آخر الاخبارأسواقاتصالات و تكنولوجيااستثماربنوك وتأمينبورصة و شركات

أسرار “كريدى سويس” تفضح النظام البنكى السويسرى

استمع إلى المقال بواسطة الذكاء الاصطناعي

بوابة الاقتصاد

التسريبات الأخيرة تكشف تورط البنك مع عملاء هاربين من الضرائب ومحتالين

21 مليار دولار خسائر العالم سنويا بسبب حماية سويسرا للمتهربين ضريبيا

“كريدى سويس”: معظم الحسابات المشبوهة قديمة والوضع اختلف الآن

سرب مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد بالتعاون مع صحيفة “زوديتشه تسايتونج” الألمانية، مجموعة ضخمة من البيانات المصرفية غير المعلن عنها لبنك كريدى سويس، وذلك عبر أحد “نافخي الصفافير”.

وقال المٌبلغ أو نافخ الصفارة، إن قوانين السرية المصرفية السويسرية غير أخلاقية، كما أن “حجة حماية الخصوصية المالية مجرد وسيلة يستخدمها بنك كريدى سويس للتستر على الدور المخزي للبنوك السويسرية كجهات متعاونة مع المتهربين من الضرائب والفاسدين”.

وكشف التسريب الخاص بأحد أكبر البنوك الخاصة في العالم وأشهر المؤسسات المالية في سويسرا “كريدى سويس”، جزء من ثروات لعملاء متورطين في جرائم تعذيب واتجار بالمخدرات وغسيل الأموال ومجموعة كبيرة من قضايا الفساد الكبرى.

وتضمن التسريب تفاصيل الحسابات المرتبطة بـ 30 ألف عميل من عملاء البنك السويسري في جميع أنحاء العالم، كما كشف المستفيدين من تلك العمليات التي تبلغ قيمتها 100 مليار فرنك سويسري، ما يعادل 80 مليار جنيه استرليني.

وبحسب صحيفة الجارديان، يشير التسريب إلى إخفاقات واسعة من قبل كريدى سويس بشأن اتخاذ التدابير اللازمة، رغم تعهداته المتكررة على مدى عقود من الزمان بالتخلص من العملاء المشبوهين والأموال غير المشروعة.

وشملت قائمة العملاء المشبوهين متاجر بالبشر في الفلبين، ورئيس بورصة هونج كونج والذي تم سجنه بسبب الرشوة، وملياردير أمر بقتل صديقته، ومسئولين تسببوا في فساد شركة النفط في فنزويلا، بجانب سياسين فاسدين.

ومن المثير أن أحد الحسابات المملوكة للفاتيكان تم استخدامه للاستثمار بقيمة 350 مليون فرنك سويسري في عقار بلندن هو عين النزاع في قضية منظورة من قبل القضاء في الوقت الحالى.

كريدى سويس يرد

رد البنك على التسريب فى بيان قائلًا: “يرفض بنك كريدى سويس بشدة، الادعاءات والاستنتاجات المتعلقة بالممارسات المزعومة، كما أن الأمور التي كشف عنها المراسلون الصحفيون تستند إلى معلومات انتقائية مأخوذة من سياقها، مما أدى إلى التأويلات المغرضة للسلوك التجاري للبنك”.

وأضاف كريدى سويس: “ترتبط هذه الادعاءات بتاريخ طويل من الأحداث، حيث يعود البعض منها إلى وقت كانت فيه قوانين وممارسات وتوقعات المؤسسات المالية مختلفة تمامًا عما هي عليه حالياً”.

وذكر أن بعض الحسابات كانت مفتوحة منذ أربعينيات القرن الماضي، ونحو ثلثي الحسابات مفتوحة منذ عام 2000، ولا يزال العديد من هذه الحسابات مفتوحًا حتى اليوم”.

وقال محامو كريدى سويس إن البنك تعاون بشكل تام مع العديد من التحقيقات التي استشهدت بها صحيفة الجارديان، وإن أي إخفاقات فردية سابقة من قبل البنك لا تعكس سياسات العمل الحالية أو الممارسات أو الثقافة، كما أعلن كريدى سويس في نوفمبر الماضي أنه سيضع إدارة المخاطر محل تركيز واهتمام”.

