صناعة السيارات الكهربائية تواجه وقتا عصيبا.. فورد توقفت مؤقتا
بوابة الاقتصاد
تمر شركات تصنيع السيارات الكهربائية بوقت عصيب، جراء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، في الوقت الذي بدأ فيه المصنعون أخيرا بالوفاء بوعودهم بتقديم مجموعة واسعة من السيارات الصديقة للبيئة.
في الأيام العشرة الماضية، أعلنت كل من “فورد” و”ستيلانتس” و”هوندا” خططا طموحة لتسريع إنتاج السيارات الكهربائية، كما حصلت شركة تسلا أخيرا على الإذن لافتتاح مصنع جديد للبطاريات في أوروبا.
أدى نقص البنزين في المملكة المتحدة الخريف الماضي، إلى زيادة عمليات البحث عبر الإنترنت عن السيارات الكهربائية وأسهم في زيادة حصة السيارات الكهربائية في تسجيلات السيارات البريطانية الجديدة إلى ثلاثة أضعاف في شباط (فبراير)، نحو 18 في المائة.
احتمالية حدوث تغيير مهم عالية بشكل خاص في الولايات المتحدة. دائما ما تكون الأسعار في مضخات البنزين أكثر تقلبا وتتجه حاليا إلى رقم قياسي جديد. أيضا الأمريكيون أقل حماسا تجاه السيارات الكهربائية من السائقين في الأسواق الكبرى الأخرى، بسبب الإعانات الحكومية الأقل، ومسافات القيادة الطويلة، وانعدام الخيارات بخلاف سيارات “تسلا” الفاخرة.
في العام الماضي، زادت مبيعات السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة أكثر من الضعفين، لكنها لا زالت تمثل أقل من 5 في المائة من سيارات الركاب الجديدة، مقارنة بنحو 14 في المائة في كل من الصين وأوروبا. استحوذت الصين على نصف إجمالي مبيعات السيارات الكهربائية العام الماضي، وتفوقت مشتريات السيارات التي تعمل بالبطاريات على محركات الديزل في أوروبا.
في الوقت نفسه، لا يزال المستهلكون الأمريكيون قلقين بشأن ما إذا كانت السيارات الكهربائية تعمل بكفاءة في الطقس البارد ويتساءلون عما إذا كانت تجعل الاختناقات المرورية في الشتاء أسوأ. فضلا عن أن النرويج، البلد الرائد عالميا في مجال السيارات الكهربائية منذ فترة طويلة، لا تشتهر بفصول الشتاء المعتدلة.
بدأت أسعار النفط المرتفعة بالفعل بزيادة اهتمام المستهلكين، كما هي الحال مع الدفعة الإعلانية الضخمة التي شهدت الترويج لنصف دزينة من العلامات التجارية للسيارات الكهربائية خلال بطولة سوبر بول الشهر الماضي. لكن التجار لا يمكنهم بيع سيارات كهربائية لا يملكونها. أدى النقص العالمي في أشباه الموصلات والتأخير في الشحن إلى ترك المخزونات عند مستويات منخفضة. كان الطلب على السيارات الكهربائية ينمو بالفعل بشكل أسرع من توقعات معظم شركات صناعة السيارات وتستغرق عملية تصنيع المكونات الرئيسة للبطاريات وقتا طويلا.
اضطرت “فورد” للتوقف مؤقتا عن أخذ الطلبات للإصدار الكهربائي من شاحنتها الصغيرة إف 150 الشهيرة في كانون الأول (ديسمبر) لأنها لم تتمكن من مواكبة الطلب. الحصول على أغلب السيارات المعلنة في الولايات المتحدة لن يكون ممكنا لأشهر مقبلة. حتى في أوروبا، حيث تكثف الشركات المصنعة للسيارات الكهربائية من إنتاجها، فإن فترات الانتظار من تسعة إلى 12 شهرا للطرز الشهيرة ليست بالأمر غير المألوف.
يقول دان ليفي، المحلل في مصرف كريدي سويس، “العامل المحدد للسيارات الكهربائية هو العرض أكثر من الطلب في الوقت الحالي”. تقوم الشركات المصنعة للسيارات “بتحديث أهدافها كل ستة أشهر. السؤال هو هل يمكن أن يواكب العرض هذه الأهداف”.
من المؤكد أن تداعيات الحرب لم تساعد. أغلقت مجموعة من شركات السيارات الكبرى مصانعها الروسية بسبب العملية العسكرية في أوكرانيا. كما أوقفت بعضها الإنتاج في أماكن أخرى بسبب مشكلات في سلسلة التوريد. تعد أوكرانيا منتجة رئيسة لأميال من الكابلات والموصلات التي تشغل كثيرا من الأنظمة الكهربائية للسيارات – والمعروفة في الصناعة بـ”الوصلات الكهربائية”.
بينما يمكن نقل هذا الإنتاج إلى مكان آخر إذا لزم الأمر، فإن دور روسيا باعتبارها مصدرا رئيسا للعناصر الترابية النادرة يوجد مشكلة أكثر ديمومة. ارتفعت أسعار النيكل المستخدم في كثير من البطاريات إلى حد كبير هذا الأسبوع ما استوجب وقف التداول. “السيارات التي تعمل بمحركات الاحتراق معرضة للخطر أيضا: حيث تورد روسيا البلاديوم اللازم للمحولات الحفزية”.
فشل الغرب فشلا ذريعا في التخطيط المسبق للطلبات المتزايدة على المعادن لتحويل الطاقة. ما لم يعد المستثمرون المهتمون بالبيئة التفكير في ازدرائهم المعتاد للتعدين، فإن الافتقار إلى إمدادات آمنة من المعادن النادرة سيؤدي إلى زيادة التكلفة المرتفعة أصلا للسيارات الكهربائية إضافة إلى إطالة فترات الإنتاج.
هناك خطر كبير يتمثل في أن كثيرا من مشتري السيارات الجدد الذين ألهموا لتجربة سيارة كهربائية سيحبطون بسبب قوائم الانتظار والأسعار المرتفعة. ينبغي أن أعلم هذا – لقد أرادت عائلتي سيارة دفع رباعي كهربائية لكنها استقرت على سيارة هجينة عندما لم تتمكن شركة بي إم دبليو من إعطاء حتى موعد تقديري للتسليم. سيختار كثيرون نوعا آخر من السيارات التي تعمل بالبنزين، ما سيؤخر تحولهم الشخصي للطاقة عدة أعوام. بحلول الوقت الذي تستهلك فيه تلك السيارة، قد يكون الارتفاع الحالي في أسعار النفط من الماضي. صناعة البترول مهيأة بشكل أفضل لزيادة الإنتاج من شركات تعدين العناصر الترابية النادرة.
بدأت تنخفض عمليات البحث عبر الإنترنت عن السيارات الكهربائية في المملكة المتحدة، بعد أن خفت أزمة البنزين الآن. والأمريكيون لديهم سجل طويل من العودة إلى المبالغة في استهلاك الوقود بمجرد انخفاض أسعار النفط، كما تقول ستيفاني برينلي من شركة إس آند بي جلوبال موبيليتي. هذه الأزمة، مثل كثير من الأزمات الأخرى، يمكن أن تتحول إلى مضيعة هائلة أخرى.