بيت السناري يستضيف لقاء فكري مع المؤرخ الأمريكي “بيتر جران”
كتب – أحمد العجمي:
نظمت مكتبة الإسكندرية لقاءً فكريًا موسعًا مع المؤرخ والمفكر الأمريكي الشهير بيتر جران، أداره الدكتور أحمد زايد؛ مدير مكتبة الإسكندرية، بحضور الدكتور عماد أبو غازي؛ وزير الثقافة الأسبق، والدكتور محمد أبو الغار، والدكتور حسن وجيه؛ أستاذ بكلية لغات وترجمة جامعة الأزهر، والدكتور عاصم الدسوقي؛ أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، والدكتور طارق النعمان، أستاذ البلاغة والنقد الأدبي بكلية الآداب جامعة القاهرة، وذلك في بيت السناري الأثري التابع لقطاع التواصل الثقافي بمكتبة الإسكندرية، في حي السيدة زينب بقلب القاهرة، امس الأربعاء الموافق 17 مايو 2023.
في بداية كلمته؛ رحب الدكتور أحمد زايد؛ مدير مكتبة الإسكندرية، بالحضور، مؤكدًا أن الإقبال على الفعاليات والأمسيات الثقافية من الجمهور المصري دليل على أن الثقافة في مصر مازالت حية ونابضة في مصر، مشيرًا إلى أن المؤرخ الأمريكي بيتر جيران يحب مصر حبًا جمًا ويبادله المصريين الشعور ذاته، وهو أحد القلائل الذين فهموا التاريخ المصري فهمًا عميقًا.
وتحدث “زايد” عن كتاب “جران” الأخير “الاستشراق هيمنة مستمرة”، والذي يرى أنه رصد خلاله النظرة الاستشراقية الاستعلائية تجاه مصر واستخدم هذا المنهج خلال الفترات الاستعمارية، كما تطرق إلى وصف الوفود المصرية في أوروبا، معتبرًا أنه يقدم منهجًا جديدًا في النظر إلى التاريخ.
وأكد مدير مكتبة الإسكندرية؛ إن علماء الاجتماع لديهم رؤية واضحة لهذه العلاقة الاستعلائية من الغرب تجاه الشرق، وقد لمس ذلك حينما كان شابًا، كما أن لديهم فهمًا لقضية الهوية، مختتمًا أن أهمية هذا اللقاء ليس فكريًا فقط بقدر ما هو تكريم وترحيب بالمؤرخ في بيت السناري الذي يحمل رمزية تاريخية وثقافية.
فيما قال بيتر جران؛ إن كتابه “الاستشراق هيمنة مستمرة” هو الكتاب الرابع ضمن سلسلة كتب نقد من خلالها منهج الاستشراق، الذي بدأ من الستينات مع حرب فيتنام، مؤكدًا أن الدراسة التي تلقاها في أمريكا ومصر فتحت عيناه على التاريخ والشخصيات المصرية.
وتحدث “جران” عن القضية الأساسية التي يرصدها الكتاب وهي طبيعة العلاقة بين مصر والمجتمع الغربي، وأن هناك نمط معين في النظرة لهم تم إلصاقه بهم خلال فترة الاستعمار، ومازالت هذه النظرة مستمرة ويتم تدريسها للأطفال الصغار بأن الدول التي كانت مستعمرة لم تكن دولة وأنما مجتمعات متفرقة، كما يتجاوزون قضية أن أجدادهم كانوا قتلة.
وأشار “جران” إلى بعض الأفكار الموجودة في الجزء الأول من كتاب “مصر الحديثة” لكرومر والممتدة إلى الوقت الحالي، بأن مصر كانت مجرد تجمع لمجموعات وأنها لم تكن دولة منذ انتهاء عصر الفراعنة، موضحًا أنه على مدار حياته قابل العديد من الأمريكان والأوروبيين الذين يأتوا إلى مصر بهدف تطويرها وتحديثها.
وأضاف “صورة مصر في سفر الخروج تم تفسيره بشكل يلائمنا، وفي التوراة نجد أن الذي نجا في النهاية هم شعب الله المختار وأن الجنود المصريين غرقوا، ولذلك ينظر إلى القتلى في أفريقيا أو امريكا اللاتينية وغيرها بأنها إرادة الله”، داعيًا إلى النظر الى الهوية على أنها متغيرة وليس شيئًا جامدًا، مع ضرورة أن تخرج من الرؤية الغربية التي تحصرها في مصر وفلسطين.
وفي مداخله على هامش اللقاء؛ خالف الدكتور محمد أبو الغار “جران” في نظرته عن الهوية المصرية، معتقدًا أنها تكونت في الفترة التي سبقت ثورة ١٩١٩، تلك الفترة التي لم يعتد بها المؤرخ الأمريكي في كتاباته مع أن المصريين يعتبرونها حدثًا مهمًا في تاريخهم.
وقال الدكتور عاصم الدسوقي، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، إن “جران” عندما عاش في مصر واطلع عليها من خلال الصحافة، بدأت افكاره تتغير ويخرج عن منهج الاستشراق الغربي، مشيرًا إلى أن اللورد كرومر عمل فتنة في مصر بين المسلمين والمسيحيين ولكن المثقفين المصريين تنبهوا لهذه الفتنة، والاستشراقيون مستمرون في منهجهم حتى الآن في محاولة لهدم الهوية المصرية.
جدير بالذكر أن بيتر جران هو أستاذ التاريخ المصري الحديث بجامعة تمبل الأمريكية ويعد أحد أبرز مفكريها، وارتبطت كثير من مؤلفاته بتاريخ الثقافة العربية والإسلامية، ومن أهمها مؤلفه بعنوان (الجذور الإسلامية للرأسمالية: مصر 1760- 1840).