جولد بيليون: أسعار الذهب تتراجع مع ترقب بيانات التضخم الأمريكية
كتب : محمود حاحا _ بوابة الاقتصاد
تراجع الطلب الموسمي على الذهب في مصر يساهم في تراجع الأسعار
تراجعت أسعار الذهب خلال تداولات اليوم الثلاثاء لتمحي المكاسب التي سجلتها يوم أمس لتعود للتداول داخل نطاق محدد، يأتي هذا مع انتظار الأسواق لصدور بيانات التضخم الأمريكية هذا الأسبوع كونها تعد أحد الركائز التي يعتمد عليها البنك الفيدرالي في اتخاذ قرارات السياسة النقدية.
تتداول أسعار الذهب الفورية وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون عند المستوى 1920 دولار للأونصة حيث انخفض اليوم بنسبة 0.1% وذلك بعد أن سجل يوم أمس أعلى مستوى منذ 4 جلسات عند 1930 دولار للأونصة، قبل أن يفقد جزء كبير من المكاسب عند الاغلاق.
استغل الذهب عمليات البيع لجني الأرباح على الدولار الأمريكي التي حدثت يوم أمس، ولكن اليوم عاد الدولار إلى التماسك من جديد وأصبح تركيز الأسواق على بيانات مؤشر أسعار المستهلكين التي تصدر يوم غد.
من المتوقع أن تظل تحركات الأسواق ضعيفة على نطاق واسع حتى صدور بيانات التضخم يوم غد، حيث تشير التوقعات أن التضخم قد لا يظهر تراجع خلال شهر أغسشسيسطس الأمر الذي يمنح البنك الاحتياطي الفيدرالي خيار إبقاء أسعار الفائدة دون تغيير لفترة أطول، خاصة أن بقاء التضخم الأساسي ثابت سيبقي الذهب تحت ضغط سلبي.
من جهة أخرى ارتفع مؤشر الدولار الذي يقيس أداؤه مقابل سلة من 6 عملات رئيسية خلال تداولات اليوم بنسبة 0.2% ليعوض معظم الخسائر التي سجلها مطلع هذا الأسبوع، يأتي هذا بعد أن ارتفع الدولار لثمانية أسابيع متتالية مسجلاً ارتفاع منذ بداية شهر سبتمبر بنسبة 1.1%.
ارتفاع الدولار ساهم بشكل أساسي في زيادة الضغط السلبي على أسعار الذهب، هذا بالإضافة إلى تداول عوائد السندات الأمريكية بالقرب من مستويات قياسية، فقد ارتفع العائد على السندات لأجل 10 سنوات منذ بداية شهر سبتمبر بنسبة 4.1% لتشهد ارتفاع للشهر الخامس على التوالي، حسب جولد بيليون.
يتأثر الذهب بشكل سلبي من ارتفاع عوائد السندات الحكومية الأمريكية وارتفاع مستويات الدولار بسبب كونه أصل لا يقدم عائد لحائزيه وبالتالي يتراجع الطلب عليه لصالح الاستثمار في أسواق السندات التي تقدم عائد يرتفع بارتفاع أسعار الفائدة.
الجدير بالذكر أن الأسواق تسعر احتمال بنسبة 92% أن يقوم البنك الفيدرالي خلال اجتماعه الأسبوع القادم بتثبيت الفائدة دون تغيير، واحتمال آخر بنسبة 43% أن يقوم البنك برفع الفائدة خلال اجتماعه في نوفمبر.
معاناة صناديق استثمار الذهب مستمرة في أغسطس
صدر عن مجلس الذهب العالمي بيانات صناديق الاستثمار المدعومة بالذهب، ليظهر استمرار خروج الاستثمارات من الصناديق خلال شهر أغسطس، الأمر الذي يعكس الضعف الذي شهده أسعار الذهب مؤخراً.
صندوق SPDR الاستثماري المدعوم في الذهب والذي يعد أكبر صندوق للذهب في العالم أظهر خروج استثمارات خلال أغسطس بمقدار 22.8 طن ذهب ليصل مجمل ادارته إلى 889.8 طن من الذهب.
