أسواق

أسعار الذهب في مصر تواصل التراجع بسبب استقرار الدولار في السوق الموازي

كتب : محمود حاحا _بوابة الاقتصاد

أسعار الذهب في مصر تواصل التراجع بسبب استقرار الدولار في السوق الموازي

تشهد أسعار الذهب في مصر تراجع تدريجي وبشكل معتدل بدون تحركات عنيفة، بسبب استقرار سعر صرف الدولار في السوق الموازية خلال الأيام الأخيرة، بالإضافة إلى تزايد الضغوط السلبية على سعر الأونصة العالمية بعد خطاب رئيس البنك الفيدرالي جيروم باول الأخير.

سجل سعر جرام الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً وقت كتابة التقرير اليوم الاثنين 2240 جنيه للجرام متراجعاً بمقدار 5 جنيهات عن سعر الافتتاح 2245 جنيه للجرام، بينما سجل سعر الجنيه الذهب اليوم 17920 جنيه.

يوم أمس تراجعت أسعار الذهب بمقدار 20 جنيه لتغلق عند المستوى 2245 جنيه للجرام بعد أن افتتحت تداولات الأمس عند 2265 جنيه للجرام، لتستمر أسعار الذهب في التراجع التدريجي منذ الأسبوع الماضي الذي شهد أكثر من محاولة فاشلة لاختراق المستوى 2300 جنيه للجرام، مما دفع الذهب إلى التراجع بعدها، بحسب رصد تحليلي من جولد بيليون.
الأيام الأخيرة شهدت استقرار في سعر صرف الدولار في السوق الموازية وهو السبب وراء تراجع أسعار الذهب التدريجي مؤخراً، وذلك منذ كون تسعير الذهب المحلي يعتمد على سعر صرف الدولار في السوق الموازية.

يذكر أن التقارير الأخيرة من المؤسسات العالمية قد أظهرت ضرورة لجوء الحكومة إلى تخفيض جديد في سعر صرف الجنيه مقابل الدولار لحدوث مرونة في سعر الصرف حتى توافق متطلبات صندوق النقد الدولي قبل مراجعته في سبتمبر القادم.
ساعد هذا على زيادة المخاوف والترقب في الأسواق ما دفع سعر صرف الدولار في السوق الموازية إلى الارتفاع، ولكن الأيام الأخيرة شهدت استقرار بعض الشيء ما قد يعكس تراجع الطلب على الدولار خلال الفترة الحالية.

وكشف تحليل جولد بيليون أن التوقعات تشير إلى إمكانية عودة أسعار الذهب في السوق العالمي إلى التراجع بسبب تمسك البنك الفيدرالي بالتشديد النقدي لمواجهة التضخم، وهو ما قد يؤثر على سعر الذهب المحلي أيضاً بالتبعية، ولكن يظل المؤثر الأكبر على سوق الذهب المحلي هو سعر صرف الدولار في السوق الموازية ومدة العرض والطلب على الذهب.
وساهمت مبادرة واردات الذهب بدون رسوم جمركية قد ساهمت في تحقيق استقرار في أسعار الذهب بشكل عام بسبب تحقيق توازن بين العرض والطلب، وأن الحكومة تفكر في مد فترة العمل بهذه المبادرة المنتظر لها الانتهاء في مطلع شهر نوفمبر القادم.
أيضاً صرح رئيس البورصة السلعية أنه سيتم طرح الذهب في البورصة السلعية في سبتمبر المقبل، وسيتم طرح السبائك والعملات الذهبية دون المشغولات كما سيتم طرح مضبوطات الجمارك من الذهب والفضة والمعادن النفيسة في محاول لتقنين حركة التجارة الداخلية للذهب.

وترى جولد بيليون أن طرح الذهب في البورصة السلعية سيفتح فرص تجارية جديدة أمام العاملين في سوق الذهب وسيعمل على وضع آلية تسعير تعتمد على العرض والطلب من خلال تجميع بيانات المتعاملين من التجار والوسطاء لمعرفة الكميات المعروضة والمطلوبة على حد تصريحا أعضاء الشعبة العامة للذهب.

توقعات أسعار الذهب

اغلاق الذهب الأسبوع الماضي فوق المستوى 1910 دولار للأونصة أعطى للذهب ميزة إيجابية بعض الشيء، ولكنه يبقى في نطاق حيادي قد يدفع الأسعار إلى التحركات العرضية بين مستويات 1910 – 1925 دولار للأونصة، خاصة بعد انتهاء التشبع في البيع على المؤشرات الفنية التي ساهمت بشكل كبير في ارتفاع الذهب الأسبوع الماضي.

