ما هو الناتج المحلي الإجمالي؟
الناتج المحلي الإجمالي، ويطلق عليه اختصاراً GDP، هو قيمة جميع السلع والخدمات النهائية داخل دولة ما خلال فترة زمنية محددة، وهو يعكس الحالة الاقتصادية للدولة عبر تقدير حجم الاقتصاد ومعدل النمو لهذه الدولة. ويمكن احتساب الناتج المحلي الإجمالي بثلاث طرق منهجية باستخدام المصروفات أو الإنتاج أو الدخل، ويمكن أيضًا تعديله وفقًل لمعدلات التضخم وعدد السكان وعوامل أخرى لتوفير صورة أشمل. وعلى الرغم القيود على الناتج المحلي الإجمالي، إلا أنه أداة رئيسية لمساعدة صناع السياسات والمستثمرين والشركات في اتخاذ القرارات الاستراتيجية المدروسة.
ويساعد على قياس مؤشر لمستوى معيشة الفرد داخل الدولة، وبشكل آخر يعتبر الناتج المحلى مقياساً لأداء الاقتصاد، فكلما زاد معدل الناتج المحلي الإجمالي زاد حجم الاقتصاد الكلي، وبالتالي يزيد حجم الدخل الكلي، وفي النهاية يقابله زيادة الدخل الذي يحصل عليه الفرد.
يعد الناتج المحلي الاجمالي بطاقة قياس الأداء الاقتصادي، فهو القيمة الإجمالية لجميع السلع والخدمات النهائية التي تقوم بإنتاجها أي دولة باعتباره أداة شاملة لقياس إنتاج هذه الدولة. وفي مصر، تقوم وزارة التخطيط والمراقبة والإصلاح الإداري باحتساب ونشر قيمة الناتج المحلي الإجمالي الفصلية والسنوية. وقد شهد الناتج المحلي الإجمالي السنوي لمصر نموًا مطردًا إلى 300 مليار دولار، مقابل 5 مليارات دولار في عام 1965.
طريقة احتساب الناتج المحلي الإجمالي
هناك العديد من الطرق لاحتساب الناتج المحلي الإجمالي، وهي منهجية المصروفات، ومنهجية الإنتاج، ومنهجية الدخل، وعند احتساب كل منها بالشكل الصحيح، يجب أن تعطي نفس النتيجة.
ويتم قياس الناتج المحلي الإجمالي عادة على أساس فصلي أو سنوي، كما تقوم البنوك المركزية وغيرها من المؤسسات المعنية برفع أو خفض توقعاتها للنمو استناداً إلى العوامل السائدة في الاقتصاد.
احتساب الناتج المحلي الإجمالي من خلال منهجية المصروفات
تعتمد منهجية المصروفات على احتساب كل مشتريات المجموعات الرئيسية التي تشارك في الاقتصاد. ويتم حسابها كالتالي: GDP = C + G + I + NX
الناتج المحلي الإجمالي=نفقات المستهلكين+ الإنفاق الحكومي + إجمالي الاستثمار + صافي الصادرات
نفقات المستهلكين تشمل الأموال المستخدمة لشراء جميع السلع والخدمات، بداية من مصاريف صالون العناية بالشعر وحتى شراء المنازل. أما الإنفاق الحكومي فيتمثل في الأموال التي تنفقها الحكومة على رواتب الموظفين والمعدات والبنية الأساسية مثل الطرق والمجاري وشبكات الطاقة والمطارات. أما نفقات الاستثمار، وتعرف أيضا باسم النفقات الرأسمالية، فهي تشمل مصروفات الشركات على شراء المعدات أو بناء المصانع أو بشكل عام الاستثمار في أعمالها. أما عن صافي الصادرات، فهي صافي قيمة جميع السلع والخدمات التي تقوم أي دولة بتصديرها إلى الدول الأخرى، ويمكن أن تكون قيمتها بالموجب أو السالب في الناتج المحلي الإجمالي.
ماذا هي فائدة احتساب الناتج المحلي الإجمالي؟
إذا كنت تتذكر، فإن مكونات منهجية المصروفات في احتساب الناتج المحلي الإجمالي تتمثل في الإنفاق الاستهلاكي، والإنفاق الحكومي، وإجمالي الاستثمار، والتجارة الخارجية.
عند دراسة مكونات الناتج المحلي الاجمالي، يتضح أن الثقة في استقرار الدخل تدفع المستهلكين إلى إنفاق المزيد من الأموال، ويقل الإنفاق عندما يكون هناك حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل الاقتصادي، لذلك، تعد ثقة المستهلك مؤشرا قويا على النمو الاقتصادي. وبما أن الإنفاق الحكومي يغذي العديد من الأنشطة الاقتصادية الأخرى، وبالتالي يساهم في دفع عجلة التنمية الاقتصادية للدول، خاصةً عند تراجع الإنفاق الاستهلاكي وحركة الاستثمار، وهو ما يحدث في حالة الركود الاقتصادي. أما أهمية الاستثمار بالنسبة للاقتصاد، فتتمثل في قدرته على خلق المزيد من فرص العمل إلى جانب زيادة القدرة الإنتاجية للدولة. وأخيرًا، يمكن اعتبار الميزان التجاري مقياسًا لمدى الاكتفاء الذاتي لبلد ما، وبالتالي مؤشر على قوة الاقتصاد.
