أسواق

الكوميسا بين الأهداف الطموحة وواقع التحديات

( بوابة الاقتصاد)

بقلم :الدكتورة شيماء محجوب، خبير اقتصادي

inbound3989554315460496461
الكوميسا بين الأهداف الطموحة وواقع التحديات
بقلم :الدكتورة شيماء محجوب، خبير اقتصادي
يشكل تكتل الكوميسا الذي تم إنشاءه عام 1994 أحد التكتلات الكبري في أفريقيا؛ إذ يضم 21 دولة من دول القارة، (ويشكل ثلث مساحة القارة)، بعدد سكان يربو علي 583 مليون نسمة، وناتج محلي إجمالي 805 بليون دولار أمريكي، ونحو 324 حجم المساهمة في الصادرات والواردات السلعية العالمية. هذا، وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر ودول التكتل 5.3 بليون دولار، فيما بلغ حجم تجارة مصر نحو 22.5% من إجمالي التجارة البينية للتكتل.
وقد تمثل الهدف الرئيسي من إنشاء التكتل في خلق وحدة اقتصادية وتجارية تحقق تنمية الموارد الطبيعية والبشرية لمصلحة جميع الشعوب، وتعزز السلم والأمن في الإقليم.
ولذلك، جاءت المحاور الأساسية لترتكز علي زيادة التنافسية، الإنتاجية؛ الصناعية والزراعية، وتحقيق الأمن الغذائي من خلال تعظيم الاستغلال الرشيد للموارد الطبيعية، وبإطار متسق للسياسات المالية والنقدية، وبنية تحتية موثوقة.
وبالرغم من تعدد الجوانب التنموية للتكتل، إلا أن الأولويات قد انصبت منذ البداية علي تعزيز سبل التبادل التجاري، وهو ما انعكس فيما تم اتخاذه من إجراءات نحو خفض القيود الجمركية والكمية غير الجمركية، فضلاً عن السعي نحو إنشاء اتحاد جمركي، وما تطلبه ذلك من تحسين إدارة النقل والاتصالات بهدف تيسير تنقل السلع والأفراد داخل التكتل، مع خلق بيئة مواتية وإطار تنظيمي ملائم لتشجيع استثمارات القطاع الخاص باعتماد مجموعة موحدة من المعايير، ومواءمة سياسات الاقتصاد الكلي والسياسات النقدية داخل الإقليم.
في السياق ذاته، تم الإعلان عن الخطة الاستراتيجية متوسطة الأمد (2016-2020) تحت شعار ” سعيًا وراء التحول الاقتصادي الإقليمي والتنمية” كإطار يعكس تبني الأهداف الأممية للتنمية المستدامة في سياق إقليمي، مع صياغة الإطار التنفيذي الحاكم للاستراتيجية.
ولما كان إعداد تلك الخطة قد تواكب مع ما أسفرت عنه الجهود الدولية من الالتزام نحو تحقيق الأهداف الأممية، فقد تمت صياغة الاستراتيحية لتعكس القضايا المتشابكة للاستدامة في تسعة أهداف، يأتي فى مقدمتها تعزيز تكامل الأسواق. كذلك تم إطلاق استراتيجية التنمية الصناعية (2017-2026) ، كما تم الإعلان عن الخطة الاستراتيجة (2021-2025) استكمالاً للجهود الرامية إلي “تحقيق الازدهار الاقتصادى من خلال التكامل الاقليمى”.
وبالرغم من هذه الجهود التي لا يسع هذا المقال لعنونتها باستفاضة، فلا تزال هناك قوي كامنة لمزيد من النجاحات علي كافة الأصعدة. وذلك بالنظر إلي مدي حرية انتقال الأشخاص بين الدول وبعضها، وإمكانية تشكيل اتحاد نقدي.
في السياق ذاته، تتسم القارة الافريقية عمومًا بضآلة حجم التجارة البينية بين الدول، والتي تشكل 12.6% من إجمالي حجم تجارة القارة، في حين تخطت 68% بالاتحاد الأوروبي، 58% في دول آسيا، و30% لأمريكا الشمالية. كذلك، بلغت الصادرات البينية بين دول الكوميسا ما نسبته 6% من إجمالي صادرات التكتل إلي العالم، ونسبة 4.27% للواردات البينية.
