سباق الـ AI يشتعل.. لماذا لجأت غوغل لتمويل منافستها؟
يبدو أن خطوة شركة “أوبن أيه آي” بإطلاق روبوت شات جي بي تي، فتحت شهية الشركات الأخرى على دخول مجال تطوير روبوتات المحادثة، المدعومة بالذكاء الاصطناعي التوليدي.
ورغم أن تطوير هذا النوع من الروبوتات، يمكن أن تصل تكلفته إلى مئات الآلاف من الدولارات، إضافة إلى الكلفة الباهظة لعمليات التشغيل والتحديث التي تتطلبها، إلا أن هذه التكاليف لم تحدّ من نمو أعداد روبوتات الذكاء الاصطناعي التوليدي، وهذا ما تظهره الوقائع مع الإعلان المستمر عن وافدين إلى هذا المجال، أبرزهم روبوت “كلود 2” الذي تعود ملكيته إلى شركة Anthropic التي تستثمر بكثافة لتطوير روبوتات المحادثة المدعومة بالذكاء الاصطناعي التوليدي.
أنثروبيك هي شركة أميركية ناشئة لأبحاث الذكاء الاصطناعي، مهمتها بناء أنظمة ذكاء اصطناعي موثوقة ومنتجها الأول هو روبوت كلود.
تم تأسيس أنثروبيك في عام 2021 على يد مسؤولين سابقين في شركة “أوبن أيه آي”، ويتم تقييم قيمة الشركة الآن بنحو 4.1 مليار دولار أميركي، وهي جمعت نحو 750 مليون دولار في جولتيْ تمويل منذ مارس 2023. وفي شهر مايو، كانت أنثروبيك واحدة من أربع شركات، تمت دعوتها إلى اجتماع في البيت الأبيض لمناقشة تطوير الذكاء الاصطناعي المسؤول، مع نائب الرئيس كامالا هاريس.
وتحظى أنثروبيك بتمويل من عدة شركات منها غوغل وSalesforce وحتى شركة زووم، وهي عملت جاهدة خلال الأشهر القليلة الماضية، على اختبار النسخة الأولى من “كلود” مع عدد محدود من الأطراف، قبل أن تقوم منذ أيام بتوفير النسخة الثانية من روبوتها “كلود 2″، لمجموعة واسعة من الشركات والمستهلكين الأفراد، في الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة، على أن تتم إتاحته لبقية الدول في وقت لاحق.
وقد جمعت أنثروبيك قائمة انتظار لأكثر من 350 ألف شخص يطلبون الوصول إلى “كلود 2″، مشيرة إلى أن هذه النسخة من الروبوت تم تطويرها مع فريق عمل كبير.
تقول شركة أنثروبيك إن “كلود 2” هو روبوت ودود، يمكن تعليمه مساعدة الانسان في العديد من المهام، فهو يشرح تفكيره بوضوح، ولديه ذاكرة قوية، وهو أفضل بمرتين في إعطاء ردود غير مؤذية، مقارنة بنسخة كلود 1.3 السابقة.
وقد تم تدريب كلود 2 على بيانات حديثة، مما يعني أن لديه معرفة بأطر العمل الأحدث في العالم، وهو حصل على نسبة 76.5 بالمئة في أحد اختبارات المحاماة.
ويملك “كلود 2” القدرة على التعامل مع ما يصل إلى 75 ألف كلمة، ما يعني أنه أقوى بكثير من ChatGPT الذي يمكنه التعامل مع نحو 24 ألف كلمة.
ويمكن لـ “كلود 2” العمل على مئات الصفحات من الوثائق الفنية أو حتى الكتب، كما يمكن له أيضاً كتابة الرسائل والقصص، التي تصل إلى آلاف الكلمات وكل ذلك دفعة واحدة.
هل يمكن لـ “كلود 2” التفوق على ChatGPT؟
ويقول الرئيس التنفيذي لشركة انفينيت وير لبرمجيات الذكاء الاصطناعي أمين التاجر، في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن القائمين على أنثروبيك، كانوا يعملون بشركة “أوبن أيه آي” التي طورت “شات جي بي تي”، وبعد نشوب خلاف بينهم، قرروا الانفصال وتأسيس شركتهم الخاصة، مشيراً إلى أن هؤلاء يملكون نفس المهارات التي تملكها شركة “أوبن أيه آي”.
ويؤكد التاجر أن كلود 2 هو نسخة محدثة من روبوت كلود الذي تم إطلاقه قبل أشهر قليلة، فالنسخة الجديدة يمكنها التعامل مع كمية هائلة من الكلمات، وأكثر بكثير من الكلمات التي يمكن لـ “شات جي بي تي” التعامل معها، ولكن بشكل عام يبقى روبوت “شات جي بي تي”، هو الأقوى والأفضل حالياً نظراً لمختلف الخصائص والميزات التي يمتلكها، والتي تمنحه تقدماً في هذا المجال، معتبراً أن تعدد خيارات روبوتات الدردشة هو أمر صحي، ويخلق جواً من المنافسة لصالح المستخدم.
تمويل شركة منافسة
ويقول التاجر إن غوغل استثمرت نحو 400 مليون دولار في شركة أنثروبيك، مشيراً إلى أن البعض يتساءل عن السبب الذي قد يدفع مؤسسة كبيرة، لتمويل شركة ناشئة تعتبر منافسة لها، فغوغل التي تملك روبوت “بارد” المدعوم بالذكاء الاصطناعي التوليدي، تقوم أيضاً بتمويل روبوت “كلود” المنافس.
أهداف غوغل من عملية التمويل
ويشرح التاجر أن هذه الخطوة تساعد غوغل في رفع حظوظها، في أن تكون الشركة التي تحقق أو ترعى الاختراقات المنتظرة التي ستحققها تكنولوجيا “الذكاء الاصطناعي التوليدي” لاحقاً، مشيراً إلى أن روبوتات “بارد” أو “كلود” أو حتى “شات جي بي تي” هي مجرد بداية لما ينتظره العالم، فمختبرات الشركات التقنية، تشهد حالياً عمليات تطوير واختبارات، لمنتجات سرية تدعم الذكاء الاصطناعي التوليدي بشكل أكثر تطوراً من الذي نراه حالياً، وبالتالي فإن الشركة التي تسبق في تحقيق هذا الاختراق، ستكون هي الجهة الفائزة بسباق الذكاء الاصطناعي.
وبحسب أمين التاجر، فإنه في الوقت الذي تعمل فيه غوغل، على أن تكون الجهة الأولى التي ستحقق الاختراق المنتظر في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، فإنها لا تتردد في تمويل شركة ناشئة منافسة، وذلك كون هذه الشركة تمتلك أيضاً حظوظاً كبيرة في أن تكون أول من يحقق الاختراق المنتظر، وذلك نظراً للكفاءات والطاقات التي تمتلكها، وبالتالي إذا تمكنت أنثروبيك من تحقيق هذا الاختراق، تكون غوغل من رعاة الابتكار الجديد وقد تلجأ إلى تبنيه بشكل كامل.
تخمة في روبوتات المحادثة
ويرى التاجر أن التخمة في أعداد روبوتات المحادثة المدعومة بالذكاء الاصطناعي التوليدي، هي أمر مفيد ويصب في صالح المستخدم، الذي ستبقى له الكلمة الفصل في اختيار الروبوت الأفضل فيما بينها.