ميرين سومرسيت ويب تكتب: الحرب تضيف طبقة أخرى من عدم اليقين للأسهم
بوابة الاقتصاد
لا تخسر غالباً كل أموالك في سوق الأسهم، وفي كل عام ينشر بنك “كريدي سويس” كتابه السنوي عن عوائد الاستثمار العالمي، مذكراً إيانا بمدى نجاح الأمور في العادة.
وتغطي قاعدة بيانات كريدي سويس” عوائد الأسهم والسندات لـ 35 دولة، وغالبا ما تكون النتائج مفرحة، وعلى سبيل المثال، منذ عام 1900، أعطت سوق الأسهم الأمريكية عائداً حقيقياً سنوياً بنسبة 6.7%، وبلغت عائدات بقية العالم نسبة مقبولة جداً عند 4.5%.
ومع ذلك، وفي حالتين لم تكن النتائج جيدة بشكل خاص إذ عانى المستثمرون في روسيا عام 1917 والصين عام 1949 من “خسائر إجمالية” بعد الثورات الشيوعية، وعندما أعيد فتح كلا السوقين في التسعينيات، لم يكن هناك أي استرداد للاستثمارات.
والأسبوع الماضي، مع الغزو الروسي لأوكرانيا، لم يكن الأمر على نفس النطاق تماماً لكن الانخفاض بنسبة 33% في مؤشر الأسهم الروسي الرئيسي “إم أو إي إكس” يوم الخميس كان بمثابة تذكير حاد بالمخاطر التي يأتي معها الاستثمار، كما ينبغي أن يكون تذكيرًا بمدى تأثير عدم اليقين على أسعار الأسهم.
هناك حديث لا نهاية له عن تقييم الأسهم، لكنه في جوهره بسيط للغاية، يستحق السهم توقعاتك لما سيكون عليه إجمالي الدخل بمرور الوقت، مخصومة للتضخم ثم يتم خصمها مرة أخرى إلى المدى الذي قد تكون مخطئًا فيه. يجب ألا يكون الرقم الذي أنت على استعداد لدفعه أكثر من مجموع حصص الأرباح التي تتوقع تلقيها بعد تعديلها بسبب عدم اليقين. كلما كان المستقبل محيرًا بالنسبة إلى أي سهم أو سوق معين، قل المبلغ الذي يجب أن تدفعه.
إذن ماذا عن الأسهم الروسية؟ فهي الآن رخيصة بكل المقاييس، وتتحرك الأسعار بسرعة كبيرة لدرجة لا يمكن معها أن تكون دقيقة، لكن نسبة السعر إلى الربحية تبلغ ثلاثة إلى أربعة أضعاف وعائد الأرباح نسبته 10% لكنها تأتي أيضا مع عدم يقين مطلق، وليس لدينا أي فكرة تمامًا عن تأثير العقوبات المختلفة التي يتم الإعلان عنها حاليًا حول العالم على جزئية العائد في معادلة السعر للربحية، وفي الوقت الحالي، هذا يعني أن شرائها ليس استثماراً بل مضاربة.
ومع ذلك، ليس السوق الروسي وحده هو الذي يجب أن يكون أقل قيمة نتيجة لغزو أوكرانيا – فجميع أسواق الأسهم تقريبًا لديها الآن طبقة جديدة من عدم اليقين الشديد، وكانت آلة العلاقات العامة لإدارة الصناديق الكبيرة نشطة للغاية خلال الأيام القليلة الماضية، وطلبت منا الشراء عند سماع صوت المدافع، ولاحظت أن الأسواق قد تجاهلت بسهولة العديد من الأحداث العالمية السيئة في السنوات القليلة الماضية.
وقال أحد مديري الأموال: لننظر على سبيل المثال للانسحاب من أفغانستان، وأزمة الصواريخ الكورية الشمالية، وقصف سوريا عام 2017، في جميع الحالات، كان رد فعل السوق “معتدلا بشكل مدهش”، وكان الشراء في وقت التراجع هو الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله.
ربما لن يكون الأمر كذلك هذه المرة بسبب التضخم ومستويات عدم اليقين الشديدة التي تدخل في حسابات الدخل في المستقبل، وأوكرانيا هي أكبر مصدر في العالم لزيت عباد الشمس، وثاني أكبر منتج للشعير ورابع أكبر منتج للبطاطس، كما أنها غنية بالمعادن والمواد الخام، وأضف على ذلك هيمنة روسيا على المعادن الاستراتيجية الرئيسية ويمكنك أن ترى احتمال حدوث صدمة تضخم سيئة.
كل هذا مروع للأسهم، ويقدم لنا كتاب “كريدي سويس” السنوي بعض التلميحات حول مدى السوء الذي يمكن أن يكون عليه الأمر، ومن عام 1914 إلى عام 2021، يمكنك تقسيم الأسواق إلى فترات كانت فيها أسعار الفائدة مرتفعة في أغلب الوقت وفترات كانت منخفضة أغلب الوقت، خلال فترات الارتفاع عندما كان التضخم أعلى بمقدار نقطتين مئويتين عن المتوسط، قدمت الأسهم الأمريكية متوسط عائد حقيقي ضئيل إلى حد ما بنسبة 3% ، وفي فترات الانخفاض كان هذا الرقم 9.7%.
ثم هناك مسألة من الذي سيتضرر من التضخم، هل هم العمال (الذين يمكن أن يروا انخفاضًا حقيقيا في الأجور)، أم المستهلكون (الذين قد يواجهون أسعارًا أعلى) أم المساهمين (تمتص الشركات ارتفاع أسعار المدخلات وهوامش الربح، وبالتالي تنخفض توزيعات الأرباح المحتملة)؟ أو في الواقع الثلاثة؟ ومتى يصبح التضخم ذاتي التغذية؟ تميل الأسعار المرتفعة تاريخياً إلى البدء في تحقيق أسعار أعلى بحوالي 7 % مع تغير سلوك المستهلك.
عادة ما يستحق الأمر الاتفاق مع المتفائلين عندما يتعلق الأمر بأسواق الأسهم، ولكن مع استمرار ارتفاع التقييمات، وأزمات التضخم وسلسلة التوريد والأزمة الجيوسياسية الجاري، ربما لن يكون الأمر كذلك هذه المرة، والخبر السار نوعًا ما هو أن هناك مسارًا واحدًا واضحًا أمام المستثمرين إذ تعيدنا الأزمة في أوكرانيا إلى التركيز على الأسس الاقتصادية وأمن الطاقة والأمن الغذائي والأمن الفعلي، وقد يبدو الأمر مشابها للسبعينيات قليلاً، ولكن هذه هي الأماكن التي يوجد فيها بعض اليقين – وحيث يجب ضخ الاستثمارات.
بقلم:ميرين سومرسيت ويب، رئيس تحرير مجلة “ماني ويك”.