تشهد السوق الملاحية فى الوقت الحالى ارتباكا كبيرا بسبب الهجمات الروسية للأراضى الأوكرانية، إذ أوقفت عدد من الخطوط الحجوزات من وإلى أوكرانيا حتى 3 مارس المقبل، وعلى رأسها الخط الملاحى ميرسك، ثانى أهم خط ملاحى عالمى فى شحن الحاويات.
واتفق عدد كبير من العاملين فى قطاع النقل البحرى بالسوق المحلية أن أسعار نولون الشحن متوقع أن تشهد ارتفاعًا خلال الأيام القليلة المقبلة، نتيجة رفع قيمة الغطاء التأمينى على السفن والناقلات وجميع العاملين بها خاصة المارة بالبحر الأسود، إلى جانب الزيادة التى شهدتها أسعار النفط.
وقال هيثم أباظة مدير المخازن الجمركية لشركة راية لوجستيكس إن تداعيات الوضع الحالى بين روسيا وأوكرانيا متوقع أن تلعب دورا كبيرا فى ارتفاع أسعار الشحن بشكل عام، والسلع ومنها القمح باعتبار الدولتين من أكبر مصدرى القمح لمصر.
العضو المنتدب لشركة لاند مارك: اعتبار البحر الأسود منطقة حرب يلزم ملاك السفن بدفع قيمة جديدة لوثيقة التأمين واتفق الربان عمرو قطايا العضو المنتدب لشركة لاند مارك للخدمات والاستشارات البحرية مع أباظة فى ارتفاع أسعار الشحن، موضحا أن قرار اعتبار جميع الموانئ المطلة على البحر الأسود منطقة حرب يلزم جميع ملاك السفن بدفع قيمة جديدة لوثيقة التأمين من جانب نوادى الحماية والتعويض، ما سينعكس على ارتفاع تكاليف الشحن بالتزامن ارتفاع أسعار البترول، ومن ثم تأجير الناقلات أيضا سيشهد ارتفاعا.
ويعتبر البحر الأسود أحد أبرز المنافذ البحرية، وتحيط به دول روسيا وأوكرانيا، ومولدافيا، ورومانيا، وبلغاريا، وتركيا وجورجيا.وأكدت شركة ميرسك فى بيان لعملائها أنه يجرى التخطيط حالياً لتفريغ البضائع التى كانت متجهة لأوكرانيا بموانئ بورسعيد وكورفيز بتركيا، مع استمرار الخدمات من وإلى روسيا.
من جانبه، أكد مسؤل فى خط مرسيل العالمى، أنه يتم حاليا بحث تفريغ الحاويات فى بعض الموانئ الآمنة، وذلك بعد إغلاق المحطات البحرية بأوكرانيا، لافتا إلى أن الخط بدأ تخزين الحاويات المتجهة إلى أوكرانيا، بعدد من الموانئ منها مصر، مستبعداً حدوث ارتفاع جديد فى نولون الشحن بسبب الأزمة الحالية.
وأضاف إنه حال استمرار الأزمة لوقت أطول، فإن الخطوط الملاحية ستتجه إلى إقرار رسوم «أخطار حرب»، لافتا إلى أن البعض أوقف خدماته لروسيا وأوكرانيا، لكن خدمات شحن موسم «الريفير» أو بضائع الثلاجات لروسيا مازالت مستمرة.
وأوضح حازم الخياط مدير العمليات بشركة «أركاس إيجيبت» المشغل للخط التركى «أركاس» أن الخطوط الملاحية مازالت تترقب موقف الأزمة الروسية الأوكرانية، مؤكدا أن الصادرات والواردات مثل القمح والخشب ستتأثر.وأشار إلى أن خدمات الخط لروسيا لم تتوقف بعد، واستخدام محطات أوكرانيا البحرية بالنسبة للخط كموانئ خدمات ترانزيت، موضحا أن استمرار الأزمة سيجبر استخدام ضمان باسم «أخطار حرب».مسئول بخط صينى: ننتظر توجيهات منظمات الملاحة العالمية
فى نفس الوقت، قال مصدر مسؤول فى خط ملاحى صينى بمصر، إن الخطوط تترقب قرارات وتوجهات منظمات الملاحة العالمية، لافتا إلى أن المجازفة بإبحار السفن بمنطقة البحر الأسود سيقع عليها أخطار جسيمة.وأضاف أن الوقت مازال مبكرا لمعرفة التغيرات المرتقبة على نولون الشحن، مشيرًا إلى أن أغلب الخطوط الملاحية اتجهت لتصدير البطاطس مع البرتقال لتغطية تكاليف الموسم نظرا لكورونا التى تسببت فى قلة حجم الطلب من بلدان مثل روسيا.
