قصة قذيفة إسرائيلية واحدة قضت على 5 آلاف جنين في غزة
عندما أصابت قذيفة إسرائيلية أكبر مركز للخصوبة في قطاع غزة في ديسمبر الماضي أدى الانفجار إلى نزع الأغطية عن خمسة خزانات تحتوي على النيتروجين السائل كانت في زاوية من وحدة الأجنة.
وعندما تبخر السائل بالغ البرودة ارتفعت درجة الحرارة داخل الخزانات وأدى ذلك إلى القضاء على أكثر من أربعة آلاف من أجنة أطفال الأنابيب إضافة إلى ألف عينة أخرى لحيوانات منوية وبويضات غير مخصبة كانت هي الأخرى مخزنة في مركز “البسمة” للإخصاب وأطفال الأنابيب.
وكانت تشكل تلك الأجنة المتواجدة في الخزانات بمثابة الأمل الأخير لمئات الأزواج الفلسطينيين ممن يواجهون مشكلات في الخصوبة.
ووفقا لوكالة رويترز فقد كان مختبر الأجنة في أبريل لا يزال مليئا بالحطام ومستلزمات المختبر المدمرة، وظهرت خزانات النيتروجين السائل وسط الأنقاض، وكانت الأغطية مفتوحة، وظهرت في قاع أحد الخزانات سلة مملوءة بقصبات صغيرة ملونة بحسب رمزها تحتوي على الأجنة المدمرة.
ويعد ذلك الانفجار مثالا على الخسائر غير المرئية للحملة العسكرية الإسرائيلية المتواصلة منذ أكثر من 6 أشهر على قطاع غزة الذي يقطنه أزيد من مليوني نسمة.
القضاء على حلم الأمومة
بالنسبة للشابة الفلسطينية صبا جعفراوي، فقد كان الخضوع لعلاج خصوبة لمدة ثلاث سنوات رحلة نفسية صعبة، حيث كانت عملية استخراج بويضات من مبيضيها مؤلمة وكان لحقن الهرمونات آثار جانبية قوية.
ولم تتمكن صبا (32 عاما) وزوجها من الإنجاب بصورة طبيعية، وهذا ما دفعهما للجوء للتلقيح الصناعي المتاح على نطاق واسع في قطاع غزة.
تقول صابا: “قد ما تتخيلوا وقد ما أقولكو إن رحلة التلقيح الصناعي صعبة، ما حدا بيحس في هذه الرحلة إلا إذا الست مجربة”.
وأرادت صبا التي عبرت إلى مصر العودة إلى منطقة الحرب واستعادة أجنتها المجمدة في مركز البسمة ومحاولة التلقيح الصناعي من جديد، لكن الأوان قد فات.
التلقيح الصناعي.. عملية شائعة في غزة
تجري تسع عيادات على الأقل في غزة عمليات التلقيح الصناعي التي تجمع فيها البويضات من مبيض المرأة وتخصب بالحيوانات المنوية للزوج في المختبر، وغالبا ما تجمد البويضات المخصبة، التي تسمى أجنة، حتى يحين الوقت الأمثل لنقلها إلى رحم المرأة.
وتخزن معظم الأجنة المجمدة في غزة في مركز البسمة.
ومع اشتداد الهجمات الإسرائيلية، بدأ كبير أطباء الأجنة في المركز، محمد عجور، يشعر بالقلق بشأن مستويات النيتروجين السائل في مخازن الأجنة الخمسة، حيث يجب إعادة تعبئة الخزانات بالنيتروجين كل شهر تقريبا للحفاظ على درجة الحرارة دون 180 تحت الصفر في كل خزان، والتي تعمل دون الاعتماد على الكهرباء.
وتمكن عجور بعد اندلاع الحرب من شراء دفعة واحدة من النيتروجين السائل، لكن إسرائيل قطعت الكهرباء والوقود عن غزة وتوقف معظم الموردين عن العمل.
ويقول استشاري أمراض النساء والتوليد الدكتور بهاء الدين الغلاييني، “نعلم بكل جوارحنا ماذا كانت تعنيه الخمسة آلاف حياة تلك، أو الحياة التي كانت محتملة، للآباء والأمهات.. في المستقبل وفي الماضي”.
وأضاف الغلاييني، أن نصف الأزواج على الأقل لن تكون لديهم فرصة أخرى للإنجاب إذ لم تعد لديهم القدرة على إنتاج حيوانات منوية أو بويضات قابلة للتلقيح.
ويقول الغلاييني، إنه على الرغم من الأوضاع التي يعيشها القطاع، يلجأ الأزواج الذين يعانون من مشكلات في الإنجاب إلى التلقيح الصناعي، ومن أجل هذا الحلم يبيعون أجهزة منزلية مثل التلفزيون أو المجوهرات للدفع مقابل تلك الخدمة الطبية.