ويعود ذلك إلي تشابه الهياكل الإنتاجية، الذي انعكس فى تركز هيكل الصادرات في السلع الأولية، وبما نسبته 67% لدول الكوميسا، في المتوسط. وهو ما أدي إلي الاعتماد علي الشركاء التجاريين من خارج القارة، الأمر الذي يجعلها أكثر تأثرًا بالأزمات الخارجية.
من ناحية أخري، وبالرغم مما شكله محور البنية التحتية الموثوقة من أهمية، إلا أن القارة تعاني بشكل عام من تدني جودة البنية التحتية اللازمة لتسهيل انتقال السلع بتكلفة معقولة. خاصة مع وجود بعض الدول الحبيسة التي لاتستطيع الحصول علي احتياجاتها إلا اعتمادًا علي الدول الأخري ذات الموانئ، الأمر الذي أدي إلي ارتفاع تكاليف الانتقال.
وإذا كان الهدف النهائي منذ إنشاء التكتل هو تعزيز سبل التعاون بين الدول، بما يحقق الأمن والسلم. وإذا كان هذا الأمن هو انعكاس للقوة الاقتصادية للدول والتى لن تتحقق إلا بهياكل إنتاجية قادرة علي تصدير منتجات متنوعة عالية الجودة والتنافسية، وبخاصة فى ظل ما يتميز به التكتل من وجود قوي مؤسسية داعمة مبنية على الحاجة والاستجابة.
فإن الأمر يتطلب العمل علي تنمية رأس المال البشري كعامل محدد لزيادة الإنتاجية والتنوع والقدرة التنافسية، وهو ما يتطلب التخصيص الأمثل للاستثمارات في قطاعات التعليم، الصحة، والتدريب، بالتركيز علي التعليم الفني والتدريب المهني، وذلك باستخدام مؤسسات التكتل القادرة علي توفير الخبرات في مجالات تنمية المهارات، مع إجراء البحوث والدراسات لتحديد القطاعات ذات النمو الواعد والقادرة علي قيادة التنمية من خلال ما تتصف به من زيادة تشابكاتها الأمامية والخلفية. ويأتى تحديد تلك القطاعات كمطلب أولى لتحديد نوعية المهارات المطلوبة التي ستوفرها نظم التعليم والتدريب.
من ناحية أخري، العمل علي توفير بيئة مواتية جاذبة لاستثمارات القطاع الخاص في تلك القطاعات، مع توفير حزم الحوافز العينية والنقدية والمالية المطلوبة في إطار من التناسق داخل الدولة الواحدة، وبين الدول وبعضها، مع تسهيل انتقال الاستثمارات، خاصة الصناعية منها، وتعزيز سلاسل التوريد لتحقيق التكامل الإقليمي المنشود.
يأتي ذلك، مع العمل علي تقوية البنية التحتية اللازمة لتسهيل انتقال السلع بأقل تكلفة، بالاستعانة بالخبرة المصرية في هذا الشأن.
إن العمل علي تلك المحاور معًا سيسهم في تحقيق الهدف الذي أُنشئت الكوميسا من أجله، ويجعلها من أكبر الأسواق العالمية تأثيرًا.
inbound7002689435901359131

الكوميسا بين الأهداف الطموحة وواقع التحديات

بقلم :الدكتورة شيماء محجوب، خبير اقتصادي

يشكل تكتل الكوميسا الذي تم إنشاءه عام 1994 أحد التكتلات الكبري في أفريقيا؛ إذ يضم 21 دولة من دول القارة، (ويشكل ثلث مساحة القارة)، بعدد سكان يربو علي 583 مليون نسمة، وناتج محلي إجمالي 805 بليون دولار أمريكي، ونحو 324 حجم المساهمة في الصادرات والواردات السلعية العالمية. هذا، وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر ودول التكتل 5.3 بليون دولار، فيما بلغ حجم تجارة مصر نحو 22.5% من إجمالي التجارة البينية للتكتل.
