وسط قيود المعروض النفطي .. المستثمرون يضخون الأموال في المواد الخام كتحوط ضد التضخم
بوابة الاقتصاد
قال تقرير دولي إن أسعار النفط استقرت إلى حد ما هذا الأسبوع، مع توازن خام برنت عند أعلى بقليل من 100 دولار للبرميل، وتراجعت المخاوف من تعطل الإمدادات الروسية مؤقتا بسبب إصدار المخزون الضخم المنسق من وكالة الطاقة الدولية، الذي ساعد بشكل كبير في تحسين معنويات السوق وتقليص المخاوف من شح المعروض النفطي.
وأوضح تقرير “أويل برايس” الدولي نشر أمس، أن امتدادات عمليات الإغلاق في الصين خاصة في شنغهاي بسبب إصابات كورونا ساعدت في هبوط الأسعار، نتيجة تراجع الاستهلاك والطلب على الوقود، لكن من غير المعروف مدى استمرار تأثير هذه العوامل، خاصة أن أساسيات السوق تميل إلى صعود الأسعار مجددا.
وسجلت أسعار النفط الخام ثاني أسبوع على التوالي من الانخفاضات مدفوعة بقرار الولايات المتحدة وعدة دول أخرى إجراء سحوبات واسعة من الاحتياطي الاستراتيجي من النفط الخام، لكن الأسعار ارتفعت في ختام التعاملات اليومية في نهاية الأسبوع الماضي.
وأشار التقرير، إلى أن موافقة الاتحاد الأوروبي على فرض حظر على واردات الفحم الروسية ستدخل حيز التنفيذ الكامل اعتبارا من منتصف آب (أغسطس) المقبل وذلك بعد ضغط داخلي من ألمانيا لتمديد الموعد النهائي قدر الإمكان للسماح بالشراء المعتاد في مهلة أربعة أشهر.
وأوضح أنه سيكون لدى العالم ما يكفي من النفط، لأن خسارة الإمدادات الروسية قد تكون أقل مما كان يخشى مسبقا، لافتا إلى توقعات لمجموعة “سيتي جروب” الدولية تؤكد أنه سيكون لدى السوق أيضا ما يكفي من النفط في ظل تقديرات بأن نمو الطلب قد يتباطأ مع ارتفاع الأسعار ونتيجة الإغلاق في الصين، بعد تجدد إصابات كورونا.
وأوضح أنه مع انخفاض الإنتاج الروسي وخفض “أوبك +” فعليا التدفقات الإجمالية إلى الأسواق فإن التباطؤ في النمو العالمي يقلل من نمو الطلب على النفط ويشير إصدار وكالة الطاقة الدولية لنحو 220 مليون برميل من النفط من الآن حتى تشرين الأول (أكتوبر) المقبل إلى هدوء وتراجع الأسعار واحتمال تزايد المخزونات في المستقبل، منوها إلى تأكيد “سيتي جروب” أن المخاوف من خسارة ما يصل إلى ثلاثة ملايين برميل يوميا من إمدادات النفط الروسية مبالغ فيها.
وأضاف التقرير أنه من بين 1.9 مليون برميل يوميا من الواردات الأوروبية المنقولة بحرا من النفط الخام يتم دفع نحو 900 ألف برميل يوميا إلى أسواق أخرى مثل الهند أو من المحتمل أن يظل في بعض الأسواق الأوروبية مع وصول محدود إلى النفط غير الروسي، مشيرا إلى أن العالم سيكون لديه ما يكفي من النفط الخام في الأشهر المقبلة.
ونوه إلى تقديرات صادرة عن عدد من البنوك الاستثمارية الأخرى التي ترى قيودا شديدة في المعروض من النفط، حيث يقول “جي بي مورجان” إن السلع لديها مجال للارتفاع 40 في المائة أخرى، حيث يمكن للمستثمرين ضخ مزيد من الأموال في المواد الخام كتحوط ضد أعلى معدل تضخم في 40 عاما.
وتفاقمت الخسائر الأسبوعية وتمثلت في تراجع خام برنت 1.5 في المائة على مدار الأسبوع، بينما تراجع خام غرب تكساس الوسيط 1 في المائة وتعرض الخامان على مدى الأسابيع الماضية لأشد حالات التقلب منذ حزيران (يونيو) 2020.
وأشار التقرير إلى ما ذكره بنك جولدمان ساكس بأن هناك مشكلة عرض بالتأكيد في قطاع النفط وأن هناك قيودا واسعة النطاق على المعروض من جانب منتجي النفط لا سيما “أوبك”، موضحا أن كل منتج باستثناء السعودية والإمارات ينتج حاليا أقل ما كان عليه في 2020، منوها إلى أن الإصدار القياسي من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي للولايات المتحدة لا يزال غير كاف للتمكن من التعامل مع حجم الخلل في السوق وقد لا يتيح استعادة التوازن المستدام بين العرض والطلب.
ويواصل منتجو “أوبك +” إجراء الزيادات التدريجية الشهرية ويخططون لإضافة نحو 432 ألف برميل يوميا في أيار (مايو) المقبل، بينما تواجه السوق ضغوطا تتعلق بضعف الطلب في أعقاب عودة انتشار إصابات كورونا في الصين وتأثيراتها الواسعة على الإغلاق وتراجع استهلاك الوقود.
