جولد بيليون: سوق الذهب العالمي يترقب صدور مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي
كتب : محمود حاحا – بوابة الاقتصاد
استقرت أسعار الذهب خلال تداولات اليوم الخميس في ظل توقف المستثمرين عن اتخاذ مراكز جديدة قبل بيانات التضخم الرئيسية التي تصدر اليوم عن الاقتصاد الأمريكي، والتي من شأنها أن تساهم في توقف مسار أسعار الفائدة.
ارتفع سعر أونصة الذهب العالمي اليوم بشكل طفيف بنسبة 0.1% ليتداول السعر حول المستوى 2035 دولار للأونصة وقت نشر تحليل جولد بيليون، بعد ارتفاع يوم أمس بنسبة 0.2%، لتستمر التداولات تحت المستوى 2040 دولار للأونصة الذي يحد من مكاسب الذهب مؤخراً.
التداولات المحدودة خلال جلسة اليوم تأتي في ظل عدم رغبة المستثمرين في التداول على اتجاه محدد للذهب قبل صدور مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الجوهري الذي يعد مقياس التضخم المفضل لدى البنك الفيدرالي الأمريكي.
التوقعات تشير إلى تراجع مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي السنوي خلال شهر يناير إلى المستوى 2.4% من القراءة السابقة بنسبة 2.6%، ومن المتوقع أن يتراجع المؤشر السنوي الجوهري إلى 2.8% من 2.9%.
في حال جاءت قراءة المؤشر مرتفعة بأعلى من التوقعات سيعني هذا استمرار التضخم متماسك بشكل يزيد من بقاء أسعار الفائدة الأمريكية مرتفعة لفترة أطول من الوقت، وسيكون لهذا تأثر سلبي مباشر على أسعار الذهب الذي يحقق استفادة من الفائدة المنخفضة.
تصريحات أعضاء البنك الاحتياطي الفيدرالي بأن البنك بحاجة إلى بذل المزيد من العمل لخفض التضخم، وأن البنك ليس في عجلة من أمره للبدء في خفض أسعار الفائدة في وقت مبكر، تسببت في فرض ضغط مستمر على أسعار الذهب وتمنعه من تسجيل المزيد من المكاسب، الأمر الذي يدفع الذهب إلى التحركات العرضية بدون اتجاه واضح.
صرح أعضاء البنك الاحتياطي الفيدرالي جون ويليامز ورافائيل بوستيك إن البنك الفيدرالي بحاجة إلى بذل المزيد من العمل من أجل أن يصل التضخم إلى هدف البنك البالغ 2٪. وجاءت تعليقاتهم بعد سلسلة من التحذيرات المماثلة من مسؤولين آخرين، لتزيد من الشكوك حول التوقعات بأن يبدأ البنك الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة في وقت مبكر من عام 2024.
الأسواق ما زالوا يتوقعون فرصة بنسبة 50٪ تقريباً لخفض أسعار الفائدة في يونيو، ولكن هذه التوقعات مستمرة في التراجع بشكل تدريجي وسط البيانات المستمرة في الصدور لتظهر تماسك معدلات التضخم.
كما قلصت الأسواق رهاناتهم بشأن إجمالي خفض الفائدة خلال عام 2024 إلى ثلاث تخفيضات في أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة في كل مرة، بعد أن كانت الرهانات عند خمس تخفيضات هذا العام قبل شهر مضى.
من المرجح أن تؤدي التوقعات ببقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول إلى استمرار الدولار متماسك، وتنذر بمزيد من الضغط على الذهب والمعادن الثمينة الأخرى.
من جهة أخرى نجد أن الذهب يجد الدعم بعد دخول اليابان وبريطانيا في ركود اقتصادي فني والذي يعرف على كونه تسجيل الاقتصاد لانكماش في النمو لربعين متتاليين، بالإضافة إلى دعم من التوترات الجيوسياسية المستمرة في الشرق الأوسط والتي ساعدت أسعار الذهب على تجنب الهبوط الحاد من جراء توقعات بقاء الفائدة الأمريكية مرتفعة لفترة أطول من الوقت.
من جهة أخرى تعمل البنوك المركزية حول العالم على تسريع مشترياتها من الذهب، وهي خطوة تعد تنوع استراتيجي للبنوك بعيدًا عن الدولار الأمريكي وسط التوترات الجيوسياسية وعدم الاستقرار المالي العالمي.
بدأت موجة تزايد مشتريات البنوك المركزية من الذهب بعد الحرب الروسية الأوكرانية واستخدام الولايات المتحدة للدولار كسلاح باعتباره عملة الاحتياطي العالمي، الأمر الذي دفع الدول إلى تنويع احتياطاتهم.
وقد ساعد هذا على دعم أسعار الذهب بشكل كبير، فمنذ بداية شهر ديسمبر تقريبا وأسعار الذهب متماسكة فوق المستوى 2000 دولار للأونصة، وذلك على الرغم من تزايد التوقعات باستمرار الفائدة الأمريكية مرتفعة لفترة أطول من الوقت، والسبب الرئيسي وراء هذا التماسك هو ارتفاع الطلب على الذهب من قبل البنوك المركزية العالمية.
