(الشباب الصيني فى العصر الجديد.. قراءة في الكتاب الأبيض للشباب 2022 ) ..أحمد سلام
نشر بالتقرير السنوي (الصين في عام) العدد الثاني فبراير ٢٠٢٣ الصادر عن المنتدي العالمي للدراسات المستقبلية.
يُعد الشباب مصدر ازدهار وتقدّم الأمم، لذا تهتم الدول بفئة الشباب وتعمل على إعدادهم وتمكينهم بشكل جيد، لدورهم الهام في تنمية وتطوير كافة القطاعات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية… إلخ في أي دولة.
وقد أدركت جمهورية الصين الشعبية أن الشباب هم صمام أمان الأمة، ومقياس قوتها ومعيار رقيها وازدهارها بين الأمم المتقدمة. ويعد العقد المنصرم من أزهى العصور التي حظي فيه شباب الصين بمميزات وخصائص عديدة وضحت بشكل جلي، حيث احتل الشباب مكانة هامة في تفكير وإستراتيجية الرئيس الصيني شي جين بينج، في ظل المؤتمر الوطني الـ 18 للحزب الشيوعي الصيني، الذي مثّل بداية حقبة جديدة في تطوير الاشتراكية ذات الخصائص الصينية.
ودائما ما يركز الخطاب السياسي للرئيس شي في غير مناسبة على أهمية دور الشباب في تحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية. ونقتبس هنا قوله، خلال الاحتفال بالذكرى المئوية لحركة الرابع من مايو: “الشباب هم القوة الأكثر نشاطا وحيوية في المجتمع بأسره. إن أمل البلاد يكمن في الشباب، ومستقبل الأمة يكمن في الشباب. إن شباب الصين حاليا في العصر الجديد في أفضل فترة لتطور الأمة الصينية، حيث تتوفر لهم فرص نادرة في الحياة لتسجيل الفضائل وتحقيق الإنجازات، ويواجهون أيضا رسالة العصر التي يجب عليهم أن يتحملوها. في العصر الجديد، يجب على شباب الصين مواصلة نشر روح الرابع من مايو، واعتبار تحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية مهمة لهم، وأن لا يخيبوا أمل الحزب وتوقعات الشعب وثقة الوطن”().
وكذلك، قوله خلال الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني: “إن المستقبل سيكون للشباب والآمال معقودة عليهم. وقبل مائة سنة، كانت مجموعة من الشباب الجدد ترفع شعلة الأفكار الماركسية عاليا، وتبذل جهودا شاقة بحثا عن الطريق إلى النهضة الوطنية في الصين التي يسودها الاضطراب والظلم. وخلال المائة سنة المنصرمة، وتحت راية الحزب الشيوعي الصيني، أسهم الشباب الصينيون جيلا بعد آخر بعنفوانهم وكفاحهم في قضايا الحزب والشعب، وأصبحوا قوة طليعية لتحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية”().
واتصالا بما سبق، وتأكيدا على الدور المهم للشباب في الصين، وما تحقق من منجزات في مجال تنمية الشباب الصيني، أصدر مكتب الإعلام التابع لمجلس الدولة الصيني في أبريل 2022، كتابا أبيض بعنوان “شباب الصين فى العصر الجديد”، اشتمل بين دفتيه إلى جانب المقدمة والخاتمة، أربعة أقسام: الأول، العصر الجديد: أوقات رائعة مع فرص وافرة. الثاني، التنمية الشاملة في العصر الجديد. الثالث، الشباب وتحمل المهام والمسئوليات الثقيلة. الرابع، وجود رؤية عالمية وشعور قوي بالمسئولية.
