ستيفن روتش يكتب: الصين والعلاقات المشتركة مع روسيا
بوابة الاقتصاد
مع اشتداد وطيس الحرب في أوكرانيا، ينقل اجتماع “الجلستين” السنوي في الصين صورة لدولة في حالة إنكار. فبينما يجتمع الحزب الشيوعي وهيئته الاستشارية في بكين هذا الشهر، لم نر أي إشارة إلى الارتباك الزلزالي الذي طرأ على النظام العالمي ــ وهو الإغفال الذي يتجلى بشكل أشد وضوحا في ضوء إحساس الصين العميق الجذور بمكانتها الفريدة في التاريخ. مع تطلعات القوة العظمى التي تحفزها، ربما تكون الصين الحديثة الآن عند منعطف حاسم.
تلخص وثيقتان – اتفاقية التعاون الصينية الروسية المشتركة، الموقعة في الرابع من شباط (فبراير) في افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين، وتقرير العمل المقدم من قبـل رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانج في الخامس من آذار (مارس) إلى مجلس الشعب الصيني – انفصال الصين. تحدث البيان الذي غطى نطاقا واسعا من المجالات حول التعاون الصيني الروسي عن “صداقة بين الدولتين لا حدود لها”. وقد تضمن وصفا مبهرا للمصالح المشتركة، فضلا عن التزامات بالتصدي لتغير المناخ، ومعالجة قضايا الصحة العالمية، والتعاون الاقتصادي، والسياسة التجارية، والطموحات الإقليمية والجيوستراتيجية. وبهذا جرى إخطار الغرب بأنه يواجه تركيبة قوية كخصم جديد في الشرق.
لكن يظل العمل كالمعتاد هو الاتجاه الغالب بالنسبة لرئيس الوزراء لي، الذي قدم ما أصبح الآن الوصفة المعيارية الصينية السنوية للتنمية والرخاء. فقد أكدت قائمة مألوفة من الإصلاحات، التزامات الصين المستمرة بالحد من الفقر، وتوفير فرص العمل، والتحول الرقمي، وحماية البيئة، والتصدي للتحديات الديموغرافية، والوقاية من الأمراض، ومجموعة واسعة من القضايا الاقتصادية والمالية. صحيح أن الأمر لم يخل من تعديل ملحوظ على نطاق واسع للتوقعات الاقتصادية ــ مع هدف للنمو في 2022 بنسبة 5.5 في المائة تقريبا، الذي كان، على الرغم من ضعفه بالمعايير الصينية، أقوى من المتوقع قليلا ــ وبعض التلميحات بشأن الدعم السياسي المحتمل من جانب السلطات المالية والنقدية والتنظيمية. لكن كان من الملحوظ في تقرير العمل هذا تناوله لعالـم يسوده الاضطراب بأقل قدر ممكن من الاهتمام.
مع ذلك، من غير الممكن أن تجمع الصين بين الأمر ونقيضه. فلن تجد طريقة تمكنها من الاستمرار على المسار، كما يقترح لي، في حين تظل على التزامها باتفاقية الشراكة مع روسيا التي أعلنها شي جين بينج، وفلاديمير بوتين. تصور كثيرون أن روسيا والصين اجتمعتا على صياغة استراتيجية كبرى لحرب باردة جديدة. وأنا شخصيا أسميتها “مناورة المثلث الصيني”: الانضمام إلى روسيا لمحاصرة الولايات المتحدة، تماما كما نجح التقارب الصيني الأمريكي قبل 50 عاما في محاصرة الاتحاد السوفياتي السابق. الآن أصبحت الولايات المتحدة، مهندسة المثلث السابق، هدفا لمناورة المثلث الأخيرة.
لكن في غضون شهر واحد فقط، قلبت الأزمة الأوكرانية هذا المفهوم رأسا على عقب. فإذا ظلت الصين على التزامها بشراكتها الجديدة مع روسيا، فإنها تواجه الذنب بالمشاركة. فكما عـزلـت روسيا بفعل العقوبات الغربية القاسية التي قد تدمر اقتصادها لعقود من الزمن، ينتظر المصير ذاته الصين إذا عملت على تعميق شراكتها الجديدة. بطبيعة الحال، تتعارض هذه النتيجة تماما مع أهداف التنمية في الصين التي أعلنها لي للتو. لكنها مجازفة حقيقية للغاية إذا أبقت الصين على دعمها غير المحدود لروسيا، بما في ذلك التخفيف من تأثير العقوبات الغربية، كما توحي ضمنا القراءة الحرفية لاتفاقية الرابع من شباط (فبراير).
يبدو أن القيادة الصينية تستشعر هذه المعضلة المستعصية. فبعد أن قوبلت العمليات العسكرية في أوكرانيا بصمت من جانب اللجنة الدائمة للمكتب السياسي، الذي يضم القادة السبعة الكبار للحزب، أكدت الصين منذ ذلك الحين مبدأها الاحتياطي القائم منذ القدم المتمثل في احترام السيادة الوطنية… يتبع.
نقلا عن بروجيكت سنديكيت، 2022.