منذ بداية العام وحتى الآن ارتفع أداء الصندوق بنسبة 4.98% منخفضا أداؤه من أعلى من 9% خلال الأشهر القليلة الماضية، بينما وصل مجمل أصول الصندوق إلى 55.6 مليار دولار بعد أن خرج منذ بداية العام 1.5 مليار دولار تقريباً.
السبب الرئيسي وراء خروج الاستثمارات من صناديق الذهب كان الارتفاع الكبير في عوائد السندات، فالسندات بأجل قصير تخطى العائد الخاص بها 5% بما يعني أنه من الأفضل للمستثمرين الاقبال على هذه السندات مقارنة بالذهب الذي لا يقدم عائد لحائزيه.
فالأسواق على ثقة أن الاقتصاد الأمريكي متماسك بشكل كبير حيث تراجعت من الأسواق التوقعات الخاصة بالركود المحتمل للاقتصاد الأمريكي، وحل بدلا منها توقعات تفيد حدوث هبوط سلس للاقتصاد، وفق جولد بيليون.
ليعمل هذا على زيادة الثقة في أسواق السندات قصيرة الأجل على حساب استثمارات الذهب، خاصة أن التضخم المتماسك زاد من التوقعات أن أسعار الفائدة ستستمر عند أعلى مستوياتها منذ أكثر من 20 عام لفترة أطول من الوقت.
انخفاض مخزونات الذهب يعكس تراجع استثمارات المعدن النفيس
رابطة سوق سبائك الذهب في لندن (LBMA) وهي رابطة تجارية دولية تمثل السوق العالمي لسبائك الذهب والفضة التي لديها قاعدة عملاء عالمية. أظهرت في تقرير لها أنه مع نهاية اغسطس 2023 انخفضت كمية الذهب المحتفظ بها في خزائن لندن إلى 8788 طن منخفضة بنسبة 0.9% عن الشهر السابق، لتصل قيمته إلى 548.8 مليار دولار أي ما يعادل حوالي 703014 سبيكة ذهب.
تدل هذه البيانات على قدرة لندن لدعم سوق التداول اللحظي للذهب ومع هذا التراجع في مخزونات الذهب فإن هذا يعكس تراجع الطلب على الذهب خلال الفترة الماضية في ظل التغير المستمر في توقعات أسعار الفائدة، وفق تحليل فني لجولد بيليون.
البيانات تأتي بالتوازي مع اعلان مجلس الذهب العالمي عن استمرار خروج التدفقات من صناديق الاستثمار المدعومة بالذهب خلال شهر أغسطس للشهر الثالث على التوالي لتفقد 2.5 مليار دولار لتنخفض حيازات الصناديق بمقدار 46 طن ذهب وتصل إلى 3341 طن ذهب. ومنذ بداية العام شهدت الصناديق خروج استثمارات بلغت 7.5 مليار دولار أمريكي لتنخفض حيازات الصناديق بمقدار 130 طن من الذهب منذ بداية العام.
هذا وقد انخفضت حيازات صناديق الاستثمار في الذهب في نهاية أغسطس لتسجل أدنى مستوى منذ مارس 2020 بانخفاض بنسبة 15% مقارنة مع المستوى القياسي البالغ 3916 طن ذهب المسجل في أكتوبر 2020.
أسعار الذهب في مصر
شهدت أسعار الذهب في مصر يوم أمس تحركات ضعيفة مستمرة منذ فترة في الأسواق، وذلك في ظل توازن بين العرض والطلب في الأسواق بالإضافة إلى استقرار في سعر صرف الدولار في السوق الموازية الأمر الذي دفع الأسعار إلى تحركات عرضية في نطاقات ضيقة للغاية.
اليوم افتتح الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً الجلسة عند المستوى 2195 جنيه للجرام دون تغير عن سعر اغلاق الامس حيث تستمر الأسعار في تحركاتها الضعيفة، بينما سجل الجنيه الذهب اليوم 17560 جنيه.