وقد أكد الكتاب “إن الصين دخلت عصرا جديدا من التنمية. وتتمتع الصين حاليا بتأثير على العالم أصبح أكثر شمولا وعمقا وأطول أمدا، والعالم يولي اهتماما أكبر للصين من أي وقت مضى”. وتضمن الكتاب العديد من الحقائق والإحصائيات الدقيقة والمهمة حول واقع الشباب في الصين، يمكن إيراد أبرزها في النقاط التالية:
- تخلص أكثر من 25 مليون شاب من الفقر. كما بلغ عدد مستخدمي الإنترنت الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و18 عاما 180 مليونا بنهاية عام 2020، مع توفر الإنترنت لـ 94.9% من القُصر.
- خلال جائحة (كوفيد -19)، كان الشباب يخاطرون بحياتهم لمكافحة هذا الفيروس القاتل.
- تخرج أكثر من 3 ملايين طالب من الشباب المتخصص في العلوم والتكنولوجيا والهندسة من الجامعات الصينية في كل عام.
- استفادة أكثر من 37 مليون طالب ريفي يتلقون تعليما إلزاميا من برنامج تحسين تغذية الطلاب وتحسنت صحتهم البدنية بشكل ملحوظ.
- نجاح 92% من الطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و19 عامًا في اجتياز اختبار اللياقة البدنية عام 2018، وزادت نسبة أولئك الذين حصلوا على تقدير جيد أو ممتاز بشكل كبير.
- بلغ متوسط عمر الأعضاء الأساسيين لمجموعات البحث على نظام بيدو للملاحة عبر الأقمار الصناعية 36 سنة، في حين بلغ متوسط العمر 35 سنة لمجموعة القمر الصناعي للعلوم الكمية “موتسي”، و30 سنة لمجموعة التلسكوب الراديوي الصيني “فاست” الذي يبلغ طول قطره 500 متر.
- تسجيل أكثر من 90 مليون شخص تتراوح أعمارهم بين 14 و35 عاما في منصة التطوع بنهاية عام 2021.
- أظهرت نتائج استبيان أجري عام 2021 حول مشاعر الشباب في الصين، أن 88 بالمائة من المستجيبين يعتقدون أنهم قادرون على إدارة عواطفهم.
وسوف تتناول هذه الورقة المحاور التالية:
المحور الأول: الصين وتنمية الشباب في العصر الجديد.. إنجازات عدة
في أبريل 2017، أصدرت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ومجلس الدولة خطة تنمية الشباب متوسطة وطويلة الأجل (2016-2025). وقد استهدفت الخطة الشباب في الفئة العمرية بين 14 و35 سنة. وكانت أول خطة موجهة نحو الشباب على المستوى الوطني في تاريخ جمهورية الصين الشعبية، وتوفر إرشادات سياسية أساسية للشباب في الصين للنمو والتطور في العصر الجديد. وقد أولى الحزب والحكومة اهتماما وثيقا للقضايا ذات الاهتمام المباشر للشباب في مجالات تشمل البحث عن عمل بعد التخرج، والابتكار وريادة الأعمال، والاندماج الاجتماعي، والزواج، ودعم المسنين، وتعليم الأطفال.
وجاء في ديباجة هذه الخطة، أن “الشباب هم مستقبل البلاد وأمل الأمة. عندما يزدهر الشباب، ستزدهر الأمة، وسيجعل الشباب القوي البلاد قوية. إن تعزيز نمو أفضل وتنمية أسرع للشباب هو مشروع أساسي واستراتيجي للبلد. تصاغ هذه الخطة وفقا للسياسات واللوائح ذات الصلة للحزب والدولة، وفقا للأهداف والمتطلبات العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبالاقتران مع الوضع الفعلي لتنمية الشباب في الصين”().
ونخلص في هذا المحور إلى أنه في العصر الجديد، يعيش الشباب الصيني أفضل فترة لتنمية الأمة الصينية، ولدى الشباب بيئة تنمية أكثر ملاءمة، ومساحة أوسع للنمو، ويواجهون فرصا نادرة للحياة لتحقيق إنجازات جديرة بالتقدير.