وقد تمثل الهدف الرئيسي من إنشاء التكتل في خلق وحدة اقتصادية وتجارية تحقق تنمية الموارد الطبيعية والبشرية لمصلحة جميع الشعوب، وتعزز السلم والأمن في الإقليم.
ولذلك، جاءت المحاور الأساسية لترتكز علي زيادة التنافسية، الإنتاجية؛ الصناعية والزراعية، وتحقيق الأمن الغذائي من خلال تعظيم الاستغلال الرشيد للموارد الطبيعية، وبإطار متسق للسياسات المالية والنقدية، وبنية تحتية موثوقة.
وبالرغم من تعدد الجوانب التنموية للتكتل، إلا أن الأولويات قد انصبت منذ البداية علي تعزيز سبل التبادل التجاري، وهو ما انعكس فيما تم اتخاذه من إجراءات نحو خفض القيود الجمركية والكمية غير الجمركية، فضلاً عن السعي نحو إنشاء اتحاد جمركي، وما تطلبه ذلك من تحسين إدارة النقل والاتصالات بهدف تيسير تنقل السلع والأفراد داخل التكتل، مع خلق بيئة مواتية وإطار تنظيمي ملائم لتشجيع استثمارات القطاع الخاص باعتماد مجموعة موحدة من المعايير، ومواءمة سياسات الاقتصاد الكلي والسياسات النقدية داخل الإقليم.
في السياق ذاته، تم الإعلان عن الخطة الاستراتيجية متوسطة الأمد (2016-2020) تحت شعار ” سعيًا وراء التحول الاقتصادي الإقليمي والتنمية” كإطار يعكس تبني الأهداف الأممية للتنمية المستدامة في سياق إقليمي، مع صياغة الإطار التنفيذي الحاكم للاستراتيجية.
ولما كان إعداد تلك الخطة قد تواكب مع ما أسفرت عنه الجهود الدولية من الالتزام نحو تحقيق الأهداف الأممية، فقد تمت صياغة الاستراتيحية لتعكس القضايا المتشابكة للاستدامة في تسعة أهداف، يأتي فى مقدمتها تعزيز تكامل الأسواق. كذلك تم إطلاق استراتيجية التنمية الصناعية (2017-2026) ، كما تم الإعلان عن الخطة الاستراتيجة (2021-2025) استكمالاً للجهود الرامية إلي “تحقيق الازدهار الاقتصادى من خلال التكامل الاقليمى”.
وبالرغم من هذه الجهود التي لا يسع هذا المقال لعنونتها باستفاضة، فلا تزال هناك قوي كامنة لمزيد من النجاحات علي كافة الأصعدة. وذلك بالنظر إلي مدي حرية انتقال الأشخاص بين الدول وبعضها، وإمكانية تشكيل اتحاد نقدي.
في السياق ذاته، تتسم القارة الافريقية عمومًا بضآلة حجم التجارة البينية بين الدول، والتي تشكل 12.6% من إجمالي حجم تجارة القارة، في حين تخطت 68% بالاتحاد الأوروبي، 58% في دول آسيا، و30% لأمريكا الشمالية. كذلك، بلغت الصادرات البينية بين دول الكوميسا ما نسبته 6% من إجمالي صادرات التكتل إلي العالم، ونسبة 4.27% للواردات البينية.
ويعود ذلك إلي تشابه الهياكل الإنتاجية، الذي انعكس فى تركز هيكل الصادرات في السلع الأولية، وبما نسبته 67% لدول الكوميسا، في المتوسط. وهو ما أدي إلي الاعتماد علي الشركاء التجاريين من خارج القارة، الأمر الذي يجعلها أكثر تأثرًا بالأزمات الخارجية.
من ناحية أخري، وبالرغم مما شكله محور البنية التحتية الموثوقة من أهمية، إلا أن القارة تعاني بشكل عام من تدني جودة البنية التحتية اللازمة لتسهيل انتقال السلع بتكلفة معقولة. خاصة مع وجود بعض الدول الحبيسة التي لاتستطيع الحصول علي احتياجاتها إلا اعتمادًا علي الدول الأخري ذات الموانئ، الأمر الذي أدي إلي ارتفاع تكاليف الانتقال.
