آخر الاخبارمنوعات

بوابة الاقتصاد تقدم الفيلم الوثائقي القصير: حروب الشاي والملح

تقديم: صلاح عبدالجابر

يحتفل العالم سنويا في 15 ديسمبر/كانون الأول باليوم العالمي للشاي، ويهدف هذا الاحتفال إلى جذب انتباه الحكومات والأفراد إلى التأثير العالمي لتجارة الشاي على العمال والمزارعين وتم ربط اليوم بالمطالبة بتقديم الدعم لسعره والتجارة العادلة. ويجدر الإشارة إلى الدور الذي لعبه هذا المشروب في استقلال القوة الأعظم في العالم حاليا وهي الولايات المتحدة عن بريطانيا والقصة وراء ولع الإنجليز به، فما هي الحكاية؟ 1773 حفل شاي بوسطن دب الخلاف علنا حول فرض الضرائب، والذي كان يغلي تحت السطح منذ فترة في مستعمرات بريطانيا في أمريكا حينما مرر البرلمان البريطاني قانون الشاي عام 1773. فقد حابى القانون شركة الهند الشرقية الإنجليزية، شبه المفلسة تقريبا، على التجار المحليين في المستعمرات الأمريكية فما كان إلا أن قاطع سكان المستعمرات الأمريكية الشاي البريطاني. وحينما رست ثلاث سفن تابعة لشركة الهند الشرقية في بوسطن، تنكر 50 ناشطا في هيئة هنود الموهوك وصعدوا على متن تلك السفن وأفرغوا ما فيها من الشاي في مياه المرفأ.

