بايدن يشن غارة على أثرياء أميركا… إلى أين تتجه الامور؟
بوابة الاقتصاد
إعادة شراء الأسهم “كلمة السر” وتوقعات بتجاوزها تريليون دولار في شركات “ستاندارد آند بورز 500”
ألقى الرئيس الأميركي جو بايدن قبل أيام برسالة قوية إلى المديرين التنفيذيين للشركات في خطته للإنفاق الخاص لعام 2023، وكان العنوان الرئيس لها هو “تقاسم الثروة”، إذ تريد إدارته تثبيط عمليات إعادة شراء الأسهم التي يقول النقاد إنها تسمح للمديرين التنفيذيين الأثرياء بالتلاعب في الأسواق مع تحويل أرباح الشركات إلى جيوبهم الخاصة بدلاً من الاقتصاد.
وخلال العام الماضي أعادت الشركات في مؤشر “ستاندارد آند بورز 500” شراء رقم قياسي بلغ نحو 882 مليار دولار من أسهمها، وهذا الرقم في طريقه للوصول إلى تريليون دولار في 2022، وفقاً للبيانات الواردة في مذكرة بحثية حديثة لـ “غولدمان ساكس”.
واقترح البيت الأبيض قواعد جديدة تهدف إلى الحد من عمليات إعادة شراء الأسهم كجزء من خطة موازنته البالغة 5.8 تريليون دولار التي صدرت الإثنين الماضي. وتتطلب الخطة من المديرين التنفيذيين للشركة الاحتفاظ بأسهم الشركات لعدد معين من السنوات، ومنعهم من بيع الأسهم لفترة من الوقت بعد إعادة الشراء المخطط لها، لكن لم يحدد البيت الأبيض حتى الآن عدد السنوات بالضبط.
أسهم الشركات مملوكة للأثرياء
وباع المسؤولون التنفيذيون مزيداً من الأسهم خلال الأيام الثمانية التي أعقبت إعلان إعادة الشراء من شركاتهم أكثر من أي وقت آخر، وفقاً لبيانات هيئة الأوراق المالية والبورصات، وشكلت عمليات إعادة الشراء جزءاً كبيراً بشكل متزايد من أرباح الشركات خلال العقد الماضي.
وتشير البيانات إلى أن أسهم الشركات مملوكة إلى حد كبير للأثرياء الأميركيين، إذ تمتلك أغنى 10 في المئة من الأسر الأميركية من حيث الثروة حوالى 90 في المئة من أسهم الشركات.
وقال الاقتراح الذي أعلنه البيت الأبيض إن تثبيط عمليات إعادة شراء الأسهم “من شأنه مواءمة مصالح المديرين التنفيذيين مع المصالح طويلة الأجل للمساهمين والعاملين والاقتصاد”، وهو موقف يردد صدى الموقف الديمقراطي الذي طالما جادل فيه بأن عمليات إعادة الشراء تتلاعب بأسعار الأسهم وتحول الأموال عن نمو الشركات والابتكار.
منتقدو القاعدة الجديدة
في المقابل، يزعم منتقدون آخرون للقاعدة الجديدة المقترحة أن إنهاء عمليات إعادة الشراء قد يضر بسيولة الشركات في السوق وأسعار أسهمها بشكل كبير، وعادة ما يستخدم المسؤولون التنفيذيون عمليات إعادة الشراء لتقليل عدد الأسهم المتاحة للشراء، وبالتالي زيادة الطلب على أسهمهم وارتفاع الأرباح لكل سهم.
ويقول رئيس تداول الأميركيين في شركة “دي دبليو إس” لإدارة الأصول جورج كاترامبون، “تعد عمليات إعادة شراء الشركات جزءاً متنامياً من هيكل السوق والسيولة الإجمالية له”.
وأضاف، “قد تحتاج الشركة إلى إعادة الشراء لمنع الآخرين من السيطرة أو لأن الرئيس التنفيذي يعتقد أنها مقومة بأقل من قيمتها”.
لكن في الوقت نفسه لا يزال اقتراح الرئيس الأميركي مجرد خطة، ويجب تمريره من قبل كل من مجلس النواب ومجلس الشيوخ ليصبح ملزماً، وهو سيناريو غير محتمل، فقد كانت عمليات إعادة الشراء قضية سياسية ساخنة منذ إضفاء الشرعية عليها عام 1982، عندما أقرت لجنة الأوراق المالية والبورصات قاعدة تسمح للشركات بشراء أسهمها من دون اتهامها بالتلاعب في الأسهم، “حتى إذا تم تمرير خطة عدم إعادة الشراء التي يسعى إليها الرئيس الأميركي”، كما يقول رئيس شبكة أبحاث الصناعة الأكاديمية ويليام لازونيك، فإنها “لن تعالج المشكلة الجذرية المتعلقة بعمليات إعادة الشراء”.
ويوضح لازونيك، وهو ناقد قديم لعمليات إعادة الشراء وأستاذ الاقتصاد في جامعة ماساتشوستس لويل، أن “الضغط على المديرين التنفيذيين لإجراء عمليات إعادة الشراء يأتي من نشطاء صناديق التحوط، والمشكلة هي كارل إيكان ودانييل لوب وبول سينجر ووارن بافيت، فهؤلاء الأشخاص لا علاقة لهم بهذه الشركات. إنهم يمتلكون أسهماً فيها ويكسبون كثيراً من المال من خلال ممارسة الضغط عليها”.
الشركات ستواجه صعوبة في الدفاع
وفي أوائل مارس (آذار) الحالي أعلنت شركة “أمازون” أن مجلس إدارتها سمح للشركة بإعادة شراء ما يصل إلى 10 مليارات دولار من الأسهم، وهي خطوة شجعها بشكل كبير دانيال لوب الذي امتلكت شركته “ثيرد بوينت” حصة في “أمازون” بقيمة 784 مليون دولار نهاية العام 2021.
وفي 2014، عندما امتلك كارل إيكان حوالى 5.3 مليار دولار من أسهم شركة “أبل”، أي ما يعادل نحو 0.9 في المئة من أسهم الشركة، طالب بانتظام بإعادة الشراء. وفي ذلك يقول لازونيك إن “هؤلاء المستثمرين لديهم رؤساء تنفيذيون يرتجفون”.
وقد تواجه الشركات صعوبة في الدفاع عن عمليات إعادة الشراء لمستثمريها باعتبارها استخداماً مناسباً للنقد الإضافي، بينما يحدد معدل التضخم سجلات 40 عاماً ويستمر سعر السلع الأساس مثل البنزين والبقالة في الارتفاع.
وفيما أدى فقدان النفط الخام الروسي من السوق إلى زيادة أسعار النفط والغاز بشكل كبير، لكن بدلاً من استخدام هذه الأرباح لزيادة الإنتاج أعلنت شركة “إكسون موبيل” إعادة شراء أسهم بقيمة 10 مليارات دولار قبل يوم واحد من إعلانها عن أفضل أرباحها منذ سبع سنوات.
المحلل في شركة “ريموند جيمس” بافيل مولتشانوف يرى أن “شركات النفط والغاز لا تريد مزيداً من الحفر. إنهم يتعرضون لضغوط من المجتمع المالي لدفع مزيد من الأرباح وإجراء مزيد من عمليات إعادة شراء الأسهم، وهي الطريقة التي كانوا سيفعلون بها الأشياء قبل 10 سنوات. لقد تغيرت استراتيجية الشركة بشكل أساس”.