وقال البنك إن المراجعة الأولية للحسابات، التي تم متابعتها في مشروع الإبلاغ عن الأسرار السويسرية، قد أثبتت أن ما يتجاوز 90% من الحسابات التي تمت مراجعتها قد أغلقت حالياً أو كانت في مرحلة الإغلاق قبل استلام الاستفسارات الصحفية.

وأبدى البنك ارتياحه لاتخاذ التدابير الاحترازية الواجبة وإجراء المراجعات والخطوات الأخرى المتعلقة بالرقابة، بما في ذلك إغلاق الحسابات المعلقة”.

و قال بيان لـ”كريدى سويس”: “يبدو أن هذه الادعاءات الإعلامية هي جهد منسق لتشويه سمعة البنك والسوق المالي السويسري، الذي شهد تغيرات كبيرة على مدى السنوات العديدة الماضية”.

ويرى جيف نيمان، المحامي المقيم في فلوريدا والذي يمثل مجموعة من المبلغين عن قضايا الفساد داخل بنك كريدى سويس، أن العدد الهائل من الفضائح التي تورط فيها البنك يشير إلى مشكلة أعمق.

وأضاف نيمان:” يفضل البنك أن يقول إنهم مجرد مصرفيين محتالين. ولكن كم عدد الموظفين المحتالين الذين تحتاجهم قبل أن تصبح بنك احتيالي؟”.

ويزعم نيمان أن هناك ثقافة في البنك تشجع جميع المصرفيين المحتالين، من أكبر إلى أصغر مصرفي على عدم سماع ولا رؤية ولا الإفصاح عن عمليات الفساد، لكن عليهم دفن رؤوسهم في الرمال.

ولم يكن التسريب الأخير الأسوأ بالنسبة لبنك كريدى سويس، الذي عانى في الفترة الأخيرة من فضائح كبرى. وسبق أن فقد البنك رئيسه، أنطونيو هورتا أوسوريو، بعد تجاوزه للوائح المتعلقة بفيروس كورونا أكثر من مرة.

وأعلن البنك عن خسارة 1.6 مليار فرنك سويسري ما يعادل 1.3 مليار جنيه استرليني خلال الربع الأخير من العام الماضي، بعد فترة وجيزة من تعيين بنك كريدى سويس رئيسه الجديد، أكسل ليمان.

ويرجع ذلك بشكل جزئي إلى أنه خصص ما يتجاوز 400 مليون فرنك سويسري، ما يعادل 320 مليون جنيه إسترليني للتعامل مع مسائل التقاضي القديمة وغير المحددة. وتسببت الفضائح، التي كان من ضمنها سندات جرينسيل، وأركيجوس وموزمبيق، في حالة من الارتباك بالبنك خلال العام الماضي.

وواجه بنك كريدى سويس على مدى العقود الثلاثة الماضية، ما لا يقل عن اثني عشر عقوبة و جزاء على الجرائم التي تشمل التهرب الضريبي، وغسيل الأموال، والانتهاك المتعمد للعقوبات الأمريكية وعمليات الاحتيال التي نفذتها ضد عملائها على مدى عقود أمام سلطات قضائية متعددة. وبلغ إجمالي الغرامات أو التسويات نحو 4.2 مليار دولار.

ويشمل ذلك مبلغ 2.6 مليار دولار وافق البنك السويسري على دفعها للسلطات الأمريكية بعد أن اعترف بالتآمر لدعم عمليات التهرب الضريبي في عام 2014، كما تم تغريمه مبلغ 536 مليون دولار من قبل الولايات المتحدة قبل خمس سنوات، بتهمة التحايل المتعمد على العقوبات الأمريكية ضد دول من بينها إيران والسودان خلال عام 2009، بالإضافة إلى المدفوعات الأخرى لألمانيا وإيطاليا بسبب الادعاءات المرتبطة بالتهرب الضريبي.

وأصبح بنك كريدى سويس أول بنك سويسري كبير في تاريخ البلاد، يواجه اتهامات جنائية تتعلق بادعاءات حول مساهمته في جرائم غسيل الأموال التي تأتي من تجارة الكوكايين لصالح جماعات المافيا البلغارية.

وتقول الصحيفة إن تداعيات التسريب قد تتوسع ولا تكتفي ببنك واحد، مما يهدد بأزمة لسويسرا، التي تحتفظ بواحد من أكثر القوانين المصرفية سرية في العالم.