(1) ظروف تطوير عالية الجودة:
خلقت جمهورية الصين الشعبية “معجزتين” للتنمية الاقتصادية السريعة والاستقرار الاجتماعي طويل الأجل، حيث بلغ الناتج المحلي الإجمالي أكثر من 110 تريليون يوان في عام 2021، لتحتل الصين المرتبة الثانية في العالم. وتم انتشال أكثر من 25 مليون شاب من براثن الفقر.
ولا يمكن فصل التطور الذى يعيشه الشباب عن التحسين المستمر للمرافق الثقافية العامة التي تفيد الشباب، مثل المكتبات والمتاحف والمراكز الثقافية والمعارض الفنية. كما تطورت شبكة الإنترنت، والتى أثرت في الشباب بعمق. ففي نهاية عام 2020، كان هناك 180 مليون شاب تتراوح أعمارهم بين 6 و18 عاما في الصين يستخدمون الانترنت، وبلغ معدل انتشار الإنترنت للقاصرين 94.9٪، وضاقت الفجوة بين معدلات انتشار المناطق الحضرية والريفية من 5.4 نقطة مئوية في عام 2018 إلى 0.3 نقطة مئوية.
(2) الحصول على المزيد من الفرص التعليمية للتفوق والنجاح في الحياة:
في عام 2021، بلغ المعدل الإجمالي للالتحاق بالمرحلة العليا من التعليم الثانوي 91.4% مع معدل التحاق إجمالي يبلغ 57.8٪ وإجمالي التحاق يبلغ 44.3 مليون، وهو الأكبر في العالم. وخلال الفترة من عام 2012 إلى عام 2021، تم تسجيل أكثر من 820 ألف شخص في إطار خطة التسجيل الخاصة للجامعات الرئيسية في المناطق الريفية والمناطق الفقيرة، ما يعني تمتع الشباب الصيني بفرص تعليمية أكثر مساواة وأعلى جودة.
وقد أدى الارتفاع السريع للصناعات الجديدة والأشكال الجديدة في السنوات الأخيرة إلى ظهور عدد كبير من المهن الجديدة، مثل محترفي الألعاب الإلكترونية، والمذيعين عبر الإنترنت، والكتاب عبر الإنترنت. وقام عدد كبير من الشباب بالاتجاه إلى العمل في المهن السهلة، مثل توصيل الوجبات الجاهزة، إلى جانب وظائف وأنماط حياة متعددة ظهرت مع التطور التكنولوجي واستخدام الذكاء الاصطناعي، مما شجع الشباب على الهجرة من الريف إلى الحضر. ففي عام 2020، بلغ العدد الإجمالي للعمال المهاجرين ما يقرب من 170 مليون عامل، معظمهم من الشباب؛ وبلغ معدل التحضر للسكان الدائمين الشباب 71.1٪، بزيادة قدرها 15.3% عن عشر سنوات مضت، وأعلى بنسبة 7.2% من معدل التحضر لإجمالي السكان الدائمين.
المحور الثاني: الشباب الصيني في العصر الجديد.. المسئوليات والمهام
لخّص المؤتمر الوطني الـ 20 للحزب الشيوعي الصيني إنجازات العقد الماضي منذ دخول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية إلى العصر الجديد. حيث تحققت إنجازات وإصلاحات تاريخية، وأحرزت سلسلة من الانجازات البارزة. مما جعل النظام الاشتراكي ذو الخصائص الصينية يصبح أكثر نضجًا، وأصبح الشعب الصيني أكثر شجاعة وصلابة، ودخلت النهضة العظيمة للأمة الصينية مسيرة تاريخية لا رجعة فيها.. مما أكد على أن الشباب عليهم تحمل المسئوليات الجسام. وللتدليل على ذلك، نقتبس قول الرئيس شي في الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني: “.. وأما الشباب الصينيون في العصر الجديد، فيجب عليهم اتخاذ تحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية واجبا لهم، وتعزيز طموحهم وصلابة عودهم وثقتهم كصينيين، لكي يسجلوا مآثر جديرة بعصرهم وشبابهم ولا يخيبوا الآمال الواسعة للحزب والشعب”().