منطقة المستوى 1925 دولار للأونصة هي المقاومة الثانوية حالياً واختراقها يصل بالذهب إلى منطقة المقاومة الرئيسية حول المستوى 1930 – 1940 دولار للأونصة التي تشمل المتوسط المتحرك لـ 50 يوم و100 يوم بالإضافة إلى المستوى التصحيح بنسبة 50%.
بينما في حالة الهبوط يواجه الذهب المستوى النفسي 1900 دولار للأونصة، وفي حالة كسره يفتح الباب لمنطقة 1885 – 1880 دولار للأونصة.
وبالنسبة لأسعار الذهب في مصر بعد أن فشل الذهب في اختراق المستوى 2300 جنيه للجرام عيار 21 عاد إلى التراجع كما أشرنا في تقريرنا السابق واستهدف المستوى 2250 جنيه للجرام بتجميع الزخم الكافي للعودة إلى الصعود.
استطاعت أسعار الذهب التداول تحت المستوى 2250 جنيه للجرام خلال جلسة اليوم في انتظار تحقيق كسر صريح لهذا المستوى وحدوث اغلاقات يومية أسفله، الأمر الذي يفتح الطريق لمزيد من التراجع في أسعار الذهب حتى المستوى 2230 جنيه للجرام ومن بعده المستوى 2200 جنيه للجرام.

أسعار الذهب عالمياً
شهدت أسعار الذهب تحركات طفيفة مع بداية تداولات الأسبوع وذلك بعد تصريحات رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول حول إمكانية رفع أسعار الفائدة بشكل أكبر لمواجهة التضخم، بينما تنتظر الأسواق هذا الأسبوع صدور بيانات قد تؤثر على مسار أسعار الفائدة.
تتداول أسعار الذهب الفورية وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون عند المستوى 1914 دولار للأونصة أقل بمقدار 2 دولار عن سعر الافتتاح، يأتي هذا بعد أن نجح الذهب في الارتفاع خلال الأسبوع الماضي بنسبة 1.3% لتستقر التداولات فوق المستوى 1900 دولار للأونصة.
خطاب رئيس الفيدرالي في ندوة جاكسون هول يوم الجمعة الماضية حمل إشارات أن الفيدرالي قد ترك الباب مفتوحاً أمام زيادة جديدة في أسعار الفائدة للعمل على تهدئة التضخم الذي لا يزال عند مستويات مرتفعة للغاية مقارنة مع مستهدف التضخم لدى البنك الفيدرالي عند 2%.

أشار جيروم باول إلي أن القوة المفاجئة للاقتصاد الأمريكي تزيد من الضغط على معدلات التضخم، وأن قرارات البنك القادمة ستكون حذرة وستعتمد على البيانات الاقتصادية، وقد ساعدت هذه التصريحات على إيقاف تعافي أسعار الذهب الذي بدأ الأسبوع الماضي منذ كون رفع الفائدة يؤثر بالسلب على أداء الذهب بسبب تكلفة الفرصة البديلة للمعدن النفيس الذي لا يقدم عائد لحائزيه.
من ناحية أخرى نجد أن الأسواق تسعر احتمال بنسبة 80 % أن يقوم البنك الفيدرالي بتثبيت أسعار الفائدة دون تغير خلال اجتماعه القادم في سبتمبر، وأن اجتماع التالي في نوفمبر قد يشهد زيادة في سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس.
ارتفع الدولار الأمريكي خلال الأسبوع الماضي بدعم من تصريحات الفيدرالي وسجل أعلى مستوياته منذ قرابة 3 أشهر وفقا لمؤشر الدولار الذي يقيس أداؤه مقابل سلة من 6 عملات رئيسية، حيث ارتفع خلال الأسبوع الماضي بنسبة 0.7% واليوم يتداول بالقرب من مستويات اغلاق الأسبوع الماضي.
أما عن العائد على السندات الأمريكية فقد شهدت بعض التراجع خلال الأسبوع الماضي بعد تسجيلها مستويات تاريخية، وقد ساهم هذا التراجع في تعافي أسعار الذهب ولكن تبقى عوائد السندات الأمريكية بالقرب من أعلى مستوياتها وهو ما يمثل ضغط سلبي على أسعار الذهب.