من جانبه، أوضح تقرير “ريج زون” الدولي، أن أسعار النفط تراجعت للأسبوع الثاني في أعقاب خطط لإصدارات ضخمة من المخزونات الاستراتيجية وفى ظل تفشي فيروس كورونا مما يضعف الطلب في الصين، إضافة إلى التحول المتشدد في السياسة النقدية من مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
وأشار التقرير إلى أن الخام الأمريكي تخلى عن معظم مكاسبه منذ الحرب الروسية – الأوكرانية في أواخر شباط (فبراير) الماضي، بعدما ارتفع النفط إلى أعلى مستوى منذ 2008 في بداية الحرب، واضطرت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إلى حظر واردات النفط الروسية وزيادة الضغط على المشترين العالميين لتجنب صادرات الطاقة.
وجاءت عملية البيع بعد أن أعلنت الولايات المتحدة وحلفاؤها عن خطط لإطلاق موجة من النفط من الاحتياطيات الاستراتيجية لتخفيف ارتفاع تكاليف الوقود، منوها إلى أن البنك المركزي الأمريكي وضع الخطوط العريضة لخطط رفع أسعار الفائدة وكبح ميزانيته العمومية في محاولة لترويض التضخم الذي قد يحد من النمو.
ونوه إلى تعثر أسعار النفط الخام بعد أن أمرت الصين بسلسلة من عمليات الإغلاق في المراكز الحضرية الرئيسة، بما في ذلك شنغهاي وذلك لقمع تفشي فيروس كورونا، موضحا أنه في الوقت نفسه أدت خطط الاحتياطي الفيدرالي لتشديد السياسة النقدية الأمريكية لمكافحة التضخم إلى إضعاف الطلب على الأصول الخطرة ودعم الدولار.
وأوضح التقرير أن عديدا من الشركات الغربية تتجنب النفط الروسي بعد وقوع التدخل الروسي في أوكرانيا، مشيرا إلى أنه في المقابل هناك كثير من الراغبين في الحصول على النفط الروسي في آسيا خاصة في الصين والهند وهو ما أدى إلى نفاذ شحنات خام سوكول الروسي من الشرق الأقصى في الشهر المقبل.
وعد التقرير أن تفشي فيروس كورونا الأخير في الصين ما زال قائما ولا ينحسر سريعا كما كان متوقعا من قبل، كما يؤدي إلى ضعف الطلب بقوة، ما يعطل نمو أكبر اقتصاد في آسيا، حيث تواجه المدن قيودا شديدة تحد من التنقل واستهلاك الطاقة.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، ارتفعت أسعار النفط 2 في المائة الجمعة، لكنها سجلت ثاني انخفاض أسبوعي لها على التوالي بعد أن أعلنت بعض الدول اعتزامها سحب كميات من النفط الخام من مخزوناتها الاستراتيجية.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت عند الإغلاق 2.20 دولار أو 2.19 في المائة إلى 102.78 دولار للبرميل. وارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الأمريكي 2.23 دولار أو 2 في المائة، إلى 98.26 دولارا للبرميل.
وتراجع خام برنت 1.5 في المائة، على مدار الأسبوع، بينما تراجع خام غرب تكساس الوسيط 1 في المائة، وتعرض الخامان على مدى الأسابيع الماضية لأشد حالات التقلب منذ حزيران (يونيو) 2020.
وستسحب الدول الأعضاء في وكالة الطاقة الدولية 60 مليون برميل خلال الأشهر الـ6 المقبلة مع مطابقة الولايات المتحدة لهذه الكمية في إطار ما أعلنته في آذار (مارس) عن سحبها 180 مليون برميل من مخزونها الاستراتيجي.
من جانب آخر، ارتفع إجمالي عدد الحفارات النشطة في الولايات المتحدة بمقدار 16 هذا الأسبوع، حيث ارتفع إجمالي عدد الحفارات إلى 689 منصة هذا الأسبوع – بزيادة 257 منصة عن عدد الحفارات هذه المرة في 2021.
وأشار تقرير شركة “بيكر هيوز” الأمريكية الأسبوعي إلى ارتفاع الحفارات النفطية في الولايات المتحدة بمقدار 13 منصة لتصل إلى 546 في حين ارتفعت منصات الغاز بمقدار 3 إلى 141 وبقيت الحفارات المتنوعة على حالها.
وأوضح أنه في حين أن نشاط الحفر قد انتعش في الولايات المتحدة على مدى الأشهر القليلة الماضية كان إنتاج الولايات المتحدة بطيئا بعد الخسائر التي تكبدتها خلال أزمة كوفيد.
ونوه التقرير إلى ارتفاع الإنتاج الأسبوعي للولايات المتحدة من الخام بشكل طفيف الأسبوع الماضي إلى 11.8 مليون برميل يوميا وذلك وفقا لأحدث إدارة معلومات الطاقة للأسبوع المنتهي في الأول من نيسان (أبريل)، مشيرا إلى ارتفاع عدد الحفارات في حوض بيرميان 9 هذا الأسبوع إلى 332.