ويعد العصر الجديد مرحلة كبرى يمكن للشباب العمل في مختلف المجالات سواء التقليدية مثل الصناعة والزراعة والتجارة والجيش، وكذلك في العلوم والتعليم والثقافة والصحة والرياضة، وأيضاً في الأعمال الجديدة القائمة على التكنولوجيا والإنترنت. ومن خلال عملهم الشاق في مناصب عملهم على مستوى القاعدة الشعبية، حولوا العادي إلى ما هو غير عادي، وجعلوا المستحيل قابلا للتحقيق.
وبحلول عام 2021، كان 470 ألف من خريجي الجامعات قد عملوا في المناطق الريفية في وظائف تتعلق بالتدريس والزراعة والخدمات الطبية والتخفيف من حدة الفقر، وخلال إجازاتهم، أجرى الملايين من طلاب الجامعات دراسات استقصائية أو شاركوا في الأنشطة الثقافية وغيرها من الأنشطة لنشر فهم العلوم والتكنولوجيا والمعلومات المتعلقة بالصحة في الريف. ومن خلال هذه الجهود، قدم الشباب دعمهم لتخفيف حدة الفقر في الصين وتنشيط المناطق الريفية.
وفي مجال الشباب والرياضة، حقق الشباب الصيني خلال السنوات العشر الماضية نتائج مثمرة ومتميزة بعد أن تدربوا وثابروا رغم كل الصعوبات، فحصلوا على ميداليات في الألعاب الأولمبية، وكانت نتائج الفوز في الأولمبياد الشتوية 2022 خير شاهد على إصرارهم على النجاح.
ونستعرض في النقاط التالية أبرز المجالات التي نجح خلالها الشباب الصينيون في تحمل المسئوليات والمهام الملقاة على عاتقهم:
(1) تحمل المسئولية في المواقف الصعبة وحالات الطوارئ:
في العصر الجديد، لم يظهر شباب الصين أي خوف من الصعوبات والمصاعب في أوقات الأزمات، وأظهروا شجاعتهم وقدرتهم على تحمل المسئولية في اللحظات الحرجة. حيث يقف الشباب في طليعة المشاريع الكبرى التي ترمز إلى قوة الصين الوطنية وكذلك في الكوارث الطبيعية، وفي حالات الطوارئ الأخرى، ولعب الشباب دور هاماً وضرورياً اثناء مكافحة جائحة (كوفيد -19). فخلال الجائحة، كان الشباب يخاطرون بحياتهم لمكافحة هذا الفيروس الفتاك. فقد قدموا مساهمة هائلة في حرب الشعب الصيني الشاملة على الفيروس، وقد عمل أكثر من 5.5 مليون منهم في 320 ألف مجموعة عمل على الخطوط الأمامية لهذه المعركة، حيث قدموا الرعاية الطبية، ونقلوا الإمدادات، وبنوا المرافق.. ومن بين 28,600 ممرضة من الفرق الطبية التي أرسلت إلى هوبي، كان معظمهم من المواليد بين عامي 1980 و1999.
كذلك، لعبت فرق الشباب دورا بارزا في المشاريع الاستراتيجية التي تنقل الغاز الطبيعي والكهرباء من المناطق الغربية إلى الشرقية، وتحول المياه من الجنوب إلى الشمال، وتوجه موارد الحوسبة من الشرق إلى الغرب، فضلا عن بناء العديد من المرافق البارزة، بما في ذلك جسر هونغ كونغ – تشوهاى – ماكاو، ومطار بكين داشينغ الدولي.
