اقتصاد وأسواق

المصري للدراسات الاقتصادية”: تراجع إنتاج الوظائف إلى النصف خلال عام

محمود العربى وفتحى السايح

  • تراجع كبير فى الطلب على حديثي التخرج بسوق العمل
  • الصناعة تنتج 10% من الوظائف فى مصر
  • 50% تراجع للوظاف المنتجة بمجال تكنولوجيا المعلومات والبرمجيات خلال عام
  • خبراء يطالبون بتدريب شباب الجامعات والخريجين لتأهيلهم لمتطلبات سوق العمل

أعلن المركز المصري للدراسات الاقتصادية، اليوم الخميس، نتائج تحليل الطلب فى سوق العمل المصري بالربع الثالث لعام 2023، برعاية البنك الأهلى المصري، بالتركيز على التحليل التفصيلي لمجالى البرمجيات وخدمة العملاء، وأيضا تحليل للصورة الكلية على مدار عامين كاملين منذ بدء التحليل.

واستعرضت الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذى ومدير البحوث بالمركز، أهم نتائج التحليل، لكل من ذوى الياقات البيضاء، وذوى الياقات الزرقاء، حيث أشارت النتائج إلى تراجع إنتاج الوظائف خلال عام، مع عودته للزيادة فى ربع الدراسة الأخير لكن بنسبة طفيفة.

فيم يتعلق بذوى الياقات الزرقاء أظهر التحليل تراجع إنتاج الوظائف بشكل مستمر على مدار 15 شهر منذ الربع الثاني 2022 حتى الربع الثاني 2023 بنحو 49.5%، ثم ارتفاعه بشكل طفيف في الربع الثالث 2023 بنحو 11%، وهو ما يعنى تراجع إنتاج الوظائف إلى النصف تقريبا خلال عام واحد، كما أنه في أوقات تراجع الطلب تتراجع العاصمة بشكل أقوى، وفي أوقات زيادته يزيد الوجه البحري بشكل أقوى، وهناك تراجع مستمر في الإسكندرية، وضعف شديد في مساهمة الصعيد على مدار العامين، وتزيد حدة التراجع كلما انخفض مستوى المهارة والخبرة، ولا تتغير المركزية الشديدة في إنتاج الوظائف في مصر من ربع لآخر.

ومن أهم النتائج أيضا أن الوظائف الصناعية لا تمثل سوى 10% فقط في المتوسط من إجمالي إنتاج الوظائف في مصر، وتشير إلى تزايد إنتاج الوظائف الصناعية بشكل مستمر منذ بداية 2023، بعد تراجع متواصل في 2022، وتظهر أيضا تعافي القطاع السياحي نسبيا خلال النصف الأول من 2023، وتراجعه مرة أخرى في الربع الثالث 2023 قبيل الأحداث في غزة.

وتشير النتائج إلى أن 62% في المتوسط من وظائف ذوي الياقات الزرقاء تشترط ذكور، وتراجع الطلب على الإناث بوتيرة أسرع من الذكور، وفي الربع الأخير عندما ارتفع الطلب بشكل طفيف، انحصرت الزيادة على الذكور دون الإناث، وتشترط 38% على الأقل من الوظائف تعليم عالي، وهو ما يمثل هدرا للموارد البشرية وتوظيفها في غير موضعها، بجانب أن العمل من المنزل رفاهية لا يملكها ذوي الياقات الزرقاء حتى في أوقات الأزمات.

أما ما يتعلق بتحليل وظائف ذوى الياقات البيضاء، فقد أظهرت النتائج أن الاقتصاد ينتج حاليا 83% مما كان ينتجه من وظائف خلال نفس الربع من العام الماضى، فعلى مدار مدار 15 شهر منذ الربع الثاني 2022 حتى الربع الثاني 2023 حدث تراجع لإنتاج الوظائف بشكل مستمر بلغت نسبته نحو 55%، ثم ارتفاعه بشكل طفيف في الربع الثالث 2023، ولكن بشكل أقل حدة من ذوي الياقات الزرقاء بنسبة بلغت نحو 27%.