وإذا كان الهدف النهائي منذ إنشاء التكتل هو تعزيز سبل التعاون بين الدول، بما يحقق الأمن والسلم. وإذا كان هذا الأمن هو انعكاس للقوة الاقتصادية للدول والتى لن تتحقق إلا بهياكل إنتاجية قادرة علي تصدير منتجات متنوعة عالية الجودة والتنافسية، وبخاصة فى ظل ما يتميز به التكتل من وجود قوي مؤسسية داعمة مبنية على الحاجة والاستجابة.
فإن الأمر يتطلب العمل علي تنمية رأس المال البشري كعامل محدد لزيادة الإنتاجية والتنوع والقدرة التنافسية، وهو ما يتطلب التخصيص الأمثل للاستثمارات في قطاعات التعليم، الصحة، والتدريب، بالتركيز علي التعليم الفني والتدريب المهني، وذلك باستخدام مؤسسات التكتل القادرة علي توفير الخبرات في مجالات تنمية المهارات، مع إجراء البحوث والدراسات لتحديد القطاعات ذات النمو الواعد والقادرة علي قيادة التنمية من خلال ما تتصف به من زيادة تشابكاتها الأمامية والخلفية. ويأتى تحديد تلك القطاعات كمطلب أولى لتحديد نوعية المهارات المطلوبة التي ستوفرها نظم التعليم والتدريب.
من ناحية أخري، العمل علي توفير بيئة مواتية جاذبة لاستثمارات القطاع الخاص في تلك القطاعات، مع توفير حزم الحوافز العينية والنقدية والمالية المطلوبة في إطار من التناسق داخل الدولة الواحدة، وبين الدول وبعضها، مع تسهيل انتقال الاستثمارات، خاصة الصناعية منها، وتعزيز سلاسل التوريد لتحقيق التكامل الإقليمي المنشود.
يأتي ذلك، مع العمل علي تقوية البنية التحتية اللازمة لتسهيل انتقال السلع بأقل تكلفة، بالاستعانة بالخبرة المصرية في هذا الشأن.
إن العمل علي تلك المحاور معًا سيسهم في تحقيق الهدف الذي أُنشئت الكوميسا من أجله، ويجعلها من أكبر الأسواق العالمية تأثيرًا.

يشكل تكتل الكوميسا الذي تم إنشاءه عام 1994 أحد التكتلات الكبري في أفريقيا؛ إذ يضم 21 دولة من دول القارة، (ويشكل ثلث مساحة القارة)، بعدد سكان يربو علي 583 مليون نسمة، وناتج محلي إجمالي 805 بليون دولار أمريكي، ونحو 324 حجم المساهمة في الصادرات والواردات السلعية العالمية. هذا، وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر ودول التكتل 5.3 بليون دولار، فيما بلغ حجم تجارة مصر نحو 22.5% من إجمالي التجارة البينية للتكتل.
وقد تمثل الهدف الرئيسي من إنشاء التكتل في خلق وحدة اقتصادية وتجارية تحقق تنمية الموارد الطبيعية والبشرية لمصلحة جميع الشعوب، وتعزز السلم والأمن في الإقليم.
ولذلك، جاءت المحاور الأساسية لترتكز علي زيادة التنافسية، الإنتاجية؛ الصناعية والزراعية، وتحقيق الأمن الغذائي من خلال تعظيم الاستغلال الرشيد للموارد الطبيعية، وبإطار متسق للسياسات المالية والنقدية، وبنية تحتية موثوقة.
وبالرغم من تعدد الجوانب التنموية للتكتل، إلا أن الأولويات قد انصبت منذ البداية علي تعزيز سبل التبادل التجاري، وهو ما انعكس فيما تم اتخاذه من إجراءات نحو خفض القيود الجمركية والكمية غير الجمركية، فضلاً عن السعي نحو إنشاء اتحاد جمركي، وما تطلبه ذلك من تحسين إدارة النقل والاتصالات بهدف تيسير تنقل السلع والأفراد داخل التكتل، مع خلق بيئة مواتية وإطار تنظيمي ملائم لتشجيع استثمارات القطاع الخاص باعتماد مجموعة موحدة من المعايير، ومواءمة سياسات الاقتصاد الكلي والسياسات النقدية داخل الإقليم.