وتعد هذه المؤشرات الاقتصادية الأربعة دليل على قدرة الاقتصاد، وهي ما يقوم الناتج المحلي الإجمالي بتجميعها في رقم واحد يسهل مقارنته من سنة إلى أخرى ومن بلد لآخر. وتعد القيمة الرئيسية للناتج المحلي الإجمالي هي الطريقة الأمثل لمقارنة اقتصادات الدول.
استخدام بيانات الناتج المحلي الإجمالي
نظرًا لأهميتها، يقوم الاقتصاديين والمحللين والمستثمرين وصانعو السياسة بمتابعة بيانات الناتج المحلي الإجمالي، كما تقوم الشركات باستخدام هذه البيانات عند وضع استراتيجية أعمالهم. بالإضافة إلى ذلك، تستخدم الحكومات الناتج المحلي الإجمالي، وبصفة خاصة معدل النمو، لتحديد السياسات النقدية الواجب تطبيقها، كما يقوم المستثمرون بمتابعة معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي لتحديد الدول المناسبة للاستثمار.
ويستخدم الناتج المحلي الإجمالي أيضًا في احتساب مؤشرات أخرى، فعلى سبيل المثال، عند مقارنة الانبعاثات الكربونية في الدول، مهم جدًا أن يتم احتسابها مقابل الناتج المحلي الإجمالي، بدلاً من الاعتماد فقط على إجمالي الانبعاثات الخاصة بكل دولة.
تبين لنا بيانات إجمالي الناتج المحلي الأساسية حجم الاقتصاد لكنها لا تظهر إلا القليل فقط، لذلك لابد من الأخذ في الاعتبار مجموعة من العوامل الأخرى، فمثلا عدد الأشخاص في مصر أكثر بنحو 300 مرة عن عددهم في أيسلندا، لذا فإن مقارنة الناتج المحلي الإجمالي لهذه البلدان دون أخذ عدد السكان في الاعتبار لن يكون دقيقًا. لهذه الأسباب يطلق خبراء الاقتصاد والإحصاء على بيانات الناتج المحلي الإجمالي للدولة على أنها “اسمية” للناتج المحلي الإجمالي ويقومون بعدد من التعديلات على الناتج المحلي الإجمالي لتحقيق أقصى استفادة من هذه البيانات.
حدود الناتج المحلي الإجمالي
بما أن الناتج المحلي الإجمالي يتكون من رقم واحد فقط، لذلك يتم استخدامه في نطاق محدود، لأنه “حسابات لأحداث سابقة”، كما أنه لا يعكس هذه الحسابات السابقة فقط، بل عادةً يقوم باحتساب النتائج التي تحدث خلال الفترة ما بين إعداده وإصداره.
بالإضافة إلى ذلك، عند احتساب الناتج المحلي الإجمالي لا يؤخذ في الاعتبار الدخل والإنفاق غير الرسمين فهو يعتمد على البيانات الرسمية، لذا فهو يتمكن من قياس قيمة العمالة غير المستغلة ونشاط السوق السوداء والعمل التطوعي والإنتاج المنزلي، والتي يمكن أن تكون مهمة في بعض الدول.
كما يتجاهل نشاط الأعمال التجارية، حيث تستبعد حسابات إجمالي الناتج المحلي المعاملات بين الشركات. ونتيجةً لذلك، قد يبالغ الناتج المحلي الإجمالي في أهمية الاستهلاك بالنسبة للاقتصاد.
ويعد إجمالي الناتج المحلي محدود جغرافيا في الاقتصاد العالمي، فهو لا يأخذ في الاعتبار الأرباح التي تجنيها الشركات الأجنبية داخل بلد ما والتي يتم إرسالها خارج البلاد للمستثمرين الأجانب. ونتيجة لذلك، من الممكن أن يبالغ الناتج المحلي الإجمالي في تقدير الناتج الاقتصادي الفعلي للدولة.
ومن ناحية أخرى، يركز الناتج المحلي الإجمالي على قياس الناتج المادي بغض النظر عن حالة الرفاهية العامة للمواطنين، لأنه في حد ذاته لا يمكن أن يقيس معدل التنمية الاقتصادية للدولة أو رفاهية مواطنيها. مثال على ذلك، الناتج المحلي الإجمالي لدولة ما يشهد نموًا كبيرًا، ولكن هناك العديد من المؤثرات البيئية أو ارتفاع معدلات الفقر إذا كانت ثمار النمو يجنيها الأثرياء فقط.