(2) الابتكار وبراءات الاختراع وريادة الأعمال:
أخذ الشباب في العصر الجديد على عاتقهم زمام المبادرة في الابتكار وتسجيل براءات الاختراع، وبدء الأعمال التجارية، والسعي لتحقيق التميز، وخدمة البلاد والشعب ببراعتهم وخبراتهم في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية والثقافية. وخلال عام 2021، بلغ عدد براءات الاختراع عالية القيمة 7.5 براءة اختراع لكل 10000 ساكن، بزيادة قدرها 1.2 براءة اختراع عن 2020. كما بلغ عدد طلبات تسجيل براءات الاختراع في العالم المقدمة من المودعين الصينيين من خلال معاهدة التعاون بشأن البراءات 69500 براءة اختراع، لتحتل المرتبة الأولى في العالم للسنة الثالثة على التوالي. وفي عام 2021، وصل إجمالي تمويل تعهدات براءات الاختراع والعلامات التجارية الوطنية إلى 309.8 مليار يوان، بزيادة سنوية قدرها 42٪، واستفادت منها 15000 مؤسسة؛ وبلغ إجمالي الواردات والصادرات من حقوق الملكية الفكرية 378.3 مليار يوان، منها 76.02 مليار يوان صادرات، بزيادة سنوية قدرها 27.1٪؛ وتم توقيع إجمالي 219 ألف عقد فني يتعلق بالملكية الفكرية.
(3) العمل المجتمعي والتطوع الشبابي:
يشارك عدد كبير من الشباب في العصر الجديد في إدارة المجتمعات المحلية وخدماتها في المناطق الحضرية والريفية على السواء ويكتسبون خبرة عملية، ويحسنون قدرتهم على خدمة المجتمع في جميع قطاعات الاقتصاد. ويعمل الشباب بروح من التفاني والتعاون والتميز والمساهمة، وقد أنشأوا العديد من فرق العمال النموذجية. وهي تمثل أخلاقيات العمل والاحتراف في العصر الجديد.
منذ إطلاق مبادرة المتطوعين الشباب الصينيين في عام 1993، أصبح العمل التطوعي وسيلة مهمة للشباب الصيني للمشاركة في الحوكمة الاجتماعية، والوفاء بالمسئوليات الاجتماعية، ومع نهاية عام 2021، سجل أكثر من 90 مليون شخص تتراوح أعمارهم بين 14 و35 عاما في منصة التطوع الصينية.
المحور الثالث: الشباب الصيني في العصر الجديد.. تحديات عدة
لا تخلو التجربة الصينية في تنمية ورعاية الشباب من بعض الملاحظات والسلبيات كبقية نماذج وتجارب الدول الأخرى. حيث تحتوي إلى جانب النجاحات عددًا من الإشكاليات أيضًا. على سبيل المثال، يوجد تباين في مستويات تنمية الشباب بين المناطق المختلفة في البلاد، حيث التفاوت في الدخل بين سكان المدن وسكان الأرياف وظهور الفئات الاجتماعية المهمّشة والمستضعفة، لذا تسعى الصين والحزب الشيوعي الصيني حاليًا، وبعد القضاء على الفقر المدقع، إلى تحقيق الرفاه المشترك بهدف تقليص الفجوة بين المناطق المختلفة والعمل على محاولة تحقيق الرفاهية للشباب. ومن أبرز المشاكل التي تقابل الشباب والناجمة عن التنمية الاقتصادية في الصين:
- ارتفاع أسعار المساكن:
يعاني الشباب الصيني من مشكلة الارتفاع الكبير في أسعار البيوت، خاصة في المدن الكبرى كبكين وشانغهاي، وباتت المضاربات في سوق العقارات أمرًا شائعًا، بما يشكّل خطرًا على الاستقرار الاقتصادي والمالي وعبئًا كبيرًا على الشباب، مما يكون له دور كبير في تأخر سن الزواج. - البطالة بين الشباب:
أشارت بعض وسائل الإعلام الأمريكية إلى استمرار الارتفاع في نسبة البطالة بين فئة الشباب في الصين، والتي سجلت 19.9%، بعد أن كانت تبلغ 18.2% في أبريل، و15.3% في مارس. ووفقًا لبيانات المكتب الوطني الصيني للإحصاء، فإن المعدل إنخفض بشكل طفيف إلى 18.7% في أغسطس، لكنه لا يزال من بين أعلى المعدلات على الإطلاق().