وتدير المؤسسات المالية السويسرية أصول بنحو 7.9 تريليون فرنك سويسري ما يعادل 6.3 تريليون جنيه استرليني وما يقرب من 50% من هذه الأموال مملوك لعملاء أجانب.

من أبرز عملاء كريدى سويس الفاسدين؟

طورت البنوك السويسرية سمعتها منذ عام 1713 ، عندما منع مجلس جنيف العظيم المصرفيين من الكشف عن تفاصيل حول الثروات التي يودعها الأرستقراطيون الأوروبيون. سرعان ما أصبحت سويسرا ملاذاً ضريبياً للعديد من النخب في العالم ، ورعى المصرفيون فيها “واجب الصمت المطلق” بشأن شؤون عملائهم.

وتم النص على واجب الصمت في القانون عام 1934 مع إدخال قانون السرية المصرفية السويسري، الذي يجرم الكشف عن المعلومات المصرفية للعملاء إلى السلطات الأجنبية، وفي غضون عقود، كان العملاء الأثرياء من جميع أنحاء العالم يتدفقون على البنوك السويسرية، وتقول الصحيفة إنه في بعض الأحيان كان هذا يعني أن لدى العملاء شيء يخفونه.

فرديناند وإيميلدا ماركوس

واحدة من أكثر الحالات شهرة في تاريخ كريدى سويس تتعلق بالديكتاتور الفلبيني الفاسد فرديناند ماركوس وزوجته إيميلدا.

وتشير التقديرات إلى أن الزوجين قد سرقوا ما يصل إلى 10 مليارات دولار من الفلبين خلال الفترات الثلاث التي كان فرديناند رئيساً لها ، والتي انتهت في عام 1986.

وتزعم الصحيفة أنه كان معروفًا منذ فترة طويلة أن “كريدى سويس” كان من أوائل البنوك التي ساعدت عائلة ماركوس في تدمير بلدهم، وفي إحدى الحلقات ساعدهم في فتح حسابات سويسرية تحت أسماء وهمية.

وفي عام 1995، أمرت محكمة في زيورخ بنك كريدى سويس وبنك آخر بإعادة 500 مليون دولار من الأموال المسروقة إلى الفلبين.

تحتوي البيانات المسربة على حساب يخص هيلين ريفيلا، وهي محامية أدينت في عام 1992 للمساعدة في غسل الأموال نيابة عن فرديناند ماركوس، على الرغم من ذلك، تمكنت من فتح حساب سويسري في عام 2000، وكذلك زوجها أنطونيو، الذي واجه تهماً مماثلة تم إسقاطها لاحقًا، ومن الصعب معرفة كيف كان بنك كريدى سويس قد فاته قضية غسيل الأموال التي تربط الزوجين بالزعيم الفلبيني الفاسد، والتي نقلتها وكالة أسوشيتيد برس.

لماذا لم تكشف المراجعة الدورية عن خطورة عملائه؟

وترى الجارديان أنه بما أن العناية الواجبة ليست فقط للعملاء الجدد، ويتعين على البنوك إعادة تقييم العملاء الحاليين باستمرار أو كل ثلاث سنوات على الأقل ومرة واحدة في السنة بحثًا عن العملاء الأكثر خطورة، وبحسب محامو بنك كريدى سويس فإن تلك المراجعات الدورية يمارسها البنك منذ عام 2007.

وتضيف أنه لذلك، ربما كان من المتوقع أن يكون البنك قد اكتشف أن عميله الألماني إدوارد سايدل قد أدين بالرشوة في عام 2008. وخلال عمله في شركة سيمنز، أشرف سايدل على حملة رشوة لتأمين عقود مربحة لصاحب العمل عن طريق تحويل الأموال إلى السياسيين النيجيريين الفاسدين، وأدى تورطه إلى إدخال اسمه في قاعدة بيانات تومسون رويترز ورلد تشيك في عام 2007.

ومع ذلك، تُظهر بيانات كريدى سويس المُسربة أن حساباته تُركت مفتوحة حتى العقد الماضي على الأقل. في مرحلة ما بعد مغادرته شركة سيمنز،و بلغت قيمة حساب واحد 54 مليون فرنك سويسري (24 مليون جنيه إسترليني).

وامتنع محامي سيدل عن الإفصاح عما إذا كانت هذه الحسابات تخصه. وقال إن موكله قام بتسوية جميع الأمور المعلقة المتعلقة بجرائم الرشوة ويرغب في المضي قدمًا في حياته.

