جولد بيليون: الذهب يستقر قرب أعلى مستوى في شهر ونصف بسبب ضعف الدولار
كتب : محمود حاحا – بوابة الاقتصاد
تراجع الطلب واستقرار سعر الصرف يدفعان الذهب للاستقرار في مصر
استقرت أسعار الذهب اليوم بالقرب من أعلى مستوياتها في شهر ونصف الذي تم تسجيله أمس وذلك بعد بيانات مبيعات التجزئة الأمريكية التي أظهرت تراجع إنفاق المستهلكين مما زاد التوقعات أن الفيدرالي الأمريكي في طريقه إلى انهاء دورة رفع أسعار الفائدة.
تتداول أسعار الذهب الفوري اليوم الأربعاء وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون عند 1978 دولار للأونصة، وذلك بعد أن ارتفع يوم أمس بنسبة 1.2% ليربح قرابة 25 دولار ويسجل أعلى مستوى منذ شهر ونصف عند 1984 دولار للأونصة.
ارتفاع أسعار الذهب يوم أمس ساعده على اختراق منطقة المقاومة حول المستوى 1965 دولار للأونصة ليصل إلى منطقة المقاومة التالية عند 1975 – 1980 دولار للأونصة لتستقر تداولات اليوم تحت المستوى 1980 دولار للأونصة.
السبب الرئيسي وراء الارتفاع الكبير في أسعار الذهب يوم أمس كانت بيانات مبيعات التجزئة الأمريكية عن شهر يونيو، والتي أظهرت ارتفاع بنسبة 0.2% بأقل من التوقعات والقراءة السابقة عند 0.5%، الأمر الذي يدل على تراجع إنفاق المستهلكين وبداية ظهور التأثير السلبي لعمليات رفع الفائدة الأمريكية على مستويات الإنفاق، وفق جولد بيليون.
تقرير الوظائف لشهر يونيو بالإضافة لبيانات مبيعات التجزئة وبيانات التضخم خلال الأسبوع الماضي زادت من التوقعات في الأسواق بشكل كبير أن البنك الفيدرالي سيلجأ إلى وقف دورة رفع الفائدة بعد اجتماعه القادم.
وترى الأسواق احتمال يتخطى 96% أن البنك الفيدرالي سيرفع سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال اجتماعه الأسبوع القادم، على أن يتوقف عن رفع الفائدة لفترة طويلة قد تصل لبداية الربع الثاني من العام القادم قبل أن يقوم ببداية خفض معدلات الفائدة.
أسواق الذهب تحركت وفقاً لهذا السيناريو الذي يعد إيجابي بشكل كبير بالنسبة للذهب كونه يشمل توقف رفع الفائدة التي تعد أكبر عامل سلبي يواجه أسواق الذهب، من جهة أخرى نجد أن البيانات الاقتصادية الأخيرة تظهر تباطؤ في معدلات الإنفاق والنمو.
بيانات النمو الأخيرة التي صدرت عن الاقتصاد الصيني أظهرت تراجع في النمو والآن الولايات المتحدة تتبعها، بالإضافة إلى تراجع في أداء القطاعات الاقتصادية في كل من منطقة اليورو وبريطانيا، وهو الأمر الذي يهيأ الأسواق لركود اقتصادي قادم كنتيجة طبيعية لعمليات رفع الفائدة المستمرة من قبل البنوك المركزية العالمية لمواجهة التضخم.
الذهب ينتعش في أوقات الركود الاقتصادي بشكل كبير كونه يمثل الملاذ الآمن الأول في الأسواق، خاصة أننا شاهدنا تراجع في عوائد السندات الحكومية الأمريكية منذ بداية الأسبوع والتي تعد المنافس الأول للذهب.
العائد على السندات لأجل 10 سنوات انخفاض منذ بداية الأسبوع بنسبة 2.2% ليسجل أدنى مستوى في 3 أسابيع عند 3.729%، بينما انخفض العائد لأجل سنتين الأكثر تأثراً بتوقعات الفائدة خلال هذا الأسبوع بنسبة 1.1%، بحسب تحليل جولد بيليون.
عوائد السندات الأمريكية مستمرة في الانخفاض خلال آخر أسبوعين في انعكاس واضح لتغير توقعات الأسواق بشأن مستقبل السياسة النقدية للبنك الفيدرالي، وهو ما يعد أخبار إيجابية لأسواق الذهب لأن تراجع الإقبال على السندات يزيد من جاذبية الذهب للاستثمار كونه لا يقدم عائد لحائزيه بل يعد ملاذ آمن.