وتشير النتائج إلى أن المركزية أشد حدة في حالة الياقات البيضاء، حيث تتركز 86% في المتوسط من الوظائف في العاصمة، مقابل 70% لذوي الياقات الزرقاء، ويعد مجال خدمة ودعم العملاء هو المجال الأكثر إنتاجا للوظائف بنسبة 27.3%، يليه تطوير البرمجيات بنسبة 11.6%، ثم المبيعات والتجزئة بنسبة 9%.

وأظهرت النتائج تضاعف عدد الوظائف التي تتيح العمل من المنزل 5 مرات لتمثل 19% من إجمالي وظائف ذوي الياقات البيضاء في الربع الثالث 2022 مقارنة بـ 5% فقط في الربع الرابع 2021، وتشير إلى أنه بعد انحسار الجائحة بشكل كامل بدأت الوظائف التي تتيح العمل من المنزل في التراجع بشكل تدريجي حتى أصبحت لا تمثل سوى 6% من إجمالي الوظائف المتاحة في أحدث ربع.

وخلال هذا الربع تم إجراء تحليل تفصيلي لمجالى البرمجيات وخدمة العملاء، وهما الأكثر إنتاجا للوظائف خلال ربع الدراسة كما تم الذكر سابقا، وأظهر التحليل تراجع بنحو 50% للوظاف المنتجة بمجال تكنولوجيا المعلومات والبرمجيات خلال عام، إلا أنه ارتفع خلال الربع الأخير من التحليل ولكن بنسبة لا تتعدي 23%، ويستحوذ إقليم العاصمة منفردا على 92% من الوظائف فى هذا القطاع، وتتيح نحو 14% من الوظائف العمل من المنزل، فى حين تعمل 3% فقط من الوظائف بنظام الفريلانس، ومن أهم النتائج فى هذا التحليل هو أن أكثر من 90% من الوظائف تشترط سنتين خبرة على الأقل، وتضمن التحليل بيانات تفصيلية حول تخصصات ولغات البرمجة الأكثر طلبا متوسطات الرواتب التى تقدر بنحو 18 ألف جنيها شهريا، وهو الأعلى من بين جميع المجالات على الإطلاق فى مصر.

وفيم يتعلق بتحليل مجال خدمة العملاء، فقد شهد إنتاج الوظائف تراجعا على مدار عام أيضا بلغت نسبته 58%، إلا أن الربع الأخير محل الدراسة شهد زيادة فى الوظائف الجديدة بنحو 104% مقارنة بالربع السابق، وبلغت نسبة الوظائف التى تتيح العمل من المنزل 48% مقارنة بمتوسط عام 20%، وأيضا شهد هذا المجال تحولا بمرور الوقت عن حديثي التخرج وكذلك ذوى الخبرة الكبيرة.

من جانبه أشاد هشام عكاشة الرئيس التنفيذي للبنك الأهلى المصري، بجهود المركزى المصرى للدراسات الاقتصادية، فى إجراء هذا التحليل المتميز للطلب فى سوق العمل المصري على مدار عامين، مؤكدا أن البنك يستفيد بشكل كبير من البيانات الناتجة عن هذا التحليل.

وعقبت حنان الشيخة الرئيس التنفيذي للموارد البشرية بالبنك الأهلي المصري، على نتائج التحليل مؤكدة تطابقها تماما مع الواقع، حيث تحجم الشركات والبنوك حاليا عن تعيين حديثي التخرج من التخصصات المختلفة، وتفضل ذوى الخبرة، وهو ما أظهره التحليل للربع الثاني على التوالي، وهو ما أرجعته لعدم جاهزية حديثي التخرج لسوق العمل، مطالبة بضرورة العمل مع الجامعات لتأهيل الخريجين الجدد.

من جانبها علقت الدكتورة ماريان عازر عضو مجلس النواب السابق وعضو مجلس إدارة هيئة الرقابة المالية، مؤكدة أن رغبة الشركات فى استقطاب ذوى الخبرة بدلا من حديثي التخرج خاصة فى قطاع تكنولوجيا المعلومات والبرمجيات، يرجع لعدة أسباب تتمثل فى الأزمات المالية التى أثرت على الشركات وقلصت ميزانيات التدريب، وأيضا تكاليف الوقت والإنتاجية والمخاطر الناجمة عن الأخطاء المحتملة، والتحديات التكنولوجية الكبيرة المتمثلة فى الذكاء الاصطناعى والقدرة على التعامل مع هذه التقنيات واستخدام الأكواد الصحيحة وأيضا التعامل مع الجوانب الأخلاقية.