مصدر بمحطة شرق بورسعيد: تخزين ألف حاوية كانت متجهة لأوكرانيا لحين وضوح الرؤيةوأشار مصدر مطلع بمحطة حاويات شرق بورسعيد، إلى أن إحدى سفن البضائع العامة التى كانت فى طريقها لأوكرانيا رست بالمحطة لحين وضوح الرؤية، لافتا إلى أن نولون وأسعار الشحن لن تتأثر بالأزمة وربما تتجه للانخفاض، موضحا أن خط ميرسك الدانماركى قام بتسكين الحاويات التى كان مقررا شحنها لأوكرانيا بالموانئ التى يتردد عليها ومنها ميناء شرق بورسعيد.
وأضاف المصدر أن خطط التشغيل يتم تطويرها وفقا لمراحل الأزمة الدائرة حاليا، ويتم بقاء البضائع فى محطة الميناء، مشيرًا إلى أن هناك بعضا من الحاويات يتم توجيها إلى أوكرانيا من موانئ شرق بورسعيد والسخنة مازال يتم دراسة موقفه.
وأوضح أن شرق بورسعيد ميناء متخصص فى نشاط الترانزيت لذلك تم احتجاز الحاويات التى كانت تتجه لأوكرانيا لحين دراسة آليات التعامل معها، لافتا إلى أن حجم الحاويات المفروض شحنها لا تتجاوز 1000 حاوية وبقاؤها بالميناء مؤقتا لا يتسبب فى تكدس.
من جانبه، قال محمود قطب مدير المبيعات بشركة إيجيترانس، إن التداعيات المباشرة للحرب بدأت بزيادة أسعار البترول متعديا حاجز الـ100 دولار، وبطبيعة الحال سترتفع نوالين الشحن، فضلا عن أن الوضع الحالى سيجبر سفن الصب الجاف للتوقف، لأن روسيا وأوكرانيا يستحوذان على %29 من إنتاج القمح والذرة على مستوى العالم.
وأوضح قطب أن الخطوط الملاحية أوقفت جداول السفن المتجهة إلى ميناء أوديسا الأوكرانى بشكل مؤقت، لكن حال وقف الهجمات واتفاق روسيا وأوكرانيا على حلول، سيرفع الطلب لدى المصدرين وذلك سيكون فرصة أمام الخطوط لزيادة تعريفة النقل لتعويض ما فقدته خلال الفترة الحالية.
وقررت مجموعة CMA CGM تعليق جميع رحلات السفن إلى أوكرانيا، وتوجيه الشحنات المتجهة إلى موانئ كونستانس برومانيا، أو بيرايوس فى اليونان.
وأشار أحمد كامل مدير البحوث بإحدى شركات الحاويات المصرية، إلى أنه بعد الأحداث الأخيرة أصبح هناك توزيع غير منتظم على محطات الحاويات بمنطقة شرق البحر المتوسط، لافتا إلى أن العمل شهد توقف فى ميناء بيريه باليونان، وهو ما كان له تأثير على بعض الموانئ المصرية، خاصة التى تتعامل فى الترانزيت، خاصة دمياط وبورسعيد.
وتوقع محمود عبدالرحمن الخبير البحرى أن تشهد الموانئ المصرية المتخصصة فى نشاط الترانزيت طفرة خلال الفترة الراهنة، لاسيما أن خط ميرسك أعلن بدء تداول بضائع غرب أوروبا عبر موانئ بورسعيد بشكل مؤقت.
ولفت إلى أن معظم سفن الحاويات ستقوم بأعمال النقل من السوق الأسيوية، ليكون آخر محطاتها موانئ شرق البحر المتوسط ومنها موانئ بورسعيد ودمياط.
وأكد أن ميناء شرق بورسعيد أمامه فرصة لزيادة حجم التداول، بسبب توافر الغاطس الذى يزيد عن 18 مترا الذى يمكن من استقبال السفن الكبرى.
وفى نفس الوقت، توقع ارتفاع أسعار التأمين البحرى بصورة كبيرة خلال الفترة المقبلة، لافتا إلى أن شركات التأمين رفعت قبل الهجمات الروسية معدل الأقساط الإضافية بنسبة %5.
وذكر عبدالرحمن أنه فور شن الهجمات الروسية قفزت أسعار أفراماكس الأصغر التى يتم تداولها فى البحر الأسود إلى أكثر من 100 ألف دولار يوميا، مقابل 8 آلاف كانت قبل الحرب الدائرة حاليًا.
من جانبه، أوضح أحمد طارق المدير التجارى للخط اليابانى أن الخط ينفذ خدمات غير مباشرة بأوكرانيا عبر ميناء بيريه اليونانى، لافتا إلى أنه تم وقف شحن الحاويات مؤقتا لحين وضوح موقف الأزمة.
وأشار إلى أنه إذا تصاعدت الهجمات ووصلت لحرب كبرى، فإن الخطوط تتجه لفرض رسوم مخاطر يتم تحميلها على نولون الشحن أسوة بما حدث أثناء الحرب على سوريا.
وقال إن السفن التى تم إبحارها بالفعل قبل اندلاع الأزمة ستستمر فى طريقها لموانئ الوصول، موضحًا أن تأثير الأزمة على الموانئ المصرية ضعيف لأن التجارة بين مصر وأوكرانيا تعتمد على بضائع الصب الجاف ومنها القمح على سبيل المثال.
من ناحيته، توقع إبراهيم شلبى رئيس شعبة خدمات النقل الدولى واللوجستيات بغرفة تجارة بورسعيد ورئيس مجلس إدارة إحدى شركات الشحن الدولى، ظهور تداعيات الأزمة على أسواق الشحن بعد مرور فترة زمنية لا تقل عن أسبوعين، لاسيما أن التوقعات تشير إلى أن الحرب بين الطرفين لن تطول، فضلا عن مصر تحتفظ بعلاقات تجارية وسياسية مع البلدين نظرا لاعتمادها عليهم فى توريد القمح كسلعة استيراتيجية، كما أنهما سوقا رائجة لاستقبال الصادرات المصرية من الموالح والخضروات والفاكهة.
وتوقع تصاعد أزمة نقص فوارغ الحاويات بسبب ارتفاع طلب دول أوروبا على الحاويات لدعم أوكرانيا، مشيرًا إلى أن ذلك سيؤثر على حركة التصدير فى باقى الدول نتيجة تمركز الحاويات فى موانئ الدول الأوروبية.اقرأ أيضا بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا.
. نقل نهائي دوري أبطال أوروبا إلى باريس
بدوره أشار عادل اللمعى رئيس غرفة ملاحة بورسعيد، إلى أنه لم تتضح الصورة حتى الآن بالنسبة لأسعار النوالين، من حيث الانخفاض أو الارتفاع، لافتا إلى أن ذلك يتوقف على أسعار المحروقات والتى تؤثر مباشرة على وقود السفن.
وأشار اللواء إيهاب البنان رئيس شركة كلاركسون بلاتوه للملاحة، إلى أنه حتى الآن لا يوجد تحرك فى أسعار النوالين جراء الأزمة، موضحا أنه سيتم تحديد هذا التغيير خلال الأسبوع الجارى.
وتوقع وجود زيادة طفيفة تتراوح من 10 – %12 بسبب زيادة أسعار الوقود، موضحا أنه كلما زادت حدة المعارك سينعكس ذلك على تكلفة التأمين للسفن المتجهة إلى منطقة الصراع.
ولفت إلى أنه من المقرر أن يستقبل ميناء دمياط سفينة قادمة من أوكرانيا بحمولة 32 ألف طن تابعة لشركة بنجى إيجيبت للاستيراد والتصدير، أبحرت قبل بدء الهجمات وستقوم شركة كلاركسون شيبنج إيجنسى بتقديم الوكالة الملاحية للسفينة.
رئيس لجنة الشحن بالإسكندرية: رومانيا وفرنسا والبرازيل والأرجنتين أسواق بديلة للاستيراد فى الوقت الحالى
من جانبه، أشار أحمد شوقى رئيس لجنة الشحن والتفريغ بغرفة ملاحة الإسكندرية إلى أنه تم البدء عن أسواق بديلة منذ أسابيع لتعويض ما يتم استيراده من أوكرانيا وروسيا بسبب الأحداث الراهنة، وتتمثل فى رومانيا وفرنسا والبرازيل والأرجنتين.
على صعيد متصل، أكد محمد عبدالهادى متخصص فى النقل البحرى فى نشاط البترول ارتفاع أسعار تأجير ناقلات النفط على مستوى العالم بصورة غير مسبوقة، وذلك بعد حجم الطلب المتزايد من التجار للتعامل مع المخاوف بشأن تعطل محتمل للإمدادات الروسية.
وأضاف أن ملاك الناقلات سيفرضون رسوما جديدة تعرف بـ «علاوات مخاطر الحرب»، لافتا إلى وجود منافسة شديدة بين مالكى السفن بسبب ارتفاع تكاليف الوقود.
ووفقا لإحصائيات عالمية فقد قفزت أسعار ناقلات الوقود من الولايات المتحدة إلى أوروبا بأكثر من %8 يوم الخميس، لتصل إلى أعلى مستوى لها منذ مايو 2020، وقفزت تكلفة وقود التزود بالوقود فى أكبر مركز للتزويد بالوقود فى العالم سنغافورة BK 380-B-SIN بنسبة %6 يوم الخميس إلى 555 دولارًا للطن، وهو الأعلى منذ عام 2019.
وارتفعت أسعار سفينة واحدة مستأجرة من شركة Trafigura تحمل النفط الخام من هيوستن إلى روتردام – Navig8 Precision – بنحو 200 ألف دولار يوميا بعد أن كانت 135 ألف دولار خلال الأسابيع الأخيرة، نقلا عن جريدة المال.