أما عن أداء الدولار الأمريكي فقد عاد إلى الارتفاع خلال تداولات اليوم الأربعاء ليرتفع مؤشر الدولار الذي يقيس اداؤه مقابل سلة من 6 عملات رئيسية اليوم بنسبة 0.2% ويسجل اعلى مستوى عند المستوى النفسي 100 نقطة.
تعافي الدولار الأمريكي اليوم بالرغم من بيانات مبيعات التجزئة الضعيفة عن الاقتصاد الأمريكي يأتي في ظل بحث الأسواق حالياً عن أفضل استثمارات للملاذ آمن بعد أن زادت التوقعات بقدوم الركود الاقتصادي، والدولار الأمريكي يلعب دور الملاذ الآمن في هذه الأوقات في مرتبة ثانية بعد الذهب، وهو الأمر الذي قد يحد من مكاسب الذهب بسبب العلاقة العكسية بينهما.
الجميع الآن ينتظر اجتماع البنك الفيدرالي القادم كونه سيحسم الأمر بشأن استمراره في رفع الفائدة عقب هذا الاجتماع أو الاكتفاء برفع الفائدة خلال هذا الاجتماع للمرة الأخيرة، مع العلم أن البنك الفيدرالي لم يؤكد حتى الآن سيناريو الانتهاء من دورة التشديد النقدي، وهو ما يجعل الجميع متطلع لهذا الاجتماع.
كيف سيكون أداء الذهب خلال فترة تثبيت الفائدة من قبل الفيدرالي؟
في حالة تحقق السيناريو المتوقع في الأسواق وقيام البنك الفيدرالي برفع الفائدة 25 نقطة خلال اجتماعه القادم لتصل إلى 5.25% – 5.50% ثم تثبيتها لفترة طويلة عند هذا المستوى، كيف سيكون أداء الذهب خلال هذه الفترة التي تشهد استقرار للفائدة الأمريكي عند أعلى مستوياتها منذ أكثر من 15 عام.
التوقعات في البداية أشارت إلى أن تثبيت الفائدة عن هذه المستويات المرتفعة سيكون له تأثير سلبي على أسعار الذهب الذي يرتبط بعلاقة عكسية مع أسعار الفائدة، ولكن الوضع الحالي قد تغير بشكل ملحوظ،
البيانات الأخيرة التي صدرت عن الاقتصاد الأمريكي تنبئنا بأن الاقتصاد الأمريكي سيبدأ في مرحلة الهبوط والتراجع في النمو والاقتصادي، وهو ما يعد دعم كبير للذهب الذي ينتعش في أوقات الأزمات والتباطؤ الاقتصادي، بحسب الرؤية التحليلية لجولد بيليون.
بالإضافة إلى هذا لا ننسى عمليات الشراء المستمرة للبنوك المركزية العالمية للذهب لزيادة احتياطيها وهو ما يعد داعم آخر قوي حافظ على أسعار الذهب هذا العام من الانهيار نتيجة عمليات رفع الفائدة.
إذن فالذهب يجد ما يحميه خلال فترة تثبيت الفائدة من قبل البنك الفيدرالي والتي قد تستمر حتى بداية الربع الثاني من عام 2024 قبل أن يبدأ في خفض الفائدة.
أيضاً تاريخياً استطاع الذهب أن يتحرك بشكل إيجابي خلال فترات تثبيت الفائدة، وإن كانت معدلات ارتفاعه تكون معتدلة مقارنة مع فترات خفض الفائدة، وهو ما نتوقعه لأداء الذهب خلال المتبقي من هذا العام وبداية العام الجديد.
نسبة الذهب إلى الفضة تشهد تراجع ملحوظ
نسبة الذهب إلى الفضة يقصد بها كمية الفضة اللازمة لشراء أونصة من الذهب وهي نسبة تاريخية يتم استخدامها من قبل العديد من المستثمرين وتجار الذهب كمؤشر لتحديد أفضل وقت للشراء والبيع. فإذا كانت نسبة الذهب إلى الفضة مرتفعة فهذا يعني أن هذا هو الوقت المناسب لشراء الفضة وبالتالي بيع الذهب لأن النسبة أكثر ملاءمة للفضة والعكس صحيح.
خلال شهر يوليو الجاري سجلت نسبة الذهب إلى الفضة 78.91 وهو أدنى مستوى للنسبة منذ شهر ديسمبر من عام 2022 عندما كانت النسبة عند 76.13، ويعد هذا المستوى المنخفض للنسبة انعكاس لتزايد فرص شراء الذهب خلال الفترة القادمة.
ويتوافق هذا أيضاً مع توقعات الأسواق للذهب خلال الفترة القادمة، وللتحركات التي نشهدها في أسواق الذهب خلال الفترة الحالية.
