آخر الاخباراقرأ لهؤلاء

د. منجى على بدر يكتب: مدى فاعلية السياسة النقدية والسياسة المالية فى التنمية الاقتصادية

بوابة الاقتصاد

تلعب السياسة المالية والسياسة النقدية دورًا هاما في تنظيم النشاط الاقتصادي وتحقيق الاستقرار الاقتصادي وإن فهم الفرق بين هذين النوعين من السياسات ضروري لاتخاذ القرارات الاقتصادية السليمة.

 وتتعلق السياسة المالية بتنظيم الإيرادات والنفقات الحكومية لتحقيق التوازن المالي ودعم النمو الاقتصادي ومكافحة التضخم والبطالة، بينما تتعلق السياسة النقدية بضبط العرض النقدي والتحكم في التضخم وتحقيق الاستقرار المالي ودعم النمو الاقتصادي.

وتعد السياسة النقدية والسياسة المالية أداتين يتم الاعتماد عليهما إلى حد كبير في إنعاش النمو الاقتصادي والسيطرة على التضخم .

وتلعب السياسة المالية دورًا كبيرًا فى الدول النامية ومنها مصر، وإن كانت هذه الدول تعانى من صعوبات تحد من كفاءة أدوات السياسة المالية، كما أن الوضع الاقتصادى والاجتماعى لهذه الدول يتطلب موارد مالية كبيرة لتحقيق التنمية الاقتصادية. وبالتالى فإن حكومات هذه الدول عليها مسئولية كبيرة فى تطوير سياساتها المالية بكل مكوناتها فى جانبى الإيرادات والنفقات، وأيضاً سياساتها الاقتصادية بشكل عام، حتى تتمكن من زيادة مواردها وترشيدها، وإنفاق هذه الموارد بكفاءة لضمان تحقيق الأهداف المطلوبة وأهمها عدالة توزيع الدخل والنمو.

 وعلى الرغم من أهمية دور السياسية المالية إلا أنها لم تستطع بشكل كبير فى تحقيق أهداف النمو والتوزيع العادل للموارد ويرجع ذلك إلى عدم تطوير النظام الضريبى بالشكل الكافى ، ومن ثم ضعف الإيرادات المتاحة للدولة، مما انعكس على مجالات الٌإنفاق، وأدى إلى ضعف الإنفاق الاجتماعى والاستثمارى. وبالتالى يتوقف نجاح السياسة الاقتصادية عموماً والمالية على وجه الخصوص، فى تحقيق أهدافها التنموية على عاملين أساسيين هما: الموارد المتاحة للمجتمع، والكيفية التى يتم بها استخدام هذه الموارد.

ونعرض لأى من السياستين أكثر فعالية فى التنمية :-

 فى الآونةالأخيرة، أصبحت السياسة النقدية أكثر شهرة من السياسة المالية نظرا لتدخل البنوك المركزية في أعقاب الأزمة المالية العالمية الاخيرة ، وربما يرغب متخذوا القرار في التدخل بخفض سعر الفائدة لإنعاش الاقتصاد، كما تعد السياسة النقدية أسرع في التنفيذ من السياسة المالية ، فمن الممكن تغيير معدلات الفائدة كل فترة قصيرة .

   وفيما يخص السياسة المالية ، ربما لها آثار جانبية ولكن فاعليتها أكبر في الاقتصادات حيث إنه في حالة ارتفاع التضخم، يتم رفع الضرائب وخفض الإنفاق، وهي أمور لا تلقى صدى إيجابيا في الأوساط الشعبية كما أنها تؤثر سلبيا على الخدمات العامة ، ويرى بعض الخبراء أن السياسة المالية التوسعية بزيادة الإنفاق الحكومي تؤدي أحيانا إلى انخفاض إنفاق القطاع الخاص ، ويحتاج إقرار الحكومات لسياسة مالية معينة لبعض الوقت من أجل تحديد ما إذا كان سيتم رفع الضرائب أو خفضها أو زيادة الإنفاق أو تقليصه ودراسة تأثير ذلك على المواطنين بالإضافة إلى الحاجة لموافقات مجلس النواب ، وخلال أوقات الركود ربما تكون السياسة المالية أكثر أهمية لجذب الثقة في الاقتصاد من السياسة النقدية.

ونستنتج ممّا سبق ، أنّ كلا السياستين المالية والنقدية تعملان جنبًا إلى جنب في سبيل تحقيق أهدافهما المشتركة فى التنمية الاقتصادية ، لكنّ الاختلاف يكمن في آلية عملهما والجهة المسئولة عن تنفيذها.

 وختاما ، فان حالة مصرتستوجب التركيز على السياسة المالية بشكل أكبر من السياسة النقدية لطبيعة المرحلة التنموية التى تمر بها مصر ، وأيضا تواجد ظاهرة الاقتصاد غير الرسمى ، وأهمية بذل الجهود لتوسيع القطاع الانتاجى فى كافة المجالات واشراك القطاع الخاص فى العملية التنموية ، وعليه، فان اهتمام الدولة يجب أن ينصب أولا على تفعيل سياسات اقتصادية متكاملة للسيطرة على التضخم ،يليها ضبط  موضوع سعر صرف الجنيه أمام باقى العملات كمرحلة ثانية.

  وفيما يخص التنمية الشاملةفانها عملية مستمرة تركز على تطوير جوانب الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والايدولوجية، وتحدثتغيراتكميةوكيفيةوتحولاتهيكليةتستهدفالارتقاء بمستوى المعيشة لكل أفراد المجتمع والتحسن المستمر لنوعية الحياة من خلال الاستخدام الامثل للموارد والامكانيات المتاحة وعلى أن يراعى في ذلك أن تكون التنمية عملية مستمرة ومستدامة Sustainable ،بمعنى أنها توفر احتياجات الجيل الحالي بدون التضحية بقدرة الاجيال القادمة على الوفاء باحتياجاتها، ومصر حققت مقولة أنه لاثراء بدون بنية تحتية ولااستقرار بدون الزراعة ولا ثروة بدون الصناعة،وأن المشروعات القومية ومشروعاتالاقتصاد الاخضر والذكاء الاصطناعى وتكنولوجيا المعلومات خير شاهد على رؤية الدولة المصرية فى الاصرار على عبور التحديات ومنها مشكلتى التضخم وسعر الصرف وتحقيق التنمية.

==

 الوزير المفوض والمفكر الاقتصادى/ د. منجى على بدر

عضو مجلس ادارة الجمعية المصرية للأمم المتحدة

 القاهرة فى 8 يناير 2024

زر الذهاب إلى الأعلى