آخر الاخباراقرأ لهؤلاءالنشراتبورصة و شركات

د. محمد حامد يكتب: دور الاخلاق في حماية العقيدة الإسلامية

بوابة الاقتصاد

بقلم : أد/محمد حامد محمد سعيد – الأستاذ بجامعة السلطان عبدالحليم معظم شاه الإسلامية العالمية يوني شمس (UniSHAMS) – ماليزيا
مما لا يشك فيه عاقل أن للأخلاق دور هام وبارز في حماية العقيدة الإسلامية الصحيحة، ولا يُنكر هذا الدور إلا كل غافل أو متغافل، فحين يتخلق المسلم بالأخلاق الحميدة في أقواله وأفعاله وسلوكياته وتعاملاته فثمرة هذه الأخلاق هي التقدم في الوعاء الاقتصادي للدولة، فكل أخلاق لا تؤدي إلى التقدم والرقي المجتمعي فهي أخلاق لا فائدة منها، هي أخلاق لا قيمة من حيث القول والفعل، خاصة ونحن في واقعنا المعاصر هذا في أمس الحاجة إلى أي قول أو فعل يؤدي إلى تقدم الوعاء الاقتصادي في مصر الحبيبة، ومن وجهة نظري أحببت أن أُدلي بدلوي في تقديم بعض من الحلول الاقتصادية من خلال رؤية إسلامية لباحث إسلامي باعتبار أغلب قراء هذا الموقع من أهل الاقتصاد، ولا يمكن لنا أن نفصل بين الرؤية الإسلامية والرؤية الاقتصادية فأساس الاقتصاد إنما هي الرؤية الإسلامية.

بوابة الاقتصاد


ويمكن لنا في سياق الأسطر القادمة أن نبرز مكانة الأخلاق في حماية العقيدة الإسلامية الصحيحة وثمراتها على الوعاء الاقتصادي من خلال عدة نقاط منها:
أولًا: التبكير في طلب الرزق:
إن التبكير في طلب الرزق والسعي إليه والتزام المسلم به لدليل قوي على عقيدة المسلم الصحيحة، وأنها سبب أساسي في النمو الاقتصادي الفردي، وإذا نما الاقتصاد الفردي فطبيعة الحال سوف يؤدي إلى زيادة الاقتصاد الجماعي وهذا هو هدف الإسلام الحقيقي، فالسعي المبكر في طلب الرزق منهج إسلامي، ودأب نبوي حثت عليه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ففي القرآن الكريم نقرأ قوله تعالى:{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} فالأمر هنا إنما هو أمر للإباحة بالمشي في أرجاء المعمورة، ولكن الملاحظ أنه لم يحدد وقتًا للسعي على الرزق فمن سعى نهارًا لا حرج عليه، ومن سعى ليلًا لا حرج عليه، من سعى مبكرًا لا حرج عليه، من سعى متأخرًا لا حرج عليه وهكذا…..، وهنا علينا أن نرجع إلى السنة المباركة لنرى فيها أفضل وقت للسعي في طلب الرزق فنقرأ ما رواه ابن ماجه من حديث صخر الغامدي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا”،”وَكَانَ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً أَوْ جَيْشًا بَعَثَهُمْ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ”،”وَكَانَ صَخْرٌ رَجُلًا تَاجِرًا، وَكَانَ يَبْعَثُ تِجَارَتَهُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ فَأَثْرَى وَكَثُرَ مَالُهُ، قال ابن بطال:”وإنما خص صلى الله عليه وسلم البكور بالدعاء بالبركة فيه من بين سائر الأوقات لأنه وقت يقصده الناس بابتداء أعمالهم، وهو وقت نشاط وقيام من دعة، فخصه بالدعاء؛ لينال بركة دعوته جميع أمته”، يا أمة الإسلام عمومًا وأهل مصرنا الحبيبة خصوصًا ممن تحبون دينكم وبلدكم عليكم بنصائح رسولنا صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام في التبكير في طلب الأرزاق، فهو سبب أساسي في البركة، حيث إنه وقت نشاط وجد واجتهاد في أول اليوم، وهذا هو الملاحظ من سيدنا صخر حينما كان يبعث بتجارته في أول النهار فكثر المال وزاد الرزق وأصبح من رجال الأعمال وقتها بسبب التزامه بهدي نبيه صلى الله عليه وسلم.
ونقرأ تعليقًا رائعًا للإمام الأكبر د طنطاوي رحمه الله تعالى حيث علق على الآية سالفة الذكر بقوله:”ثم ذكر سبحانه جانبًا من مظاهر فضله على عباده فقال: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا، فَامْشُوا فِي مَناكِبِها، وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}أي: هو-سبحانه- الذي جعل لكم- بفضله ورحمته- الأرض المتسعة الأرجاء مذللة مسخرة لكم، لتتمكنوا من الانتفاع بها عن طريق المشي عليها، أو البناء فوقها، أو غرس ملتمسين رزق ربكم فيها، وداوموا على ذلك، فالآية الكريمة دعوة حارة للمسلمين لكي ينتفعوا بما في الأرض من كنوز، حتى يستغنوا عن غيرهم في مطعمهم ومشربهم وملبسهم وسائر أمور معاشهم.. فإنه بقدر تقصيرهم في استخراج كنوزها، تكون حاجتهم لغيرهم”. النبات فيها..وما دام الأمر كذلك فامشوا في جوانبها وأطرافها وفجاجها..
فالسبيل الأول للنهوض بالاقتصاد إنما هو الالتزام بهدي نبينا صلى الله عليه وسلم في السعي والتبكير في طلب الأرزاق، فالسماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة، وإنما تُمطر لمن جد واجتهد وعمل وسال العرق منه، فلا سبيل للكسل والنوم، فقد مضى وقت النوم يا أبناء أمتنا الإسلامية ويا شباب مصرنا الحبيبة.
وللحديث بقية في مقال قادم إن شاء الله تعالى.

زر الذهاب إلى الأعلى