أسعار الذهب محلياً
استمرت أسعار الذهب المحلي في التداول داخل نطاق محدد حيث يفتقد إلى اتجاه واضح خلال الفترة الحالية وذلك في ظل استقرار العوامل المؤثرة على أسعار الذهب المحلي، ولكن يبقى الترقب في الأسواق قائم.
افتتح الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً تداولات اليوم عند المستوى 2980 جنيه للجرام ليتداول وقت كتابة التقرير عند المستوى 2975 جنيه للجرام بعد أن تراجع إلى المستوى 3970 جنيه للجرام.
يأتي هذا بعد أن انخفض سعر الذهب يوم أمس بمقدار 60 جنيه، حيث اغلق عند المستوى 2990 جنيه للجرام وكان قد افتتح جلسة الأمس عند المستوى 3050 جنيه للجرام.
التذبذب والتحركات العرضية الحالية في سعر الذهب المحلي تأتي في ظل استقرار العوامل المؤثرة على أسعار الذهب في مصر، فالدولار في السوق الموازي يشهد استقرار خلال الفترة الحالية ومنذ انتهاء موجة الهبوط التي تسببت فيها الإعلان عن صفقة الاستثمار في رأس الحكمة.
من جهة أخرى نجد أن هناك توازن حالي في العرض والطلب، فبعد انخفاض أسعار الذهب خلال الفترة الأخيرة أصبحت الأسعار مناسبة للبعض للشراء من جديد وهو ما أدى إلى توقف الهبوط والتذبذب بين ارتفاع وهبوط خلال الأيام الماضية.
أيضاً سعر أونصة الذهب العالمي تشهد تذبذب وتحركات عرضية خلال الفترة الأخيرة، وهو ما ساهم في استقرار السعر المحلي أيضاً، والذي تتعادل أسعار حاليا بشكل كبير مع السعر العالمي وفقاً لتصريحات مستشار وزير التموين لقطاع الذهب والمجوهرات أن أسعار الذهب الحالية تعادل السعر العالمي للذهب، وأنه لن يحدث المزيد من التراجع خلال الفترة القادمة في ظل حدوث توازن حالياً بين السعر المحلي والعالمي.
هذا وقد صرح الرئيس المصري يوم أمس أنه تم بالفعل وصول جزء من أموال صفقة رأس الحكمة لتدخل البنك المركزي المصري، وأن هناك جزء آخر سيدخل يوم الجمعة المقبلة، الأمر الذي ساعد على هدوء الأسواق بشكل كبير.
ولكن يبقى الترقب متواجد في الأسواق بشكل عام لقرار تعويم سعر الصرف الرسمي، خاصة بعد تصريح أخير من مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا أن الصندوق توصل لحل للقضايا الرئيسة مع مصر، وأن اللمسات الأخيرة على حزمة تمويل إضافية ستكون خلال أسابيع.
توقعات أسعار الذهب العالمية والمحلية
يشهد سعر أونصة الذهب العالمي تذبذب وتداولات ضعيفة خلال جلسة اليوم الخميس، وذلك مع انتظار الأسواق لصدور بيانات التضخم الأمريكية الرئيسية وهو ما دفع المستثمرين إلى تجنب اتخاذ مراكز جديدة على الذهب قبل صدور البيانات.
تبقى تحركات الذهب المحلي في نطاق تداول محدد ويستمر في التحرك بشكل عرضي دون تحديد اتجاه واضح، الأمر الذي يعكس التوازن الحالي في بين العرض والطلب، بالإضافة إلى حالة الاستقرار في سعر صرف الدولار في السوق الموازي.
استمرت تداولات الذهب العالمي تحت مستوى المقاومة 2040 دولار للأونصة لتظل التداولات محدودة في نطاق بينه وبين مستوى الدعم 2025 دولار للأونصة، في انتظار حافز مناسب في الأسواق لخروج الذهب من هذه المنطقة، وقد يكون هذا الحافز هو بيانات التضخم الأمريكية اليوم.
كسر منطقة التداول لأسفل يدفع السعر ليستهدف المستوى 2015 ثم 2000 دولار، بينما اختراق المنطقة لأعلى يستهدف المستوى 2050 ثم 2065 دولار للأونصة.
أما عن السعر المحلي:
تبقى تداولات الذهب في تذبذب بين مستويات 2900 – 3150 جنيه للجرام عيار 21 وتختلف حدة التذبذب من جلسة لأخرى ولكن تظل ضمن هذا النطاق، والذي من المتوقع أن يستمر التداولات داخله حتى يجد جديد في الأسواق أو في حركة سعر صرف الدولار في السوق الموازي.
في حال استكمل الذهب المحلي الانخفاض سيكون المستهدف عند 2800 جنيه للجرام وبعده المستوى 3300 جنيه للجرام. بينما الارتفاع لأعلى سيكون بعد اختراق المستوى 3150 جنيه للجرام بشكل ناجح وبزخم قوي.