الأسواق المحلية تشهد توازن مؤخراً بين العرض والطلب، وذلك بسبب تراجع الطلب الموسمي على الذهب خلال هذه الفترة الأمر الذي جعله يتوازن مع المعروض بشكل مناسب، خاصة في ظل غياب العوامل التي تدفع الأسواق إلى التحرك بشكل كبير،
الحذر والترقب هو السمة الأساسية في الأسواق المحلية حالية في ظل انتظار ما سيقدم عليه البنك المركزي بشأن سعر صرف الجنيه، وهل سيتم الاستجابة بتعويم أو حدوث مرونة في سعر الصرف لتلبية طلبات صندوق النقد الدولي أم سيتم تأجيل هذا الأمر.
الجدير بالذكر أن المتحدث باسم صندوق النقد الدولي بأن الصندوق مستمر في التعاون مع الحكومة المصرية وتقديم المشورة بشأن السياسات، وأشار أنه سيتم الإعلان في الوقت المناسب عن مستجدات الوضع مع الحكومة المصرية وموعد اجراء مراجعات الصندوق.
اقترب شهر سبتمبر من الانتصاف وكانت التوقعات تشير إلى حدوث مراجعة صندوق النقد الدولي منتصف هذا الشهر، وحتى الآن لم تصدر تصريحات رسمية بشأن هذا الأمر وهو ما قد يدفع الأسواق إلى المزيد من الهدوء وبالتالي يميل السعر أكثر إلى الانخفاض.
سعر الذهب يتداول عند المستوى 2195 جنيه للجرام وهو يعد من مناطق مستوى الدعم 2200 جنيه للجرام، لذا فكسر هذه المنطق قد يزيد من ضغط البيع على أسعار الذهب خاصة بسبب إقبال المواطنين على البيع عند انخفاض الأسعار.
من جهة أخرى كان قد أعلن مجلس الذهب العالمي بيانات تفيد ارتفاع احتياطي مصر من الذهب منذ بداية عام 2023 وحتى نهاية مايو الماضي بمقدار 0.2 طن من الذهب، ليصل إجمالي احتياطي مصر من الذهب عند 125.9 طن تقريباً.
احتياطي مصر من الذهب يمثل 24.4% من مجمل الاحتياطات، وجاءت الزيادات في الاحتياطي خلال شهر مارس 2023 بمقدار 0.1 طن من الذهب وبمقدار 0.1 طن في شهر مايو 2023. يأتي هذا بعد ارتفاع احتياطي مصر من الذهب بمقدار 44.7 طن من الذهب خلال عام 2022.
سجلت مصر المركز الـ 32 على مستوى دول العالم من حيث حجم احتياطات الذهب، واستقرت عند المركز الخامس عربياً بعد كل من السعودية ولبنان والجزائر والعراق.
توقعات أسعار الذهب العالمية والمحلية
عادت أسعار الذهب إلى التراجع اليوم بعد أن اصطدمت يوم أمس مع مستوى المقاومة 1930 دولار للأونصة الذي قد يتطلب المزيد من الزخم الإيجابي حتى يتم اختراقه كونه سيدفع الذهب إلى المستوى 1950 دولار للأونصة.
والآن انحصرت التداولات فوق مستوى الدعم الثانوي عند 1915 دولار للأونصة في انتظار حافز جديد في الأسواق قد يحدث مع صدور بيانات التضخم الأمريكية يوم غد الأربعاء.
في المقابل نجد أن منطقة المستوى 1910 دولار للأونصة أصبحت تمثل الحد السفلي للتداولات في هذه المنطقة وكسرها يدفع السعر إلى المستوى النفسي 1900 بزخم سلبي كافي لكسر المستوى.
وبالنسبة لأسعار الذهب محلياً فقد انخفض السعر تحت المستوى 2200 جنيه للجرام ليتداول عند 2195 جنيه للجرام الذي يعد ضمن منطقة الدعم، ويظل الترقب الآن لكسر هذا المستوى مع وضوح ميل السعر إلى الهبوط أكثر من الارتفاع.
الأسواق في انتظار الحافز المناسب ليزيد من زخم تحركات الذهب التي تشهد ضعف في الزخم خلال الفترة الأخيرة. وفي حالة كسر المستوى 2200 جنيه للجرام متوقع أن يتزايد زخم البيع بشكل كبير ويفتح الباب لمزيد من الهبوط واستهداف منطقة 2150 – 2155 جنيه للجرام، ومن بعدها 2130 جنيه للجرام.