في السياق ذاته، تم الإعلان عن الخطة الاستراتيجية متوسطة الأمد (2016-2020) تحت شعار ” سعيًا وراء التحول الاقتصادي الإقليمي والتنمية” كإطار يعكس تبني الأهداف الأممية للتنمية المستدامة في سياق إقليمي، مع صياغة الإطار التنفيذي الحاكم للاستراتيجية.
ولما كان إعداد تلك الخطة قد تواكب مع ما أسفرت عنه الجهود الدولية من الالتزام نحو تحقيق الأهداف الأممية، فقد تمت صياغة الاستراتيحية لتعكس القضايا المتشابكة للاستدامة في تسعة أهداف، يأتي فى مقدمتها تعزيز تكامل الأسواق. كذلك تم إطلاق استراتيجية التنمية الصناعية (2017-2026) ، كما تم الإعلان عن الخطة الاستراتيجة (2021-2025) استكمالاً للجهود الرامية إلي “تحقيق الازدهار الاقتصادى من خلال التكامل الاقليمى”.
وبالرغم من هذه الجهود التي لا يسع هذا المقال لعنونتها باستفاضة، فلا تزال هناك قوي كامنة لمزيد من النجاحات علي كافة الأصعدة. وذلك بالنظر إلي مدي حرية انتقال الأشخاص بين الدول وبعضها، وإمكانية تشكيل اتحاد نقدي.
في السياق ذاته، تتسم القارة الافريقية عمومًا بضآلة حجم التجارة البينية بين الدول، والتي تشكل 12.6% من إجمالي حجم تجارة القارة، في حين تخطت 68% بالاتحاد الأوروبي، 58% في دول آسيا، و30% لأمريكا الشمالية. كذلك، بلغت الصادرات البينية بين دول الكوميسا ما نسبته 6% من إجمالي صادرات التكتل إلي العالم، ونسبة 4.27% للواردات البينية.
ويعود ذلك إلي تشابه الهياكل الإنتاجية، الذي انعكس فى تركز هيكل الصادرات في السلع الأولية، وبما نسبته 67% لدول الكوميسا، في المتوسط. وهو ما أدي إلي الاعتماد علي الشركاء التجاريين من خارج القارة، الأمر الذي يجعلها أكثر تأثرًا بالأزمات الخارجية.
من ناحية أخري، وبالرغم مما شكله محور البنية التحتية الموثوقة من أهمية، إلا أن القارة تعاني بشكل عام من تدني جودة البنية التحتية اللازمة لتسهيل انتقال السلع بتكلفة معقولة. خاصة مع وجود بعض الدول الحبيسة التي لاتستطيع الحصول علي احتياجاتها إلا اعتمادًا علي الدول الأخري ذات الموانئ، الأمر الذي أدي إلي ارتفاع تكاليف الانتقال.
وإذا كان الهدف النهائي منذ إنشاء التكتل هو تعزيز سبل التعاون بين الدول، بما يحقق الأمن والسلم. وإذا كان هذا الأمن هو انعكاس للقوة الاقتصادية للدول والتى لن تتحقق إلا بهياكل إنتاجية قادرة علي تصدير منتجات متنوعة عالية الجودة والتنافسية، وبخاصة فى ظل ما يتميز به التكتل من وجود قوي مؤسسية داعمة مبنية على الحاجة والاستجابة.
فإن الأمر يتطلب العمل علي تنمية رأس المال البشري كعامل محدد لزيادة الإنتاجية والتنوع والقدرة التنافسية، وهو ما يتطلب التخصيص الأمثل للاستثمارات في قطاعات التعليم، الصحة، والتدريب، بالتركيز علي التعليم الفني والتدريب المهني، وذلك باستخدام مؤسسات التكتل القادرة علي توفير الخبرات في مجالات تنمية المهارات، مع إجراء البحوث والدراسات لتحديد القطاعات ذات النمو الواعد والقادرة علي قيادة التنمية من خلال ما تتصف به من زيادة تشابكاتها الأمامية والخلفية. ويأتى تحديد تلك القطاعات كمطلب أولى لتحديد نوعية المهارات المطلوبة التي ستوفرها نظم التعليم والتدريب.
