4 عوامل تدفع قطاع البناء في مصر للنمو بمعدل يفوق المنطقة
“فيتش”: تدفق الأموال، والطلب على السكن، والسياحة، والمشروعات الكبرى، تسهم بقفزة القطاع
يُتوقع أن ينمو قطاع البناء في مصر بنسبة 7.5% للعام المالي الحالي 2023-2024، وبـ7.9% العامين المقبلين، على أساس سنوي، ليتفوق على معدلات نمو القطاع بدول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حتى 2033، بحسب “فيتش”
وكالة التصنيف الائتماني أشارت في تقرير حديث، تناول آفاق قطاع البنى التحتية والتشييد في البلاد على مدى 10 سنوات، إلى وجود 4 عوامل أساسية تدعم نموه، على رأسها التدفقات المالية الخارجية، وفي مقدمتها الاستثمارات الوافدة من الإمارات والسعودية وقطر. بالإضافة إلى تمويلات بإجمالي 20 مليار دولار من صندوق النقد الدولي (8 مليارات دولار)، والبنك الدولي (3 مليارات)، والاتحاد الأوروبي (المقدّرة بـ5 إلى 6 مليارات)، وبريطانيا، واليابان، كما توقع وزير المالية محمد معيط.
وقعت مصر والإمارات صفقة استثمار عقاري الشهر الماضي، ستطور بموجبها شركة “القابضة” (ADQ) مشروع “رأس الحكمة” مقابل 24 مليار دولار بهدف تنمية المنطقة، بجانب تحويل 11 مليار دولار من الودائع التي سيتم استخدامها للاستثمار بمشاريع رئيسية في مصر.
كما أوردت بلومبرغ، نقلاً عن أشخاص مطلعين دون الإفصاح عن هوياتهم، أن السعودية تجري محادثات أولية لتطوير منطقة رأس جميلة على ساحل شمال البحر الأحمر، باستثمارات ستبلغ عدة مليارات من الدولارات، في حال تمّ الاتفاق على الصفقة.
مرحلة واعدة
أما العوامل الثلاثة الإضافية، بحسب “فيتش”، فهي الطلب المحلي القوي على السكن المدعوم بتزايد عدد السكان وبنيتهم الديمغرافية الشابة، فضلاً عن النشاط السياحي الذي يحفز الطلب على مشاريع البنية التحتية والتطوير العقاري المرتبطة بالسياحة والفنادق والنقل، إلى جانب وجود مشاريع كبرى قيد التنفيذ، تتنوع من المدن الجديدة إلى الطاقة المتجددة.
ورجّح أحمد شمس الدين، رئيس قطاع البحوث في شركة “إي إف جي هيرميس القابضة”، بمقابلة مع “الشرق” مؤخراً أن يمثل القطاع العقاري في مصر أحد القطاعات الواعدة للاستثمار، مع قرب خروج البلاد من أزمة السيولة التي مرّت بها، بعد عن مشروع “رأس الحكمة”، والحديث عن استثمارات في مشاريع مختلفة.
دعوات لكبح الإنفاق
لكن هذا النشاط المزمع لقطاع التشييد، يتزامن مع دعوات لكبح الإنفاق على المشروعات الكبرى، سواء عبر تصريحات سابقة لمسؤولي صندوق النقد الدولي، أو لرجال أعمال، آخرهم الملياردير نجيب ساويرس الذي دعا الحكومة في مقابلة تلفزيونية قبل يومين إلى عدم ضخ الأموال في المشاريع التي لا تحمل صفة الأولوية؛ “حتى لا نعود بعد 3 أو 4 سنوات إلى الوضع الذي كنا عليه”، على حدّ تعبيره، قبل أن تسهم صفقة “رأس الحكمة” في إحداث منعطفٍ إيجابي للاقتصاد المصري.
ستبدأ مطلع العام المقبل عمليات ترفيق المرحلة الثانية من العاصمة الإدارية في مصر، بتكلفة 240 مليار جنيه، كما كشف لـ”الشرق” رئيس شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية خالد عباس. وكان صرح سابقاً أن الشركة ستنفق 60 مليار جنيه في 2024، لتسريع عمليات الإنشاءات وتشييد المرافق وتطوير البنية التحتية للمدينة الجديدة الواقعة شرق العاصمة القاهرة.
علياء مبيض، كبيرة الاقتصاديين للشرق الأوسط في “جيفيريز”، اعتبرت في حلقة خاصة لـ”الشرق” تحت عنوان “اقتصاد مصر.. الفصل الجديد”، أن على الحكومة مواصلة مزيد من الخطوات عبر تقليص مشاريع البنية التحتية الكبرى والانضباط المالي للحكومة وإفساح المجال للقطاع الخاص.
في حين رأى هشام عز العرب، رئيس مجلس إدارة البنك التجاري الدولي، أن أسعار الفائدة، والتي رفعها البنك المركزي مؤخراً 600 نقطة أساس إضافية، تجعل القطاع العقاري بطليعة المرشحين للتأثر سلباً.
مطلع فبراير، أفصح مطورون عقاريون لـ”الشرق” أنهم أجّلوا طرح مراحل جديدة من مشروعاتهم السكنية لحين إعادة استقرار سعر صرف الجنيه، وأسعار لمواد البناء، حتى يتمكنوا من إعادة تسعير وحداتهم في ضوء الزيادات اليومية لثمن هذه المواد، ومن ضمنها الحديد الذي قفز سعره 85% خلال عام.
كذلك تأثرت مشروعات البنية التحتية، خلال العامين الماضي والحالي، بأزمة شح الدولار، حيث أدى نقص المواد الأولية إلى عرقلة إنجاز بعض هذه المشاريع الحيوية، كالطرق والكباري، بحسب مسؤولين في شركات مقاولات حكومية وخاصة تحدثوا مع “الشرق” مطلع فبراير.
تحديات داخلية وخارجية
3 تحديات أساسية تواجه قطاع البنية التحتية والبناء في مصر، وفقاً لتقرير “فيتش”، يتصدرها حالة عدم اليقين إزاء الوضع الجيوسياسي في المنطقة، ما قد يؤثر على إقبال المستثمرين. والثاني، الارتفاع المتوقع بمستوى التضخم بعد تحرير سعر صرف الجنيه، الأمر الذي يهدد قدرة المصريين الشرائية. إضافةً إلى تحدٍّ قانوني يتمثل بضبابية إجراءات تسجيل ملكية الأراضي.
كانت “فيتش” توقعت في تقرير سابق أن تزيد الحرب في غزة وإمكانية توسعها المخاطر التي تحاصر اقتصادات الدول المجاورة، ولاسيما مصر والأردن.
تفاقم التضخم في مدن مصر خلال فبراير لأول مرة بعد 4 أشهر من التراجعات، إذ قفزت أسعار المستهلكين 35.7% على أساس سنوي، مقابل 29.8% في يناير. أمّا على أساس شهري، فزادت وتيرة التضخم إلى 11.4% من 1.6% في يناير، حسب بيان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.