محمد حربي يكتب: السبب الحقيقي لانتحار الطلاب بسبب امتحانات الثانوية العامة؟
الثانوية العامة بوابة الطغيان
**في كل عام يتجدد الصراخ من امتحانات الثانوية العامة واسئلتها التي تصدم طلابا وتدفع آخرين للانتحار
أما آن الوقت الذي نبدأ فيه تعليما جديدا غير ذلك التعليم البنكي الذي يضع فيه المعلم صاحب السلطة المعرفية داخل الفصل معلومات سابقة التجهيز ومحنطة تماما في عقول الطلاب فيتلقونها بالحفظ والتكرار من دون اي حق النقاش
-طبعا المعلم الان ليس سلطة معرفية بل هو ماكينة لضخ المنهج المحنط في عقول الطلاب –
وفي آخر العام يسجل الطلاب او ينقشون ما حفظوه في ورقة الامتحان
هذا التعليم البنكي كما اسماه التربوي البرازيلي الشهير باولو فيريري “١٩٢١-١٩٩٧”هو أداة للقهر والطغيان وليس اداة للحرية
**ويطالب فيريري الذي نجح في تعليم عمال القصب في تجربة رائدة واصدر كتبا مهمة عن تعليم المقهورين والتعليم للحرية ان نلجأ للتعليم الحواري الذي يتعلم فيه الطالب كيف يفكر وكيف يجمع المعلومات بنفسه وكيف يسأل وكيف ينتقد .وفي هذه الحالة سيكون الامتحان في كيفية مواجهة المشكلات وطرق حلها وتكون المكافأة لطرق الحل وليس للنتيجة فقط، والسعي العقلاني لحل المشكلات وليس لاستذكار ما حفظ الطالب من معلومات في امتحانات آخر العام .
لكن مشكلة التعليم الحواري انه سيلغي دور مهنة التعليم في مصر الذي احتكروا اليقين والمعرفة وسيلعب دور لوبيات الكتب الخارجية التي تتغذى كالسرطان على هشاشة الكتاب المدرسي وعلى طموح الأهالي في الحصول على رخصة لدخول معاهد التدجين الاعلى والمسماة زورا بالجامعات
كما هذا التعليم الحواري سيلغي دور الدروس الخصوصية التي تنتعش في. ظل غياب دور المدرسة التي لا يحضر طلابها ولا يسأل أحد عن غيابهم فقد انتهت عمليا مجانية التعليم التي كانت بوابة منطقية للصعود الاجتماعي والتحرر من سطوة الفقر والجهل .
هذا التعليم الحواري هو بوابة النهضة الحقيقية للوطن لأنه يخرج لنا مواطنين قادرين على التفكير والبحث العلمي قابلين للحوار الذي سيكون. منهجهم في مواجهة الحياة وهذا ملمح ديموقراطي. للتعليم لا تقبل به الأنظمة الديكتاتورية التي تتاجر في احلام الطلاب وأهاليهم وتدفعهم دفعا لتثبيت الأوضاع والقبول بالطغيان،
وتعلن صراحة أن التعليم صار مسرحا للصراع الطبقي عندما تعلن هذه الأنظمة انها “ستعلّم طبقة واحدة وباقي الشعب مش مهم”
ما يحدث في امتحانات الثانوية -وأظن أنه مقصود -هو أحد تجليات الانحياز الطبقي في مصر فالمدارس الأجنبية لا تشهد هذا الصراخ وهذه الانتحارات
وهذه الامتحانات المستفزة
التعليم وسيلة للتحرر
وليس طريقة للقهر
وجسرا بشريا للطغيان
ولذلك تخشى السلطات التعليم أكثر من خوفها من الميادين