ولم يرد المحامي على الدعوات المتكررة لشرح مصدر الـ 54 مليون فرنك سويسري.

وقالت شركة سيمنز إنها لا تعلم بأمر الأموال وأن مراجعتها للتدفقات النقدية الخاصة بها لم تسلط الضوء على الحساب.

في حين قال بنك كريدى سويس في بيانه إنه لا يمكنه التعليق على أي عملاء محددين، وأضاف “تم اتخاذ الإجراءات بما يتماشى مع السياسات المعمول بها والمتطلبات التنظيمية في الأوقات ذات الصلة ، وأنه تم بالفعل معالجة القضايا ذات الصلة”.

لماذا يتحرك “كريدى سويس” ببطء في غلق الحسابات المشبوهة؟

وتقول الجارديان إنه من المفهوم أن “كريدى سويس” لديه حسابات مجمدة تخص عملاء يعانون من مشاكل، ومع ذلك، لا تزال هناك أسئلة حول مدى سرعة تحرك البنك لإغلاقها.

فأحد العملاء، ستيفان سيدرهولم ، فني كمبيوتر سويدي فتح حسابًا لدى البنك في عام 2008 ، تمكن من إبقائه مفتوحًا لمدة عامين ونصف بعد إدانته على نطاق واسع بتهمة الاتجار بالبشر في الفلبين ، والتي من أجلها حكم عليه بالسجن مدى الحياة.

ظهرت جريمة سيدرهولم لأول مرة في عام 2009 ، عندما داهمت الشرطة في مانيلا واجهة متجر يزعم أنه الفرع المحلي لحركة السلام الشعبية في مينداناو ، واكتشفت حوالي 17 امرأة في مقصورات بها كاميرات ويب تقدم عروضًا جنسية لعملاء أجانب، وأدين عام 2011.

ورغم ذلك قال ممثل عن سيديرهولم للصحيفة إن “كريدى سويس” لم يجمّد حساباته أبدًا ولم يغلقها حتى 2013.

رونالد لي فوك-شيو، وهو الرئيس السابق لبورصة هونج كونج والذي انتهت مسيرته المهنية في 1990 عد تم إدانته بالحصول على رشاوي لإدرج الشركات في البورصة، ولم يمنعه ذلك ولا الوقت الذي قضاه في سجن شديد الحراسة، من فتح حساب مصرفي بعد عقد من الزمن وأودع فيه لاحقا 59 مليون فرنك سويسرى بحسب التسريبات.

رودوليوب رادولوفيتش، محتال صربي تمت إدانته بالتلاعب في الأوراق المالية الصربية من قبل لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية. ومع ذلك، فإن البيانات المسربة تحدده على أنه شريك في التوقيع على حسابين لشركة، وتم افتتاح الأول في عام 2005، وهو العام الذي أعقب حصول لجنة الأوراق المالية والبورصات على حكم افتراضي ضده،

وامتلك حساب واحد لشركة رادولوفيتش نحو 3.4 مليون فرنك سويسري قبل إغلاقه في 2010، وتم الحكم عليه مؤخرا بالسجن 10 سنوات في بلغاريا لدوره في الاتجار بالكوكاين من جنوب امركيا.

كان العقد الأول من القرن الحادي والعشرين أيضًا عقدًا أصبح فيه المنظمون الأجانب والسلطات الضريبية محبطين بشكل متزايد بسبب عدم قدرتهم على اختراق النظام المالي السويسري، لكن ذلك تغير في عام 2007، عندما اتصل برادلي بيركينفيلد، المصرفي في بنك يو بي إس، طواعية للسلطات الأمريكية وأدلى بمعلومات حول كيفية مساعدة البنك لآلاف الأمريكيين الأثرياء على التهرب من الضرائب بحساباتهم السرية، وكشفت تحقيقات لمجلس الشيوخ فضائح بالجملة للمصرفيين السويسريين.

وأدى ذلك للضغط على سويسرا، وفي 2015 وقعت البلاد على مضض على الاتفاقية الدولية للتبادل التلقائي للمعلومات المصرفية ، ومن خلال اعتماد ما يسمى بمعيار الإبلاغ المشترك (CRS) لمشاركة البيانات الضريبية، وافقت سويسرا فعليًا على أن بنوكها ستتبادل في المستقبل المعلومات حول عملائها مع السلطات الضريبية في البلدان الأجنبية، وبدأوا في القيام بذلك في عام 2018.

