د. عادل محمد عبدالقادر علي يكتب: حفظ الجوارح في رمضان
بوابة الاقتصاد
أولا حفظ اللسان
للصوم فوائد روحية ونفسية كثيرة منها أنه سبب لزرع تقوى الله في القلوب وكف الجوارح عن المحرمات، قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} [البقرة 183] .
والله تعالى قد أوجب عليك مع الفرائض الظاهرة فرضا باطنا هو تصحيح السرائر واستقامة الإرادة وصدق النية ومفاتشة الهمة ونقاء الضمير من كل ما يكره الله وعقد الندم على جميع ما مضى من التواثب بالقلب والجوارح على ما نهى الله عنه.
والصوم مدرسة نتعلم فيها الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة، وقوة الإرادة وجهاد النفس والامتناع عن أهم رغبات الجسد وحاجاته الضرورية، ونتدرب على السلوك الحسن الذي يبعث على التقوى والإخلاص امتثالا لأمر الله وتقربا إليه، وفي الصوم يتعلم المسلم تهذيب النفس وحفظ الجوارح وتزكية الأخلاق، وتحلية القلب بالشفقة والرحمة،ومن حفظ الجوارح :
1- كف اللسان عن الأذى :
خف يا أخي من لسانك اشد من خوفك من السبع الضاري القريب المتمكن من أخذك فإن قتيل السبع من اهل الايمان ثوابه الجنة وقتيل اللسان عقوبته النار إلا أن يعفو الله .
اللسان من نعم الله العظيمة ولطائف صنعه الغريبة؛ فإنه صغير جِرْمُه، عظيم طاعته وجُرْمُه، إن آفة واحدة من آفات اللسان قد تذهب بروح الصيام وتزهقها، وهي قول الزور؛ قال عليه الصلاة والسلام: (مَن لم يدَع قولَ الزور والعملَ به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدَع طعامه وشرابه)؛ أخرجه مسلم.
سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس النار؟ فقال: “الفم و الفرج”
وسأل معاذ النبي صلى الله عليه وسلم عن العمل الذي يدخله الجنة ويباعده من النار فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم برأسه وعموده وذروة سنامه، ثم قال: “ألا أخبرك بِمِلاكِ ذلك كلِّه؟” قال: بلى يا رسول الله! فأخذ بلسان نفسه ثم قال: “كُفَّ عليكَ هذا”. فقال: وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: “ثَكِلَتْكَ أمُّكَ يا معاذ؛ وهل يَكُبُّ الناسَ على وجوهِهِم –أو على مَناخِرِهِم– إلا حصائدُ ألسنتِهم”. [قال الترمذي: حديث حسن صحيح].
إن اللسان له عبودية يجب أن تأخذ مفعولها في كل وقت،لا سيما في شهر الصيام، فهو فرصتك أخي الصائم أن تعوِّد لسانك على عبوديته؛ عوِّدْ لسانك على تلاوة اللازمة للقرآن في الصلاة، وأذكار الصلاة من تسبيح وتسميع وتحميد وتكبير، وكذلك أمرٌ بمعروف ونهي عن منكر وصدق الحديث، ونحو ذلك، ومنه المستحب؛ كعموم الأذكار وقراءة القرآن، ومذاكرة العلم وتوابعه، ونحو ذلك، ومن عمله أيضًا ترك المحرمات؛ كالغيبة والنميمة والكذب ونحوها،
-الصائم مأمور بترك السباب والجهل ونحوهما، وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحل الشرعي في المواقف التي يكون فيها شيء من هذا أن يقول: (إني صائم)، فهي تُشعر الطرفين كليهما على احترام الشهر والصيام من أن يُخدش بسباب أو زورٍ أو جهل.
-عبادات اللسان فيها خبايا لا يعلمها إلا الله، ومنها أذكارك في خلواتك، وذهابك وإيابك، فاحرص عليها.
-ابتعد عن الجدل العقيم والمماراة في كلماتك وجلساتك، واعلم أنها لا طائل من ورائها في الغالب إلا الشقاق والخلاف، خصوصًا في شهر الصيام، فبُعدك عنها راحة لك ولغيرك، وسلامة لكما جميعًا.
-أوصيك بقلة الكلام؛ حيث إن من كثُر كلامه كثُر سقطُه، وهذا في عموم أوقاتنا، ولكن في شهر الصيام يتأكد هذا، حفاظًا على روح الصيام وهروبًا من سقطات اللسان وآفاته، قال ابن مسعود: والله الذي لا إله غيره؛ ما شيء أحق بطول سجْن من لسان. وقيل لبكر بن عبد الله المزني: إنك تطيل الصمت! فقال:إن لساني سبعٌ، إن تركته أكلني…اللهم اجعل ألسنتنا عامرة بذكرك يا الله .
د عادل محمد عبدالقادر علي –جامعة السلطان عبدالحليم معظم شاه الإسلامية العالمية unishams