مدينة خاركوف.. معركة الجيش الروسي الأعنف وطريقه للاستيلاء على كييف
بوابة الاقتصاد
أصبحت مدينة خاركوف الأوكرانية التي تبعد نحو 25 ميلاً عن الحدود الروسية، ميداناً رئيسياً للمعارك الروسية للسيطرة على أوكرانيا، إذ شهدت المدينة أعنف المعارك منذ الغزو، واستخدمت روسيا فيها القوات البرية والدبابات والطائرات المقاتلة، دون حصيلة واضحة للضحايا.
وسيطرت روسيا لفترة وجيزة على المدينة الواقعة في شرق أوكرانيا، والتي يقطها 1.5 مليون نسمة، الأحد، وسط مقاومة شرسة “غير متوقعة” من الجانب الأوكراني.
واعتبرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية أن القصف المدفعي الذي شنته موسكو، الاثنين، على مدينة خاركوف يمثل تصعيداً مروعاً للتكتيكات التي استخدمتها موسكو في هجومها على أوكرانيا، ما دفع بمحللين إلى التحذير من أن هذا التصعيد “ليس سوى نذير سوء لما هو قادم”.
ووصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الثلاثاء، الهجوم على ثاني مدن البلاد، بأنه “جريمة حرب”، فيما قال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن القصف الروسي على “المنشآت المدنية في خاركوف ينتهك قوانين الحرب”.
مفتاح ما بعد شرق أوكرانيا
وذكرت صحيفة “واشنطن بوست” في تقرير، أنه من غير المرجح أن تتخلى موسكو عن هجومها على خاركوف، التي تعد ثاني أكبر مدينة أوكرانية، ويتحدث أغلب سكانها الروسية.
وأصبحت خاركوف مركزاً لتقدم روسيا فيما بعد الحدود الشرقية لأوكرانيا، خصوصاً بعدما فشلت في دخول العاصمة كييف.
ونقلت الصحيفة عن المدير المختص بالشؤون الروسية في مركز الدراسات الأميركي “سي إن إيه” بفيرجينيا، مايكل كوفمان، قوله إن “الحملة العسكرية الروسية ترتكز على فرضية أنه يمكنهم تحقيق مكاسب سريعة”، وأنهم “لن يواجهوا مقاومة قوية”.
وأضاف أنه “على العكس مما توقعوه، فإن الجانب الشرقي من أوكرانيا، يواجههم بمقاومة قوية”، ووصف خاركوف بـ”المرساة التي لا تزال تحفظ الجبهة الشرقية”.
وقال كوفمان إنه “مع ازدياد حدة القصف على المدينة، فإن خاركوف قد تكون علامة على مرحلة جديدة أكثر دموية من الحرب، بعدما تحطمت آمال الروس في انتصار سريع وخاطف”.
وأضاف أن “الأوكرانيين أظهروا مقاومة كبيرة، لكن الأسوأ ما زال في انتظارهم”، إذ أن القوات الروسية “لم تحاول فعلا الاستيلاء على خاركوف، ليس بعد”.
تصاعد القصف
ونقلت “فاينانشيال تايمز”، عن السلطات في مدينة خاركوف، قولها إن القصف الروسي المكثف الاثنين، للمناطق السكنية أسفر عن “سقوط وجرح مدنيين”.
وأظهر مقطع فيديو تم مشاركته على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي “وابلاً من الهجمات على مناطق محيطة بمجمعات سكنية، وانتشار وميض الانفجارات، وتصاعد أعمدة الدخان من داخل المباني”.
ووصف إيهور تيريخوف، عمدة خاركوف، ما يجري على الأرض لموقع “يوكرينيسكا برافادا”، بأنه “حرب.. حرب حقيقية”.
وكتب أنتون جيراشينكو، مستشار وزير الداخلية الأوكراني، على حسابه على “فيسبوك”، أن “خاركوف تعرضت للتو لقصف مكثف بالصواريخ، ما أسفر عن سقوط عشرات الضحايا ومئات الجرحى”.
ووفق وزارة الدفاع البريطانية “وقع الهجوم بعد أن تمكنت القوات الأوكرانية من التصدي للتوغل الروسي في خاركوف، الأحد، ما أدى إلى تبادل مكثف لإطلاق النار على ضواحي المدينة في اليوم السابق على الهجوم”.
ونقلت “فاينانشيال تايمز” عن مسؤول دفاعي أميركي رفيع قوله، إن روسيا تحاول “تطويق مدينة خاركوف”، وإنها استخدمت “نيراناً بعيدة المدى” ضمن مساعيها لبسط سيطرتها عليها.
وأضاف: “نعتقد أن خططهم تقوم على تطويق المدينة من أجل السيطرة عليها، إذ كان هذا بالفعل القتال الأكثر عنفاً”.
تمرين على اقتحام كييف
وقال مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية لـ”فاينانشيال تايمز”، إن “هناك مؤشرات متزايدة على أن قوات فلاديمير بوتين تستخدم الأسلوب نفسه للسيطرة على كييف”.
وقال المسؤول الدفاعي الأميركي: “بدأنا نرى المقاربة نفسها تُطبق على العاصمة كييف”، مضيفاً أن “القوات الروسية تقدمت حوالي 5 كيلومترات على مدى الـ24 ساعة الماضية، ولا يفصلها الآن عن وسط المدينة سوى 25 كيلومتراً”.
وقال المسؤول الأميركي أيضاً إن هناك “مخاوف متفاقمة” من أن يدفع الشعور بالإحباط، الناجم عن بطء وتيرة الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا، بموسكو لـ”اللجوء إلى القصف المدفعي والهجمات الصاروخية بكثافة أكبر”.
“شبح جروزني”
وأعرب محللون في حديثهم لـ”فاينانشال تايمز”، عن مخاوفهم من أن يعيد تصعيد استخدام القوة في أوكرانيا إلى الأذهان مشاهد الدمار الذي لحق بالعاصمة الشيشانية جروزني في عام 1999، عندما بدأ بوتين رئاسته بقصف المدينة الشيشانية كجزء من الحرب الروسية ضد الانفصاليين هناك، والتي أسفرت عن تدمير المدينة، وسقوط ما يصل إلى 8000 مدني وفق تقديرات غربية.
وقال إليوت كوهين، الأستاذ في كلية الدراسات الدولية المتقدمة، بجامعة جونز هوبكنز الأميركية لـ”فاينانشال تايمز”، إن “الصور التي شاهدناها اليوم من خاركوف تشبه بالتأكيد بدايات تدمير جروزني”.
وقال هنري بويد، الخبير العسكري في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، للصحيفة إن “المقاربة الهجومية لم تناسب التكتيكات الروسية في بداية الحرب، لذا فإن الملاذ الواضح هو العودة إلى استراتيجية ناجحة”.