ووفقا للأرقام السابقة، فإن هناك حوالي 20 مليون شخص تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عامًا عاطلين عن العمل في المدن والبلدات الحضرية الصينية، فيما لم يتم تضمين البطالة بالمناطق الريفية في البيانات الرسمية. وعلى ما يبدو، فإن إلتزام الصين وحرصها على تطبيق سياسة صفر كوفيد، أثر على الاقتصاد وسوق العمل بشكل كبير. - العزوف عن الزواج وإنخفاض معدلاته:
بعد تشجيع بكين على الإنجاب لتجنب خلل مرتقب في المنظومة السكانية، أكدت لجنة الصحة الوطنية الصينية أن جائحة (كوفيد -19) ساهمت في إنخفاض معدلات الزواج والولادة في البلاد. حيث “.. يشهد معدل الزواج في الصين تراجعا عامًا بعد عام منذ 2013، حسب ما أظهرته بيانات المكتب الوطني الصيني للإحصاء ووزارة الشئون المدنية. في عام 2013، بلغ معدل الزواج على المستوى الوطني 9.9%، والذي انخفض إلى 9.6% في عام 2014، و9% في عام 2015، و8.3% في عام 2016، و7.7% في عام 2017. وفي عام 2018، بلغ معدل الزواج في الصين 7.2% فقط، والذي يعتبر انخفاضا جديدا منذ عام 2013. بالإضافة إلى ذلك، يشهد معدل الزواج فجوة جغرافية كبيرة أيضًا، حيث أن معدل الزواج ينخفض كلما تطور الاقتصاد أكثر على مستوى المقاطعات والبلديات والمناطق ذاتية الحكم. على سبيل المثال، يعد معدل الزواج في شانغهاي وتشجيانغ الأدنى في البلاد في عام 2018، حيث بلغ 4.4% و5.9% على التوالي، كما أن معدلات الزواج في قوانغدونغ وبكين وتيانجين منخفضة أيضًا. في حين، تشهد المناطق المنخفضة نموا نسبيا، مثل التبت وتشينغهاي وآنهوي وقويتشو معدلات زواج مرتفعة، وبلغ معدل الزواج في قويتشو 11.1% في عام 2018، وهو معدل مرتفع على مستوى البلاد”().
وفي الحقيقة، فإن البيانات التي أصدرها المكتب الوطني الصيني للإحصاء ووزارة الشئون المدنية لم تفاجئ الصينيين، بل على العكس، عبر الكثير من مستخدمي الانترنت عن تفهم الوضع، وعن أسباب دعمهم لفكرة التأخر في الزواج، والعزوف عن الزواج، وذلك بسبب عدد كبير من المشاكل.
وأنه بعد أن فرضت الصين سياسة الطفل الواحد من عام 1980 إلى عام 2015، أقرت بأن سكانها على وشك الانكماش – وهي أزمة محتملة ستختبر قدرتها على رعاية كبار السن. ولمواجهة المشكلة، اتخذت السلطات العام الماضي تدابير على المستويين الوطني والإقليمي، مثل الإعفاءات الضريبية وإجازة الأمومة الأطول والتأمين الطبي المعزز وإعانات الإسكان والأموال الإضافية لطفل ثالث.
*أحمد سلام
المستشار الاعلامي المصري الاسبق بسفارة مصر ببكين
الخبير بالشأن الصيني