العائد على السندات لأجل 10 سنوات تراجع مع بداية جلسة الأسبوع بنسبة 0.4% ليتداول عند 4.224% وذلك بعد أن سجل أعلى مستوياته منذ 15 خلال الأسبوع الماضي عند 4.362%.
حقيقة بقاء عوائد السندات بالقرب من أعلى مستوياتها تحد من فرص تعافي أسعار الذهب بشكل كبير، خاصة أن التوقعات بعد خطاب رئيس الفيدرالي في جاكسون هول تشير إلى احتمالية رفع جديد في الفائدة، وهو ما يزيد من زخم عوائد السندات من جديد، ولا يعد هذا أخبار جيدة بالنسبة للذهب.
أكد هذا تصريحات عضوة البنك الفيدرالي لوريتا ميستر يوم السبت الماضي أن الأمر قد يتطلب رفع أسعار الفائدة مرة أخرى للتغلب على التضخم، وذلك على عكس تصريحات عضو الفيدرالي باتريك هاركر الذي أشار أنه لا يعتقد أن هناك حاجة إلى رفع الفائدة من جديد، وأنه يفضل ثبات الفائدة حالياً ومراقبة تطورات الاقتصاد.

بيانات تنتظر الأسواق قد تؤثر على مسار الفائدة
يصدر هذا الأسبوع عدد من البيانات الاقتصادية الهامة عن الاقتصاد الأمريكي والتي من شأنها أن تساعد على توقع مسار أسعار الفائدة كونها بيانات تتعلق بالتضخم والنمو، وهما العوامل الرئيسية التي تؤثر على قرارات الفيدرالي الأمريكي.
بيانات قطاع العمالة تصدر هذا الأسبوع سواء الوظائف في القطاع الخاص أو طلبات إعانات البطالة، وتقرير الوظائف الأهم للقطاع الغير زراعي في الولايات المتحدة، ومن المتوقع أن يظهر تقرير الوظائف تسجيل وظائف جديدة بمقدار 169 ألف خلال شهر أغسطس مقارنة مع القراءة السابقة 187 ألف وظيفة.
بيانات الوظائف من المتوقع أن تشهد اعتدال في قراءتها بما يدل على استمرار مرونة الاقتصاد الأمريكي في تقبل المزيد من التشديد النقدي، وهو الأمر الذي قد ينعكس بالسلب على أسعار الذهب.
أيضاً يصدر هذا الأسبوع مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الجوهري عن شهر يوليو، وهو مؤشر التضخم المفضل لدى البنك الفيدرالي ومن المتوقع أن تشهد القراءة السنوية للمؤشر ارتفاع بنسبة 4.2% بأعلى من القراءة السابقة بنسبة 4.1%.
أي ارتفاع في معدلات التضخم يعكس قوة استقرار التضخم خاصة على المستوى الجوهري الذي يستثنى منه عناصر التذبذب، وبالتالي يزيد هذا من فرص رفع الفائدة من قبل الفيدرالي الأمر الذي من شأنه أن ينعكس بالسلب على أسعار الذهب.

استمرار تراجع معنويات المستثمرين تجاه الذهب

أظهر تقرير التزامات المتداولين المفصّل الصادر عن لجنة تداول السلع الآجلة، والذي يُظهر وضع المضاربة على الذهب للأسبوع المنتهي في 22 اغسطس، ارتفاع كبير في الطلب على عقود بيع الذهب بمقدار 12452 عقد مقارنة مع التقرير السابق، بينما عاد الطلب على عقود شراء الذهب إلى الانخفاض بمقدار 6738 عقد مقارنة مع التقرير السابق.
اظهر التقرير أيضاً ارتفاع إجمالي قرارات التداول على عقود شراء الذهب إلى 248 أمر تداول بينما وصلت أوامر التداول على عقود بيع الذهب إلى 179 أمر تداول.
البيانات المتأخرة الصادرة عن تقرير لجنة تداول السلع الآجلة (COT) تظهر ارتفاع كبير في الطلب على عقود بيع الذهب في ظل استمرار تمسك البنك الفيدرالي في التشديد النقدي، إلى جانب استمرار خروج الاستثمارات من أسواق الذهب لصالح أسواق السندات.
يعكس هذا تراجع معنويات المستثمرين بالنسبة للذهب وهو ما يؤثر على النظرة المستقبلية للمعدن النفيس على المدى القريب، خاصة أن خطاب رئيس الفيدرالي في ندوة جاكسون هول لم يقدم جديد بالنسبة للأسواق وهو ما يبقي مستقبل الذهب في ضبابية.
الذهب تراجع إلى أدنى مستوياته في 5 أشهر خلال الأسبوع الماضي عند المستوى 1884 دولار للأونصة، وبالرغم من تعافي الأسعار بعدها وتداولها حالياً فوق 1900 دولار للأونصة، إلا أن التوقعات لم تصبح لصالح الذهب بشكل واضح حتى الآن.
البيانات الاقتصادية ستلعب دور مهم في توجه أسعار الذهب وسيقوم المعدن النفيس بالتفاعل مع كل خبر اقتصادي يصدر خلال هذا الأسبوع في ظل سعي الجميع في توجع الخطوة القادمة من قبل الفيدرالي الأمريكي.

زر الذهاب إلى الأعلى