غالبًا ما تستشهد الصناعة المصرفية السويسرية بعضوية نظام التبادل العالمي على قيامها تحولات كبيرة، إذ قالت جمعية المصرفيين السويسريين لصحيفة الجارديان: “لم تعد هناك سرية لعملاء البنوك السويسرية ونحن نتحلى بالشفافية، ليس هناك ما نخفيه.

ومع ذلك، لا يزال قانون السرية المصرفية السويسري البالغ من العمر 90 عامًا ساري المفعول – وتم توسيعه مؤخرًا.

وتقدر شبكة العدالة الضريبية أن البلدان في جميع أنحاء العالم تخسر مجتمعة 21 مليار دولار (15.4 مليار جنيه إسترليني) كل عام في عائدات الضرائب بسبب سويسرا، ومعظم تلك البلدان هي الأكثر فقرا والتى لم تسجل في تبادل بيانات الضرائب.

وتم الاستشهاد بهذا الجور في النظام من قبل المبلغين عن البيانات المسربة، الذين قالوا إن نظام تبادل البيانات يفرض عبئًا ماليًا وبنية تحتية غير متناسبة مع قدرات الدول النامية، مما يديم استبعادها من النظام في المستقبل المنظور”.

وقالت الصحيفة إن هذا الوضع يمكّن من الفساد ويحرم البلدان النامية من عائدات الضرائب التي تشتد الحاجة إليها. وبالتالي فإن هذه البلدان هي التي تعاني أكثر من غيرها من حيلة روبن هود العكسية لسويسرا.

“كريدى سويس” والسياسين الفاسدين

وتقول الصحيفة إن البيانات المسربة مليئة بالسياسيين وحلفائهم الذين تم ربطهم بالفساد قبل أو أثناء أو بعد أن يكون لديهم حساباتهم و العديد منهم مارسوا قوة عظمى في بلدان من سوريا إلى مدغشقر، حيث جمعوا ثروات شخصية.

ومن بينهم بافلو لازارينكو ، الذي خدم سنة واحدة كرئيس لوزراء أوكرانيا بين عامي 1997 و 1998 قبل التقدم بطلب للحصول على حساب في كريدى سويس بعد شهر من الضغط الذي مارسه المنافسون على لازارينكو لإعلان استقالته، فتح حسابه الأول من بين حسابين في كريدى سويس، وتم تقدير قيمة الحساب بنحو 8 ملايين فرنك.

وقدرت منظمة الشفافية الدولية لاحقًا أن لازارينكو نهب 200 مليون دولار من الحكومة الأوكرانية، من خلال التهديد بإلحاق الضرر بالأعمال التجارية ما لم يدفعوا له 50% من أرباحهم.

وأقر المسئول الأوكرانى بأنه مذنب في غسل الأموال في سويسرا في عام 2000، ووجهت إليه لاحقًا في الولايات المتحدة تهمة الفساد وحُكم عليه بالسجن تسع سنوات في عام 2006 فيما يتعلق برشاوى تلقاها من رجل أعمال أوكراني.

وقال محاميه إن تلك الإدانات لا تتعلق بسرقة أي أموال من شعب أوكرانيا. لازارينكو ، الذي يقال إنه يعيش في كاليفورنيا، قاوم العودة إلى البلاد، حيث لا يزال يواجه اتهامات بسرقة 17 مليون دولار.

وقال محاميه إن حساباته في “كريدى سويس” لم يتم الوصول إليها منذ عقدين من الزمن وتم تجميدها بسبب الإجراءات القضائية المرفوعة ضده.

لكن لا يزال من غير الواضح لماذا سمح بنك كريدي سويس للازارينكو بفتح حساب وإيداع مثل هذه المبالغ الضخمة في المقام الأول، بالنظر إلى خلفيته المتواضعة. فقبل دخول السياسة ، كان لازارينكو موظفًا مسؤولًا عن مزرعة جماعية.

وفي الوقت الذي كان يتعامل فيه مع لازارينكو ، يبدو أن كريدى سويس قد حقق أيضًا نجاحات في المؤسسة السياسية المصرية، وكشفت البيانات وجود ألفى عميل في مصر، في ظل حكم الرئيس السابق حسني مبارك، الذي امتد حكمه لثلاثة عقود حتى عام 2011. وكان من بين عملاء البنك ولدا مبارك، علاء وجمال.

