رأي بوابة الاقتصاد: إمدادات الغذاء .. الحلول والبدائل
بوابة الاقتصاد
وصفت منظمة الأغذية والزراعة “الفاو” ارتفاع مؤشر أسعار الغذاء بأنه مستوى عال جديد غير مسبوق، بعد أن بلغ 140.7 نقطة في شباط (فبراير) 2022، بزيادة قدرها 5.3 نقطة، أي 3.9 في المائة عن مستواه المسجل في كانون الثاني (يناير)، وأعلى بمقدار 24.1 نقطة، أي 20.7 في المائة عن مستواه قبل عام من اليوم، وذلك نتيجة زيادات كبيرة في المؤشرات الفرعية لأسعار الزيوت النباتية، ومنتجات الألبان.
كما ارتفعت أيضا أسعار الحبوب واللحوم، وقد أرجعت المنظمة ذلك لانعدام اليقين بشأن الإمدادات العالمية، وسط تعطل الأنشطة في منطقة البحر الأسود، وحركة التصدير من أوكرانيا، والاتحاد الروسي لأنهما معا يمثلان المصدر الرئيس للقمح.
لكن المسألة لا تقف عند القمح والحرب في البلقان، بل وصلت لأسعار الذرة التي ارتفعت بنسبة 5.1 في المائة بسبب الأوضاع في الأرجنتين، والبرازيل، مع ارتفاع أسعار الأرز العالمية بنسبة 1.1 في المائة خلال شباط (فبراير) بسبب الطلب القوي.
كل ذلك يشير إلى أزمات كبيرة في الأمن الغذائي تلوح في الأفق، مع انعدام وجود مؤشرات قوية وقريبة لحلها، الأمر الذي ينبئ بمزيد من التعقيدات القادمة.
هذا الوضع المتأزم عالميا، والاتجاه الصاعد في الأسعار جعل مدير مكتب الطوارئ في منظمة “الفاو”، يصرح بأن العالم سيواجه نموا أكثر حدة في مؤشرات انعدام الأمن الغذائي الحاد العالمي، الذي ارتفع بصورة غير مسبوقة خلال الأعوام الخمسة الماضية، وتسبب في معاناة 161 مليون شخص من الجوع في 2021.
وفي وقت يحدق فيه خطر الأمن الغذائي بالعالم، فإن الدول المتنازعة تتقاذف التهم بشأن الأسباب التي أدت إلى ذلك، حيث قالت روسيا إن أسعار الغذاء سترتفع عالميا بسبب الارتفاع الحاد في أسعار الأسمدة، إذا وضع الغرب عراقيل أمام صادراتها من الأسمدة، التي تستأثر بنحو 13 في المائة من الإنتاج العالمي، فأسعار الأسمدة ارتفعت بالفعل بسرعة كبيرة ولم يعد بوسع كثير من المزارعين شراؤها.
وفي الوقت نفسه، أعلنت روسيا أنها قد تعلق صادرات القمح والشعير والذرة حتى 30 حزيران (يونيو)، في مقابل ذلك يرى صندوق النقد الدولي أن الحرب الروسية – الأوكرانية تعرض الأمن الغذائي العالمي للخطر.
ولكن هذا التصاعد في انعدام الأمن الغذائي لا يأتي من تأثير الحرب فقط، بل هو حصيلة قضايا عدة، من بينها انتشار الوباء الذي دفع بأكثر من 132 مليون شخص إلى الجوع، مقارنة بـ108 ملايين شخص في 2016، وكذلك تراجع صادرات القمح الروسي 45.4 في المائة منذ بداية موسم التسويق 2021 – 2022 في الأول من تموز (يوليو) بسبب قلة المحصول، وضريبة صادرات جرى تحديدها عند 86.3 دولار للطن في الفترة من 16 إلى 22 آذار (مارس)، إلى جانب أنه من المتوقع حدوث موجة صقيع في عدد من مناطق إنتاج القمح الشتوي في روسيا.
وفي وضع كهذا، فإن كل دولة في العالم أصبحت تراجع مستويات الأمن الغذائي لديها من خلال البحث عن بديل للإمدادات من الجانب الروسي – الأوكراني.
وفي هذا السياق، نشرت “بوابة الاقتصاد” تصريحا لرئيس الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي السعودية، يؤكد فيه أن الفجوة الغذائية في الوطن العربي تقدر بما يقارب 41 مليار دولار، 50 في المائة منها في الحبوب، ثم تأتي بعد ذلك اللحوم بـ31 في المائة، ثم الألبان، فالزيوت، منوها إلى أن الدول العربية أكبر مستورد للقمح في العالم.
وهذا يضع الدول العربية في قلب الأزمة الغذائية، والحل هو ما ذكره مدير مكتب الطوارئ في منظمة “الفاو” الذي أكد ضرورة وجود التزام سياسي، وموارد كافية، وشراكات قوية وشاملة، على جميع المستويات العالمية، والإقليمية، والمحلية، مبنية على القيم، والرؤية المشتركة.
كما يأتي ضمن هذا السياق تصريح رئيس الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي، الذي يشير فيه إلى أهمية التخطيط الاستراتيجي للحد من هذه الفجوة وتقليل الاستيراد من الخارج من خلال إقامة مشاريع زراعية وغذائية في الوطن العربي، في خمس مواد غذائية أساسية، وهي الحبوب، والزيوت، واللحوم، والسكر، والألبان، والاستثمار في الدول العربية التي تملك موارد زراعية لسد فجوة القمح، من خلال تضامن المشاريع في الوطن العربي بالفكر الموحد.
ان الحل يكمن في زيادة صوامع التخزين لتتسع لتخزين القمح وزيادة زراعة القمح والذرة بدلا من مساحات الموالح والفواكه وزيادة المساحات المزروعة بالحبوب بدلا من الاعتماد على الاستيراد من الخارج.