أسعار الذهب في مصر
تستمر أسعار الذهب المحلية في التحرك في نطاق ضعيف من التداولات في ظل ضعف الطلب المحلي وتراجع السيولة لدى المشاركين في الأسواق، وذلك على الرغم من الأداء الإيجابي القوي للذهب في السوق العالمية.
سجل سعر جرام الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً اليوم الأربعاء 2160 جنيه للجرام، وذلك بعد أن سجلت أعلى مستوى خلال جلسة الأمس عند 2175 جنيه للجرام، بينما سجل سعر الجنيه الذهب اليوم 17280 جنيه.
أسواق الذهب المحلية تشهد خلال هذه الفترة هدوء بشكل كبير وهو ما ينعكس على ضعف حركة الأسعار وتحركها في نطاق عرضي يميل إلى الهبوط التدريجي من الأسبوع الماضي.
يرجع هذا إلى ضعف السيولة النقدية الحالية في الأسواق إلى جانب انخفاض الطلب في ظل هدوء الأوضاع الاقتصادية خاصة بعد الاعلان الحكومي الأسبوع الماضي عن نتائج برنامج الطروحات الحكومية ونجاحها في زيادة الحصيلة الدولارية للبلاد، بالإضافة إلى وضع مخطط لتعظيم الدخل الدولار إلى 191 مليار دولار بحلول عام 2026.
بينما ترى الشعبة العامة للذهب أن الطلب على السبائك والعملات الذهبية قد تراجع خلال الفترة الأخيرة في مقابل ارتفاع للطلب على المشغولات الذهبية، ويأتي هذا نتيجة تراجع أسعار الذهب مما دفع المواطنين إلى شراء المشغولات الذهبية.
أيضاً تعاني أسواق الذهب حالياً من التأثير السلبي لتزايد المعروض من الذهب في الأسواق بعد مبادرة واردات الذهب بدون رسوم جمركية والتي زادت من المعروض لتحقق توازن بين العرض والطلب بنسبة تصل إلى 80%.
من ناحية أخرى أشارت شعبة صناعة الذهب والمجوهرات والمعادن الثمينة باتحاد الصناعات المصرية أنها في تقوم بدراسة سبل التعاون المشترك مع تركيا في صناعات الذهب في ظل عودة العلاقات السياسية بين البلدين.
تركيا تحتل المرتبة الثالث في تصدير المجوهرات وتعد من أكبر 10 دول في استيراد الذهب المصري، وتهدف شعبة صناعة الذهب إلى تحقيق تعاون مشترك مع الجانب التركي للنهوض بصناعة المشغولات الذهبية في مصر.
وفي أخبار أخرى متعلقة بأسواق الذهب في مصر نجد أن شركة سنتامين الاسترالية والمدرجة في بورصة لندن صاحبة امتياز منجم السكري أكبر مناجم الذهب في مصر تنوي انتاج ما بين 450 إلى 480 ألف أونصة من الذهب حتى نهاية العام الجاري وذلك بعد أن وصل إنتاجها إلى 440 ألف أونصة في 2022.
استثمارات الشركة في مصر وصلت إلى 830 مليون دولار خلال العام الماضي، وستعمل الشركة على ضخ 10 مليون دولار على مدار عامين للعمل في منطقة جديدة للتنقيب عن الذهب في جنوب مصر على مساحة 3 آلاف كيلو متر مربع.
توقعات أسعار الذهب العالمية والمحلية
أغلقت أسعار الذهب الفورية يوم أمس فوق المستوى 1975 دولار للأونصة لتدخل إلى منطقة المقاومة الحالية بين 1975 – 1980 دولار للأونصة كما وضحنا خلال تقاريرنا السابقة، واليوم تشهد الأسعار تذبذب داخل هذه المنطقة في انتظار حافز جديد للعودة لاستكمال الصعود وهذه المرة استهداف منطقة المستوى النفسي 2000 – 2020 دولار للأونصة.
قد يشهد الذهب بعض التراجعات بهدف التصحيح السلبي خاصة أن الدولار الأمريكي يشهد بعض التعافي الأمر الذي يؤثر سلباً على أداء الذهب، وقد يعيد التصحيح أسعار الذهب إلى مستويات 1960 – 1965 دولار للأونصة بشرط كسر مستوى الدعم 1975 دولار للأونصة.
بالنسبة لأسعار الذهب المحلية تستمر التداولات تحت المستوى 2175 جنيه للجرام عيار 21 ليبقى الضغط السلبي قائم على الأسعار وتبقى الأهداف في الهبوط عند منطقة 2150 – 2155 جنيه للجرام، وبعدها قد نشهد تراجع إلى مستويات 2130 جنيه للجرام.
في حالة اختراق منطقة المستوى 2175 جنيه للجرام تعود الأسعار وتستهدف المستوى 2200 جنيه للجرام.