زاك مايرز يكتب: دروس الاتحاد الأوروبي لمكافحة الاحتكار في أميركا
بوابة الاقتصاد
يدعو بعض السياسيين الأمريكيين، مثل السناتور الأمريكي إليزابيث وارين عن ولاية ماساتشوستس، إلى إيجاد حلول جذرية مثل تفكيك شركات التكنولوجيا العملاقة، وهو ما لا يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تحقيقه. كما أن مشروع القانون الذي قدمته السناتور الأمريكية إيمي كلوبوشار من مينيسوتا من شأنه أن يمنع الشركات المهيمنة من استخدام مركزها على نحو يضر بمنافسيها. يتجاهل اقتراح كلوبوشار غير المدروس الهدف الأساس لسياسة المنافسة، وهو مساعدة المستهلكين وليس المنافسين. على سبيل المثال، عندما تخفض إحدى الشركات أسعارها إلى ما دون الأسعار التي تتقاضاها الشركات الأخرى، تصبح هذه الشركات الأخرى “محرومة” – لكن المستهلكين يستفيدون.
تثير عمليات مراجعات الاندماج قضايا مماثلة. وعلى الرغم من أن عمليات الاستحواذ على الشركات قد تؤدي في بعض الأحيان إلى الحد من المنافسة، إلا أن عديدا منها يعود بالنفع على المستهلكين، لأنها تساعد الشركات على اكتساب قدر أكبر من الكفاءة وتتنافس بشكل أكثر فاعلية، أو تمنح الشركات الأصغر حجما مزيدا من الموارد لتسويق أفكارها. لكن سلطات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ترغب في وقف ما يسمى بعمليات الاستحواذ المدمرة، حيث تشتري الشركات الكبرى الشركات الناشئة فقط لمنعها من التحول إلى منافسة في وقت لاحق.
وعلى الرغم من اتخاذ المفوضية أخيرا خطوات لفحص مزيد من الصفقات، فإنها تتمتع بسجل جيد في السماح لعمليات الاستحواذ المبتدئة بالمضي قدما. من المحتمل أن تستمر هذه العمليات، لأن المشرعين في الاتحاد الأوروبي لا يمكنهم بسهولة تعديل قوانين مراجعة الاندماج لتسهيل منع الصفقات المشكوك فيها.
وفي المقابل، سحبت السلطات الأمريكية أخيرا وعلى نحو غير متوقع المبادئ التوجيهية الخاصة بالصناعة التي كان المقصود منها مساعدة الشركات على فهم ما إذا كان من المحتمل حظر صفقاتها. غيرت سياسات عمليات مراجعة الاندماج لجعل تصفية المعاملات الخاصة ببعض الشركات أكثر صعوبة. فقد هددت بمراجعة الصفقات بأثر رجعي. تسعى لجنة التجارة الفيدرالية إلى إلغاء عمليات استحواذ شركة فيسبوك على تطبيقي “إنستجرام” و “واتساب” في 2012 و2014، على التوالي – وهي الصفقات التي قامت بمراجعتها والموافقة عليها في ذلك الوقت. وقد يجبر مشروع قانون كلوبوشار السلطات الأمريكية على منع صفقات معينة، حتى لو كانت من المحتمل أن تفيد المستهلكين.
واليوم، يبدو أن الإجماع العالمي يتحول نحو سياسة منافسة أكثر صرامة. ولكن في حين ستعمل المحاكم والعمليات التشريعية في الاتحاد الأوروبي على تخفيف الغرائز المتشددة لدى المفوضية الأوروبية، فإن الولايات المتحدة، بحماستها الجديدة لمكافحة الاحتكار، تخاطر بحظر سلوك الشركات والصفقات التي تساعد المستهلكين. لذلك، قد تضطر الشركات الكبرى التي ترغب في سياسة منافسة معتدلة ومستقرة إلى التطلع في المستقبل إلى بروكسل بدلا من واشنطن.
*نقلا عن صحيفة “الاقتصادية”.