https://www.youtube.com/watch?v=W4Z71oxl14Y

وعرفت تلك الحادثة بـ”حفل شاي بوسطن”. أسفر رد الفعل البريطاني على حفل شاي بوسطن وغيره من القضايا أخيرا إلى أن تصاعدت الأمور إلى الذروة، وكانت تلك هي حرب الاستقلال التي هزم فيها البريطانيون في يورك تاون. غير أن الحرب عادت لتتجدد بين الجانبين المتناحرين مرة أخرى في عام 1812 ولم تهدأ الأمور إطلاقا حينما أشعل البريطانيون النار في البيت الأبيض وكابيتول هيل مقر الكونغرس الأمريكي. وخلال تلك الحرب كتب فرانسيس سكوت كي قصيدته الشهيرة “راية تزينها النجوم” والذي قدر لها بعد ذلك أن تصبح النشيد الوطني الأمريكي. وأعلنت بريطانيا رسميا الحياد خلال الحرب الأهلية الأمريكية غير أن السفن البريطانية ساعدت الولايات الجنوبية المنشقة بتمرير أسلحة وإمدادات عبر الحصار البحري الذي فرضه الاتحاد الأمريكي. وقد أسفر ذلك عن أزمة دبلوماسية حينما أوقفت سفينة تابعة للاتحاد أخرى بريطانية للبريد تدعى ترنت، حيث كانت السفينة البريطانية تحمل على متنها مندوبين عن الولايات الجنوبية، وقامت سلطات الاتحاد الأمريكي باعتقال مندوبي الولايات المارقة من على متن السفينة البريطانية. وكان في هذا خرق للقانون البحري وكاد أن يقود إلى حرب بين بريطانيا والاتحاد الأمريكي، غير أن مفاوضات، شملت تدخل من جانب الأمير ألبرت، أدت إلى نزع فتيل الأزمة. ما قصة الولع الإنجليزي؟ وبعيدا عن السياسة ما هي قصة ولع الإنجليز بهذا المشروب؟ ولماذا ارتبط بهم؟ اشتهر الشعب الإنجليزي بعشق يكاد يكون وراثيا للشاي. لكن في الحقيقة يرجع الفضل في ولع الشعب الإنجليزي بالشاي إلى سيدة برتغالية. لماذا يعشق البريطانيون شرب الشاي؟ فكر في أي شخص ينحدر من أصول إنجليزية خالصة. فمهما اختلفت الصور التي تستحضرها في ذهنك، ستلاحظ أن هذا الشخص ذو وجه جامد القسمات، لا يبدي أي انفعالات، وفي يده قدح من الشاي. وهذا بالضبط ما يفعله الشعب الإنجليزي، الذي لا يكف عن احتساء الشاي. وفي الواقع، إن الشاي إنجليزي بامتياز. ويعد جزءا أصيلا من الثقافة الإنجليزية، إلى حد أنه قد ارتبط في أذهان العالم بالشعب الإنجليزي .ومن المعلوم أن الغرب ينسبون الفضل في اكتشاف نبتة الشاي وزراعتها للمرة الأولى للصينيين، ولكن ربما ليس من المعروف أن البرتغاليين هم الذين روّجوا لهذا المشروب المحتوي على مادة التانين في إنجلترا، وعلى وجه الدقة، هي امرأة برتغالية. وتعود القصة إلى عام 1662، عندما وافق تشارلز الثاني على الزواج من الأميرة كاثرين أوف براغانزا، ابنة جون الرابع ملك البرتغال. ومهدت هذه الزيجة لكاثرين الطريق لتصبح ملكة إنجلترا واسكتلندا وأيرلندا. ويحكى أن كاثرين عندما انتقلت إلى زوجها الملك تشارلز الثاني في إنجلترا، جلبت معها أوراق الشاي، ضمن مملتكاتها الشخصية، وربما كانت جزءا أيضا من تجهيزات العروس. وعندما وصلت كاثرين إلى إنجلترا، كان الشاي آنذاك يستخدم كعلاج، إذ كان الإنجليز يعتقدون أنه ينشط الجسم وينقي الطحال. ولكن الملكة الشابة لم تتخل عن عادة احتساء الشاي يوميا التي بدأتها في بلادها، ومنذ ذلك الحين انتشر الشاي كمشروب يتجمع الناس لاحتسائه، ولم يعد علاجا فقط. وشهد القرن التاسع عشر قطيعة دبلوماسية بين الصين والإمبراطورية البريطانية، ما دفع بريطانيا للبحث عن مصدر بديل للشاي. ولجأت شركة الهند الشرقية، المتحكمة فى التجارة العالمية آنذاك، لعالم النباتات الاسكتلندي، روبرت فورتشن، المعروف باهتمامه بجمع أنواع البهارات النادرة وبيعها للطبقة الأرستقراطية. وكُلف فورتشن بالذهاب متخفيا إلى الصين، وتهريب نبات الشاى للهند، لتكوين صناعة موازية. ونجح بالفعل فى تهريب 20 ألف من النباتات والبذور من الصين إلى دارجيلينج، لكنه فوجئ بالشاى ينمو بشكل برى هناك، ويرجع الفضل لهذه العملية السرية فى تحول الهند إلى معقل لانتاج الشاى لاحقا. قصص حروب الملح حيث كان عصب الحياة مثل الطاقة فى زماننا منذ فجر التاريخ حتى القرن التاسع عشر وفى الحرب الأهلية الأمريكية فضَل العمال الحصول على أجورهم ملح بدل النقود على أمل الاستفادة من تضخم الأسعار وأدرك المسئولون فى الحكومة المركزية أن العملة آخذة فى التدهور مقابل صعود سعر الملح فقامت بتخزين كميات كبيرة لتتم مبادلته لاحقا ، كما أصبحت رزمة الملح وقتها هدية ثمينة وقدمت إحداها فى عرس احد قادة جيش الجنوب . يتألف تاريخ الأمريكتين من الحروب المستمرة على الملح فمن كان يسيطر على الملح يصبح السلطان كما جاء فى كتاب تاريخ الملح «لمارك كيرلانسكى» . أما خلال اندحار نابليون عن روسيا مات الآلاف من جنوده بسبب جروح طفيفة لأنه افتقر إلى الملح اللازم لتطهيرها بالإضافة لأهمية الملح لإطعام الجنود ودوائهم ولأكل الخيول . لم يكن عبثا أن المهاتما غاندى اختار الملح ليكون مدخلا لاستقلال الهند عن بريطانيا ، وكان الملح بالنسبة للدولة الرومانية جزءا من إمبراطوريتهم ونشروا ورش استخراجه فى كل أرجائهم وركزوها على السواحل والمستنقعات والينابيع المالحة فى شبه الجزيرة الإيطالية ومع الفتوحات استولوا على مدن تحمل اسم مدينة الملح مثل «هالشتات» الألمانية وصقلية وأسبانيا والبرتغال وغيرها فى شمال إفريقيا وغنموا ورش اليونان فى البحر الأسود والشرق الأوسط، والآن نحن نعرف أكثر من 60 ورشة ملح يرجع تاريخها للإمبراطورية الرومانية . كحال روما كانت الديمقراطية فى البندقية شيئا مثاليا على الورق فقط وليس ممارسة عملية لأنه فى آواخر القرن الثالث عشر ونظرا إلى رغبتها فى رفع أسعار الملح عالميا دمرت البندقية ورش الملح فى كريت وحظرت إنتاجه محليا وهذا بالضبط ما يفعله الآن الإرهابيون من تدمير حقول النفط عندما يستولون عليها ليفرضوا سيطرتهم… فيا له من تاريخ تتشابه أحداثه ولكننا لانتعلم، فاللهم اجعل كهرباءنا كملحنا .

زر الذهاب إلى الأعلى