وامتدت علاقة الأخوين بالبنك لعقود، مع فتح أول حساب مشترك من قبل الأخوين في عام 1993. بحلول عام 2010 – العام الذي سبق الثورة الشعبية التي أطاحت بوالدهما – كان حساب يملكه علاء يمتلك 232 مليون فرنك سويسري (138 مليون جنيه إسترليني).

بعد انتفاضات الربيع العربي تغيرت حظوظهم ، وفي عام 2015 حكمت محكمة مصرية على الأخوين ووالدهم بالسجن ثلاث سنوات بتهمة الاختلاس والفساد. لكنهم قالوا إن القضية كانت ذات دوافع سياسية ، لكن بعد استئناف فاشل دفع علاء وجمال ما يقدر بنحو 17.6 مليون دولار للحكومة المصرية في اتفاق تسوية.

وتقول الجارديان إن محامى الأخوين مبارك يرفضون أي تلميح إلى أنهما فاسدان، قائلين إن حقوقهم انتهكت خلال القضية المصرية ، وأن 10 سنوات من التحقيقات الواسعة النطاق والمتداخلة في أصولهما العالمية من قبل السلطات الأجنبية لم تكشف عن أي انتهاكات قانونية.

وأضافوا أن حساباتهما في سويسرا قد تم تجميدها منذ أكثر من عقد ، في انتظار قرار السلطات السويسرية بالتحقيقات.

عملاء كريدي الآخرون المرتبطون بحسني مبارك هم قطب المال الراحل حسين سالم – الذي عمل كمستشار مالي لمبارك لما يقرب من ثلاثة عقود، وجمع ثروة من خلال الصفقات التفضيلية وتوفي في المنفى بعد مواجهة تهم غسل الأموال.

وحدد المراسلون العاملون في مشروع الابلاغ عن الأسرار السويسرية حسابات كريدي سويس المرتبطة بما يقرب من عشرين من رجال الأعمال والمسؤولين والسياسيين المتورطين في مخططات الفساد في فنزويلا، والتي يدور معظمها حول شركة النفط الحكومية بتروليو دي فنزويلا.

وقال سيزار ماتا جارسيا، الأكاديمي في جامعة دندي والمتخصص في قانون البترول الدولي: “كان الفساد منتشراً في شركة النفط الفنزويلية، بدرجات ومستويات متفاوتة، كما أن كلمات مثل ” شركة بتروليو دي فنزويلا ” و”النفط” تدعو البنوك لدق ناقوس الخطر”.

ولا يبدو أن هذا الأمر قد يمنع بنك كريدي سويس من الحصول على عملاء، حيث تبين في وقت لاحق، تورطهم في العديد من التحقيقات والمحاكمات الأمريكية المرتبطة بـشركة بتروليو دي فنزويلا و قضايا نهب الاقتصاد الفنزويلي.

وتتعلق إحدى القضايا برجلي أعمال مقيمين في الولايات المتحدة تربطهما صلات فنزويلية، وهما “روبرتو رينكون فرنانديز” و”أبراهام شييرا باستيداس”، حيث قدم الاثنين رشوة للمسؤولين مقابل الحصول على العقود المربحة لشركة النفط الوطنية بمساعدة أحد مساعديهم الذي يدعى “فرناندو أرديلا رويدا”. وكان من بين أولئك الذين قيل أنهم تلقوا رشاوي، نائب وزير الطاقة، نيرفيس فيلالوبوس كارديناس، ومسؤول كبير في شركة النفط الفنزويلية يدعى “لويس دي ليون بيريز”.

ليس الجميع مجرمون

تقول الصحيفة إن المبلغين أقروا أن التسريب سيحتوي على حسابات شرعية وأعلن عنها العميل لمصلحة الضرائب الخاصة به، ووقالوا إن امتلاك حساب مصرفي سويسري خارجي لا يعني بالضرورة التهرب الضريبي أو أي جريمة مالية أخرى”.

“ومع ذلك ، فمن المحتمل أنه تم فتح عدد كبير من هذه الحسابات لغرض وحيد هو إخفاء ثروة أصحابها من المؤسسات المالية و/ أو تجنب دفع الضرائب على مكاسب رأس المال”.

زر الذهاب إلى الأعلى