من ناحية أخري، العمل علي توفير بيئة مواتية جاذبة لاستثمارات القطاع الخاص في تلك القطاعات، مع توفير حزم الحوافز العينية والنقدية والمالية المطلوبة في إطار من التناسق داخل الدولة الواحدة، وبين الدول وبعضها، مع تسهيل انتقال الاستثمارات، خاصة الصناعية منها، وتعزيز سلاسل التوريد لتحقيق التكامل الإقليمي المنشود.
يأتي ذلك، مع العمل علي تقوية البنية التحتية اللازمة لتسهيل انتقال السلع بأقل تكلفة، بالاستعانة بالخبرة المصرية في هذا الشأن.
إن العمل علي تلك المحاور معًا سيسهم في تحقيق الهدف الذي أُنشئت الكوميسا من أجله، ويجعلها من أكبر الأسواق العالمية تأثيرًا.

الكوميسا بين الأهداف الطموحة وواقع التحديات

بقلم :الدكتورة شيماء محجوب، خبير اقتصادي

يشكل تكتل الكوميسا الذي تم إنشاءه عام 1994 أحد التكتلات الكبري في أفريقيا؛ إذ يضم 21 دولة من دول القارة، (ويشكل ثلث مساحة القارة)، بعدد سكان يربو علي 583 مليون نسمة، وناتج محلي إجمالي 805 بليون دولار أمريكي، ونحو 324 حجم المساهمة في الصادرات والواردات السلعية العالمية. هذا، وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر ودول التكتل 5.3 بليون دولار، فيما بلغ حجم تجارة مصر نحو 22.5% من إجمالي التجارة البينية للتكتل.
وقد تمثل الهدف الرئيسي من إنشاء التكتل في خلق وحدة اقتصادية وتجارية تحقق تنمية الموارد الطبيعية والبشرية لمصلحة جميع الشعوب، وتعزز السلم والأمن في الإقليم.
ولذلك، جاءت المحاور الأساسية لترتكز علي زيادة التنافسية، الإنتاجية؛ الصناعية والزراعية، وتحقيق الأمن الغذائي من خلال تعظيم الاستغلال الرشيد للموارد الطبيعية، وبإطار متسق للسياسات المالية والنقدية، وبنية تحتية موثوقة.
وبالرغم من تعدد الجوانب التنموية للتكتل، إلا أن الأولويات قد انصبت منذ البداية علي تعزيز سبل التبادل التجاري، وهو ما انعكس فيما تم اتخاذه من إجراءات نحو خفض القيود الجمركية والكمية غير الجمركية، فضلاً عن السعي نحو إنشاء اتحاد جمركي، وما تطلبه ذلك من تحسين إدارة النقل والاتصالات بهدف تيسير تنقل السلع والأفراد داخل التكتل، مع خلق بيئة مواتية وإطار تنظيمي ملائم لتشجيع استثمارات القطاع الخاص باعتماد مجموعة موحدة من المعايير، ومواءمة سياسات الاقتصاد الكلي والسياسات النقدية داخل الإقليم.
في السياق ذاته، تم الإعلان عن الخطة الاستراتيجية متوسطة الأمد (2016-2020) تحت شعار ” سعيًا وراء التحول الاقتصادي الإقليمي والتنمية” كإطار يعكس تبني الأهداف الأممية للتنمية المستدامة في سياق إقليمي، مع صياغة الإطار التنفيذي الحاكم للاستراتيجية.
ولما كان إعداد تلك الخطة قد تواكب مع ما أسفرت عنه الجهود الدولية من الالتزام نحو تحقيق الأهداف الأممية، فقد تمت صياغة الاستراتيحية لتعكس القضايا المتشابكة للاستدامة في تسعة أهداف، يأتي فى مقدمتها تعزيز تكامل الأسواق. كذلك تم إطلاق استراتيجية التنمية الصناعية (2017-2026) ، كما تم الإعلان عن الخطة الاستراتيجة (2021-2025) استكمالاً للجهود الرامية إلي “تحقيق الازدهار الاقتصادى من خلال التكامل الاقليمى”.
