنشطتها الفضائية عن منافسيها، وقامت بإلغاء وكالة الفضاء الاتحادية الروسية جميع عمليات إطلاق الصواريخ للشركة البريطانية رداً على عقوبات لندن على موسكو، كما قررت الوكالة إيقاف مهمة مشتركة مع أوروبا كانت مخططة للمريخ هذا العام. كما قررت روسيا قطع إمداداتها للولايات المتحدة من المحركات الخاصة بالسفن الفضائية، التي تستفيد منها الولايات المتحدة وحصلت على 180 منها منذ تسعينيات القرن الماضي، كما أن لوكالة الفضاء الاتحادية الروسية “روسكوسموس” دوراً مهماً في الحفاظ على سيران محطة الفضاء الدولية في مدارها وتفادي النفايات الفضائية، وبالفعل هددت روسيا بالانسحاب من المحطة.

دول غربية عديدة منكشفة على روسيا

وبخلاف الخيارات التي من المتوقع أن تعتمد عليها روسيا في حربها الاقتصادية، فإنها تعول على بعض المتغيرات الدولية الاقتصادية والجيوسياسية في صدامها مع الغرب، أول هذه المتغيرات هو الدعم الصيني الاقتصادي والسياسي، حيث أكدت الصين رفضها التدخل العسكري الروسي ضد أوكرانيا، كما أكدت أهمية المحافظة على سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها، غير أنها، في الوقت ذاته، عبرت عن رفضها التام العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا مرات عدة. وخلال الأيام الماضية تم تداول أخبار تتعلق برغبة بكين في الاستثمار في قطاع الطاقة الروسي من خلال شراء حصص في الشركات العاملة في مجال الطاقة الروسية. كما ستقوم البنوك الروسية الواقعة تحت العقوبات الاقتصادية باستخدام خدمات “يونيون باي” الصينية المتوفرة في 180 دولة حول العالم، كبديل لأنظمة “ماستر كارد” و”فيزا”.

ومن المرجح أن تتحرك موسكو على الانقسامات الأطلسية، حيث يظهر الغرب، موحداً ضد روسيا، ولكن الوضع لم يكن كذلك قبل بدء العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، حيث كانت توجد مواقف أوروبية أكثر تميزاً عن واشنطن، وكان أبرزها التفاوض من خلال صيغة نورماندي، والمساعي الفرنسية – الألمانية لإيجاد حل أوروبي للأزمة. ويرجع ذلك في جانب منه إلى اختلاف طبيعة الترابط الاقتصادي بين روسيا من جانب، وكل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على الجانب الآخر، فالتصعيد الأوروبي سيتوقف عند واردات الغاز والنفط. كما تعول موسكو على أنه مع انتهاء الحرب الأوكرانية ستعود الدول الأوروبية للتعامل مع روسيا بصورة براغماتية، بخاصة أن ليس هناك أية بدائل رخيصة للغاز الروسي.

وفيما يعاني الاقتصاد الروسي حتماً بسبب قسوة العقوبات الاقتصادية الغربية التي تقارب العقوبات الأميركية على إيران وكوريا الشمالية، كما أنه من المتوقع ظهور فعالية العقوبات اقتصادياً على المدى القصير، لكن في المقابل، فإن هناك آثاراً سلبية مؤكدة على الدول التي فرضت العقوبات الاقتصادية، نظراً لحجم موسكو في التبادلات الاقتصادية العالمية، وانكشاف عديد من الدول الغربية على الواردات الروسية، خصوصاً على المواد الأولية والمنتجات الروسية عالية التقنية.

رابع احتياطي نقد على مستوى العالم

أيضاً تتمتع روسيا بحق “الفيتو” في مجلس الأمن الدولي، بالتالي لديها إمكانية تعطيل أي قرار دولي من مجلس الأمن ضدها، أو حتى يدين خطواتها العسكرية في أوكرانيا، الأمر الذي يكبل الأمم المتحدة في هذا الشأن وستكون الأمم المتحدة قادرة فقط على إصدار بيانات شجب وتنديد من جمعيتها العمومية التي لا تعدو إلى أن تكون مجرد بيانات إعلامية لا يوجد لها تطبيق على أرض الواقع.

كما تعول موسكو كثيراً على ترسانتها النووية لردع الولايات المتحدة وحلف الأطلسي عن التدخل بشكل مباشر في الصراع الأوكراني، بسبب وجود إدراك بين القوى النووية في العالم بأن حدوث حرب بين طرفين نوويين قد يعني دماراً كاملاً للطرفين، وهو ما يجعل للدعم الأميركي لأوكرانيا سقفاً لا تتجاوزه، وذلك على غرار إعلان واشنطن رفضها مقترح بولندا بإمداد أوكرانيا بمقاتلات روسية قديمة.

وتحسباً لعقوبات غربية محتملة، فقد عملت موسكو خلال السنوات الماضية على بناء درع واق يمكن الاتكاء عليه حال فرض عقوبات اقتصادية ضدها، يتمثل في وجود احتياطي من العملات الأجنبية المتنوعة، وهو رابع أكبر احتياطي نقدي في العالم، والحفاظ على معدلات منخفضة من الدين العام والخاص، وزيادة التجارة مع الشرق الآسيوي، خصوصاً مع الهند والصين، مع الإبقاء على الاعتمادية الأوروبية على واردات الطاقة الروسية.

نقلا عن اندبندنت

زر الذهاب إلى الأعلى