آخر الاخباراقرأ لهؤلاء

البعد الاقتصادى لمحطة الضبعة للطاقة النووية للأغراض السلمية

بوابة الاقتصاد

قال الوزير المفوض الدكتور / منجى على بدر
خبير العلاقات الدولية وعضو مجلس ادارة الجمعية المصرية للأمم المتحدة
ان مصر على مر العصور لديها رواية ملهمة تتزامن مع بذل الجهود لمواجهة التحديات الجيوسياسية والاقتصادية والبيئية ،وتمضي مصر قدما في استكمال حلمها لبناء محطة طاقة نووية سلمية،وهو المشروع الذي من شأنه أن يوفر طاقة كهربائية مستدامة ورخيصة، ويسهم في التنمية المستقبلية للبلاد.
وبتاريخ 22 يناير 2024 تم البدء بصب الخرسانة بقاعدة وحدة الكهرباء (المفاعل الرابع) بمحطة الضبعة للطاقة النووية للاستخدامات السلمية ومن المقرر الانتهاء منه عام 2028 ودخوله مرحلة التشغيل.
ونذكر أنه فى ديسمبر 2017 وقّع الرئيسان المصري والروسي الاتفاقات النهائية لبناء محطة الضبعة للطاقة النووية خلال زيارة الرئيس الروسي للقاهرة وتضم محطة الضبعة أربعة مفاعلات من الجيل “3+” العاملة بالماء المضغوط بطاقة إجمالية 4800 ميجاوات بواقع 1200 ميجاوات لكل مفاعل،وتقوم شركة “روساتوم” الروسية بتشييد محطة “الضبعة” بأفضل التقنيات وأعلى معايير الأمان والسلامة عالميًا، حسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ومن الجدير بالذكر ، أن التعاون الروسى المصرى فى المجال النووى بدأ عام 1956 بتشييد مفاعل أنشاص النووى للأبحاث ويعتبر مشروع الضبعة النووى للأغراض السلمية هو السد العالى الثانى فى تاريخ مصر الحديث ، ومشروع محطة الضبعة يمثل إنجازا جديدا في ملف التعاون الاستراتيجى مع روسيا الاتحادية.
وتبلغ تكلفة المشروع 20 مليار دولار امريكى بقرض من روسيا ومصر تتحمل الجزء الخاص بالعملة المحلية وتبدأ مصر في سداد القرض اعتبارا من أكتوبر 2029، ولمدة 35 عاما بفائدة 3% وعليه ، فان محطة الضبعة لاتمثل ضغطا على موارد الدولة من النقد الاجنبى حيث شروط القرض الروسي ميسرة.
وتتوافر الشروط الاقتصادية والتنموية والبيئية وكذا الأمان النووى لمحطة الضبعة حيث أن انتاج الهيدروجين باستخدام كهرباء الضبعة أكثر صداقة للبيئة لأن اليورانيوم عنصر طبيعى غير ملوث للبيئة وبلا انبعاثات كربونية، وتبرز محطة الضبعة أهمية المشروعات الخضراء فى دعم الاستثمار والاقتصاد الوطنى، وتحقيق أهداف رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة، ورفع الوعى البيئى لدى فئات الشعب ونشر مفهوم الاقتصاد الأخضر لضمان حقوق الأجيال القادمة فى الموارد الطبيعية ، وأنه رغم الصعوبات الاقتصادية والضغوطات المتنوعة على مصر منذ جائحة كورونا حتى الان فلم تتخل مصر عن النهج التنموى .

وفيما يخص العائد الايجابى متعدد الجوانب لتشغيل محطة الضبعة للطاقة النووية بعنصر اليورانيوم باستخدام وسائل الأمان والحماية فانه يحقق عوائد اقتصادية هامة حيث أن 630 جرامًا من اليورانيوم تساوى نحو 70 طنًا من الفحم، وعند الاحتراق الكامل لواحد كجم من اليورانيوم، الذى يستخدم فى الوقود النووى، يتم إنتاج طاقة تعادل تلك المنبعثة من حرق 100 طن من الفحم الحجرى عالى الجودة.
ونظرا لأن العالم يشهد أزمة طاقة فان أهمية القرار الاستراتيجى الذى اتخذته الدولة المصرية بإحياء البرنامج النووى السلمى المصرى لإنتاج الطاقة الكهربائية كونه يساهم فى توفير إمدادات طاقة آمنة ورخيصة وطويلة الأجل واللازمة لخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بما يحقق الاستدامة البيئية والتصدى لتغير المناخ ويجنب مصر التقلبات العالمية لأسعار الطاقة .
وفى ذات السياق ، تسعى السياسة المصرية الى اتخاذ خطوات استباقية فى المجال الاقتصادى وتوفير الخدمات قبل بدء تشغيل محطة الضبعة النووية حيث تابع السيد الرئيس مشروع “جريجي – GREGY” مع الجانب اليونانى للربط الكهربائي مع أوروبا، خاصةً مع نجاح جهود إدراج المشروع في القائمة الأولى للمشروعات ذات الفائدة المشتركة بالاتحاد الأوروبي، وإعداد الدراسات الفنية والبيئية النهائية، وكذا الدراسة الخاصة بتحديد مسار كابلات الربط البحرية ،
وعليه، يمكن نقل كهرباء محطة الضبعة الى أوربا عبر مشروع جريجى وأيضا النقل الى الدول العربية التى تم الربط الكهربائى معها وأهمها السعودية والاردن والعراق.
ان البدء فى أعمال المفاعل الرابع بمحطة الضبعة له تأثير ايجابى على الشعب المصرى خاصة فى ظل تحديات المعيشة ، ويبرهن أن مصر لديها قدرات متنوعة وتستطيع عبور أزماتها الاقتصادية بتكاتف قوى المجتمع وأيضا دليل على رشاقة السياسة المصرية فى تحقيق مصالح الشعب المصرى مع القوى العالمية فى الشرق والغرب ، وأن التعاون مع روسيا له نتائج ايجابية فى ملفات كثيرة أبرزها الاستمرار فى تنفيذ محطة الضبعة على الرغم من حرب روسيا فى أوكرانيا ضد مايزيد على 50 دولة فى مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية.

وعلى الجانب الآخر ، نشير لوثيقة التوجهات الاستراتيجية للفترة الرئاسية الجديدة التى وضعت 8 أهداف رئيسية، فنرى أن يتم استكمال الوثيقة بوضع اللائحة التنفيذية لها لمناقشتهما معا فى الحوار الاقتصادى المقبل واضافة الموارد الاجنبية التى تولدها محطة الضبعة من تصدير الكهرباء ضمن المصادر الرئيسية فى توليد النقد الأجنبى ، وأن تتبنى الدولة سياسات مناسبة تراعى التقدم الكبير فى الذكاء الاصطناعى وحشد طاقات الشباب فى قطاع تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعى لاحداث تنمية مستدامة مثل ماحدث فى التجارب التنموية لكل من الصين والهند وماليزيا والعديد من الدول التى حققت طفرات صناعية وتكنولوجية.

الوزير المفوض الدكتور / منجى على بدر
خبير العلاقات الدولية وعضو مجلس ادارة الجمعية المصرية للأمم المتحدة
25 يناير 2024

IMG 20240128 WA0000

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى