جولد بيليون: الذهب يحاول الارتفاع رغم عودة صعود الدولار
كتب : محمود حاحا – بوابة الاقتصاد
أسعار الذهب في مصر تنخفض مجدداً بسبب هبوط الطلب واستقرار سعر الصرف
تحاول أسعار الذهب الارتفاع اليوم مستغلة بعض الضعف في مستويات الدولار الأمريكي، وذلك بعد أن سيطر الهبوط على أداء المعدن النفيس خلال الأربع جلسات الماضية، يأتي هذا في ظل استعداد الأسواق لاجتماع البنك الاحتياطي الفيدرالي الذي يبدأ اليوم ويستمر لمدة يومين.
ارتفعت أسعار الذهب الفورية خلال تداولات اليوم الثلاثاء بنسبة 0.3% ليتداول وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون عند المستوى 1963 دولار للأونصة، حيث استطاعت أسعار الذهب الاستقرار فوق المستوى 1950 دولار للأونصة منذ بداية الأسبوع في انتظار ما سيسفر عنه اجتماع الفيدرالي.
الأسواق تنتظر اجتماع الفيدرالي والذي متوقع بشكل كبير في الأسواق برفع الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال اجتماعه، ولكن التركيز سينصب على بيان البنك وتصريحات رئيس البنك جيروم باول في المؤتمر الصحفي عقب الاجتماع.
الأسواق تنتظر السياسة النقدية الأمريكية خلال الفترة القادمة، وهل توقعات الأسواق صحيحة أن الفيدرالي سيتوقف عن رفع الفائدة بعد هذا الاجتماع، أم أن معدلات التضخم التي لا تزال أعلى من مستهدف البنك ستجبر الفيدرالي على رفع الفائدة مرة إضافية، وفق جولد بيليون.
وذكر التحليل الفني لجولد بيليون أن الأسواق تسعر على رفع الفائدة بمقدار 25 نقطة في اجتماع هذا الأسبوع ثم توقف دورة رفع الفائدة لفترة طويلة من الوقت قبل أن يبدأ خفض الفائدة من جديد، وفي حالة تغير هذا السيناريو سنشهد تقلبات حادة في الأسواق.
أسعار الذهب أظهرت تماسك منذ الأسبوع الماضي الذي شهد صحوة الدولار من جديد بعد تسجيله أدنى مستوى في 15 شهر، لنجد أن تراجعات الذهب جاءت محسوبة دون أن يقوم بكسر أي مستوى دعم هام يدفعه لمزيد من الهبوط، لنجد أن التراجع الأخير في الأسعار كان تصحيح سلبي بعد التشبع الكبير في الشراء على الذهب.
مؤشر الدولار الذي يقيس أداؤه مقابل سلة من 6 عملات رئيسية توقف اليوم عن الارتفاع وشهد تراجع بنسبة 0.1% وقت كتابة التقرير، وذلك بعد سلسلة من الارتفاع استمرت 5 جلسات متتالية لتصل به إلى أعلى مستوى منذ أسبوعين.
بيانات أداء القطاع الصناعي والخدمي صدرت أمس عن الولايات المتحدة أظهرت استمرار الانكماش في القطاع الصناعي بالرغم من تحسن القراءة في شهر يوليو عن القراءة السابقة، بينما تراجع النمو في أداء قطاع الخدمات خلال نفس الشهر ولم تساهم هذه البيانات بشكل كبير في تحركات الأسواق أمس، حيث يظل التركيز الأكبر على تصريحات كل من رئيس الفيدرالي الأمريكي يوم الأربعاء، ورئيسة المركزي الأوروبي كرستين لاجارد يوم الخميس عقب اجتماع البنك المركزي الأوروبي.
الذهب حساس للغاية لارتفاع أسعار الفائدة لأنه يزيد من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة السبائك غير المدرة للعائد. وأفضل سيناريو للذهب الذي قد يدفعه إلى الوصول لمستويات قياسية سيأتي عندما يعلن الاحتياطي الفيدرالي نهاية دورة التشديد النقدي وتقليل توقعات حدوث ركود اقتصادي.
وبالنظر إلى عوائد السندات الأمريكية نجد أنها مستمرة في إظهار الأداء الإيجابي منذ الأسبوع الماضي، فقد ارتفع العائد على السندات لأجل 10 أعوام اليوم ليسجل أعلى مستوى منذ أسبوعين عند 3.894%.
ارتفاع عوائد السندات الأمريكية له تأثير سلبي على حركة الذهب لأنه يعمل على جذب الاستثمارات من سوق الذهب الذي لا يقدم عائد لحائزيه مقارنة مع سوق السندات الذي يقدم عائد يتزايد برفع الفائدة.
خروج الاستثمارات مستمر من صناديق الاستثمار المدعومة بالذهب
استمرت التدفقات في الخروج من صناديق الاستثمار المدعومة بالذهب حيث خرج الأسبوع الماضي 128 مليون دولار أمريكي بما يصل قيمته إلى 4 طن من الذهب، حيث يعد هذا هو الأسبوع الثامن على التوالي الذي يشهد خروج للتدفقات من صناديق الذهب.
تقرير مجلس الذهب العالمي أظهر أن شهر يونيو الماضي شهد خروج استثمارات من صناديق الاستثمار المدعومة بالذهب بقيمة 3.7 مليار دولار بما يساوي 56 طن من الذهب على مستوى الصناديق المتداولة في الذهب عالمياً، مما أدى إلى سحب استثمارات خلال النصف الأول من عام 2023 بقيمة 2.7 مليار دولار ما يساوي 50 طن من الذهب.
أبرز الاستثمارات الخارجة من الصناديق كانت في أوروبا وأمريكا الشمالية وفقاً لتقرير مجلس الذهب العالمي، والتي خسرت مجتمعة 3.5 مليار دولار بقيمة 53 طن ذهب خلال شهر يونيو، وقد حدثت غالبية التدفقات الخارجة عندما انخفض سعر الذهب خلال النصف الثاني من الشهر وسط تشدد من البنوك المركزية الرئيسية في مواجهة الضغوط التضخمية.
تسبب التدفق الخارجي للاستثمار من صناديق الذهب لشهر يونيو في تحول الطلب العالمي على صناديق الاستثمار المتداولة على الذهب خلال النصف الأول من عام 2023 إلى مستوى سلبي بمقدار 50 طنًا، وهو ما يعادل خروج سيولة نقدية تبلغ 2.7 مليار دولار أمريكي.
استمرار عمليات رفع الفائدة من قبل البنك الفيدرالي والبنوك المركزية العالمية لمحاربة التضخم تعمل على اجتذاب قطاع كبير من الاستثمارات خارج صناديق الاستثمار في الذهب لصالح أسواق السندات، وغيرها من الأصول المعتمدة على الفائدة.
خاصة أن حتى لو توقف الفيدرالي الأمريكي عن رفع الفائدة بعد اجتماع هذا الأسبوع فستستمر الفائدة عند أعلى مستوياتها لفترة طويلة من الوقت قد تصل حتى نهاية الربع الأول من العام القادم.
صندوق SPDR المدعوم بالذهب والذي يعد أكبر صندوق استثماري في الذهب بإجمالي أصول يزيد عن 58 مليار دولار وفقاً لآخر تحديث، شهد الصندوق تراجع خلال جلسة اليوم بنسبة 0.5%، ومنذ بداية العام وحتى الآن ارتفع أداء الصندوق الأكبر عالمياً بنسبة 7.4%.
أسعار الذهب في مصر
شهدت أسعار الذهب في مصر اليوم هبوط جديد ، حيث تترقب الأسواق نتائج اجتماع البنك الفيدرالي هذا الأسبوع وأثره على أسعار الذهب عالمياً، وسجل سعر الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً اليوم الثلاثاء 2155 جنيه للجرام لينخفض بمقدار 10 جنيهات مقارنة مع سعر افتتاح جلسة الأمس، بينما سجل سعر الجنيه الذهب اليوم 17240 جنيه.
وكشف تقرير جولد بيليون استمرار الضغط السلبي على أسعار الذهب المحلية على الرغم من التغيرات التي نراها في الأسواق العالمية والتي تدفع أسعار الذهب إلى ترقب اجتماع الفيدرالي القادم الذي قد يساعد أسعار الذهب العالمية إلى الوصول لمستويات 2000 دولار للأونصة وفقاً لتوقعات الأسواق.
سعر الذهب المحلي حالياً يعاني بشكل كبير من تراجع الطلب الموسمي في هذا الوقت من العام، بالإضافة إلى انخفاض السيولة النقدية لدى المشاركين في الأسواق، الأمر الذي ساهم في استقرار الأسعار بين مستويات 2190 – 2175 جنيه للجرام خلال الثلاثة أسابيع الماضية قبل أن تشهد المزيد من التراجع اليوم.
أعلن كل من البنك الأهلي المصري وبنك مصر أكبر مصرفين حكوميين في مصر اليوم الثلاثاء عن شهادتين استثمار دولارية جديدة تصل الفائدة على الأولى إلى 7% لأجل 3 سنوات بعائد سنوي يصرف بالدولار، وشهادة أخرى بعائد تراكمي 27% لمدة 3 سنوات ويصرف العائد مقدما للسنوات الثلاثة بالعملة المحلية.
تهدف هذه الشهادات إلى جذب العملة الصعبة من المواطنين والشركات في محاولة لتعويض الشح الحالي من الدولار في السوق المصرية. فقد تجذب الشهادة المدخرات الدولارية لدى الأفراد بأكثر من جذبها من الشركات الأمر الذي يقلل من الأزمة الحالية.
في حالة لجوء الأفراد إلى البنوك والاستفادة من هذه الشهادة بشكل مناسب سنشهد حركة في السوق الموازية قد تعمل على تغيير سعر الصرف خلال الفترة القادمة، وبالتالي سيؤثر هذا على أسعار الذهب المحلية.
الفترة القادمة ستشهد تقييم للأسواق لهذه الخطوة من قبل البنوك وبالتالي مقارنة فائدة الاحتفاظ وشراء الذهب باللجوء إلى الشهادات الدولارية، وعليه سيتم التأثير على أسعار الذهب.
توقعات أسعار الذهب العالمية والمحلية
نجحت منطقة الدعم التي أشرنا إليها بين 1938 – 1950 دولار للأونصة في إيقاف التصحيح السلبي لأسعار الذهب لينعكس اليوم إلى أعلى مستهدفاً مستويات 1965 دولار للأونصة، وقد يستمر في التذبذب بين هذه المناطق حتى اجتماع البنك الفيدرالي الأمريكي.
في حالة اكتساب الذهب زخم إيجابي بعد اجتماع الفيدرالي سيكون عليه اختراق منطقة مقاومة 1975 – 1980 دولار للأونصة بشكل ناجح والاستقرار أعلاها مما يفتح الباب لمزيد من المكاسب حتى المستوى النفسي 2000 دولار للأونصة.
نجح الزخم السلبي في دفع أسعار الذهب محلياً عيار 21 إلى الانخفاض لمستويات 2155 جنيه للجرام كما أشرنا في تحليلاتنا السابقة، والآن سنراقب قوة هذه المنطقة التي في حالة كسرها تدفع الأسعار إلى مزيد من الهبوط حتى مستوياته 2130 – 2120 جنيه للجرام