وبالرغم من هذه الجهود التي لا يسع هذا المقال لعنونتها باستفاضة، فلا تزال هناك قوي كامنة لمزيد من النجاحات علي كافة الأصعدة. وذلك بالنظر إلي مدي حرية انتقال الأشخاص بين الدول وبعضها، وإمكانية تشكيل اتحاد نقدي.
في السياق ذاته، تتسم القارة الافريقية عمومًا بضآلة حجم التجارة البينية بين الدول، والتي تشكل 12.6% من إجمالي حجم تجارة القارة، في حين تخطت 68% بالاتحاد الأوروبي، 58% في دول آسيا، و30% لأمريكا الشمالية. كذلك، بلغت الصادرات البينية بين دول الكوميسا ما نسبته 6% من إجمالي صادرات التكتل إلي العالم، ونسبة 4.27% للواردات البينية.
ويعود ذلك إلي تشابه الهياكل الإنتاجية، الذي انعكس فى تركز هيكل الصادرات في السلع الأولية، وبما نسبته 67% لدول الكوميسا، في المتوسط. وهو ما أدي إلي الاعتماد علي الشركاء التجاريين من خارج القارة، الأمر الذي يجعلها أكثر تأثرًا بالأزمات الخارجية.
من ناحية أخري، وبالرغم مما شكله محور البنية التحتية الموثوقة من أهمية، إلا أن القارة تعاني بشكل عام من تدني جودة البنية التحتية اللازمة لتسهيل انتقال السلع بتكلفة معقولة. خاصة مع وجود بعض الدول الحبيسة التي لاتستطيع الحصول علي احتياجاتها إلا اعتمادًا علي الدول الأخري ذات الموانئ، الأمر الذي أدي إلي ارتفاع تكاليف الانتقال.
وإذا كان الهدف النهائي منذ إنشاء التكتل هو تعزيز سبل التعاون بين الدول، بما يحقق الأمن والسلم. وإذا كان هذا الأمن هو انعكاس للقوة الاقتصادية للدول والتى لن تتحقق إلا بهياكل إنتاجية قادرة علي تصدير منتجات متنوعة عالية الجودة والتنافسية، وبخاصة فى ظل ما يتميز به التكتل من وجود قوي مؤسسية داعمة مبنية على الحاجة والاستجابة.
فإن الأمر يتطلب العمل علي تنمية رأس المال البشري كعامل محدد لزيادة الإنتاجية والتنوع والقدرة التنافسية، وهو ما يتطلب التخصيص الأمثل للاستثمارات في قطاعات التعليم، الصحة، والتدريب، بالتركيز علي التعليم الفني والتدريب المهني، وذلك باستخدام مؤسسات التكتل القادرة علي توفير الخبرات في مجالات تنمية المهارات، مع إجراء البحوث والدراسات لتحديد القطاعات ذات النمو الواعد والقادرة علي قيادة التنمية من خلال ما تتصف به من زيادة تشابكاتها الأمامية والخلفية. ويأتى تحديد تلك القطاعات كمطلب أولى لتحديد نوعية المهارات المطلوبة التي ستوفرها نظم التعليم والتدريب.
من ناحية أخري، العمل علي توفير بيئة مواتية جاذبة لاستثمارات القطاع الخاص في تلك القطاعات، مع توفير حزم الحوافز العينية والنقدية والمالية المطلوبة في إطار من التناسق داخل الدولة الواحدة، وبين الدول وبعضها، مع تسهيل انتقال الاستثمارات، خاصة الصناعية منها، وتعزيز سلاسل التوريد لتحقيق التكامل الإقليمي المنشود.
يأتي ذلك، مع العمل علي تقوية البنية التحتية اللازمة لتسهيل انتقال السلع بأقل تكلفة، بالاستعانة بالخبرة المصرية في هذا الشأن.
إن العمل علي تلك المحاور معًا سيسهم في تحقيق الهدف الذي أُنشئت الكوميسا من أجله، ويجعلها من أكبر الأسواق العالمية تأثيرًا.

زر الذهاب إلى الأعلى