د. عزيزة الصيفي تكتب: الازهر مسيرة التنوير
بوابة الاقتصاد
ان المتتبع لمسيرة اﻻزهر عبر التاريخ فى مختلف العصور يجد ان أئمة اﻻزهر وعلماءه المخلصين قد حاولوا باستمرار الحفاظ على منهجه الوسطى السليم ، اقتداء بقوله تعالى (وكذلك جعلناكم امة وسطا ) ، فقد سخر الله اﻻزهر بعلمائه التنويريين ﻻحياء الدين وتعديل مسار مفكريه واصحاب الرؤى ، ولم يأل اﻻئمة جهدا لترسيخ مبدأ الوسطية بين فواتح التجديد وكوابح التشديد، كرسوا جل جهودهم للرد على افتراءات المستشرقين المستغربين والمعادين للتوجه الوسطى ، فبرز اعﻻم فى مجال اﻻصﻻح الدينى رجال حفظ التاريخ اسماءهم جددوا دماء اﻻمة وحاولوا ضبط المسارعلى اسس الدين القويم ، حين مر الفكر اﻻسﻻمى بمراحل ركود وتجمد وخروج عن المنهج الوسطى ،ففى فترات متعاقبة حدثت تغييرات ما بين تشدد وتطرف ، وانفﻻت ، فمنهم من تمكن من توصيل رسالته التنويرية ومنهم من رد على شبه الملحدين والمارقين ، وتصدوا للهجمات الظالمة والمفسدة ، حيث كان اﻻزهر ومازال مستهدفا ، للنيل من دين اﻻسﻻم بتقويض دور ه بل وبالمحاوﻻت المستمرة لهدمه، فمن رجالاته من حورب ووضعت امامه العراقيل ولكن اعماله النضاليةضد الاباطيل وارائه المعتدلة التى بنيت على صحيح الدين ظلت شاهدة فى سجل التاريخ ، ويشاء القدير ان تستمر مسيرة اﻻزهر ،وفاعليته ويزداد تأثيره ومكانته وقدره
ان اﻻزهر بقيادة شيخه المستنير اﻻمام اﻻكبر اد احمد الطيب وعلمائه التنويريين يعملون بكل طاقاتهم وفى كل المجاﻻت لتفعيل دور اﻻزهر القيادى فى العالم ، فان تجديد الخطاب الدينى ليس بدعة ابتدعت فى عصرنا هذا ، فعلى مر العصور احتاج الفكر الدينى الى من يجدد الفكر و يعود الى صحيح الدين ، فمن المعلوم ان ثوابت الدين هى القران الكريم والسنة المشرفة الصحيحة ، اما ما عداها فهو قول بشر ، علماء اجلاء اجتهدوا وقدموا لنا خﻻصة فكرهم واستنتاجاتهم وتفاسيرهم ، قدر طاقاتهم وثقافة عصرهم ، وتبعا لعاداتهم وتقاليدهم ، قدموا فكرا عظيما ، تركوا تراثا حافﻻ هو فى مجمله جهد بشرى يؤخذ منه ويرد عليه ، فاذا كان الكمال لله وحده فﻻبد ان نسلم بوجود فكر سليم اعتمد فى تاويلاته على صحيح الدين وفكر اصابته بعض اﻻنحرافات فى فهم صحيح الدين ، وقد حاولت تقسيم هذا الفكر الى ثﻻث فئات :
1 فكر يتوافق مع الكتاب والسنة الصحيحة ويتفق ايضا مع الفطرة السليمة .
2 فكر يتناسب مع عصر دون اخر ، وهو من المتغيرات ،التى تحدث مع تطور العصر ومستحدثاته ، وﻻ يتناقض مع الكتاب والسنة الصحيحة وانما يحمل على القياس .
3 فكر شاذ متشدد مضلل يخالف ما جاء فى الكتاب والسنة ،ويخالف اراء اﻻئمة المعتدلين ، فهوفكر اساء فهم النص الشرعى .
ودائما نجد من اﻻئمة وعلماء المسلمين فى اﻻزهر من يتصدى لهذا التطرف الفكرى ويسارع ﻻحياء الضوابط الشرعية السليمة التى ارساها علماء المسلمين المعتدلين على مر السنين .
ان التجديد فى عصرنا هذا ليس بدعة ، انما هو تطور طبيعى واستكمال واضافة لفكر القدماء ، ان استحداث امر جديد متعلق بمتغيرات العصر ضرورى ومهم لمواكبة التطور الطبيعى فى الحياة لكن بشرط ان ﻻ يتناقض مع الثوابت .
ان التجديد هو الرسالة المحمدية الخاتمة والقران الكريم هو المجدد ، وامور المفاهيم المتعلقة بهما من اخطر امور المعرفة عند التفسير والتوضيح ، فهناك حقائق ﻻ تحتمل اﻻ الكلمة الواحدة ، وهناك امور تحتاج الى تجديد المفاهيم ، ثم هناك المتغيرات .
واﻻزهر فى مسيرته التنويرية منذ انشائه يظل هو الهيئة الدينية الداعمة لنشر مبادئ اﻻسﻻم الصحيحة ، وتوفير الحماية والتحصين العقائدى ، فقد مرت العصور والازمنة واﻻزهر شامخ ، بما يقدمه من فكر معتدل ، وهو الذى حمى المجتمع المصرى من الفوضى الفكرية التى اصابت بعض البلدان ، وما ظهر فى اﻻونة الخيرة من فكر مضلل انما ورد من الخارج ، ان ما اصاب اﻻمة اﻻسﻻمية فى هذه المرحلة الخطير من تاريخها كان نتيجة طبيعية لما مرت به من حالة الجمود والتخلف الفكرى ، وتشدد بلغ منتهاه بظهور الجماعات التكفيرية ولوﻻ اﻻزهر الذى سارع لرأب الصدع والتنبيه على خطورة الموقف ، ولوﻻ جهود شيخة الوقوراﻻمام اﻻكبر اد احمد الطيب ورؤيته التنويرية وجهود ا علمائه اﻻفذاذ لحدث ما لم تحمد عقباه فى زمن الحرب معلنة فيه ضد اﻻسﻻم ، ان هذه اﻻعمال العظيمة التى يقوم بها اﻻزهر لنشر وسطية اﻻسﻻم لتعديل المسار وتقويم اﻻنحرافات الفكرية ، سواء لطالب العلم او للمسلمين فى كافة انحاء العالم ، تدل على ان هذه المؤسسة العريقة هى الرائد والقدوة واﻻهم ، وان اﻻزهر هو القادر على كبح جماح التطرف ، ومازالت الجهود مستمرة ، ﻻحتواء اﻻزمات التى يتعرض لها الفكر المعاصر