ودعت عازر إلى ضرورة التعاون مع الجامعات وتوفير برامج متخصصة للتدريب والتأهيل على غرار الجهود التى تقوم بها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من مبادرات متاحة للجميع، وعمل شراكات بين الشركات الخاصة والجامعات لتأهيل الشباب ومساعدتهم على مواكبة تطور الوظائف الجديدة.

وعقب الدكتور أحمد درويش وزير التنمية الإدارية الأسبق، أن تراجع توجه الشركات للعمل من المنزل يرجع إلى عدم وجود أى أدوات لقياس العمل من المنزل، متوقعا أنه فى غضون سنوات سيتغير تعريف ذوى الياقات البيضا ليشمل كل من يعمل من المنزل، وذوى الياقات الزرقاء ليشمل كل من يعمل من مكان العمل.

ولفت درويش إلى أن توليد قطاع الصناعة لنحو 10% فقط من الوظائف خلال فترة التحليل هو أمر خطير، لافتا إلى أن مشكلة الاقتصاد المصري تكمن فى توفر العملة الصعبة والتى تحصل عليها مصر من مصادر محددة هى الصادرات والاستثمار المباشر وتحويلات العاملين بالخارج وقناة السويس والسياحة، وتنفق العملة على الاستيراد وأقساط الدين وفوائدها، فى حين أن رقم الصادرات هزيل جدا لا يتخطى 40 مليار دولار فى أفضل الأحوال، وهو ما يجب زيادته إلى نحو 100 مليار دولار سنويا من الصناعة والخدمات، وهو السبيل لحل مشكلة العملة.

ومن ناحية أخرى لفت درويش إلى أنه وفق دراسة شارك فيها قامت بها مؤسسة اليونيدو، أظهرت أنه خلال عام 2030 سيكون هناك 10 مليون وظيفة فى أوروبا لا تجد من يتقدم لها فى حيث سيصل عجز الوظائف فى منطقة الشرق الأوسط لنحو 25 مليون وظيفة، متسائلا: هل نحن جاهزون لنأخذ حقنا العادل فى هذه الوظائف؟ داعيا إلى ضرورة دراسة الاحتياجات المستقبلية لسوق العمل وهى العلومات التى لدينا نقص كبير بها، حتى يمكن تحسين كفاءة جاهزية الخريجين لسوق العمل بما يتناسب مع الطلب المستقبلي.

وعلقت الدكتورة عبلة عبد اللطيف، بأن المركز قام بالفعل بإعداد دراسة حول الطلب المستقبلي فى قطاع الصناعة خلال 5 سنوات، وهى جهود تمت بالفعل، مشيرة إلى التواصل مع الجهات الحكومية المعنية وهى وزارات الاتصالات والتعليم العالى ومدهم بنتائج تحليل الطلب فى سوق العمل وما يحتاجه السوق حتى يمكن توفير تعليم وتدريب يرفع جاهزية الخريجين لسوق العمل، ولكن يبقى استجابة هذه الجهات لتحقيق النتائج المرجوة من هذه الدراسات.

جدير بالذكر أن المركز المصري للدراسات الاقتصادية، يستهدف من خلال تحليل الطلب على الوظائف في سوق العمل المصري إلى سد الفجوة الإحصائية والمعلوماتية في هذا المجال، حيث تركز معظم البيانات المتاحة من قبل الجهات الرسمية المحلية والدولية على جانب العرض فقط، لذلك بداية من يونيو 2021 قام المركز برعاية البنك الأهلي المصري بتجميع ومعالجة وتحليل جميع إعلانات التوظيف الموثوقة المنشورة على الإنترنت، وإتاحة النتائج من خلال لوحة بيانات سهلة الاستخدام يتم تحديثها بشكل ربع سنوي، بما يمكن الجميع من رصد اتجاهات الطلب على المهارات في سوق العمل المصري وكيفية تغيره بمرور الوقت استجابة للتطورات الاقتصادية محليا وإقليميا ودوليا.

IMG 20231221 WA0095
IMG 20231221 WA0095
IMG 20231221 WA0092
IMG 20231221 WA0092
IMG 20231221 WA0093

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى